أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 30th March,2001 العدد:10410الطبعةالاولـي الجمعة 5 ,محرم 1422

شرفات

المتنبي معادن وأحجار وشعر
تناول ابو الطيب المتنبي في شعره معدناً آخر، وهو الفضة وسنتبين ان شاعرنا دائماً يذكر معدن الذهب متلازماً مع معدن الفضة، ولم لا، فهذان المعدنان او العنصران يوجدان في الطبيعة غالباً مع بعضهما، كما انهما يصنفان معاً تحت اسم العناصر او المعادن الثمينة.
والفضة عبارة عن عنصر كيميائي يتبع للمجموعة الاولى في الجدول الدوري وتشبه الفضة الذهب في كونها فلزاً (معدناً) نبيلاً، وقد استخدمها الانسان في الوقت نفسه الذي بدأ فيه استخدامه للذهب، او بعد ذلك بقليل. وقد تم العثور على كثير من الادوات الفضية في مقابر الملوك القدامى من عصور ما قبل الميلاد في مناطق مختلفة من بلاد العالم القديم.
وتوجد الفضة في الطبيعة، اما في حالتها العنصرية، او على هيئة معدن يسمى (ارحنتيت) وتركيبه الكيميائي كبرتيد الفضة، ويحوي على نسبة تصل الى 87% من الفضة، او على صورة مشتقات اخرى مثل كبريتات الفضة، كما توجد الفضة مختلطة مع الذهب على هيئة سبيكة طبيعية تسمى (الكتروم).
وتستخدم الفضة في سك النقود المعدنية، وهو اهم استخدام عالمي لها، حيث يبلغ ما يستخدم لهذا الغرض حوالي 65% من الانتاج السنوي العالمي. وتستخدم الفضة ايضاً في صناعة الحلي والمجوهرات، واعمال الطلاء، وفي صناعة البواتق الحرارية للمعامل وبعض الاجهزة المعملية. كما تستخدم مشتقات الفضة الكيميائية في الصناعات الحربية، والحرارية، والكهربائية، والتصوير الفوتوغرافي، وفي صناعة الادوات المنزلية، وفي تلوين الزجاج، وفي التطهير من الجراثيم، كما تستخدم سبائكها في صناعة بعض اجزاء الطائرات، والاسنان.
قال ابو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها كافور:
1 ولو ان الذي يخرمن الامواه فيها من فضة بيضاء
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها احمد بن الحسين القاضي المالكي:


2 وما الفضة البيضاء والتبر واحد
نفوعان للمكدي وبينهما صرف

يقول العكبري في شرح هذا البيت: التبر: الذهب. والمكدي: الذي لا خير عنده.
والمعنى: يقول: الذهب والفضة واحد، وان اجتمعا في المنفعة فليسا سواء لقد اثار الشاعر في بيتيه السابقين الى لون معدن الفضة حيث وصفها بالبيضاء.
وفي بيته الثاني بين منفعة كل من الذهب والفضة للانسان الفقير المدقع، ومع هذه فالذهب يفوق الفضة قيمة ومنفعة، وهذه حقيقة لا لبس فيها.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها ابا العشائر: الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان:


لام اناس ابا العشائر في
جود يديه بالتبر والورق

يقول العكبري في شرح هذا البيت: الورق: الفضة، وقيل هي الدراهم المضروبة، وكذا الدقة والمعنى: يقول: لام اناس ابا العشائر على جوده، ولم يصيبوا في ذلك، لانه مجبول على الجود.
ورد في لسان العرب لابن منظور: البتر: الذهب كله، وقيل: هو من الذهب والفضة وجميع جواهر الارض من النحاس والصفر والشبه والزجاج وغير ذلك مما استخرج من المعدن قبل ان يصاغ ويستعمل، وقيل: هو الذهب المكسور ابن الاعرابي: التبر الفتات من الذهب والفضة قبل ان يصاغا، فاذا صيغا فهما ذهب وفضة: الجوهري: التبر ما كان من الذهب غير مضروب فاذا ضرب دنانير فهو عين، قال: ولا يقال: تبر الا للذهب وبعضهم يقوله للفضة ايضاً. والورق: الدراهم المضروبة من الفضة كذلك الرقة.
لقد بين الشاعر في بيته هذا ان ممدوحه يجود بالذهب والفضة..
وقال ابو الطيب في قصيدة يمدح بها شجاع بن محمد الطائي المنبجي:


1 فمضت وقد صبغ الحياء بياضها
لوني كما صبغ اللجين العسجد

يقول العكبري في شرح هذا البيت: اللجين: الفضة. والعسجد. الذهب. واللون. واحد الالوان، كالبياض والسواد والاحمرار، وغير ذلك من الالوان، واللون: النوع. والمعنى: كما سمعت كلامي مضت على استحياء (يقصد محبوبته). وقال قوم: الحياء يورث حمرة في الوجه لا صفرة، وانما اصفر لونها لانه حياء خالطه خوف، لانها خافت الفضيحة على نفسها، او ان تطالب بدمه، او خافت الرقيب، فغلب هذا الخوف على سلطان الحياء، فاورث صفرة.
وقال ابو الطيب في قصيدة بمدح بها سيف الدولة عند منصرفه من بلد الروم:


2 ركض الامير وكاللجين حبابه
وثنى الاعنة وهو كالعقيان

يقول العكبري عن هذا البيت: اللجين: الفضة. والعقيان: الذهب. والاعنة: جمع عنان، وهو ما يكون في رأس الفرس، والاعنة للخيل، كالارسان لغيرها. والمعنى: يقول : عبر هذا النهر (ذكره ابو الطيب في الابيات السابقة لهذا البيت) الامير سيف الدولة، وحباب هذا النهر، وهو ما يعلوه من الهواء والخوض، وهو شيء يعلو عليه (الفقع الهوائية) فاراد انه عبره وماؤه ابيض كالفضة، فلما قتلهم (قتل الروم) جرت اليه الدماء، فعاد احمر كالذهب.
وقال المتنبي في قصيدة قالها ارتجالاً: وقد دخل على علي بن ابراهيم التنوخي فعرض عليه كأساً فيها شراب اسود:


3 هجرت الخمر كالذهب المصفى
فخمري ماء مزن كاللجين

يقول العكبري عن هذا البيت: اللجين: الفضة، وقابل بينها وبين الذهب. والمزن: الغمام. ومنه قوله تعالى: «أأنتم أنزلتموه من المزن» والمعنى: يقول: قد هجرت الخمر الصافية الحمراء، وجعلت خمري ماء ابيض، وهو ماء الغمام، فلا اشرب خمراً ابداً.
ورد في لسان العرب لابن منظور: اللجين: الفضة لا مكبر له جاء مصغراً. قال ابن جني: ينبغي ان يكون انما الزموا التحقير هذا الاسم لاستصغار معناه مادام في تراب معدنه فلزمه التخليص والعسجد: الذهب، وقيل هو اسم جامع للجوهر كله من الدرر والياقوت. والعقيان: ذهب ينبت نباتا (؟) وليس مما يستذاب ويحصل من الحجارة، وقيل: هو الذهب الخالص.
لقد اشار ابو الطيب في ابياته الثلاثة السابقة الى لون الذهب ولون الفضة، ففي بيته الاول شبه اصفرار لون وجه محبوبته من الحياء والخوف بلون الذهب وقد كان لون وجهها قبل حيائها مثل لون الفضة في بياضه، وشبه في بيته الثاني فقاعات ماء النهر في بياضها عندما خاضته خيول سيف الدولة بلون الفضة، ولكن عندما قتل سيف الدولة الروم سالت دماؤهم في ماء النهر فتبدل اللون الى لون الذهب، اما في بيته الثالث فقد بين انه ترك شرب الخمر التي تشبه في لونها لون الذهب المصفى، وصار خمره ماء الغمام (المطر) الذي يشبه في لونه لون الفضة.
وقال الشاعر في قصيدة وقد وشى به قوم الى السلطان فحبسه:


1 امالك رقي ومن شأنه
هبات اللجين وعتق العبيد

يقول العكبري في شرح هذا البيت: المعنى: يقول: يامن ملك نفسي عبودية، ويامن شأنه ان يهب الفضة ويعتق العبيد، دعوتك.
وقال ابو الطيب في قصيدة يمدح بها مساور بن محمد الرومي:


2 حنق على بدر اللجين وما اتت
باساءة وعن المسيء صفوح

يقول العكبري عن هذا البيت: بدر: جمع بدرة. واللجين. الفضة. وهذا بيت جيد حسن المعنى، والجمع بين الاماءة والصفح من الطباق الجيد.
لقد بين الشاعر في بيتيه السابقين ان الفضة معدن من المعادن المحبوبة والمرغوبة عند الانسان، وانها وسيلة والجود عند من يملكها..و..و..
وقال شاعرنا المتنبي في قصيدة قالها ارتجالاً يصف كلبا ارسله ابو علي الاوراجي على ظبي:


له اذا ادبر لحظ المقبل
كأنما ينظر من سجنجل

يقول العكبري في شرح هذا البيت: السجنجل: المرآة والمعنى: يقول اذا ادبر (الكلب) يرى كما يرى المقبل قدامه، وذلك لسرعة نظره والتفاته وشبه صفاء حدقته بالمرآة.
لقد شبه الشاعر في بيته هذا صفاء حدقة عين الكلب بصفاء المرآة، وقد سبق ان ذكرنا ان من بين الاشياء التي تدخل الفضة في صناعتها المرايا.
وقال الشاعر في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:


1 ولم يخل من اسمائه عود منبر
ولم يخل دينار ولم يخل درهم

يقول العكبري عن هذا البيت: المنبر:اصله من نبرت الشيء: رفعته. ونبرة
أ.د. عبدالرحمن بن سعود بن ناصر الهواوي
الرياض: 11642، ص.ب 87416

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved