أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd April,2001 العدد:10414الطبعةالاولـي الثلاثاء 9 ,محرم 1422

الاقتصادية

شيءمن المنطق
متفرقات من رحلتي إلى الصين
د. مفرج بن سعد الحقباني*
لقد تشرفت بأن أكون ضمن وفد كلية الملك فهد الأمنية الرسمي الذي قام بزيارة لجمهورية الصين الشعبية في الفترة الأخيرة مما أتاح لي الفرصة للاطلاع عن قرب على واقع هذه الجمهورية العظيمة والاستماع الى وجهة نظر الصينيين حول التحول الكبير في نمط الحياة الاقتصادية وآثاره المستقبلية على بعض المتغيرات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل من أبرز ما لفت انتباهي خلال هذه الرحلة النقاط التالية:
1 التحول السريع في نمط الحياة الاقتصادية باتجاه اقتصاديات السوق حيث يلاحظ الزائر الى هذه الدولة ان القطاع الخاص بدأ يأخذ دورا رئيسا في تسيير الحياة الاقتصادية مما زاد من حدة المنافسة بين المستثمرين. وفي هذا الخصوص يمكن ملاحظة التواجد المكثف لرجال الأعمال الأجانب في ردهات الفنادق بجانب نظرائهم الصينيين بحثا عن فرص استثمارية ومجالات اقتصادية مناسبة. واذا أضفنا الى ذلك السعي الحثيث من قبل الحكومة الصينية الى الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، فإن من المتوقع ان تشهد المنظومة التنظيمية والنظامية في الصين تطورا ملحوظا بهدف تهيئة البيئة المناسبة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية. ولعل من أبرز الاجراءات التي تصب في هذا الاتجاه ما أوردته جريدة الصين اليومية China Daily حول سعي البنك المركزي في الصين الذي يسيطر في الوقت الحاضر بمفرده على النشاط البنكي الى تسهيل عملية مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في النشاط البنكي مما سيتيح الفرصة للبنوك الأجنبية لفتح فروع لها في الصين.. وبالتالي فإن من المفترض على القطاع الخاص السعودي ممثلا في مجلس الغرف التجارية والصناعية ان يبادر بتشكيل اللجان العلمية والفنية اللازمة لدراسة واقع الجمهورية الصينية ومتابعة التغيرات الجذرية التي تحدث بشكل متسارع حتى نستطيع الاستفادة من تحقيق السبق الى هذه السوق العالمية سواء في مجال الاستثمار أو مجال الاستيراد والتصدير خاصة وان عامل المعرفة الشاملة بالسوق الأجنبية يعتبر من أهم محددات المنافسة ومقارعة المستثمرين الأجانب. واذا أضفنا الى ذلك ان حجم السوق الصينية يعتبر الأكبر على مستوى العالم فإن المنطق الاقتصادي يقتضي التحرك السريع باتجاه هذه السوق حتى يتحقق لنا السبق المعرفي والسبق الاستثماري في الفرص الأكثر ملاءمة لواقعنا وواقع الدولة المستضيفة.
2 ان عملية التحول التدريجي نحو اقتصاديات السوق تحدث بشكل تدريجي ومدروس مما يضاعف من الثقة العامة بجدوى الاجراءات المتخذة ويساهم في نجاح هذه الاجراءات على أرض الواقع. فمن المعلوم لدى الجميع ان الحزب الشيوعي الحاكم هو الحزب السياسي الوحيد الذي يضطلع بمهمة ادارة شؤون البلاد وبالتالي فإن هذا الحزب يسعى كما أسر به بعض من تحدثنا اليه الى الابقاء على الجانب السياسي في قبضة الحزب مع التدرج في التحول باتجاه السوق كآلية لضبط حركة النشاط الاقتصادي. وهذا الاجراء في اعتقادي سيكون من أهم العوامل التي ستساهم في تحقيق الاستقرار السياسي الذي هو شرط ضروري لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية.
3 ان جمهورية الصين الشعبية من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن مما يضاعف من مكانتها السياسية ويمنحها النفوذ السياسي العالمي الذي يخدم مصالحها الاقتصادية في الداخل والخارج. وبالتالي فإن التوجه الى هذه السوق العالمية سيحقق بالاضافة الى المكاسب الاقتصادية المتوقعة مكاسب سياسية ذات أهمية بالغة في صياغة وصناعة القرار السياسي العالمي، واذا كان من المعلوم لدى الجميع ان معظم التحركات السياسية في الوقت الحاضر تسعى في معظمها الى خدمة المصالح الاقتصادية، فإن من الضروري في الوقت الحاضر السعي نحو زيادة الترابط الاقتصادي مع هذه الدولة الهامة على الساحة العالمية بغية زيادة أهميتنا في ميزان المصالح الصينية حتى يكون من مصلحتها الاقتصادية المحافظة على حماية مصالحنا السياسية. وقد يكون من المفيد هنا الاشارة الى التواجد اليهودي المكثف في الصين من خلال بعثات سياحية وعملية مقننة تهدف الى تحقيق التواصل المبكر مع سوق وحكومة الصين كمحاولة لتحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية وكوسيلة لتحقيق السبق الى هذا العالم الذي لا يزال بكرا مقارنة ببقية دول العالم. فهل يكون لنا أيضا استراتيجية مقننة تهدف الى الاسراع في ضبط حركة التوجه الى هذا الجزء الهام من العالم؟ أتمنى ذلك.
إشارة: من أهم النقاط التي أود الاشارة اليها هنا ما وجدناه من حسن استقبال ورعاية من قبل منسوبي سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الصين وعلى رأسهم سعادة السفير الدكتور محمد بن عبدالرحمن البشر الذين بذلوا كل ما في وسعهم لتسهيل مهمتنا وتذليل كافة الصعاب فلهم منا جزيل الشكر والعرفان وكثر الله من أمثالهم. كما أن من أهم النقاط التي يجب علينا ابرازها هنا ما وجدناه من تعامل رائع من قبل المسؤولين الباكستانيين أثناء مرورنا بمطار كراتشي في طريقنا الى الصين حيث كانوا بمجرد رؤيتهم لهذا الجواز السعودي الأخضر يطلقون عبارات الترحيب ويسمحون بتجاوز محطات العبور بكل سهولة ويسر. ومرد ذلك بالطبع السياسة الحكيمة التي تنتهجها حكومة هذا البلد الأبي يحفظها الله والانطباع الجيد الذي تركه المواطن السعودي من خلال حبه للسلم ورفضه لكافة أشكال المخالفات الدولية.
*أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved