أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 7th April,2001 العدد:10418الطبعةالاولـي السبت 13 ,محرم 1422

عزيزتـي الجزيرة

خصصوا لها مبنى مستقلاً
هؤلاء ليس باستطاعتهم تحضير المناهج
قال لي زميل من الزملاء انني اخترت من قبل «مدير المدرسة» لأكون ضمن لجنة «المناهج» فنظرت اليه وقلبت فيه وبحثت في «أرشيفه» العملي فلم أجد سوى الانتظام في العمل والحضور مبكرا وهذه ميزة وخصلة حسنة يطمح اليها كل إنسان ويستأنس بها كل «مدير» ولكن أين القدرات الأخرى أين الاتساع الفكري والرقي الثقافي والعقلي..؟ أين الرؤية الواضحة والخبرة «المتراكمة»« والنظرة البعيدة الواسعة؟.. وهل زميلي هذا وصل الى المستوى الذي يؤهله إلى ان يختار منهجاً أو يرسم خطة أو أن يوجه مسيرة أو كذلك يخطط لمرحلة.. هذه مشكلة كبيرة ما برحت تئن تحت وطأتها المناهج في «وزارتنا» وهي ضعف لجنة المناهج لأن أعضاءها هم نتاج مناهج ضعيفة أصلا، فالمعلم والمشرف كلاهما ينقل عبر صفحات الكتاب المدرسي صاحب المادة السهلة البسيطة.
فالضعف «المنهجي» ولد «لجنة» ضعيفة الرؤية بسيطة التفكير والضعف «اللجاني» إن صح التعبير جعل تعليمنا يتخبط في«المناهج» فكل يوم فكرة وكل يوم طرح أو حذف موضوع.وأحيانا أخرى تنظر الى المنهج نظرة التقليل والحذف والتبسيط فكتب الشريعة الإسلامية والعلوم الاجتماعية والعربية سئمت وملت من كثرة التغيير والتقليب والحذف والتبسيط فأصبح الطالب لا يلاقي فيها أي صعوبة ولا يحتاج في فهمها الى توقف أو تفكير فقط ما إن يقرأها حتى يستفيها ويهضمها لأن «وزارتنا» الحبيبة لا تريد ان تتعب الطالب بكثرة المواضيع وكثافتها ولاتريد ان تزعجه بالتوقف حول الموضوع والتفكير فهي في الحقيقة رفهت الطالب واحترمته وقدرته أعطته شهادة «تفوق» ونشاط وتقدم ولكنها لم تعطه الثقافة لم ترتق بفكره وعقله وهذا في الكتب الإسلامية والاجتماعية والعربية أما في المناهج «العلمية» فهي حقيقة اهتمت بهذا الجانب وحرصت عليه فحاولت أكثر من مرة التطوير والتجديد والارتقاء ولكنها ما فتئت حتى الآن تعيش حالة الاضطراب والتذبذب في الكتب المدرسية العلمية لأنها أدخلت الطالب وأقحمته وجعلته «يتخبط» في مصطلحات وعلوم جعلته يتمزق بين طرقها المتشعبة أمسكت بيد الطالب وهو لا يعرف شيئا عنه وحشرته في زحمة النتف المبتورة والمقطوعة من ثقافته أعطته جرعة من الفيزياء وجرعة من الكيمياء ثم رمت به في عوالم الأحياء والجلوجيا فلم تحاول أن تمهد له الطريق وتوضح معالمه وتجعله ينطلق الى الآخر الانطلاق ويتجه الاتجاه السليم بحيث تصنع له الكتاب وتضع له المنهج العلمي العميق الذي ينير ويضيء طريق الطالب تجاه العلوم الغربية أي تدخله الى ثقافة الآخر من أبوابها لا من نوافذها ومن على أسوارها وحيطانها.. وأخيرا فإن المعلم والمشرف لا يفيدان لجنة المناهج بشيء إلا إذا كانا صاحبي ثقافة كبيرة ورؤية ثاقبة وعقلية متميزة وخبرة وسنين طويلة أفنياها بالبحث والتفكير لا بالحضور «مبكرا» والتدريس لأن «التدريس» يضع راتبا ولكنه لا يصقل فكراً ولا يغذي عقلاً وذلك كما أسبقت لضعف المادة العلمية التي يتعامل معها المعلم في المدرسة ولا يتصور المتلقي أنني من خلال هذه الأسطر أقصد الاساءة للمعلم لا .. فهناك المعلمون الذين ينشرون الثقافة الراقية المتفتحة والفكر المتسع ويستنير الطلاب بنتاجهم وإبداعهم وابتكارهم لأنهم لم يتقيدوا بالكتاب المدرسي ويقصروا ثقافتهم عليه.
ولكنني أقصد في ذلك المعلم الذي ثقافته تنطلق من «الكتاب» المدرسي فهي محصورة ومقصورة عليه ولا تؤهله لأن يخطط لمنهج وكذلك أصحاب الألقاب والشهادات الذين قيدهم التخصص وعزلهم عن الانفتاحات الثقافية الأخرى فلم يتعمقوا في تخصصهم ويحاولوا الإنتاج والابداع.فهم لا مادة تخصص ولا فكر وثقافة فقط «شهادة» هؤلاء ليس باستطاعتهم تجهيز وتكوين منهج وليس عندهم القدرة على نقد المنهج واكتشاف الضعف والخلل فيه.. المنهج كلمة سهلة في نطقها وسطحها ولكنها عميقة في مضمونها خطيرة في تأثيرها .. تقود نشءاً وتؤسس وتكون ثقافة مجتمع «فلذة» كباد الأمة تتغذى عليها فلا بد من الاهتمام بها والحرص عليها واستقطاب العلماء والمفكرين والمثقفين أصحاب الإنتاج والابداع لتخطيط المنهج ورسم المسيرة التعليمية لأنهم هم الذين بفكرهم الواسع وعقليتهم النامية يستطيعون ان يشخصوا المرض ويحددوا الخلل ويزيلوا الغموض ويوجهوا «المرحلة»..
وأنا أقف على المحطات الأخيرة من مقالي أتمنى من وزارة المعارف ان تنشئ مبنى لا «قسما» خاصا «بالمناهج» ومتابعتها ومناقشتها ومحاورتها واستقطاب المبدعين والمفكرين والمثقفين لرسم الخطة ووضع المنهج فمثلا الكتب الإسلامية المشايخ والعلماء المجودون هم الذين يؤسسون لطريقها وكتب اللغة العربية والاجتماعية والأدباء والمفكرون الإسلاميون والعلماء الاجتماعيون هم الذين يؤسسون لها وينظمون ويرتبون منهجها.. أما إذا بقيت الأمور على نفس الطريقة وعلى هذه الحال فلنستقبل كل نهاية «مرحلة» طالبا يحمل «شهادة» لا علما وثقافة وكتابا ومنهجا لا يستقر يتبدل ويتغير.
خالد عبدالعزيز الحمادا

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved