أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 20th March,2001 العدد:10400الطبعةالاولـي الثلاثاء 25 ,ذو الحجة 1421

عزيزتـي الجزيرة

هل نسميها "الأمية المقنَّعة"؟!
غياب الجانب التطبيقي أثَّر سلبياً على كفاءة المعلمات
عزيزتي الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد قرأت في جريدة الجزيرة يوم الجمعة الموافق 24/10/1421ه في زاوية المعنى للدكتور فارس محمد الغزي مقالة تحت عنوان )هموم جت كوم( التي اشار فيها الى الازدواجية الموجودة بين ارتفاع عدد الجامعات والكليات والمراكز البحثية والمدارس في البلدان العربية وبين تفشي الامية في البلدان العربية ايضا.
شدني جدا هذا الموضوع بالرغم من انه مؤلم.
وقبل كل شيء اشيد هنا بالدكتور فارس الغزي وطريقة طرحه الدقيقة والجريئة وهذا ما نود ان يكون في كتابنا لكي نقف على حقيقة مجتمعاتنا ونسير نحو تحقيق الافضل بإذن الله.
اسمحوا لي هنا ان اتناول الموضوع ولكن لن اتناوله على المستوى العربي لانني وبصراحة لست مؤهلة لذلك انما سوف اتناوله من منطلق نظرتي هنا.فهناك للاسف دفعات من المعلمات مؤهلات للعملية التعليمية بالاسم فقط وربما تجد اغلبهن يتخرجن بتقارير امتياز مع مرتبة الشرف.. بينما في الحقيقة لو يخضعن لاختبارات دقيقة قبل شروعهن في ميدان العمل لحصلن على اقل من ذلك بكثير.هنا يعترضنا تساؤل مهم جدا.. لماذا لا يكثف التعليم التطبيقي في الكليات التربوية؟
لماذا يكون نصيب الاسد فيها للجانب النظري؟
ألا يكفي سنوات التعليم الاثنتا عشرة السابقة.
ارجو الا أُفهم خطأ: انا هنا لا ادعو الى اهمال او الغاء الجانب النظري فهو جانب مهم ولكن لا تكون القسمة ضيزى
فربما ان دور هذه الكليات تخريج المعلمات او لنقل تقديم معلمات مؤهلات للعمل في المدارس اي تطبيق لا مجال للتعليم بعد الآن .. بينما يكون نصيب ما تعلمته الطالبة من هذه الكلية في المجال التطبيقي لا يؤهلها لكي تقوم بهذه المهمة الشاقة.
فاذا امعنا النظر في الكليات التربوية نجد ان فترة التربية الميدانية قصيرة جدا فهي تبدأ من السنة الثالثة في النصف الاخير من السنة وتكون بواقع ثمانية اسابيع تنقسم الى قسمين : القسم الاول وهو التطبيق العملي المنفصل ويكون بواقع حصة واحدة في الاسبوع لمدة ستة اسابيع والاسبوعان السابع والثامن وهما ما يطلق عليهما "التربية العملي المتصل" ويكون بواقع حصة واحدة يوميا.وفي السنة الرابعة في النصف الاول يكون التوزيع نفس الشيء بدون تغيير.
واذا ذهبنا الى مناهج الكلية نجد كثافة في المواد النظرية والمواد التربوية والتي يكون الاعتماد الاكبر في شرحها على التلقين والحفظ.
وللاسف لا يوجد احد يهتم بما لدى الطالبة من قدرات ومهارات فكأنما هذه المرحلة من التعليم هي مرحلة قتل المهارات وليس العكس.
وبعد ذلك تتخرج الطالبة من هذه الكلية النظرية جدا لتضيع في معمعة الحياة العملية لا تعرف كيف تحل المشاكل التي تواجهها.
ولا تندهشوا عندما يصل بها الحال الى عدم معرفتها وعدم قدرتها على شرح بعض الدروس.. فتبدأ بالاعتذار عن مسك بعض المواد لأنها تعلم في الحقيقة انها لن ترحم من قبل التوجيه فلو سألتها لماذا لم ترض ان تمسك هذه المادة مثلا: فلن تقول لك انها تخاف على مصلحة الطالبة بل سوف تقول الموجهة لو حضرت وشاهدت مستواي فلن يكون ذلك في مصلحتي.
ما الحل هنا: لقد اصاب الضرر عماد العملية التعليمية المعلمة والطالبة فالمعلمة غير الموهلة لن تعطي شيئا لأنها هنا ننطبق عليها مقولة "فاقد الشيء لا يعطيه".
فلو انا قومنا هذا الضعف بتكثيف الجانب العملي قبل التخرج لأصبحت الطالبة قوية تستطيع ان تمسك اي مادة في مجال تخصصها بكل ثقة وقوة وكفاءة. نأتي الى جانب آخر وهو التعليم في القرى النائية والهجر.فحكومتنا الرشيدة لم تبخل على اهل الهجر والقرى فتحت المدارس بمراحلها في هذه المناطق فلك ان تتخيل عزيزي القارىء هجرة لا يتجاوز عدد المنازل فيها سبعة او ثمانية وفيها مدرسة وتقوم الرئاسة بتعيين المعلمات في هذه الهجر والقرى النائية وعندما تبدأ المعلمة بمباشرة عملها تصدم بالمسافة ثم بشكل الهجرة او القرية ثم بشكل المدرسة ثم بعدد الطالبات الضئيل جدا.. فتبدأ باعادة حساباتها وتبدأ بندب حظها وتبدأ بالسخط على هذا الوضع.. فيكون اول شيء يخطر ببالها كيف سأنتقل من هذه الهجرة او القرية. نسيت انها معلمة وأن هذه القرية.. او الهجرة بحاجة لها ونسيت انها تحمل شرف اشرف مهنة.. وانها ايضا مكلفة من قبل الرئاسة ومن قبل الوطن.
يقول الشاعر:


بلاد ألفناها على كل حالة
وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
ونستعذب الارض التي لا هوا بها
ولا ماؤها عذب ولكنها وطن

يبدأ هنا مسلسل العملية التعليمية لدى هذه المعلمة التي تصور لها نفسها انها في هجرة أو قرية ليس عليها حق ان تتعب في عملها فيكفيها تعب الطريق تبدأ هنا للاسف بالتسيب والاهمال فتجدها احيانا لا تحضر وسائل للدرس المراد شرحه والسبب واضح فالطريق طويل فهي تستطيع ان تشرح الدرس بغنى عن الوسائل هذه.
نجد هنا وبدون قصد ربما تتكرر المأساة مرة اخرى فالطابع النظري غلب على الطابع العملي او التطبيقي فهنا لا نلوم المعلمة لأنها ربما لم تتعلم كيفية استخدام الوسائل في مثل هذه الكلية النظرية.تبدأ بالتساهل حتى في القاء المعلومات والانشطة اللامنهجية فنجد هذه المعلمة تستغل هذه الحصص المخصصة للنشاط اللامنهجي اما بأعمال ادارية او يكون وقت فراغ فقط احيانا .
واذا نظرنا الى هذه المعلمة ولكن الآن قد تم لها مرادها وانتقلت الى المدينة نجد عكس ما سبق ذكره.فيبدأ الاهتمام بإحضار الوسائل قدر المستطاع ويبدأ الاهتمام بالانشطة اللامنهجية.
أتوجه هنا بالسؤال الى تلك المعلمة لماذا هذه الازدواجية؟
أهو الخوف من التوجيه والادارة.
لماذا لا يكون الخوف من الله فوق كل شيء
لماذا نحكم على هذه الهجر والقرى بالجهل؟
لماذا لا يكون نصيبهم مثل نصيب المدن مع العلم بأن المناهج نفس الشيء والمهمات الملقاة على عاتق المعلمة نفس الشيء. ماذا سيحصل بعد ذلك سننتج جيلا ربما يكون جاهلا مع العلم انه متعلم فكأننا لم نتقدم ولا خطوة.. ونعود نلقي بسياط اللوم على ذلك الجيل ونحن نعلم ان اساس الزرع هو البذر. تقول الاستاذة نوال السباعي:
"أهملوا البنت.. وأساءوا الظن فيه وحقروه ثم جاؤوا يلومونه لانه شوكته ظهرت في عوده.. ثم رفضوا ان يسمعوا عذره عندما حاول ان يستقيم ليعجب الزرع. كيف لمثل هذا النبت ان يستقيم وهذا هو حاله مع الزارع؟ لا انكر هنا وجود الكثير من المعلمات الفاضلات اللائي يعملن بشرف في هذه المهنة وما يعانين من تعب ومشقة في سبيل انتاج جيل نستطيع وبكل فخرأن نعتبره جيلا متعلما بمعنى الكلمة.
هناك تساؤلات قبل الختام.
ماذا تسمى هذه الظاهرة؟ نحن نعلم ان هناك بطالة مقنعة.. أيعقل ان تسمى هذه الظاهرة الامية المقنعة!! لا أعلم!!
البندري العصيمي
كلية التربية للبنات بالدوادمي

أعلـىالصفحةرجوع





















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved