أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 29th March,2001 العدد:10409الطبعةالاولـي الخميس 4 ,محرم 1422

مقـالات

ضحى الغد
«كلامك موصول»
عبدالكريم الطويان
سكن المقابر أناس لا تدري في اي جامعة درسوا القيم والعلاقات العامة! في قاموسهم: «الله لا يهينك»، «أكرمك الله»، «مالك لوى»، «ما هو لطم لواردك»! اذا قال أحدهم كلمته لا يغيرها حتى ولو رأى الغبن عليه! واذا وعدك لا يغرك ولو كان وفاؤه يضره!
يعرف متى يعتذر، ومتى يتكلم، يُحسن التعامل، ويعرف حقوقه على الغير، وحقوق الغير عليه! رحمهم الله لم يكونوا في غالبيتهم متعلمين، ولم يقرؤوا في فن «الاتيكيت» ولا في كتب «اكتساب الاصدقاء» ولا مراجع «العلاقات العامة» ولا مصادر «كيف تؤثر في الناس»!
لكنهم رحمهم الله كانوا مؤثرين نجباء يجيدون فن العلاقات وفن الحديث وفن التأثير، وفن حيازات الحرية بينهم وبين الآخرين، وفن تقدير الآخر وتأليفه وكسبه.
ان ذكر اثناء حديثه اسم بهيمة او مما يُنزه المجلس عليه، قال لك: «أكرمك الله» وان طلب منك ان تناوله شيئا قريبا منك، ابتدأك بقوله: «الله لا يهينك»!
وان كان جوابه النفي على شيء تسأل عنه، صانك ان يقول «لا» بوجهك، وإنما قال لك: «مالك لوى» اي تكريما لك، ليس لك «لا» ! وإن قلت له في شيء «نعم» قال لك: أنعم الله عليك! وإذا ناولك شيئا او وافقك على أمر، اختزل لك «سمعا وطاعة» فقال لك: «سَمْ»!
وإن قاطع حديثك للضرورة، قال لك: «ما هو لطم لواردك» اي ان مداخلتي الاعتراضية لا يُقصد منها رد حديثك وصده!
وإن اخذ خيط الحديث بعدك، قال لك: «كلامك موصول»! ثم أخذ الحديث بعدك!
قاموس واسع من أدب الحديث، هذه نبذة منه، ومثله قواميس اخرى في فن الاعتذار،والتقدير، والمعاملة، والكرم، والجيرة والرفقة! أولئك كان أغلبهم أميين لكنهم في تعاملهم علماء صقلتهم الحياة والتجربة والبيئة النقية التي توارثت المروءة والأخلاق والكرم والرجولة والسلوك الحسن!
تتذكر ذلك الجيل الذي نبت عليه «الرمث» حين تُعامل أخلافاًَ تحمل من العلم أرقى مؤهلاته، ومن الثقافة أعلى شهاداتها، لكنك أحيانا لا تجد في حديثها وسلوكها وتعاملها ولفتاتها تلك الروح العطوفة الراقية الحساسة التي كنت تشهدها في الانسان الذي يكاد جيله ان ينقرض!
فهل ذلك الانسان الأول أولع بالرجولة والبطولة والشهامة والنجدة، وتعلم كيف يصوغ سلوكياته على ضوء من قيم أصيلة متوارثة في بيئته!
وهل انسان اليوم شغلته العلوم النظرية عن التطبيق العملي لما تحتويه، وجرفته الحياة المدينة وصرفته وأكلت وقته، فتخلص من تلك الحساسية الجمالية الودية الموروثة في فن الحديث والمعاملة والاعتذار والتقدير!
لقد كان اولئك السلف اذا رأوا الشاب لا يحذق ذلك الفن الرجولي الذي يتقنونه، قالوا عنه: «انه تربية امرأة»! أي ان فقده لوالده، واقتصار تربيته على أمه، حرمه من ذلك الأدب الرجالي الذي اذا أتقنه ملك مفاتح النجاح في مجتمع يُعنى بأدب العلاقات والسلوك بدرجة فائقة!
فهل نعود الى موروثنا الجميل فنستعبد بقاياه التي نثرتها رياح العصر، لنذكر بها جيلا حريصاً على قراءة تراثه، والانتفاع منه!
بريدة ص ب 10278
ASBT2@HOTMAIL.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved