أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 21st March,2001 العدد:10401الطبعةالاولـي الاربعاء 26 ,ذو الحجة 1421

الاخيــرة

الجنازة حارة ..
د. فهد بن إبراهيم آل إبراهيم
ليس المرء في حاجة اليوم إلى شهادات إثبات على أن القوى العالمية أو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد لا يتسم بالعدالة، فهناك شواهد كثيرة تبرهن على أن الميزان العالمي ميزان مصالح، والقوى ا لعالمية ترجح كفة الميزان الذي فيه مصالحها، أما الاعتبارات الإنسانية والثقافية والمبادئ الأخلاقية فهي قابلة للتغير والتلون حسب الاتجاه المصلحي.
فالطفل الفلسطيني الذي يحمل حجراً يوصف بالإرهابي المعتدي، أما الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح، وهو يصوب فوهة رشاشه إلى جمجمة الطفل، فينظر إليه بعين العطف، ويوصف فعله بالدفاع عن النفس ضد الإرهاب.
وعندما تعبث "إسرائيل" وتحاول تغيير ملامح المسجد الأقصى وتحفر النفق تحته، فذاك شأن داخلي تكافأ عليه "إسرائيل" بالإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس!! ولكن عندما تقوم "طالبان" بتدمير أصنام بوذا فذاك انتهاك ثقافي وديني خطير! تجند له جميع وسائل التحرك الدبلوماسي بما فيها أجهزة الأمم المتحدة، وعلى رأسها أمينها العام الذي لم يتوان في المسارعة بالذهاب إلى حدود أفعانستان لمحاولة ثني طالبان عن الاستمرار في تحطيم الأصنام!! ليس هذا فحسب بل تمارس الضغط على بعض الجهات الإسلامية للتدخل. يا سبحان الله!! أين كانت هذه الجهود حينما هدم "الهندوس" مسجد "بابري"؟! أين هذه الحشود عندما تعبث "إسرائيل" بالمقدسات الإسلامية؟! أين الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة من مشاهد الجرافات الإسرائيلية وهي تهدم بيوت الفلسطينيين بشكل شبه يومي على مرأى ومسمع من العالم؟! أين هم من معاناة الشعب الأفغاني جراء الحصار المفروض عليه؟!
إن ما حصل من تحرك تجاه هدم الأصنام البوذية يكشف القناع الزائف عن وجه ما يسمى بالعالم المتحضر، ليؤكد من جديد أن الحجر الجماد - في النظام العالمي الجديد - أغلى من الإنسان، وأن رأس "صنم بوذا" أغلى من رأس "محمد الدرة" !! إنها النظرة البراغماتية في التعامل، والازدواجية في المعايير، ونحن لا نلوم الغرب في البحث عن مصالحه، ولكننا نلوم البعض من إخواننا المسلمين الذين ينساقون وراء تضليل الإعلام الغربي الذي يمتلك القدرة على توجيه الرأي العام العالمي الداخلي والخارجي في دول العالم الثالث والعالم كله، وترسيخ الصورة الذهنية التي يراها مثيرة للتعصب القومي والعنصري، بنشر القصص والأكاذيب وتحريف المعلومات.
إذن يجب التنبه والتروي في إصدار الحكم تجاه أي قضية يكون الإسلام أو المسلمون أو بعض المسلمين طرفاً فيها، فيجب أن يكون حكمنا مبنياً على قناعة عربية إسلامية ذاتية نكونها بموجب المعطيات الحقيقية المجردة، ولا يكون مصدر حكمنا أو رأينا هو الإعلام الغربي، فإن الانسياق وراء التوجه الغربي هو أساس الضعف والهزيمة النفسية التي يعيشها الرأي العام العربي والإسلامي، حتى أصبح هذا الرأي لا وزن له ولا قوة ولا اعتبار، لأنه لا يعدو أن يكون صدى لصوت الإعلام الغربي.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved