أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 1st April,2001 العدد:10412الطبعةالاولـي الأحد 7 ,محرم 1422

عزيزتـي الجزيرة

أدت بالبعض إلى السجون
لنحذر السقوط في مهاوي الديون
عزيزتي الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
الديون راية ارتفعت على رؤوس عدد من الناس وظاهرة انتشرت في عدد من البيوت وداء أخاف قلوب الأمناء وعائق كبّل أيدي الكرماء وظاهرة لابد من الوقوف في وجهها قبل ان تستفحل فلا تبقي أحدا.
وانه لمن المؤسف ان تكاثرت الديون على الناس حتى انتهى ببعضهم الأمر الى السجن حيث ان هناك بعض الناس يستدين الأموال الطائلة وقصده اظهار نفسه بالبذل والسخاء وكثرة الانفاق ليجاري الأثرياء ويسرف في النفقة ويعمل الولائم الكبيرة ويبالغ في شراء الكماليات بأثمان رفيعة رغم فقره وقلة ذات يده حتى تتراكم عليه الديون ويعجز عن الوفاء، ألا يعلم هذا المسكين ان التعلق بالناس وأخذ اموالهم مع عدم سدادها مصيبة وأي مصيبة حيث نجد هذا المدين يسير مستخفيا متواريا خجلا وخوفا من الناس وفي الليل اذا ما جن ونام النائمون وهجع الهاجعون وأسدل عليهم الليل لحاف الراحة والهناء خطرت على باله همومه وأنزل بداره غمومه وامتطى عنان أحزانه وركب بحر آلامه التي لا ساحل لها، تقذفه أمواج البلاء وتتجاذبه اتون الشقاء فهو يسامر الليل ويساهر النجم..
انه سجين في سجن الحياة المتنقل مع انه يعيش مع الأحرار وهو ميت في ثياب الأحياء، واسمحوا لي أعزائي القراء ان أسوق لكم هذه القصة التي وقع صاحبها أسيرا لدينه فريدا في سجنه بعيدا عن ولده يصارع الهموم والأحزان والغموم.. يقول أحد الأخيار الكرام: دخلت السجن لأجمع أخبار المسجونين فاعترض لي شاب قرأت التعاسة والشقاء في وجهه فأخذ بيدي وجنح بي جانبا وقال: أريد ان احدثك ولكن من فضلك اقرأ هذه الرسالة قال: ففتحت الرسالة ثم قرأتها،
رسالة تبكي لها بدماء القلب قبل دموع العين فإذا فيها: من الزوجة فلانة الى زوجها فلان،
لم أتمتع معك في حياتنا الزوجية الا أياما قلائل حتى غيبوك في غياهب السجون كم سنة غبت عني؟ لا أدري ماذا فعل الله بك ولا أدري عنك أحي فترجى ام ميت فتنعى؟ ليتك ترى حالي وحال أولادك لست أدري هل أخون أمانة الله وأمانتك؟ واطلب الرزق لهؤلاء بطرق محرمة وأنا في ذمتك وعهدك؟ أم اطلب الطلاق ويضيع أولادك؟ أم أصبر واحتسب واجري على الله عز وجل ؟ وكلام كثير يطول ويبكي له المسلم قال: فما كان مني الا ان اخرجته بيدي وعلمت انه قد بقي عليه سنتان لانه تحمل غرامة ودية ولا احد جاء يسأل عنه، ولما تحققنا من حاله وجدناه كما ذكر في الرسالة فسددنا عنه وفرجت مصيبته والحمد لله. واستأذنك عزيزي القارئ ان انثر بين يديك طائفة من الوصايا ناصحا بها نفسي وإياك كي لا نغرق في الدين ونعض أصابع الندم عاجلا او آجلا.
1 عليك ان تستشعر الأحاديث المفزعة في عاقبة الديون فقد روى عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم أُتي برجل ليصلي عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعل على صاحبكم دينا؟ قالوا: نعم ديناران، فتخلف صلى الله عليه وسلم وقال صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: هو عليّ "اي الذي على الميت" فقال رسول الله بالوفاء.. فصلى عليه.
2 عليك ان تتقي الله قبل الدين ومعه فإن العبد ان أخذ مالا ليرفع ضيقا عن نفسه وأهله وصدق العزم في رده عند تيسره لقي من الله الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر..
"ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا".
وقال صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد اتلافها أتلفه الله".
3 لتعلم اخي المسلم ان الدين هم بالليل، ذلّ بالنهار كما ورد في الأثر فكثير من الرجال أريقت مياه وجوههم واختفوا عن أعين الناس خوفا من عتاب الدائنين.
4 ينبغي على المسلم اذا اضطر الى الدين ان يكون السداد همه الأول فالتخطيط والجدولة الشهرية تساعد على التقليل من الدين والقضاء عليه .
5 عليك ان تفر من التقسيط فرارك من الأسد حيث قد تفشت هذه الظاهرة في مجتمعنا وهي غير صحيحة البتة اذ لا يليق بالمجتمع المسلم ان يغرق في الديون وان مرارة التقسيط تعلم قطعا بعد الخوض في تجربته.
6 على العاقل ان يكرم ضيفه دون اسراف "ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين". ولا عجب ان كثيرا من الناس يعلمون هذه الآية وغيرها بل ويرددونها ولكن نزولا عند العادات والتقاليد تجدهم يكلفون انفسهم ما لا يطيقون ثم يغرقون في الديون.
7 وأخيرا عليك ان تتعوذ بالله من غلبة الدين كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
وختاما همسة في آذان المحسنين من الأغنياء والأثرياء: ان يفرجوا عن اخوانهم المنكوبين والمعسرين فالمسلم أخو الملسم ولو ان كل غني في مجتمعنا المسلم أدى زكاة ماله لما بقي فيه فقير او محتاج وتذكر ايها الغني الثري ذلك الرجل الفقير المعدم الذي لا يجد ما يأكله واضطرته الحياة الى الغرق في الديون فهو في حال لا يعلمها الا الله هموم وغموم غير مرتاح القلب ولا يهنأ بطعام او شراب او منام ..
لا تكن علاقتنا مبنية على المصالح المادية ولا تكون معاملتنا معاملة مادية لنكن متماسكين ويسود التكافل بيننا ويعم التعاون ربوعنا حتى نسعد في دنيانا وآخرتنا.
والله الموفق.
خالد ناصر الحميدي
مدينة تمير

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved