أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 20th March,2001 العدد:10400الطبعةالاولـي الثلاثاء 25 ,ذو الحجة 1421

لقاءات

الرئيس رفيق الحريري لـ «الجزيرة»
في علاقاتنا مع المملكة نشعر أننا متكئون على شقيق كبير وعطوف
الخير يأتي إلى لبنان من الخليج.. ورياح الخليج تهب على لبنان بهيئة طيبة
أكثر من حورب في الانتخابات هو الحريري لكني لم أهرب إلى الخارج لأثبت أن النظام الديمقراطي بخير
* * كتب رئيس التحرير :
خلال حمى الانتخابات النيابية اللبنانية الأخيرة كنت في بيروت، أبحث عن دفئها وجوها الساحر الجميل، أفتش عن جمالها الأخاذ، حيث يبدو ظاهراً حيناً ومتوارياً عن الأنظارأحياناً أخرى..
كانت بيروت كما عهدتها هي بيروت، المدينة الفاتنة التي بهرتني منذ زيارتي الأولى لها في منتصف الستينيات، شعب حي لا ينام في وطن ليس ككل الأوطان رغم صغر مساحته وقلة موارده وظروف الحرب التي مازال مثخناً بجراحها ويئن الى اليوم ألماً وآسى كلما تذكر ذلك العبث المجنون بأغلى كنوزها.. كان الرئيس رفيق الحريري يومها خارج السلطة، بمعنى أنه كان ضمن تكتل المعارضة تصنيفاً، والمعارضة في لبنان شيء وهي في كل أصقاع الدنيا شيء آخر، وكان صاحب كتاب «برنامج وطن» وكتاب «الحكم والمسئولية» قد استحضر كل أسلحة الفوز الكاسح والمبكر والتاريخي لهذه الانتخابات ضمن نظرته الى تيار المستقبل ودعوته للخروج من الحرب باتجاه الدخول الى المستقبل.
والحريري الذي رفض قبول تشكيل الوزارة السابقة بأصوات من خولوا رئيس الجمهورية صلاحية التصرف بأصواتهم، هو الحريري الذي فاز وفوّز وقرّب وأبعد بأصواته وأصوات المتضامنين معه..
زرته في منزله قصر قريطيم في بيروت قبل يومين من بدء الانتخابات، وتحدثنا معاً عن فكرة حديث يواكب هذه الانتخابات، غير أن الرجل آثر تأجيله الى حين الانتهاء من فرز النتائج حتى لايترك كلامه تأثيراً قد لايخدمه في هذا التحدي الكبير، وها أنذا أعود بموعد ووعد الى ذات القصر والى نفس المكان لمواجهة الرئيس الحريري في هذا الحديث الذي يهم كل الناس...
اتفاق الطائف أساس السلم الأهلي
* نريد أن يبدأ دولتكم حديثه معنا في إطلاع القراء على العناوين العريضة لدور المملكة وموقفها الداعم لوحدة وأمن لبنان وصولا الى التطور الموعودة به ان شاء الله.
أهلا وسهلا بكم، ونشكر جريدة الجزيرة التي أتاحت لنا فرصة اللقاء بالاشقاء السعوديين لاطلاعهم على الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتحفيز الاستثمارات في لبنان والتغلب على التحديات، واجابة على طلبكم بالحديث بدءاً عن دور المملكة في لبنان أود ان أوكد هنا على الدعم الكبير الذي قدمته ولا تزال تقدمه المملكة العربية السعودية، وحقيقة ليس جديدا هذا الدعم فمنذ عهد الملك عبد العزيز والمملكة تقدم الدعم بوسائل متعددة، واللبنانيون يذكرون دائما اثناء الحرب واثناء المحنة الأمور الايجابية جدا من المملكة وهذا ليس غريبا على الشعب السعودي ولا على القيادة السعودية، فالمملكة واكبت الأزمة اللبنانية وحاولت بشتى الطرق واشتركت بجميع المبادرات اثناء المحنة، احيانا نجحت وأحيانا لم يكلل لها النجاح، والمملكة العربية السعودية لم تقف يوما من الأيام مكتوفة الأيدي تتفرج على ما يجري في لبنان، باستمرار كان لديها مبادرات ايجابية الى ان توجت هذه المبادرات باتفاق الطائف الذي انهى الحرب اللبنانية، وهذا الاتفاق كان مدعوما من خادم الحرمين الشريفين ومن سمو ولي العهد ومن سمو النائب الثاني ومن وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الذي جلس مع النواب اللبنانيين لمدة 23 يوما اثناء المناقشات، والقيادة السعودية اهتمت كثيراً لانجاح هذا المؤتمر، ونحمد الله انه تم التوصل الى اتفاق الطائف والذي هو اساس الدستور الحالي واساس السلم الأهلي والذي شارك فيه الاخوان من المملكة المغربية والجزائر بالإضافة الى الاخوان السوريين والذين كان لهم باع طويل في دعم هذا الاتفاق، وكانت القيادة السعودية على تواصل مستمر مع القيادة السورية من اجل هذا الموضوع، طبعا قبل ذلك واثناء ذلك وبعد ذلك كانت المملكة باستمرار تقدم المساعدات من خلال القروض الميسرة والهبات عن طريق الصندوق السعودي وهناك عشرات المشاريع القائمة في لبنان ممولة من الصندوق السعودي اضافة الى الهبات والدعم من مؤسسة النقد العربي السعودي. نحن في علاقاتنا مع المملكة نشعر دائما اننا متكئون على شقيق كبير وعطوف وهذا الامتنان يشعر فيه كل اللبنانيين، ولا اقول هذا الكلام مجاملة، لكن صدقني ان هذا هو شعور اللبنانيين جميعا، هناك احترام كبير للمملكة العربية السعودية ولقيادتها وشعبها لأنه بالاضافة لكل ما قامت به حكومة المملكة فقد احتضنت اللبنانيين في الوقت الذي جعلت فيه الحرب من البلد جحيما لا يطاق، فتحت المملكة العربية السعودية ابوابها للبنانيين الذين ذهبوا الى المملكة وعملوا هناك ونجحوا واعتقد انهم كانوا مقيمين صالحين في المملكة، وشعب المملكة عاملهم بكل تقدير واحترام، ولا ارى لبنانياً الا ويذكر المملكة بكل خير وبخاصة الذين ذهبوا الى هناك واستطاعوا ان يعيشوا مع اولادهم. كثير من العائلات في لبنان علمت اولادها وانشأتهم من خيرات المملكة العربية السعودية من عمل ابنائها في كافة الحقول.
نعمل للتغلب على التحديات
* بماذا تفكر حكومة لبنان، برئاسة الرئيس الحريري، هل لكم ان تحدثونا عن خطواتكم لتحفيز الاستثمار وتشجيعه، هل لديكم مايمكن اضافته الى ماتناولته وسائل الاعلام..؟
عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتحفيز الاستثمارات في لبنان والتغلب على التحديات التي يواجهها لبنان هناك كلام كثير، والنظام الاقتصادي في لبنان نظام حرّ، والملكية مصانة بموجب الدستور، لدينا بعض العقبات امام الاستثمار، خاصة في مشاريع السياحة والصناعة والزراعة لغير اللبنانيين، وهذه العقبات في طريقها الى الزوال.
ثلاث خطوات لإنعاش الاقتصاد
* وما الحل لهذه العقبات يادولة الرئيس..؟
الامر الأول: هناك قرار في الحكومة وهو معروض الآن على المجلس النيابي بجعل رسوم الانتقال بين العقارات بين اللبناني وغير اللبناني سواسية خلاف ماكان عليه الوضع في السابق حيث كان الفرق كبيراً وفي حدود 6% للبناني وحوالي 17% لغير اللبناني عربياً كان او اجنبياً، الآن اصبح الجميع 5% لتشجيع عملية التحرك العقاري، الامر الثاني: كان غير اللبنانيين يواجهون صعوبات كبيرة في التملك، الآن هذا الأمر اصبح بيد مجلس الوزراء وبالتالي اصبح اكثر سهولة، وعندما يكون هناك مشروع مفيد وضروري للبلد نقوم بالسماح بامتلاك الكميات اللازمة، اي ان المساحة لم تعد محصورة ب5000 او 10000 متر، والحكومة تعطي امكانية المباشرة لصاحب الملك دون المرور بوسائط، الامر الثالث: هناك قانون جديد للاستثمار سيصدر قريباً ويناقش الآن في المجلس النيابي ومهمة هذا القانون جعل الاستثمار في البلد اكثر سهولة والاجراءات اكثر مرونة وذلك بحصرها في مؤسسة تعطي جميع التراخيص وتحل جميع مشاكل المستثمرين اللبنانيين وغير اللبنانيين.
معاملة الخليجي معاملة اللبناني
* وهل سيكون لدول مجلس التعاون تمييزاً او معاملة خاصة ضمن خطوات حكومتكم التي اشرتم الى جزء منها؟
بالنسبة لمنطقة الخليج ونظرا للعلاقات الخاصة التي تربط لبنان بدول الخليج فقد اتخذنا قراراً في مجلس الوزراء وصدر مرسوم بهذا الامر وهو نافذ الآن ينص على ان مواطني دول مجلس التعاون الخليجي وذويهم وحتى المرافقين والخدم من الجنسيات الأخرى يدخلون الى لبنان بدون تأشيرة ويكتفى بان يختم على جواز سفره كما يختم على جواز سفر اللبناني اي ان المواطن الخليجي يعامل معاملة المواطن اللبناني.
تحفيز الاستثمار بخطوات جديدة
* بنظركم هل هذه المبادرات كافية لتشجيع الاستثمار في لبنان ومواجهة التحدي الاكبر بالنسبة للبنانيين؟ وبالتالي معالجة الهم الاكبر وهو الوضع الاقتصادي الذي يئن من وضعه الحالي؟
كل هذه الاجراءات التي ذكرتها لكم تصب في خانة تشجيع الاستثمار في لبنان وتحفيزه باتجاه الاخوان العرب هذا من جهة، ومن جهة اخرى نحن بصدد اقرار مشروع لتخصيص بعض القطاعات مثل الكهرباء والهاتف والمياه، علماً بان طبيعة نظام الاقتصاد اللبناني كما ذكرت اقتصاد حر واقتصاد منفتح على اقتصاد السوق، هناك ايضاً خطة لتخفيض الانفاق العام العسكري والمدني، وهذه الخطة مؤيدة من القوى الوطنية كلها ومن كل القوى السياسية الموجودة في البلد، وفي جلسة المجلس النيابي القادمة سنتخذ كل الاجراءات والقوانين التي تساعد على تحفيز الاستثمار في البلد، وأؤكد لك بأن لدى حكومتنا رؤية واضحة لما يحتاجه البلد، ونحن نعتقد ان لبنان مهيأ لأن يكون مركزاً ثقافياًَ ومركزاً حضارياً ومركزاً اقتصادياً ومركزاً للتسوق والتجارة ومركزاً لصناعات معينة ومتخصصة التي تحتوي على قيمة مثلما هو مركز لانواع الزراعات كذلك.
هذا بعض مانريد عمله لتشجيع الاستثمار ومعالجة الازمة الاقتصادية، لدينا موضوع التخصيص وفتح باب الاستثمارات على مصراعيه وتسهيل المعاملات للناس وجعل لبنان واحة في قلب العالم العربي للعيش والاستثمار والافادة من كل الاجواء الموجودة في لبنان.
لماذا التقاذف في الأرقام
* دولة الرئيس، مع تقديري لكل ماذكرتموه هل تعتقد ان برنامجكم والقوانين المنتظرة والمتفق عليها ستعالج الشأن الاقتصادي في دولة صغيرة في مواردها مثل لبنان وصلت ديونها الى 26 مليار دولار وخدمة الدين ربما يصل الى 4 بلايين دولار؟
عفواً الى الآن لم تصل ديون لبنان الى 24 مليار دولار وخدمة الدين هي الآن في حدود 43% من الميزانية فلماذا هذا التقاذف في الأرقام؟
* دعنا دولة الرئيس نقف عند ال24 مليار دولار ونتفق على ان خدمة الدين في حدود 3 مليارات دولار، أليست هذه مشكلة كبيرة تواجه لبنان..؟
عفواً الأرقام تتوقف على مجموعة عوامل.
لبنان عرض قضيته بمنتهي الشفافية
* وماهي يادولة الرئيس هذه العوامل؟
سبق وان قلنا بان خدمة الدين تصل الى 43% من حجم الموازنة وهذا رقم كبير جداً ومن اجل ذلك توجه لبنان الى الدول الصديقة والى المؤسسات الدولية وعرض عليها برنامجه الاقتصادي الذي لقي تأييداً كبيراً وبإجماع ممن حاورناهم وتباحثنا معهم، صدقني انه في اجتماع باريس وعندما جلست وعرضت برنامج الحكومة كان الانطباع بعد استماعهم الى وجهة نظرنا ان هذا البرنامج جيد مبدين استعداداً للمساعدة والدعم، بل وعلى الفور قرروا في الاجتماع اعطاء لبنان 500 مليون يورو، وهم عندما جاؤوا الى الاجتماع انما جاؤوا للاستماع فقط، لكنهم عندما سمعوا ماننوي القيام به بدأ كل واحد منهم يساهم فيه بالحصة التي يستطيع ان يفي بها، وحقيقة اشعر بالفخر والرضا لأن لبنان عرض قضيته بمنتهى الصدق وبمنتهى الشفافية، قلنا لهم هذا وضعنا، وقلنا لهم بصريح العبارة لبنان على استعداد لأن يقوم بما هو مطلوب منه، لدينا اولاً الايمان بالله سبحانه وتعالى ثم لدينا الارادة السياسية ولدينا القدرة السياسية لتنفيذ هذا البرنامج، وحقيقة فمنذ خروجنا من إجمتاعاتنا في باريس الى اليوم هناك «مجموعة اشياء» قلنا في باريس انها ستحقق وفعلا تحققت.
نفذنا ما قلناه للعالم
* مثل ماذا دولة الرئيس؟
قلنا في الاجتماع اننا بصدد فتح باب الاستثمار في المشاريع التي لها علاقة بالزراعة والصناعة والسياحة وهذا القانون معروض على جلسة الثلاثاء القادم اليوم وان شاء الله سيقر، قلنا اننا سنخفض الرسوم من أجل تشجيع الاستثمار وأيضاً أقول إن الجلسة القادمة لمجلس الوزراء ستقر ذلك ان شاء الله، هناك اشكالية حول الاعمار وفعلاً انتهت اللجان من وضع الحلول المناسبة وستعرض توصيات اللجان في الجلسة القادمة، قلنا بان الضمان الاجتماعي ستخفض اشتراكاته وقد خفضت بالأمس.
اذاً كل الكلام الذي ذكرناه وفقنا الله سبحانه وتعالى في تحقيقه، ولا يمكن ان نقول كلمة ونحن غير متأكدين منها الا اذا حصل امر خارج عن ارادتنا، ومن جهتنا اكدنا بان كل مانقوله نقوم به وهذا في الحقيقة اعطى الحكومة ثقة وتقديراً من قبل المؤسسات الدولية ومن قبل الدول التي تراقب اجراءات الحكومة، وقد تكلمنا معهم عن طيران الشرق الاوسط وفعلاً الحكومة اتخذت الاجراءات اللازمة، اي اننا لم نتحدث عن موضوع الا وقامت الحكومة بتنفيذه، موضوع تلفزيون لبنان من ضمن الامور التي بحثناها ونفذنا ماذكرناه لهم، هناك الكثير من الاجراءات التي تمت والتي في الطريق وجميعها تصب في مصلحة لبنان وتعيد اقتصاده الى عافيته.
* ما دمتم قد اشرتم الى طيران الشرق الاوسط، ماذا عن امكانية التوسع في التعاون بين المملكة ولبنان في مجال الطيران؟.
احدى الخطوات الكبرى في أول اجتماعات مجلس الوزراء فتح الأجواء أمام الطيران لجميع الشركات ونحن نتأمل من الخطوط السعودية ان شاء الله ان تنظم 100 رحلة الى لبنان من كل مدن المملكة، وفي الحقيقة نحن لم نطلب المعاملة بالمثل قلنا لهم يا جماعة تفضلوا وان شاء الله تعملون كل خمس دقائق رحلة ونحن ممنونون لكم ونعيد هذا الكلام ونردده ونتمنى تحقيقه ونعتقد ان هذه طريقة التواصل وهي الطريقة الأمثل لزيادة التعارف في ارجاء العالم العربي.
الخير يأتي من الخليج إلى لبنان
* مامدى تفاؤل دولة الرئيس بالنسبة للخليجيين والسعوديين تحديداً في مشاركتهم في انجاز الإصلاحات التي تنوون تحقيقها؟
انا متفاءل جداً، لانني دائما اعتبر ان الخير يأتي الى لبنان من الخليج، ورياح الخليج تهب على لبنان بهيئة طيبة، ومثلكم يعرف بأني أمضيت من عمري في المملكة أكثر من 28 سنة بمعنى انني امضيت في المملكة اكثر مما امضيته في لبنان وخلال هذه المده ونتيجة لمعرفتي الدقيقة بالمملكة وأهل المملكة حكاماً ومواطنين اعرف المحبة والتقدير الذي يكنه الأخوة في المملكة للبنان ونحن بدورنا نفخر بهذه المحبة وبهذه العلاقة وأعتقد ان لبنان هو واحة لهم ومنهم وبالتالي نحن نطلب من الإخوة السعوديين ان يمروا على هذه الواحة باستمرار.
اختصار دور المؤسسات
* قوبل اجتماعك برئيس المجلس النيابي ثم لاحقا مع رئيس الجمهورية بحضور الأستاذ نبيه بري بعدم الرضا وكان مجالا للملاحظة والانتقاد والتشكيك من بعض الجهات من المعارضة ومن أركان الحكم على حد سواء معتبرين أن ذلك يندرج ضمن اطار التهميش للمؤسسات وتغييب دورها، هل لهذه اللقاءات اي دور في تسريع عملية أخذ الموافقات على أفكاركم وتبنيها قبل عرضها على مجلس الوزراء ومن ثم مجلس النواب؟
اسمح لي ان اقول لك بأن إرضاء كل الناس غاية لا تدرك، اذا اختلفنا فهناك من ينتقد واذا اتفقنا هناك من ينتقد، على كل حال نحن لا يمكن لأحدنا ان يختصر به دور المؤسسات لأنه لا يوجد أمر من الأمور إلا ويمر عبر هذه المؤسسات، ليس من عادة رئيس الحكومة ان ينزل الى المجلس النيابي لحضور اجتماعات اللجان، فالعادة وكما جرت ان ينزل الوزراء دون رئيس الوزراء، طبعا هذا لا يمنع رئيس الوزراء من ان ينزل الى المجلس النيابي، أنا اليوم الجمعة الماضية خلافا لما هو معتاد نزلت الى المجلس النيابي من الساعة التاسعة حتى الساعة الحادية عشرة لمناقشة مشروع قانون بنفس الموضوع، من دون شك نحن نمثل قوى سياسية وبالتالي نحن لم نأت من فراغ، نحن خضنا انتخابات ليست سهلة، والانتخابات جاءت بأكبر كتلة نيابية لنا في المجلس النيابي، هذه الكتلة تجتمع وتقرر، والذي تقرره له تأثير على الحياة السياسية في البلد، نفس الشيء الاستاذ نبيه بري لديه كتلة أخرى في المجلس كذلك تجتمع هي الأخرى وتقرر ونفس الشيء الأستاذ وليد جنبلاط.
الحياة السياسية في لبنان مشكَّلة من مجموعة كتل نيابية كلها أتت بانتخابات لم تكن سهلة، وكنت في المعارضة كما تذكرون، وخضنا الانتخابات والحمد لله أن وفقنا الله سبحانه وتعالى بهذه الانتخابات ففزنا بها، وهذا ينعكس على الحياة السياسية العامة في البلاد، وأنا عندما اجتمع مع رؤساء الوزراء السابقين ومع رئيس المجلس النيابي السابق ومع الكتل النيابية هل يصح ان اكتفي بهؤلاء وألا اجتمع مع رئيس المجلس النيابي الحالي او مع رئيس الجمهورية وما هو المحظور في ذلك.
الاجتماعات في حدود المعقول
* عفواً دولة الرئيس، انا هنا أنقل لك وأسمعك مايقال حول هذه اللقاءات وأريد ان اتعرف على وجهة نظرك..؟
انا اعرف ذلك، ولكن هل يعقل ان أجتمع مع رؤساء الوزراء السابقين ولا أجتمع مع رئيس المجلس النيابي الحالي؟ أجتمع مع رئيس المجلس النيابي السابق الاستاذ الحسيني وهو نائب في البرلمان الحالي ولا اجتمع مع رئيس المجلس النيابي الحالي ولا اجتمع مع رئيس الجمهورية «بانفعال» هذا الكلام لايعقل.
هذه طبيعة الحياة السياسية في لبنان
* يعني أنك تعترض على ماقيل عن عودة «الترويكا» وانك تؤكد بأنه لاعودة لها؟
اقول لك نحن بلد ديمقراطي، وحضرتك متابع للوضع اللبناني، اذاً دعنا نستعرض شريط الذكريات من عام 1990 الى عام 2000 خلال عشر سنوات.
هل توقف الكلام او الانتقاد؟
هل حصل وقرأتم جريدة لم يكتب فيها انتقاد؟
هل توقف تقدم البلد؟
هل توقفت قرارات البلد؟
أبداً.
لأن هذا جزء من طبيعة النظام في لبنان.
وأنا أقول لإخواننا في الخليج بأن عليهم عندما يشاهدون اخباراً في التلفزيون او نقاشات فلا يستغربوا لأن طبيعة البلد مختلفة عن طبيعة الخليجيين كما أن طبيعة الناس والنظام مختلفة، آمل ان يكون الاخوة الخليجيون قد تعودوا علينا.. النقاش في البلد سيستمر ولن يتوقف والمعارضة ستستمر والقول هذا صح وهذا خطأ سيستمر، ولكن المهم ان اكثرية الناس متفقة على خطة معينة وعلى رؤية معينة للبلد، انا اقول ان اكثرية اللبنانيين وممثليهم متفقون على رؤية معينة وخطة معينة وهذه الرؤية والخطة تنفذ في وضح النهار، تأخذ الموافقات اللازمة من مجلس الوزراء وتعدل وتبدل في مجلس الوزراء وتعود الى المجلس النيابي، والآن ونحن جالسون نتحاور لعلك لاحظت بأنه جاءني اتصال من احد الوزراء المشتركين في لجنة تنظر في موضوع قانون الإيجار، هذه اللجنة جلست وغيرت مشروعاً كان قد نوقش في مجلس الوزراء وشكلت لجنة لدراسته وعدلت في بعض فقراته وسيعرض مرة ثانية على مجلس الوزراء لتنفيذه، طبعاً قد يكون هناك اناس في اللجنة لايعجبهم القانون وقد يكون هناك في مجلس الوزراء معارضون له وفي المجلس النيابي قد يكون له معارضون وقد يكون جيداً أو سيئاً او لايصلح ولكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار رأي الغالبية العظمى من اللبنانيين، في كل شؤون البلد هناك معارضون ومؤيدون، لا توجد قضية تحظى بالإجماع الكلي لأنه لايوجد في العالم كله إجماع كلي، ولكن هناك اكثرية كبيرة تؤيد مانقوم به وهناك اقلية ومن اسمها قليلة تعارض مانقوم به، هناك اناس يؤيدون بعض القرارات وآخرون يعارضون بعض القرارات، وهناك اناس يعارضون كل مانقوم به خيراً أو شراً، فهذه طبيعة الحياة في لبنان.
هذا الكلام فيه خير وبركة
* بعد لقائكم الرئيس الحص قال ان ماتقوم به حكومتكم الآن انما هي خطوات كانت من بنات أفكار الحكومة السابقة وان تغيرت المسميات واسلوب الطرح فإنها تصب في خانة الاصلاح الاقتصادي في لبنان وأنه لايوجد سحر ولايوجد ساحر وأن الحكم استمرار وامتداد، فما هو تعليقكم؟
هذا الكلام طيب وبالمحصلة النهائية فإن دولة الرئيس الحص بوجهة النظر هذه يكون قد أيد برنامج الحكومة الحالي لأنه يقول انه نفس برنامج حكومته، انا اقول هذا الكلام فيه خير وبركة.
الرجال يختلفون
* ولكن هل هو فعلاً امتداد لما كانت تنوي الحكومة السابقة الاستمرارفيه؟
بحكم الاستمرار «مازحاً» اكيد، لكن لم يدع احد السحر والله يسترنا من السحر والسحرة، ولكن اريد ان اقول له بأن الرجال يختلفون وهذا لاخلاف عليه!!
هواجس وليد جنبلاط
مأخوذة بعين الاعتبار
* تحدث وليد جنبلاط بعد لقائه بكم عن موضوع التمليك في لبنان وأبدى خشيته من التوسع في التملك لغير اللبنانيين وانه من الممكن ان يشكل وضعاً خطيراً في بلد صغير، هل اخذتم بعين الاعتبار مثل هذا التخوف او هذا التحفظ..؟
انا أعتقد ان تخوفات وليد بيك ليست في محلها، صحيح اننا نقول ان غير اللبنانين يستطيعون ان يتملكوا اكبر مساحة من الأرض، ولكن ضمن سقف لايزيد عن 3% من كل قضاء وبالتالي الأفراد يستطيعون ان يتملكوا مساحات كبيرة ولكن الكمية التي يسمح لمجموع الافراد غير اللبنانيين بتملكها محدودة، وهذه الهواجس مأخوذة بعين الاعتبار.
دعوة لرجال الأعمال في المملكة
* عودة الى الوضع الاقتصادي في ظل البرامج الكبيرة التي تخططون لها والتي بدأتم العمل فيها، هل يتصور الرئيس الحريري ان انجاز مثل هذه القرارات خلال اربعة شهور هي عمر حكومته يؤمّن له معالجة صحيحة لأزمة لبنان الاقتصادية في فترة زمنية معقولة..؟
لبنان على ابواب توقيع اتفاق الشراكة مع أوروبا ونأمل ان يتم الاتفاق هذا الصيف، وهذه الشراكة ستجعل من لبنان مركزاً لتصنيع العديد من الصناعات المطلوبة في العالم العربي والمطلوبة في اوروبا، وبناء على هذا الاتفاق سيكون بمقدور المصنع في لبنان تصدير مايصنعه الى اوروبا دون جمارك، وهذه دعوة لرجال الاعمال المستثمرين العرب وبالذات الاخوة في المملكة العربية السعودية ان يقيموا صناعات في لبنان بعد ان اتخذت الحكومة مجموعة الاجراءات الميسرة التي حدثتكم عنها، وكل هذه الاجراءات مترابطة وهي:
الاجواء المفتوحة، وحق التملك، وتخفيض الرسوم على نقل الملكية، والاتفاق الاوروبي، والغاء الرسوم على المواد الاولية اللازمة للتصنيع.
لذلك اقول ان الاتفاق مع اوروبا يعني ان البضائع اللبنانية سوف تباع في اوروبا بدون جمرك، يعني ان الصناعات التي تكون من ضمن قيمتها مانسبته 40% مصنعة في لبنان سوف تدخل الى اوروبا بدون جمرك وهذا امر كبير وجيد جدا، كما اننا خفضنا الضمان الاجتماعي حيث اصبح الآن 23% من الرواتب التي تصل الى 1000$ ومايزيد على ذلك لايدفع وماينقص لايدفع، وهذه نسبة معقولة جداً خاصة وان الرواتب في لبنان ليست عالية، الضرائب على ارباح الشركات 15% والضرائب على مداخيل الافراد هي على مداخيلهم ومداخيل الشركات داخل لبنان، نحن لانضع ضرائب على الذي يعيش خارج لبنان حتى نشجعهم على العودة، والضرائب هي على الارباح داخل البلد، كل هذه الاجراءات مضافاً اليها اتفاق الشراكة مع اوروبا الذي نتوقع ان نوقعه خلال الشهرين القادمين، كل هذا سوف يجعل من لبنان مكاناً للاستثمار في مجالات عديدة منها السياسية والصناعية للتصدير للدول العربية او الاوروبية، ولاتنس ان لبنان وقع اتفاقيات تجارة حرة مع معظم الدول العربية كسوريا ومصر وندرس الأمر مع الإخوان في السعودية، وهناك اتفاق مماثل مع المغرب في طور التوقيع، وعمليا فاننا نسير بسرعة نحو إنهاء كل العراقيل القائمة بين لبنان وبين أوروبا و الدول العربية من أجل تبادل المنتجات.
قوة لبنان في قوته
* بالأمس كانت هناك تظاهرات لا سابق لها نظمها ما يسمى ب«تيار عون» ونحن نعرف ان الحرب الأهلية في لبنان بدأت في شرارة صغيرة، العماد بدأ يظهر الآن بشكل ملحوظ وقد هاجم الرؤساء الثلاثة وحرض مؤيديه بالخروج من الجامعات والوصول الى المواقع السورية داخل لبنان للاقتراع بأقدامهم، برأيك الا تخيف مثل هذه الأجواء وتؤثر على مستقبل الاستقرار في لبنان؟ وهل سوف تعطون الفرصة مستقبلا لمثل هذا النوع من المظاهرات؟
ظروف الحرب الأهلية مختلفة عما نحن عليه الآن، اليوم الدولة متماسكة جدا وقوية، والنظرية التي كانت تقول «لبنان في ضعفه» انتهت واصبحت «قوة لبنان في قوته» والكلام الذي كان يقال في السابق ان قوة لبنان في ضعفه هذا القول هو الذي «خرّب البلد»، أؤكد لكم ان قوة لبنان في اعتماده على الله سبحانه وتعالى أولا ثم باعتماده على نفسه وعلى قوته الذاتية، نعم لبنان بلد الحريات ولكن ضمن النظام والقانون ولا يجوز الخروج عن ذلك، والسلطة نزلت الى الشارع وأثبتت أننا اقوياء ومتماسكون وفيه قرار واحد «وما في حدا يقول شيء وآخر يقول شيء آخر» موضوع واحد وموحد متفقون عليه وهو انه ممنوع المزح في موضوع الأمن، البعض انتقد الدولة وقال انها اظهرت كثيرا من قوتها وكأنها في مواجهة ضد قوة مماثلة، لا، الدولة نزلت وأخذت الاحتياطات اللازمة واعطت الاشارة الواضحة وهي ان الأمن في خدمة البلاد وان الدولة قادرة بنفسها على أن تقوم على حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، نحن لسنا مضطرين لأن نعمل شوشرة واذا أراد الناس ان يتكلموا فليتكلموا، نحن لا نمنع الناس من الكلام، في لبنان يتكلم الانسان بما يريد دون مساءلة، يتكلمون من خلال التلفزيونات وفي الصحف ويعملون منشورات، ولكن تهديد الأمن أمر غير مسموح به مطلقا، فهذا الموضوع بالنسبة للجميع عليه اجماع لبناني ومدعوم عربيا ودوليا، لا أحد يرضى على أمنه بأن يضيع، وموضوع الأمن له علاقة بحياة الناس وكرامة الناس وبالتالي هذا الأمر لا يتساهل فيه اي مسؤول، وبالنتيجة أساس الحكم في لبنان. يأتي من خلال الانتخابات، «اللي عنده عضلات يتفضل ينزل على الانتخابات» وعندما يأتي من يقول انه لا مجال في الانتخابات أقول له على العكس تماما، اكثر من حورب في الانتخابات هو رفيق الحريري لكني لا هربت ولا جلست في الخارج بل نزلت الى الانتخابات وأثبت بالنتيجة ان النظام الديمقراطي في البلد بخير، لا أحد يستطيع ان يقول ان الحكومة السابقة كانت مع رفيق الحريري، او ان الاجهزة كانت معه، أنا قلت ان الاجهزة لم تتدخل، وان الناس نزلوا الى الانتخابات بأنفسهم وعبروا عن رأيهم وقالوا نريد فلاناً ومن معه أليس كذلك؟ اذاً النظام الديمقراطي في لبنان قادر على فرز القيادات التي يريدها ، أنا كنت ضد قانون الانتخابات لكني لم أقل بأني لن اشارك في الانتخابات لأن القانون لا يعجبني، بل قلت ان القانون لا يعجبني وسأخوض الانتخابات مع غيري على نفس القانون.
هذا اقتراح مطروح للنقاش
* ولهذا اقترحت دولة الرئيس قانون الانتخابات الجديد؟
هذا اقتراح، وأنا قلت إن القانون الجديد ليس قانوناً يفرض وإنما هو موضوع مطروح للنقاش بين الجميع.
جربنا كل الأمور ولن نقع
في الخطأ مرة أخرى
* وما هي حظوظه للنجاح؟
لا يَفْرُق الأمر بالنسبة لي في شيء، ففي السابق عملت قانون انتخاب أؤكد لكم بأني لست فخورا به، والحكومة السابقة برئاسة الرئيس الحص عملت قانون انتخاب من المؤكد انها هي الأخرى لم تكن فخورة به بل إن الرئيس الحص صرح بالأمس بأنه حاول التنصل منه، أريد أن أقول لكم بأن أي قانون انتخاب يجب ان يكون مساويا بين كل اللبنانيين، لبنان دائرة أو خمسة أو سبعة أو تسعة لا يهم، المهم ان يشعر كل اللبنانيين بأنهم يعاملون بالتساوي، وطالما ان الله يريد أن أكون في السلطة فلن يخرج من بين يدي أي قانون يخالف هذا الأمر على الإطلاق، جربنا كل الأمور ولن نقع في الخطأ مرة أخرى.
العدل أساس الحكم
* هل في برنامج حكومتكم أي توجه أو تفكير لإصدار عفو شامل بحيث تكون المصالحة أشمل وأعم مما عليه الآن؟
الوفاق الوطني في لبنان أمر مطلوب وصيانته مطلوبة أيضاً، والدولة هي التي تجمع ولا تفرق، تجمع الناس وتفتح أمامهم كل الأبواب، ومن خلال إقامتي في المملكة السعودية واحتكاكي بالناس وبالنظام، كثير من الأمور افتخر أنني أخذتها واكتسبتها من المملكة، الحزم ضروري ولكن سعة الصدر ضرورية أيضا، والعدل هو أساس الملك وهو أساس الحياة، وأؤكد لكم ان الدولة اللبنانية أب لكل مواطن مهما اختلفت آراؤهم ومهما اختلفت مشاربهم وهذا هو واجب الدولة نحو الناس، لكن كما ان للناس حقوق على الدولة فإن عليهم هم الآخرين واجبات أيضا، هذا البلد لبنان قائم على دستور معين وعلى نظام معين وهو حساس في أوضاعه الداخلية، وكل إنسان سوف يحاسبه الله وحده على معتقداته، ولكن الخروج عن الدستور العام أمر لا يقره أي نظام في العالم، الوضع في المنطقة حساس فعلى حدودنا عدو لا يزال يحتل جزءاً من أرضنا وانت تقرأ وتسمع ما يفعله هذا العدو بالاخوان الفلسطينيين لا رأفة ولارحمة بهم، وبالتالي فمن باب أولى ان نحافظ في لبنان على استقرارنا الداخلي وان نحافظ على نظامنا وان نحافظ على تماسكنا وعلى علاقاتنا مع اخواننا العرب لأن هذا هو مصدر قوتنا.
هناك أمور غير طبيعية تعيق عودة العماد عون
* أسألكم دولة الرئيس.. من كان السبب في توقف مبادرتك الأخيرة في تلطيف الأجواء بين دمشق وعون؟
لم تكن هناك مبادرة، قلت أكثر من مرة إذا أراد العماد عون ان يعود فأهلا وسهلا، لكن هناك أمور غير طبيعية، الرئيس أمين الجميل جلس عشر سنوات خارج لبنان، من أجبره على الخروج؟ هو من قرر ذلك، من قال له أن يعود؟ هو من عاد، وعندما عاد لم يحصل له أي شيء.
من المصلحة بقاء القوات السورية
في لبنان
* أريد أن أسألكم دولة الرئيس سؤالاً مباشراً، متى يحين الوقت المناسب لانسحاب القوات السورية من لبنان؟
هذا الموضوع محور نقاش يومي في لبنان، هناك أناس يعتقدون ويحاولون تصوير الوجود السوري بأنه وراء الكثير من المشاكل، أنا أقول لك بكل قناعة أن وجود الاخوان السوريين في لبنان هو عامل ايجابي في الاستقرار وعامل ايجابي في كثير من النواحي، هناك من يقول انه كان على السوريين بعد اتفاق الطائف بسنتين أن يعيدوا تمركزهم في البقاع، لكن في الجانب الآخر من بنود الاتفاق لا تنسى أن هناك ما ينص على انسحاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة تطبيقا للقرار 425، ومعلوم ان اتفاق الطائف وقع عام 1989 فيما نفذ الانسحاب الاسرائيلي بعد عشر سنوات من الحرب بيننا وبين إسرائيل، تعهدت بعض الدول أن تسحب إسرائيل قواتها من لبنان بعد توقيع اتفاق الطائف لكنها لم تنفذ وعودها بل بالعكس زاد القتل والدمار والاعتداءات الاسرائيلية، فهذا الأمر يثير عند الكثير من اللبنانيين حساسية عند طرح موضوع الوجود السوري في لبنان لأن اسرائيل انسحبت، لكنه كان يفترض ان تنسحب إسرائيل بعد اتفاق الطائف بأسابيع، وفي المقابل فإن السوريين بعد اتفاق الطائف بدأوا بتنفيذ بنود الاتفاق، وللتذكير فقط فإن اتفاق الطائف يقول ان القوات السورية تقوم مشكورة بمساعدة القوات اللبنانية على نشر سلطتها في البلد، وهو ما يعني ان اسرائيل تنسحب من جهة والميليشيات تسلم أسلحتها، وكلها قد سلمت سلاحها للدولة، )واللي أعطى أخذ نصيبه( ،وأنت تعرف ان المملكة العربية السعودية لم تتطور ولم تتوحد إلا بعد ان استتب الأمن فيها ولولا توفيق الله سبحانه وتعالى ثم قيادة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز وحدها لما كان الناس يعيشون اليوم بمثل ما هم عليه الآن من أمن واستقرار، الأمن هو أحد أهم أركان الدولة، اللبنانيون والعرب قاموا بما يجب عليهم لكن هناك دول لم تقم بما يجب عليها، واسرائيل انسحبت نتيجة المقاومة وهذا اثّر تأثيرا سلبيا على كل الأوضاع في البلد، المطالبة بالانسحاب السوري في هذا الظرف وشارون في اسرائيل ليس مناسباً، حكومتنا هي أول حكومة تقف وتقول ان الوجود السوري في لبنان وجود شرعي وهو ضروري ومؤقت، ولو لم نكن بحاجة لهم لما وجدوا في لبنان، وهذا الأمر يجب ان يطمئن كل الناس الذين يحاولون التشكيك بهذا الموضوع، والسوريون يؤكدون ذلك، وأول أمس قرأت للرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه مع المحامين العرب ان وجود القوات السورية في لبنان مؤقت.. أي أنه مرتبط بالعلاقة بيننا وبين الاخوان السوريين، صدقني أنا كرئيس حكومة أقول ما أشعر به وما أراه، وبرأيي نحن الآن في مرحلة نحتاج فيها الى التعاون مع الاخوان السوريين وهم يريدون ذلك، القوات السورية لها دور محدد، فعندما خرجت المظاهرات )مظاهرة تيار عون( هل رأيت جنديا سوريا واحدا نزل الى الشارع؟ من الذي نزل؟ انها القوات اللبنانية،
هذا الأمر لولا مساعدة الأخوة السوريين، لما كنا وصلنا إليه، هم الذين لعبوا الدور الأساسي حتى وصلنا الى هذا الأمر، هذه حقيقة، فعمليا أصبحت القوات اللبنانية من جيش وقوى أمن وغيره هي التي تملك المساحة الأكبر في موضوع استتباب الأمن والمهمات الأمنية، والاخوان السوريون موجودون للمساندة عند الحاجة وهذا ما أكدته المظاهرة الأخيرة.
آخر الهم بالنسبة للبنان
* دولة الرئيس .. ولكن لماذا تمانعون في إرسال قوات لبنانية إلى الجنوب؟
بصراحة نحن نريد السلام، وتعبنا من المحاولات مع اسرائيل حتى نصل معها إلى سلام عادل مثلما تعب غيرنا، إذا نظرنا الى الجبهة الفلسطينية، الاخوان الفلسطينيون مشوا معهم برغم انهم انتقدوا من كل العرب، تساهلوا معهم على الآخر، ماذا حصل معهم؟ الذي حصل انهم عادوا الى نقطة الصفر، بالنسبة لاسرائيل كان يفترض ان تنسحب من لبنان منذ عام 1978 وحدثت حرب 1982 فبدأوا يتذرعون بوجود الفلسطينيين، الفلسطينيون خرجوا فبدأوا يتحججون بالحرب الأهلية، انتهت الحرب الأهلية، فظلت حجتهم المقاومة، إذاً اسرائيل لم تخرج من لبنان إلا نتيجة للمقاومة والتفاف الشعب اللبناني حول المقاومة، وبهذا الإطار فحين ننظر الى الاسرائيليين سنجد انهم إذا استتب الأمن عندهم فإنهم يرتاحوا ولا يتكلموا معنا، نحن لا نريد ضرب الاستقرار ولا نريد ان نعمل أي عمليات استفزازية، ولكن طالما نحن قلقون فالجميع يجب ان يكون قلقا، هذا مختصر مفيد للإجابة على السؤال، وأنا أتكلم معك بهذا الخصوص بكل صراحة، لا توجد عندنا أي مشكلة في إرسال الجيش أو عدم إرساله الى الجنوب، هذا الموضوع آخر الهم بالنسبة لنا، أرضنا وبلادنا لا نتخلى عنها ولكن العدو الاسرائيلي يريد ان يضع يديه على مزارع شبعا، ماذا يعملون الآن في مزارع شبعا؟ يتصرفون بشكل غريب، إذا أعجبتهم تلة داخل الأرض اللبنانية يغيروا الخط الأزرق، هل يخطر في بالك ان هناك دولة تدخل الى أرضك وتأخذ التراب من أجل ان يضعوه في مزرعة عندهم، حتى ان هناك قبراً نصفه في أرضنا والنصف الآخر عندهم.
إسرائيل تلعب على لبنان
* وهل من جديد في موضوع مزارع شبعا؟
الإسرائيليون متشبثون ويلعبون علينا، يقولون: الأرض ليست لبنانية وإنما هي أرض سورية، والسوريون بعثوا برسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة قالوا فيها ان هذه أرض لبنانية، ولا يزالون يقولون ان هذه المزارع يطبق عليها القانون 242 338 ، وهناك شيء في العقل الاسرائيلي لم يتغير، خرجوا من لبنان وجلسوا في شبعا، اختلفوا مع السوريين على 10 م، اختلفوا مع الفلسطينيين على: هل تحت الحرم لهم أو فوق الحرم لهم، يعني تشعر كانسان بأنهم لا يستطيعون ان يوصلوا الأمور الى نهايتها، دعنا نتطلع عمليا على الجهة الفلسطينية اتفقوا معهم على 97% فلماذا يمانعون في الاتفاق على 3% انهم لا يريدون ان يصلوا بالأمر الى نهايته، مع السوريين كان خلافهم على بعد 10 م من بحيرة طبريا، يقولون لك 10م، نفس الشيء في لبنان خرجوا من كل لبنان واستقروا في مزارع شبعا لماذا؟ لأنهم يريدون ان يبقوا على نزاع معنا، سياستهم واضحة، يتحدثون عن السلام ولكن التفاوض معهم يوصلك الى ما يعطل الموضوع لأنهم يطلبون منك ان تتنازل عن أرضك وانت تعرف ان العربي يربط ارضه وعرضه ودمه بكرامته.
* يقترب موعد القمة العربية في عمان من الانعقاد.. هل من ورقة للبنان ينوي تقديمها إلى مؤتمر القمة العربية؟
لبنان يسير دائما مع الإجماع العربي، لا أذكر ولا مرة واحدة أن طرح لبنان نفسه في وضع من له مطالب معينة، لبنان من دون شك تهمه قضية التسوية والتسوية على أساس مبادئ مؤتمر مدريد وقرارات الأمم المتحدة وتطبيق القانون الدولي علينا وعلى غيرنا، وهناك موضوع آخر يهم لبنان أيضاً هو موضوع العراق وسنوافق على ما يجمع عليه العرب.
لا للقيود..
* ولكن هل لديكم اقتراحات معينة تنوون تقديمها الى القمة العربية؟
نحن مع إلغاء كل القيود بين العرب وخاصة في الموضوع الاقتصادي، إذ من غير المعقول ان تكون الأمة العربية مقيدة في مجموعة قوانين وأنظمة فيما نرى التجمعات الاقتصادية الكبرى وقد أزالت كل الحواجز، نعم علينا ان نأخذ بعين الاعتبار ظروف بعض الدول فمفهوم الخدمات وتنقل الأشخاص والعمالة وغير ذلك فكل دولة لها سياستها وقد تكون مضطرة لأن تعمل بعض الحواجز حتى تحافظ على التوازن داخل المجتمع نفسه، ونحن نتفهم هذا الأمر لأننا نعاني منه، ولكن في موضوع الخدمات والكهرباء والهاتف والمياه والطيران ما الذي يمنع ان تكون الأجواء بين الدول العربية مفتوحة؟ موضع الكهرباء على سبيل المثال الآن تم إنجاز الخطوة الأولى في الربط بين 6 دول، لكن من مصلحة الجميع الدخول فيه، لأن كل دولة عندما تقوم ببناء محطة كهربائية تبنيها على أساس الحد الأقصى الذي تحتاجه وهي في الحقيقة لا تحتاجه باستمرار ففرق التوقيت ودرجة الحرارة والاستعمالات يجعل لديها فائض، هذه الفوائض المدفوعة صيانتها وقيمتها بدلا من ان تذهب الى أماكن أخرى لا تحتاجها فإنه من المصلحة ان تحول الى البلد الآخر لتحقق ايرادا إضافيا، وبوجود الأنظمة الحديثة والكومبيوتر أصبح الموضوع يحقق توفيرات هائلة ، أي بلد غني أو فقير عندما يعمل دراسة يلاحظ انه إذا كان يحتاج الى 2000 ميغاواط عند ساعات الذروة فإنه لا يعمل 1500 ميغا واط بل يعمل 2000 بينما هو فعليا لا يستهلك في الشهر أكثر من 1500 ميغا واط والباقي يهدر، أما الآن وفي عملية الربط فإنه يستطيع ان يعطي الفائض الى الدولة التي تحتاجه من دول الربط، وهناك موضوع الغاز.. الآن هناك اتفاق بيننا وبين مصر ونحن مع أي تواصل عربي يحقق المصلحة العربية.


أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved