أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 24th March,2001 العدد:10404الطبعةالاولـي السبت 29 ,ذو الحجة 1421

عزيزتـي الجزيرة

لماذا نقضت غزلك أنكاثا يا نجلاء؟
بعضنا يقلد الغرب بضعف وانهزامية وخور
عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد:
فلقد قرأت مقال الأخت نجلاء بنت أحمد السويل وفقها الله لطاعته ورضاه في يوم الخميس 13/12/1421ه في العدد 10388 وقد كان بعنوان: أين الانجليزية لدى أطفالنا؟ وهنا بعض التعقيبات عليه سائلة المولى السداد والرشاد فأقول: لا أخفيك كم أعجبتني مقدمة مقالك واستبشرت بها خيراً فموقفك هو موقف كل مسلم غيور على لغته حين انتقدت تصرف ذلك الذي يتبجح بلغة أعجمية ويجعلها لساناً له ولذريته، ويفتخر بذلك بين الناس، فأعجبني انتقادك وغيرتك على هذه اللغة العربية من تصرفات أمثال أولئك اللاهثين وراء تلك اللغات الأعجمية المعجبين بها.
ولكنك بارك المولى فيك ما لبثت حتى نقضت غزلك من بعد قوة وعزة أنكاثا فماهي إلا أسطر حتى استوقفتني بعض العبارات التي ذكرتها بعد مقدمة غيورة رائعة. ومن تلك العبارات:
1 قلتِ: «فلكي تعلم أبناءك الانجليزية فهذا لايستوجب أن تستعرض أمام الناس وتجعل من نفسك محطة ضوء يلتفت لها الآخرون وخصوصا أيضا أنك لاتحمل عرقاً أسرياً بريطانيا أو أمريكيا إلا على الأقل وإلى 20% لكان معك العذر» أقول أمنيتي: إذا وجدت عند المسلم الغيرة على دينه وعلى لغته العربية فلن يساوم بهما طرفة عين ولو كان من أبوين بريطانيين أو أمريكيين، فضلاً عن أن يكون له عرق أو أصل بعيداً كان أو قريباً بتلك الجنسيات أو غيرها، والعبرة بالاعتزاز بالدين واللغة العربية لغة القرآن الكريم لا بالجنسيات والأصول القديمة المتعلقة بها، ولا تجعل الجنسيات مسوغاً له البتة في التحدث بلغتهم على وجه الافتخار والتفضيل على اللغة العربية ولو كانت بنسبة 50% ولايعذر بافتخاره ذلك ولا بقرابته تلك مالم يوظفها في خير ودعوة.
2 قلت في مقالك بعد أن نبهت مشكورة إلى ضرورة توعية الأطفال بأهمية اللغة العربية: «إن التحدث عن النقطة السابقة لايعني إطلاقاً أن نهمل اللغة الانجليزية بل أؤكد أنها لابد أن تأتي جنباً إلى جنب مع العربية لأن الانجليزية الآن أصبحت لغة العلوم ولغة التطور والتقدم.
فأقول لك عزيزتي: منذ متى والمفضول يعادل الفاضل ويساويه؟ ولماذا يطالب بأن تكون اللغة الانجليزية جنباً إلي جنب مع اللغة العربية؟ نطالب بذلك وبقوة في مجال الدعوة لهذا الدين العظيم، وقد نفرت طائفة من المسلمين للقيام بهذه المهمة فلماذا تكون جنبا إلى جنب مع اللغة العربية؟ فما دامت تلك الطائفة من المسلمين قد تعلمت تلك اللغة ووظفتها في مجال الدعوة والخير ونافحت بها عن الأمة الإسلامية، وفندت شبه أعدائها بها فماذا ننتظر من أولئك الباقين الذين تعلموا تلك اللغات ولم يكن لديهم مزيد علم أو اعتزاز بهذا الدين الإسلامي العظيم؟ اترك الإجابة عن هذا لأنني أجزم بأن النتيجة ظاهرة جلية لاتحتاج لحديث والإشارة تغني عن العبارة.
3 وفي قولك عن الانجليزية بأنها لغة العلوم ولغة التطور والتقدم هل من المعقول ان يأخذنا السبات وتركض العلوم من حولنا ونحن نظل متأخرين أقول: هنا تكمن مشكلة كثير من المسلمين غفر الله لنا ولهم فهم يرون أن لا علم إلا علم الغرب وعلم لغتهم، ولا تطور إلا بهما ولا تقدم إلا عن طريقهما وينسون أن نواة تلك العلوم وجذورها من المسلمين، إلا أن الغرب جددوا فيها ومازالوا يعملون بتلك الأفكار التي قال بها أو اخترعها العرب والمسلمون الأوائل حتى بلغوا مابلغوا في هذا الوقت، وظلت فئة من المسلمين تشجع أولئك الغرب وتمدهم وتثني على اختراعاتهم تلك ناسية مجد الأجداد ثم سارت خلفهم زاعمة التطور والمدنية في لغتهم والحديث بها في الجلسات بكل ضعف وانهزامية وخور.
أما قولك: وهل من المعقول أن يأخذنا السبات وتركض العلوم من حولنا ونحن نظل متأخرين، لا أعلم أي سبات ذلك الذي ذكرته، وهل يجب علينا تعلم اللغة الانجليزية لكيلا نتأخر؟! وأي تأخر ذلك ونحن ولله الحمد والمنة نعيش حياة طيبة في ظل دين صالح لكل زمان ومكان، دين يحث على العمل والجد، ولايرضى مطلقا بالتبعية العمياء لكل جديد يخالف نصوصه الربانية، فنعجب لهذا الانبهار الكبير من بعض المسلمين لكل ماعند الغرب أو الشرق من الكفار، ومن رغبتهم بالانفتاح على العالم الخارجي لننهل من تقدمه.
كما أشرت إلى بعض هذا في قولك: الواقع يفرض علينا أن ننفتح على العالم الخارجي لننهل من تقدمه وحضارته فأقول في الحقيقة ان الواقع يفرض علينا أن نزداد حرصاً على كل مايزيدنا إيماناً مع إيماننا وألا نقول: ننفتح على العالم الخارجي.. لأننا لو انفتحنا عليه بشكل عام وواسع لهلكنا كما هلكوا، فهم يبثون مع الاختراع أو الجهاز الواحد آلاف الدسائس لنا من حيث شعرنا أم لم نشعر، أنا لا أقول ننغلق على أنفسنا ونرد كل شيء منهم بل نأخذ مايوافق شرفنا المطهر في حدود الحاجة فقط، ولانتوسع في أخذ كل شيء منهم ونعظمه، فتعجب حين يكتشف أحد رجال المسلمين اكتشافا مهما أو يخترع اختراعاً مفيداً، ثم يخترع في أثناء تلك الفترة أو قبلها أو بعدها أحد من رجال الغرب اختراعاً مثله أو غيره، فلا ترى المدح والثناء والإعجاب والتشجيع إلا منصباً على ذلك الغربي، ولو كان ما اكتشفه أقل شأنا من اكتشاف ذلك الآخر لقناعة فئة من الناس وللأسف ان ما عند الغرب هو الأفضل دائما ولو كان قطعة قماش بالية تأنف من لفها على دمية تداعبها قطة لكيلا تؤذي تلك القطة بذلك القماش البالي!! ولكنها التبعية العمياء، والاحتطاب في الليل والله المستعان.
4 ثم قلت: إننا نحتاج لتعليم أطفالنا الانجليزية تماما كما نحتاج إلى تعليمهم العربية أيضاً لهذا اقترح أن تكون هناك مواد فعلية عملية تدخل في المراحل الابتدائية وذلك لتعليم الأطفال.. قلت هذه العبارة بعد عبارة كانت رائعة وهي قولك: ونحن أيضاً لابد أن نصر على نقد تلك الحضارة لنأخذ ما ينفعنا ونترك مالاينفعنا لا أن نجعل من أنفسنا بهائم نسير حيثما ساروا وبدون عقل أو تفكير فبربك إن كان كثير من الكبار لايميزون النافع من غيره ويسيرون وراءهم حيثما ساروا فما بالك بالصغار؟ والمصيبة أننا نسوقهم إلى هلاكهم بأيدينا إن طلبنا إدخال اللغة الانجليزية إلى مدارسهم الابتدائية ويكفي أنهم يرون بعض قدواتهم سواء كانوا من الوالدين أو الاخوة أو المعلمين أو الأصدقاء منبهرين معجبين بما عند الغرب، وقد يكونون من أهل السفر للخارج، فكيف سيكون حالهم إذا اجتمع مع هذا كله وغيره كثير دراسة نظامية لتلك اللغات من الابتدائية؟ لاشك أنه حشف وسوء كيل، فهي سنين الفطرة سنين صفاء العقيدة، سنين يغرس فيها الولاء للمسلمين والبراء من أعداء الدين، هي السنوات الأولى من حياة الأطفال التي أعتنى بها المسلمون قديما وحديثا فلقد كان العرب يرسلون أولادهم للبادية ليتعلموا اللغة العربية الصحيحة، ويفتخرون بذلك حتى نبغ منهم الكثير والكثير فصار منهم الفصحاء والبلغاء والشعراء وكان ملوك العرب وساداتهم يحضرون لأولادهم أشهر من عرف بالبلاغة والبيان ليعلمهم أصول اللغة العربية حتى نبغوا وصاروا فصحاء أقحاحاً، إلى أن أتى هذا الوقت فرأينا وسمعنا من يدعو إلى إدخال تلك اللغة الأعجمية على أبنائنا منذ سنواتهم الأ ولى، ولو تأمل كل من يدعو لذلك لأولاد المسلمين الآن وخاصة حالهم مع لعبة «البكيمون» لصده ذلك عما يدعو إليه. لقد انحرفوا مع هذه اللعبة تقليداً وتبعية، ولولا فضل ربي ثم نصح الدعاة المخلصين لما تركوها واقتنعوا بخطورتها، فكيف بهم لو تشبعوا بتلك اللغة الأعجمية منذ الصغر؟
سوف يكون الفطام شديداً إذا أردنا نصحهم حول أمور قد يقعون فيها انجرافاً وراء الغرب الذين زاحمت أفكارهم وسلوكياتهم عقول أبنائنا منذ أن كانوا صغاراً في دراستهم تلك لاقدر الله .
ووالله كم تطرب الآذان، ويرتاح الجنان، إذا سمعنا من إخواننا أ و أحد الصغار من حولنا كلمات مقتبسة من كلام الله جل وعلا أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو تحدثا بكلمة أو كلمتين أو جملا بلغة عربية فصحى، يشعر أحدنا حينها بلذة تلك اللغة العربية وقوتها وجزالتها، ولله در القائل:


لغة إذا وقعت على أسماعنا
كانت لنا برداً على الأكباد

وفي المقابل نأسى يعلم الله ونحزن إذا سمعنا أحد الصغار يتلفظ بكلمات أعجمية لايدرك كنهها، أو يتراقص ويردد مثل تلك الكلمات كما رأيناهم في أحد الأماكن العامة وإلى الله المشتكى.
فلنعد النظر في هذا الاقتراح، ويكفي دراستها في المرحلة المتوسطة مع الثانوية، ومن أراد التخصص فيما بعد فله ذلك، وليكن محتسبا في دراسته لينفع دينه وأمته.
وليحذر من الانفتاح غير الواعي وراء التيارات الغربية، وجميع مايثار حولها ويدعو إليها من فضائيات وروايات ومقالات وقصص وأشعار وغيرها. ثم لتتقبلي أختي هذه الأسطر بصدر رحب آملة أن أكون قد شاركت معك في الإشادة بمنزلة هذه اللغة العربية. نسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا البصيرة في أمور ديننا ودنيانا، وأن يحفظ أمتنا الإسلامية من شر كل ذي شر، وينفع بأبنائها الإسلام والمسلمين وأن يصلحهم ويصلح بهم إنه جواد كريم.
وفاء بنت سمحان اللحيان
جامعة الإمام محمد بن سعود

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved