أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 31th March,2001 العدد:10411الطبعةالاولـي السبت 6 ,محرم 1422

مقـالات

نهارات أخرى
رموز ودلالات لغة المؤتمر
فاطمة العتيبي
** «ضرورة تغيير الأسلوب ،والمنهج في التعامل مع قضايا الأمة» هي العبارة التي أطلقها ممثل المملكة العربية السعودية في مؤتمر القمة العربي وهو الأمير سلطان بن عبدالعزيز... أراها خلاصة جادة لتنظيرات كثيرة جاد بها المؤتمرون وهي في حد ذاتها لابد ان تمرر عليها ذات العبارة التي أطلقها سمو الأمير سلطان... فالعبارات التي حملتها لغة الخطابات هي رمز واضح ومفتاح لشخصية كل دولة وإذا كان الجاحظ يقول «الأسلوب هو الرجل» فلغة الخطاب في المؤتمر كانت مؤدية لدلالات شتى كلها تومىء من واقعية حقيقية تمثلها المفردات المستخدمة في كل خطاب.
فالخطاب الليبي والذي لم تنقله لنا وسائل التلفزة لكنه نقل عبر الصحف لم يختلف كثيراً عن السياق المعتاد بمعنى ان يسير بخط بياني تصاعدي تزداد حدة خروجه عن المألوف بشكل متنام وسريع.. فالدعوة الى الانضمام الى افريقيا وتكوين قوة دولية هائلة بالتحالف معها والنظرة الى المسجد الأقصى على انه محض جامع يغني عنه أي جامع آخر تؤدى فيه الصلاة..
والاستعداد المشروط لدخول اسرائيل الى جامعة الدول العربية كل هذه العبارات متوافقة تماماً مع اللغة المتوقعة ومتصاعدة ولكنها وفق الخط البياني النائي عن الخطوط البيانية الأخرى!!! ولغة خطاب العراق التي تنذر وتتوعد وتنفخ بالونات الأحلام السادرة في غيها التي تملأ عقول البسطاء فتنفجر في رؤوسهم محدثة احباطاً قاتلاً وممضاً.
«فالجيش الذي أوله في اسرائيل وآخره في بغداد» هو ايضا يستقيم مع العبارات التي تنتمي الى اللغة المفخخة الممتلئة بالعبوات الكلامية الناسفة.. التي تتفجر في القلوب فتدمي وتقتل وتترك آلاف الضحايا دون ان تلتفت الى ضحاياها مهما فاحت رائحة جثثهم ومهما ارتفع معدل «تراكمهم»...
وهي عبارات تتسق مع الخط البياني الشهير للغة الخطاب السياسي في العراق والتي تبدأ بالامبريالية اللعينة وتنتهي ب «فليخسأ الخاسئون...»
ومن الملاحظات على لغة المؤتمر كثرة الاخطاء في الخطابات المتلوة.. وإذا احتملنا الاخطاء فإننا لا نحتمل الشعور بتأرجح الآمال وعدم وضوح الرؤية.
فالتوصيات تومىء بثمة امل لكن مساحة التطبيق ضيقة جداً تكاد تخنق الحلم في مهده...
وتبقى لغة الخطاب السعودي ثابتة رصينة متسقة مع صدق نوايانا ورغبتنا الحقيقية في الخروج بالأمة من مآزق عدة أوقعها فيها بعض ابنائها.
ولعل أهم ما كان يلزم ان توصي به القمة هو التأكيد على ضرورة اختلاف الأسلوب في التعامل مع قضايا الأمة.
فالقفز على الواقع بأحلام الكلام الواسعة هو تخلٍّ حقيقي عن المسئولية في المعالجة.
فلدينا واقع معين لابد ان نتعامل.. معه وفق معطيات المتاح وليس وفق ما نحلم به ونتمنى..
والمتاح هو دائماً أول خطوات تحقيق الأحلام.. لكن هواة القفز الحواجزي هرباً وتركاً للواقع ومسئولياته هم اولئك الذين اتخذوا من لغة الخطاب المفخخ بالأحلام الوهمية وسيلة للتنصل من مواجهة الواقع.
فأهم ما نريد من القمة تحقيقه وتجسيده مستقبلياً هو إحداث تغيير حقيقي في اسلوب ومنهج التعامل مع القضايا وفق الواقع المتاح.
وليس نفخاً لبالونات معطوبة سلفاً...
تعزز فينا الشعور بالحرج والقهر على الاحلام المسروقة منا في وضح النهار.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved