أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 18th March,2001 العدد:10398الطبعةالاولـي الأحد 23 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

شدو
في البدء كانت )بدائية هي التربية!!(
د. فارس محمد الغزي
تتفق العلوم الانسانية إجمالا على أن التربية هي التي تشكل طرائق تفكير أفراد المجتمع وتقولب وتصيغ سلوكاتهم، مما يعني اضطلاعها وأعني التربية بمسؤوليات دفع هؤلاء الأفراد الى الأمام استقامة وتحضراً، أو جذبهم الى الوراء تخلفاً وانحرافاً، وهذا هو ما يفسر سر عدم ترددنا بنعت وتوصيف أي سلوك غير سوي بألفاظ من قبيل )قلة أدب.. سوء تربية.. إهمال الوالدين..(، وهلم جرا. إذن فنحن حتى هذه اللحظة نتفق على ان التربية هي التي تشكِّل المجتمع غير أنني قرأت منذ وقت قريب رأيا علميا مفاده على النقيض من ذلك: أي ان المجتمع هو الذي يشكل التربية ويخلق من النظم التربوية ما يناسبه ثقافيا غير ان الدول النامية ومن ضمنها الدول العربية طبعا بعدما تحررت من نير الاستعمار لم يكن لديها أي نوع من نظم التربية أو طرائقها مما جعلها تصدق أكاذيب الغرب المستعمر حين روّج لفرضية ان التربية هي التي تشكل المجتمعات، فأخذت هذه الدول من تقاليدها غير الصالحة آنذاك بل المشوهة أساسا بفعل انتشار الجهل والتخلف فصاغت منها أساليب تربوية لا تناسب البشر ولا الزمان أو المكان، وهذا هو سر تخلف العرب وتأخرهم عن الركب العالمي علماً وحضارة وصناعة وفكراً، انه رأي علمي كما ترى غير نمطي أو مألوف، وشخصي المتواضع بكل صراحة قليلا ما يميل الى النمطي والتقليدي من الأشياء، فدعني إذن )أصارع!( المزيد من عناء صياغة ما أريد قوله بعيداً عن )جلمودية!( مفاهيم ومصطلحات الأكاديميين... لأقول بكل اختصار يدور هذا الرأي العلمي حول ما يلي:)حكاية!( ان التربية تشكل المجتمع فرضية انطلقت من الدول الغربية التي لم تأخذ بفرضية كهذه إلا بعد أن تأسست سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وحضاريا، وفرغت من بناء مجتمعاتها مؤسساتيا وتنوير شعوبها وعياً وفكراً وعلماً، وحينئذ بادرت فاستعمرت الشعوب الأخرى ومسختها ثقافيا وفكريا زارعة في )ذهنيتها( أن التربية هي التي تصنع وتشكل المجتمعات وليس العكس، على الرغم من الحقيقة الماثلة في ان هذه المجتمعات لم تتكون بعد، ولم تبرأ من العلل والأمراض التي خلّفها هذا الاستعمار، ولهذا يرى أنصار هذا الرأي العلمي ان مجرد اعتبار التربية هي الفاعل الأول تأثيرا في مجتمعات لم تتكون ثقافيا حينذاك، مؤامرة غربية حيث ان )فاقد الشيء لا يعطيه( و)العود من أول ركزة!(، وبالطبع ما غرس معوجا فسينمو ويظل معوجا استدلالا باعوجاج العرب وتخلفهم حضاريا في تاريخنا الحديث والمعاصر كما هو ماثل في جهلهم بقيمة الوعي بالذات.. في ميلهم الى الظلم.. في طرائق التفكير المؤطرة الضيقة.. في المناهج التعليمية المعتمدة على التلقين والحفظ والنقل.. في الازدواجية فكراً وسلوكاً.. في غياب روح الابتكار والابداع.. في السلطوية والهيمنة.. في انزواء العقل وانتفاء العقلانية.
في الختام سؤال الأسئلة: إذا كان الجهل يُزرع والتخلف يُستنبت!.. فهل للجهل والتخلف إثمار وإيناع وقطاف وقاطف؟.. إذن فهلموا.. اجتثوا ما زرع جهلا واستنبت تخلفا فأينع واقعا قطافه التقوقع وازدواج الواقع، وحسبنا قوله تعالى في محكم كتابه:)إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم( الآية.
للتواصل: ص.ب454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved