أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 19th March,2001 العدد:10399الطبعةالاولـي الأثنين 24 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

في الأفق التربوي ..تحقيق الذات
أ.د عبدالرحمن بن إبراهيم الشاعر
خلق الله الإنسان وكرمه وجعله خليفته في الأرض، وهيأ سبحانه وتعالى له مقومات النجاح وترك له اختيار أفضلها وفقا لميوله، واتجاهاته، وقدراته ومواهبه، وخلق الناس درجات ومستويات لحكمة إلهية أرادها الله سبحانه وتعالي لتستقيم الحياة ويتكامل المجتمع.
لذا فقدرات الإنسان الشخصية ومواهبه الذاتية المصقولة بالعلم والمعرفة تحدد شخصيته ودوره الاجتماعي ويتنامى هذا الدور إلى أعلى درجة من الكفاءة عندما يتاح للفرد قدر من الحرية في اختيار دوره الاجتماعي بناء على رغبته لا رغبة الغير.
وموضوع التوجه والتوجيه المهني أصبح قضية يعاني منها الشباب . فهو موجه من قبل والديه بأن يكون كذا وكذا وأن لا يكون غير ذلك بصرف النظر عن إمكاناته الادراكية والمهارية والوجدانية. وتحت هذا التوجيه المتعنت يتخلى الشاب عن رأيه ووجهة نظره وبالتالي قدراته ومواهبه. فهو ينظر الى تلك المهن بعيني والديه لا بعينه هو وهذه النظرة في الغالب لا تأتي من منطلقات علمية أو موضوعية إنما مصدرها ومبدؤها المقارنة الخاطئة بين الشاب وأقرانه من أقاربه أو جيرانه، وهذه النظرة الاجتماعية لعبت دورا كبيرا في توجيه الأبناء الى وجهات لا تتلاءم مع إمكاناتهم النفسية والعضوية التي غالبا ما تكون عقبة كؤودا في طريق نجاحهم في الحياة، وكذلك تنعكس على نظرتهم للعمل كقيمة اجتماعية وكثير من الدراسات التي تتناول الرضاء الوظيفي أشارت إلى أنه من أسباب عدم الرضاء الوظيفي التوجيه المتعنت لتخصص دون تخصص آخر، وقد أوضحت إحدى الدراسات حول العلاقة بين الرضاء عن الدراسة في تخصص ما والإنجاز الدراسي ان هناك علاقة دالة إحصائيا بين مستوى الرضاء والإنجاز الدراسي.
ومن مظاهر التوجهيه التي تولد عدم الرضاء لدى المتعلم التوجيه في المراحل الجامعية، فقد يقبل الطالب تخصصاً ما لا يمثل رغبته بقدر ما هو طموحه في دخول الجامعة كحلم ربما صوره له الأهل والأقارب وبعد ذلك التوجيه تبدأ مشاكل انخفاض المعدلات وتتوالى الانذارات وربما الفصل من الجامعة، أو التخرج مع عدم الرضاء عن التخصص وينعكس ذلك على أدائه الوظيفي عندما ينخرط في سوق العمل ويكتشف أن قدراته ومواهبه تتنافى مع التخصص الذي اختير له.
ان مشكلة حرمان الإنسان حرية الاختيار تبدأ من المنزل عندما ينشأ الطفل اتكاليا في مأكله ومشربه وملبسه ولا يؤخذ رأيه في نوع اللباس الذي يرغبه ولون بدلته الرياضية التي يفضلها ووقت وأسلوب تناول طعامه وعدم إعطائه الحرية بالحديث وإبداء وجهة نظره في الأمور التي تتعلق بحياته.
وعلى الشاب أن يدرك بعض الأمور التي من خلالها يكتسب قناعة راسخة بإمكاناته وبالتالي دوره في المجتمع الذي ينتمي إليه والقناعة التامة والإيمان المطلق بأن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وجعلهم شعوبا وقبائل ودرجات متفاوتين بالقدرات والمواهب والميول ليكتمل البناء الاجتماعي بتسخير البعض للبعض الآخر، فهناك الطبيب والمزارع والعامل والمدرس والتاجر وغير ذلك،
وهناك علاقة ارتباطية بين تلك الحرف فلا الطبيب يغني عن المزارع ولا المزارع يغني عن المدرس أو التاجر وهكذا لذا عندما نختار وجهة معينة لابد ان نعرف أنواع الخبرات التي تحقق أهدافنا وغاياتنا التي نرمي إليها وتحدد احتياجاتنا اليومية من خبرات تنطوي على جوانب فكرية وانفعالية. وهذا النهج يكسبنا الثقة بأنفسنا وبما نقوم به من أعمال أو ما نقدمه للمجتمع من خدمات حيث يتيح لنا إعداد أنفسنا وفق مستوى فهمنا وإدراكنا ومهاراتنا بما نقوم به من أعمال.
ان الخطط التنموية الرائدة التي تضعها الدولة وتحدد من خلالها القيمة الاجتماعية والعملية للإنسان السعودي الذي يعد بأحدث وأفضل أساليب الإعداد سواء في الجامعات أو في الكليات والمعاهد العسكرية أو المهنية لهي مؤشرات حية لتحديد التوجهات الشخصية لشباب هذه الأمة، فمن خلال الخطط التنموية المدروسة تجسد الاحتياجات وترسم الاستراتيجيات ويحافظ على التوازن الاجتماعي في التخصصات وبذلك تبدو ملامح المستقبل واضحة جلية، ويصبح التوجيه والتوجه من خلالها أسلوباً علمياً عندما يقارن الشاب امكاناته الفكرية والمهارية مع متطلبات التنمية وبذلك يجد مكانه الطبيعي في الخريطة الاجتماعية.
SHAER@ANET.NET.SA


أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved