أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 4th April,2001 العدد:10415الطبعةالاولـي الاربعاء 10 ,محرم 1422

العالم اليوم

الأوروبيون منقسمون حول مستقبل الاتحاد
* بروكسل رويترز:
تنتشر رافعات البناء العملاقة في سماء بروكسل وتغطي السقالات واجهات الكثير من مباني المدينة كدليل مرئي على ازدهار للإنشاءات في المدينة التي تطلق على نفسها وصف (عاصمة أوروبا).
لكن حشود البيروقراطيين وجماعات ورجال الأعمال والصحفيين المقيميين في بروكسل يشخصون بأبصارهم إلى مشروع بناء آخر مختلف وأكثر طموحاً هو الاتحاد الأووربي نفسه.وكثيراً ما جرى تشبيه الاتحاد الأوروبي بموقع بناء على مدى تاريخه الممتد خمسين عاماً لكن نادراً ما بدا التشبيه أكثر ملاءمة منه الآن والاتحاد يستعد للتوسع شرقاً ويسعى جاهداً لتحديد شكله في المستقبل.
والمشكلة هي أن المهندسين الذين وضعوا التصميمات ماتوا منذ فترة طويلة ويختلف العمال فيما بينهم وقرر ملاحظو البناء أن الوقت قد حان للبدء في استشارة الناس الذين سيعيشون في المبنى الجديد.
وفي هذا الشهر اطلق قادة الاتحاد الأوروبي نقاشاً حول الشكل المعماري للاتحاد في المستقبل. كما أعلنوا كذلك عنوان موقع جديد على الانترنت دعوا من خلاله الأوروبيين للمساهمة بأفكارهم وتصوراتهم حول هذا الموضوع.
ويأمل القادة في جذب البرلمانات الوطنية والجامعات والنقابات والمنظمات غير الحكومية إلى النقاش المقرر أن يصل إلى ذروته في مؤتمر حكومي لتغيير المعاهدة يعقد في عام 2004 وهو العام الذي ربما يشهد أيضاً انضمام أول دول شيوعية سابقة إلى حظيرة الاتحاد الأوروبي.
وقال رومانو رئيس المفوضية الأوروبية (الأمر لا يقتصر على الشكل.. الأمر يتعلق بقضايا حقيقية) ملمحاً إلى استهزاء معارضي الاتحاد القدامى الذين يرون أن الاتحاد مشغول جداً بوضع القوانين لأمور تافهة.
وقال برودي: لابد من مواجهة القضايا الأساسية لأوروبا ومواجهتها الآن (داعياً إلى نقاش) بلا قيود.
ويريد برودي بدعم من ألمانيا وإيطاليا وكثير من الدول الأصغر تقوية المؤسسات فوق القومية مثل اللجنة التنفيذية والبرلمان الأوروبي.
ودعا المستشار الألماني جير هارد شرودر إلى (قانون أساسي) أو دستور لأوروبا يحدد بوضوح سلطات المؤسسات الأوروبية والحكومات الوطنية والمحلية.
وربما كان الأكثر إثارة للدهشة هو رد الوزراء الفرنسيين الحريصين على استعادة المبادرة السياسية بعد استضافة قمة أوروبية سادها الجدال في نيس في ديسمبر الماضي وهي قمة نظر إليها على نطاق واسع على أنها كارثة على مستوى العلاقات العامة بالنسبة لباريس.
ودعا بيير موسكوفيشي وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي في زيارة لألمانيا إلى تعيين رئيس المفوضية الأوروبية بالانتخاب واصلاح البرلمان الأوروبي بإنشاء مجلس ثان قد يتألف من أعضاء منتخبين أو معينين على المستوى الوطني من دول الاتحاد.
ورغم أن توني بلير رئيس وزراء بريطانيا طرح فكرة إنشاء مجلس ثان كوسيلة لسد الفجوة بين بروكسل والدول الأعضاء فلن يجد الاتحاد العام لتصريحات موسكوفيشي تعاطفاً يذكر في بريطانيا المتشككة في الاتحاد الأوروبي.
كما تتباين تصريحات موسكوفيشي الاشتراكي مع ما هو معروف عن الرئيس الدويجولي جاك شيراك من تفضيل للتوجيهات الأقل طموحاً في رسم صورة الاتحاد الأوروبي بحيث يقوم بثبات على أساس الدول القومية.
ويرى لاري سيد نتوب وهو أكاديمي مقيم في أوكسفورد ومؤلف كتاب (الديمقراطية في أوروبا) الأكثر مبيعاً ان الاتحاد الأوروبي يقف (على بداية الطريق نحو كيان اتحادي).
وقارن في ندوة في بروكسل النقاش الحالي حول شكل أووربا في المستقبل بالنقاش الذي سبق إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية قبل مائتي عام.
وقال إنه يمكن لأوروبا رغم الفروق الواضحة استخلاص الدروس من التجربة الأمريكية التي انتهت إلى دستور يحدد بوضوح سلطات المركز الاتحادي في واشنطن والولايات التي تشكل الدولة الاتحادية.
وتابع (لا شك في أنه سيكون صعباً للغاية على أوروبا أن تنتقل إلى دولة اتحادية).
وسيقول كثيرون ليس في بريطانيا فقط، وانما في الدول الاسكندنافية المعارضة أيضاً للوحدة الأوروبية أن ذلك ليس صعباً وحسب وانما غير مرغوب فيه أيضاً.
وقال الهولندي فريتس بولكشتاين مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي بعد أن استمع إلى سيدنتوب (لا يمكن توقع أن ندمج هوياتنا الوطنية التي يمتد بعضها إلى العصور الوسطى في دولة اتحادية).
وكان أكثر صراحة من ذلك في كلمة أخرى ألقاها في يناير الماضي حين قال (سيكون خطراً أن نعمل في اتجاه أووربا اتحادية لأن هناك فرصة كبيرة للفشل وأوروبا قد تنتهي عندئذ إلى طريق التفكك كنوع من رد الفعل).
وقال بولكشتاين إن الدول التي تواجه (مشكلة قومية) مثل بلجيكا التي تعاني من انقسام بين المتحدثين بالفرنسية والمتحدثين بالفلمنكية وألمانيا أسيرة ماضيها النازي هي فقط التي تؤيد حلاً اتحادياً.
ويقول المدافعون عن الدولة القومية إن الاتحاد الأوروبي الذي يمكن أن يرتفع عدد أعضائه من 15 عضواً حالياً إلى أكثر من 30 عضواً في السنوات العشر أو العشرين القادمة شديد التباين إلى حد لا يسمح بقبول دولة اتحادية.
و(الاتحادية) عقيدة تراجعت بشكل عام في أوروبا في السنوات الأخيرة وأشاد المعلقون بقمة نيس في ديسمبر الماضي باعتبارها تأكيداً للدولة القومية لأنها حافظت على قدرة حكومات الدول الأعضاء على الاعتراض على القرارات في مجالات رئيسية مثل الضرائب.
ويرى جي فير هوفشتات رئيس وزراء بلجيكا الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في يوليو القادم أن النظام الاتحادي يوفر الوسيلة الأكثر عدلاً وشفافية لإدارة الاختلافات السياسية والدينية والثقافية في أوروبا.
ويلاحظ فير هوفشتات أن كثيراً من المجتمعات الأكثر ديمقراطية في العالم من سويسرا إلى كندا تحكمها نظم اتحادية. وبالنسبة له فإن النظام الاتحادي يعني عدم تركيز السلطة في بروكسل وأنما على النقيض من ذلك نقلها إلى الدول القومية والأقاليم.
غير أن أشد المدافعين عن النظم الاتحادية عليهم أن يسلموا بأن هناك فرصة ضئيلة في أن تصبح أوروبا دولة اتحادية في أي وقت قريب. فالدولة القومية تظل بؤرة اهتمام رئيسية للولاء الشعبي.وكتب مارك ليونارد مدير معهد السياسة الخارجية ومقره لندن في مقال (أن اتحاداً أوروبياً يسعى لمنافسة هوياتنا الوطنية سيفشل).
وتابع (الاتحاد الأوروبي ليس دولة جنينية رغم حقيقة أنه كثيراً ما يحاول أن يبدو كذلك. ومؤسساته لا تملك لا السلطات الموسعة لفرض سلطانها ولا البيروقراطيات التراتبية ولا ميزانيات الرفاهة الضخمة التي تملكها الدول.
وأضاف (ويعلم في المفوضية الأوروبية 17 ألف موظف فقط بعد اضافة المترجمين وهو أقل من عدد الموظفين الذين يستخدمهم مجلس مدينة برمنجهام) وهي مدينة صغيرة في وسط انجلترا.
وعموماً يبدو من المرجح أن واقع الاتحاد الأوروبي سيسوده التشوش على نحو فريد لفترة طويلة قادمة ومن المؤكد أنه لن يصبح (الولايات المتحدة الأوروبية) التي تصورها جان مونيه مؤسس الاتحاد الأوروبي لكنه سيكون أكثر من مجرد تجمع فضفاض من الدول القومية المستقلة.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved