أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd April,2001 العدد:10414الطبعةالاولـي الثلاثاء 9 ,محرم 1422

مقـالات

المعنى
بين يدي مؤتمر التعليم التاسع
الدكتور فارس محمد الغزي
ثمة علاقة تبادلية تأثر وتأثير بين الأخلاق بمفهومها القيمي المثالي الدارج والتكنولوجيا بكافة أبعادها الانسانية. ان التكنولوجيا قادرة على «تخريب!» الأخلاق قدرة الأخلاق على «تحوير» براءة التكنولوجيا وحرفها عن مسارها، والوقوف في وجه تطورها، والحيلولة دون استغلالها الاستغلال الأمثل. لن أوغل في تفاصيل متاهات هذه الفرضيات وسأكتفي بدلا من ذلك، بمناقشة جزئية مفادها ان التكنولوجيا والأخلاق يؤثران سلبا على بعضهما الآخر بطريقة تكاد ان تكون متكافئة، مما يقودنا الى القول بأن ما يشيع من اعتقادات خاطئة تجاه التأثيرات السلبية ذات التوجه الأحادي للتكنولوجيا على الأخلاق ليس لها من تعليل سوى ان التكنولوجيا «تكشف!» حقيقة الأخلاق على أرض الواقع: ان التكنولوجيا تمتحن قوة وثبات الأخلاق من حيث انها توفر لها «البيئة المناسبة .. المعمل المناسب .. الفرصة المواتية.. الحرية اللازمة .. المساحة الكافية.. الستار الواقي .. الأرض الخصبة».. لأن تبدو على حقيقتها وذلك حينما تضع التكنولوجيا الفرد أخلاقيا أمام الواقع مما يعني نجاح او رسوب هذا الفرد والمجتمع أخلاقيا. بعبارة اخرى، توفر التكنولوجيا «الفرص المناسبة» لتقييم الأخلاق عن طريق دفعها للأفراد الى مسرح المواجهة، فالانسجام مع الواقع او الصدام معه، الأمر الذي يؤكد ان التكنولوجيا وكما ذكرت آنفا توفر الفرصة لاختبار قوة او ضعف القيم الاجتماعية، ومدى مناسبتها وملاءمتها للواقع الزماني والمكاني. ان تعامل الفرد بالايجاب او السلب مع الوسائل التكنولوجية كالجوال او السيارة او الانترنت يزودنا ب «برنت!» من شأنه افادتنا عن جودة «مواصفات ومقاييس!» نتاج ما زرعه المجتمع اخلاقيا في ضمائر افراده. فاستغلال الجوال او الانترنت، مثلا، لازعاج ومعاكسة الآخرين دليل على فشل هذه الأخلاق، وهو فشل ما كان ليتجلى ويتضح لولا ما هيأته لنا التكنولوجيا من فرص «تطبيقية» على أرض الواقع. بل ان ما يسري على الجوال والانترنت، ينطبق كذلك على السيارة، من حيث ان التقيد بانظمة المرور او عدمه يقدم لنا الشهادة القاطعة والدليل الثابت على نجاح او فشل الوسائل المتبعة اجتماعيا لزراعة الوعي الاجتماعي اللازم لآداب الطريق واخلاقيات التعامل مع الآخرين . اننا إذن نظلم التكنولوجيا فنظلم أنفسنا وذلك حين نجعل من التكنولوجيا لوحدها مشجبا نعلق عليه فساد الأخلاق ونرمي على كاهله عبء انحرافها، في حين ان التكنولوجيا بريئة بريئة. إنها عملية انكار باعثها النفسي انعدام الخيار أمامنا وذلك لكوننا لو لم نلم التكنولوجيا فسنلوم انفسنا، مما يعني التشكيك بقدرة ما ندعيه من قيم على الصمود في وجه المغريات القادمة الى «قعر الدار» من أقاصي مشارق الأرض ومغاربها.
ختاما: في ظل الاستيراد النهم والاعتماد المطلق على تكنولوجيا غيرنا: أيهما أكثر أهمية هنا: صياغة القيم الأخلاقية لتناسب التكنولوجيا، أم صياغة التكنولوجيا لتناسب القيم الأخلاقية، خصوصا اذا علمنا ان عملية اسندبات التكنولوجيا محليا فتطويعها أخلاقيا تتطلب كشرط أساس صياغة القيم المحلية لتناسب ما تفرضه التكنولوجيا..
.. السؤال إذن: ماذا عملنا في سبيل صياغة القيم الأخلاقية المحلية الضرورية واللازمة لاستنبات التكنولوجيا المناسبة قيميا..؟!

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved