أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 3rd April,2001 العدد:10414الطبعةالاولـي الثلاثاء 9 ,محرم 1422

محليــات

لما هو آت
يا فاطمة..!
د. خيرية إبراهيم السقاف
«لمن تزرعين السنابل؟»..
لمن؟!
وتلك الأفواه الموصدة، على الألسنة العطشى، في رأسٍ خلا فية الذهن من أخيلة الروضات بكلِّ زهورها، وعصافيرها، وبحيراتها، وأوديتها، ونسائمها، ومشاعر الحب فيها قد انضوت على الصمت، وأسدلت العيون جفونها.. وأطبقت على حصى!!
لمن؟!
وتلك القلوب المقفلة، على حجراتٍ خوت بها..، في جسدٍ أثقلته خطوات المضي بأقدام كلَّت من السير، وأصابع أجهدتها الإشارات في دروب النور..، فعادت أدراجها الى قوقعة الصمت والوحدة..
لمن؟!
وكيف يا فاطمة تسألين، وأنت واحدة ممن يريد أن يحمل الفأس كي يدفن بتربة الأمل هوَّة اليأس؟!..
حين أمسكت بالقلم كي أسجل حروف هذا اليوم.. كانت رسالتك تنتصب كعمود الشمع أمامي.. تضيء ببريق أخاذ.. حسبت أنه الذي منحني رؤية موقع سنة القلم فوق الصفحة.. تذكرت صوتكِ البهي يهاتفني في غير ملل.. عما إن كنت أنجزت لك الإجابة أو لم أفعل!.. والأسئلة التي تشاكس المخبوء تأخذني إلى محطات بعيدة تنأى بي عن الإحساس بموقع الجلوس، أو الوقوف، أو حتى رؤية الذي يحيط..
منحتني يا فاطمة أجنحة وليس جناحين على وثارة عسجد أسئلتك حتى خلتني ملائكية الطَّواف فوق أودية الآمال، في آماد لا نهاية لها إلا أن أكون إلى سنابلكِ..، وإلى فسائلكِ..
لمن نزرع الفسائل؟! والسنابل؟
إن لم تكن لكن.. لكِ، ولها، وله، ولكم جميعكم؟!
أتحسبين أن حياةً يمكن أن ترتدي بهاءها دون أن يظلِّل الدروبَ فيها نماءُ السنابل، وغراس الفسائل؟!!..
وأنتِ كيف يغيب عندكِ الفرح وأنتِ النَّاهضة عند بوابات الاستشراف؟
تغصِّين كما يفعل العابرون بالحياة في مراكبها، ومركباتها، وقطاراتها، وأبسطة الريح فيها... وهناك، حيث تحطُّ المراسي، عند حوافِّ أنهار الأمل..، هناك تغتسل أطراف العوابر كلها..، وتنفضُّ عنها كافَّةُ المنغِّصات، فتسلك في حناجرها منافذ الماء والصوت..
فعبِّي من الماء والكلام..
واستوي واقفةً عند بذور الغراس..
واحملي في زوَّادتكِ منها ما تشائين..
ثم امشي، وأنتِ تنثرين بذور السنابل، والغراس..
لمن نزرع؟
وكيف نزرع؟..
وكيف نلد السؤال..؟ والفضاءُ يحمل، وينوء، بكلِّ صدىً لمن بكى، ولمن تألَّم، ولمن حزن، ولمن جرح، ولمن مات له، أو فيه شيء..
لمن نزرع، وقد خلت مواقع للإنسان، مما يحتاج لأن يملؤه بكلِّ ما يعيد إليه غذاءه، ورواءه، وفرحه، واطمئنانه،
الغذاء، والماء..
الفسائل، والسنابل..
الألم، والفرح،
الليل، والنهار..
الخطوة، والتربة،
الخطوة، والمدى،
الصوت، والصدى،
الكلام، والفعل..
وبعدكِ تسألين: لمن تزرعين السَّنابل؟
أمَّا وقد مددتِ يدك تحمل البذور
فليمض القلم فارساً في آماد لا نهاية لدروبها..، لا موت لجيادها، لا أبدية لاخضرار سنابلها...، لا جفاف لأوردة نمائها..
و...
يا فاطمة...
اصنعي السؤال..
كي تفتحي الأبواب.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved