أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd April,2001 العدد:10414الطبعةالاولـي الثلاثاء 9 ,محرم 1422

مقـالات

الجمال والصابر والشاكر واختيار شريك العمر.
د. عبدالله بن سالم الزهراني*
الجمال مفردة شائعة الاستعمال. يكاد كل شخص أن يتلفظ بها يوميا ليصف بها أشياء مختلفة. يستخدمها البعض في غير موضعها أو يبالغ في استخدامها دون دلالة على المدلول أي الموصوف بالجمال. الجمال موضوع أزلي لم ولن ينتهي الحديث عنه. كما أن الجمال مطلب يرغبه ويتمنى أن يتصف به كل شخص، وهو مطلب لدى الشرق ولدى الغرب تنشده المرأة وينشده الرجل على السواء. يهب الله الجمال فيجعل البعض جميلا والبعض حسن الوجه والبعض قبيحا والبعض دميما. يقال رجل وسيم وامرأة جميلة. الجمال والوسامة تأتي ربما عند الكثيرين في مقدمة الاختيار لدى الرجل والمرأة عند الرغبة في الزواج. يلعب كل من المعتقد والموروث دورا في تأكيد دور الرجل على أفضلية الاختيار وتقديمه على دور المرأة وإن منح معتقدنا في عالمنا الإسلامي الحرية لممارسة المرأة حق القبول أو الرفض في من سيكون شريك حياتها في المستقبل. إلا أن الموروث قد يتغلب للأسف على هذا الحق البعض وربما الكثيرون. كما يستغل الأثر الذي يقول( السكوت علامة الرضا) ويمارس بطريقة تلغي حرية ممارسة الحق الشرعي للفتاة والمرأة في القبول أو الرفض. ولكن أليس من مؤثرات على هذا السكوت، أليس هناك ضغوط منزلية. هناك موروث متداول يقول: ( لا يعيب الرجل إلا جيبه). ربما لم يأت هذا الموروث من فراغ وذلك على أساس الوظيفة التي حددت للمرأة سلفا والتي تتمثل في تهيئة أمور المنزل الداخلية من أكل وشرب وإنجاب الأطفال وغسيل الملابس وتدليك الرجل أو تمسيجه إن صح التعبير وزد على ذلك تحضير الطشت لتنقيع أرجل الزوج فيها عندما يعود تعبا. بل أضف عليها عملا شاقا في المزرعة في المناطق الريفيةعلى أن يتكفل الرجل بالتمويل لكل جوانب الحياة الأسرية( الرجال قوامون على النساء) آية كريمة. ولكن هل النظرة مستمرة بأن الرجل لا يزال هو الممول؟ أعتقد أن معايير الاختيار للزوجة قد تغيرت بل إنها تتغير مع تغير الأجيال والوظيفة الاجتماعية ومعها أيضا يتغير معايير وفرص اختيار الفتاة أو المرأة لزوج المستقبل. ولعل الجيل الحالي أفضل وأوفر حظا في تعدد المعايير وفرص الاختيار من الجيل أو الأجيال السابقة في مجتمعنا. ومع مرور الوقت ربما ينقلب السحر علي الساحر فيصبح الأثر يقول( لا يعيب المرأة إلا جيبها). الرجل يفضل فتاة جميلة رقيقة أنيقة في ريعان الشباب وزاد عليها أن يكون لديها وظيفة محترمة. قد يتنازل في حدود مسألة الجمال والسن ولكن قد لا يتنازل عن موضوع الوظيفة. أصبحت ممارسة الحق الشرعي في رؤية الراغب في الزواج من الطرفين متاحة إلى حد كبير وخاصة في المدن. هذا الحق الشرعي طغى عليه الموروث الاجتماعي لفترة طويلة الذي يعيب رؤية الرجل أو المرأة لمن يرغب أو ترغب الارتباط به. ولذا فإن الفحص والتفحص أصبحت متاحة للطرفين من أخمص القدم حتى مفرق شعر الرأس. يستطيع الرجل أن يرى شريكة المستقبل إذاكتب الله نصيب وهي مقبلة ومدبرة. أصبح الراغبون من الطرفين في الزواج في يومنا هذا لا يكتفون بتبادل النظرات أثناء مراسم النظرة الشرعية بل أصبحت تقنيات الاتصال وسيلة مساعدة للحوار والتعرف على الأفكار والقدرات الذهنية والتصورات المستقبلية لكل منهما وما يحب وما يكره في الزوجة، وما تحب وما تكره في الزوج. وربما لا يكون في ذلك ضير طالما كان ذلك بعلم الأسرة، إلا أن ظاهرة في اعتقادي بدأت تبرز في مجتمعنا وأحسب أن لها عواقب وخيمة، تتمثل هذه الظاهرة في أنه وبعد الخطبة ربما بأسبوع أو أكثر قليلا يتم عقد الملكة دون فترة خطوبة كافية يتم من خلاله الاستفسار والتقصي من الجانبين عن بعضهما البعض. وقد يدفع إلى هذا العقد السريع الخوف من تغيير أي من الطرفين رأيه وبالذات أبو الفتاة. ثم ماذا بعد هذا التملك دون الدخول؟؟؟؟ يستطيع الطرفان رؤية بعضهما وتبادل الأحاديث في حضور الأهل من المفترض!!!! لأنهما أصبحا زوجين شرعا بحكم ذلك العقد. وقد يكون لذلك نتائج سيئة أقلها النهاية بالطلاق مما يشوه سمعة الطرفين وبالذات الفتاة. لقاء الطرفين دون الدخول المعلن الذي عادة ما يكون عبر حفلة زواج صغيرة، هذه الحفلة أم كبيرة قد يقود إلى سراديب مظلمة واستغلال العقد الشرعي قد يدفع إلي تجاوز القناعة بالشكل والفكر إلى الرغبة في القناعة بالجوهر. ولكن ما هكذا تورد الإبل والحيطة والحذر واجب حتى لا نعود نترحم على الموروث الذي يعيب رؤية أي من الطرفين لآخر قبل الزواج وعلى كل حال فإن من فاته رؤية من كان يرغب الزواج منها ثم تزوجها دون رؤية أو من دبر أمره بليل أو من أخذ على غيره في الزواج أو من كان في عجلة من أمره وفاته التروي، فما عليه إلا أن يحاول إرضاء نفسه أو يتخيل أنه يرضيها ويردد الموروثات والمأثورات مثل: ( كل إنسان خلق لما قدر له والزواج قسمة ونصيب وكل ما يأخذ إلا نصيبه والقناعة كنز لا يفنى). يحق للرجل تكرار التجربة بالزواج مثنى وثلاث ورباع وما ملكة الأيمان لمن لديه القدرة والشجاعة!!!!. والمرأة يمكن لها أن تكرر التجربة في حالة وفاة زوجها أو طلاقها. أما الغالبية منهن واللاتي قد تجبرهن الظروف للبقاء مع زوج دون رغبة فما عليهن إلا أن يتمثلن بالقول المأثور: ( الصابر والشاكر في الجنة) وعلى ذكر هذا القول المأثور، فإنه يحكى أن رجلا كان في غاية القبح والدمامة تزوج امرأة في غاية الجمال. وفي يوم من الأيام بعد أن طالت العشرة بينهما جلست تتحدث إليه وقالت له: يافلان فأجابها بنعم، قالت له (الصابر والشاكر في الجنة) قال لها أوضحي، قالت: تزوجتك وأنت في غاية القبح فصبرت عليك وأنا في غاية الجمال فكنت أنت شاكرا ووفيا ومخلصا فالصابر والشاكر في الجنة، وقد يكون هذا حال الكثيرات، وعلى كل حال فليس قبح الوجه وحده سببا ولكن هناك قبح المعاملة من بعض الأزواج للمرأة فالوسامة وحدها لا تكفي لخلق عش زوجي هنيء. ولله في خلقه شؤن.
جوانب بيئة تستحق الاهتمام في حياتنا اليومية
بعد النظر إلى المنظور البيئي العالمي فإنه قد يكون من المفيد التجوال والنظر إلى جوانب سلوكية بيئية يومية في مجتمعنا السعودي لنرى كيفية التعامل مع بيئتنا سلبا وإيجابا. لاشك أن التغيرات على بيئتنا المحلية بدأت منذ ان وجد الإنسان على ارض هذا البلد، ولكن التغيرات كانت متسارعة وبشكل كبير منذ ما يقارب الثلاثين عاما. وهذا بلا شك نتيجة لازدياد عدد السكان الذي يتطلب توسعا في المراكز العمرانية سواء المدن أو القرى مما قاد إلى مضاعفة أحجام المدن والقرى أضعافا مضاعفة. لقد قاد هذا التوسع إلى الزحف على الأراضي الزراعية فأصبحت مزروعة بغابات من الأسمنت بدل الزرع والضرع. إن هذا التوسع العمراني تطلب مد شبكة من الشوارع داخل المدن وتطلب أيضا مد شبكة طرق ضخمة تربط مدن المملكة وقراها. وتطلب أيضا مد شبكات ضخمة لتوصيل المياه للمساكن. وتطلب ذلك إنشاء المصانع وتطلب خدمات عديدة. إن كل ذلك يعني تعامل الإنسان مع وجود تأثيرات جانبية لهذه التغييرات. ولكن هل أحسنا التعامل مع هذه البيئة؟ هل هناك جوانب سلبية لهذا التعامل؟ وهل بالإمكان إصلاح الجوانب السلبية لهذا التعامل؟ وهل تعلمنا الدروس من سلبية التعامل ليتم تجنبه في المستقبل؟ هذه بعض الأسئلة وهناك الكثير. لن أتطرق للإجابة عليها بشكل مفصل في هذا المقام، ولكن يمكن القول: ان الاجتهاد كان موجودا رغم أن الوعي البيئي لم يكن منذ ثلاثين سنة، كما هو عليه الحال الآن. كما أن الإصلاح في جوانب بيئية معينة ممكن، وأن الاستفادة وتلافي السلبيات مستقبليا ممكن إلا أنه في جوانب معينة لا يمكن أن يصلح العطار ما أفسده الدهر، حيث لا يمكن استعادة أراض زراعية أصبحت مساكن عليها إلا أنه يمكن نقل بعض المصانع التي تنفث بغبارها على بعض المدن مثل مصانع الأسمنت.
دعونا نتطرق إلى بعض السلوكيات الفردية المخلةبالبيئة الطبيعية والبشرية.
البعض يرمي بالنفايات وبقايا طعام أو شراب من نافذة السيارة وهي تمشي إما على طريق سريع أو داخل المدينة. أليس في ذلك تلويث للبيئة وتلويث للناحية النفسية. ألا يتعارض ذلك مع الذوق الحضاري. البعض عندما يذهب للبر للنزهة يحمل معه طعامه وشرابه ويحس أنه يستمتع بذلك المكان الذي يجلس فيه ولكنه لا يتورع في ترك البقايا والنفايات متناثرة على عين المكان ليحيله بعد أن كان جميلا إلى مكان تزكم الأنوف رائحته ويقذي العين بمنظره. أما في بعض القرى حيث إنها بكر ولم تمسها خدمات البلدية فيما يتعلق بجمع النفايات فإن التلال والشعاب هي المنفى والمأوى لها حيث يأتيها زوار الليل من حيوانات مختلفة لتبعثرها. أما الرياح فهي تبدد شمل هذه النفايات وكأنها منزعجة من وجودها في طريقها. كما أن الأمطار التي تتجمع على هيئة سيول لا يعجبها ما فعلته الرياح من تبديد للنفايات وتوزيعها في مكان ضيق المساحة فتغسل المكان وتنقل هذه النفايات وتوزعها على مواقع أكثر عديدة ومساحات أكبر ولا بد أن يكون للمزارع التي تستقبل سيول الاودية والشعاب نصيب من هذه النفايات وبالتالي تلوث التربة بالعلب والزجاج والأكياس البلاستيكية الفارغة. ولك أن تتخيل أي زراعة تقوم بعد هذا النوع من التلوث. مدارسنا وجامعاتنا تلحظ كثيرا من الجدران والمقاعد والمصاعد ودورات المياه ملوثة بالكتابات. إن ذلك يثير استفهاما كبيرا. هل تلميذ المدرسة وطالب الجامعة لا يدرك معنى النظافة وأن النظافة من الإيمان. ألم يتعلم ذلك في المدرسة وفي البيت. كل الكتابات هي رسوم أو تأييد لناد أو كتابة أسماء أشخاص والأماكن التي أتوا منها. أعتقد أن أقسام الاجتماع في الجامعات لديها مسؤولية عن دراسة هذه الممارسات السلوكية وبحث دوافعها ومسبباتها للوصول إلى مقترحات وحلول لمعالجتها. وعلى كل حال فإنه رغم تلك السلوكيات السلبية فإنني أعتقد أن المستقبل سيكون واعدا بإدراك أهمية البيئة، ولكن نحن بحاجة إلى تدعيم الوعي البيئي من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومن خلال مناهج التعليم في المدارس والتعليم العالي. ان مقررالتربية الوطنية الذي قرر في المدارس من المفترض أن يشتمل على جوانب بيئية تسهم في إثراء الوعي البيئي لدى التلاميذ ليصبح سلوكا في ممارساتهم الحياتية اليومية. كما أن للتربية الحسنة في المنزل دورا في تنمية الشعور بالمسؤولية في الحفاظ على بيئة سليمة على المستوى الفردي والأسري والمجتمع. إن ذلك كله يعزز من جهود جهات حكومية التي من المفترض أن تقوم بجهود كبيرة تجاه البيئة وحمايتها كوزارة الصحة ووزارة الصناعة ووزارة الزراعة ووزارة التخطيط وجهات حكومية أخرى.
*كلية الآداب جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved