أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 8th April,2001 العدد:10419الطبعةالاولـي الأحد 14 ,محرم 1422

محليــات

لما هو آت
النقيضان عن الحياة
د. خيرية إبراهيم السقاف
لو قلَّبنا صفحات الكتب، وعبَّرنا بكلِّ قولٍ أُرسل خلال تاريخ البشرية منذ عصر التدوين، ووصولاً إلى زمننا، وتذكَّرنا ما ألقي شفاهة قبل عصر التدوين، مروراً بكلِّ لحظات حياة الإنسان وما يصف به الحياة، وحاولنا أن نرصد تلك الأقوال المطلقة والمسجلة تدويناً عن مفهوم الحياة عند الإنسان، لوجدنا ما يكفينا لأن ندوِّن أسفاراً وأسفاراً، ذلك لأنَّ الحياة لكلِّ إنسان هي صورة لواقعه الذي يعيشه، إن فرح فهي السعادة، وإن فلح فهي النجاح، وإن ترح فهي دار الشقاء... وإن خسر فهي دار الفناء...
لكنَّه الآن وفي عصر «المادة» بطغيانها المعنوي، والاستهلاكي، وفي صورها وأشكالها الضاغطة على منافذ معاشة... فإن الحياة هي واقع الأخذ والعطاء، البيع والشراء، الكسب الدائم، والتلوين المستمر، والتغيير المفاجئ... في كامل صور واقع الإنسان... لذا فإنه يمكننا القول إن الحياة الراهنة هي مجرد ما يشيع من أفكار، ويطبَّق منها على أرض الواقع وفي تفاعل الإنسان معه أي مع هذا الواقع ، ومن ثمَّ ما ينجم عن عملية هذا التطبيق من نتاج، بل من نتائج أيضاً سلباً تحقق ذلك أم إيجاباً، وتتفق أحياناً الأفكار التي تلوب في أذهان البشر مع ما يطبَّق إلى حدِّ الرضاء الذي يؤدي بالإنسان إلى السعادة الغامرة فيعزف ألحان النغم بسروره والتَّناغم معه.
فيما أحياناً أخرى تتناقض به الأفكار وعنده مع نتائجها، فتختلط معالم النَّغم والتَّناغم إلى حدِّ السَّخط والتَّناقض... فيكون على النقيض...
ولو أن الإنسان تمثَّل بمتناقَض واحد من ضمن متناقضات الحياة التي يعيشها راهناً ضمن تناقضات ما يمارسه في واقع حياته، وسعى إلى تفكيك هذا المتناقَض أسوةً باللغويين الذين يفكِّكون اللُّغة، ويشرِّحون دلالاتها المنبثقة عما تؤديه من معان وما تصل إليه من نتاجِ الفعل في نصِّ القول...، ووصل هذا «المتناقَض» إلى تحليل لمركَّباته الثقافية، لوجد هذا الإنسان أنَّه أمام تناقض آخر.. ذلك لأنَّه لا يفتأ أن يجد أنَّه يخرج من تناقض إلى آخر...
الإنسان في حدِّ ذاته لا يتفق في كثير مع نفسه، فكيف يتمَّ عنده اتفاقٌ مطلق في الآراء مع غيره؟!
ولعل الانبثاق عن مثل سائد عند العرب يقول: «لولا اختلاف الآراء لبارت السلع» يوصل الإنسان إلى موقف من مواقفه في هذه الحياة، وإن هو ذهب ليطبِّق هذا المثل على واقعه فهل حقاً أدى اختلاف الآراء العربية على وجه التخصيص فوق أرض الحياة الماثلة إلى حماية السلع العربية من البوار مثلاً؟!، بل هل قاد هذا الاختلاف العرب إلى انتعاش تجارتهم؟ في ضوء هذه «الاتفاقيات» العالمية في محيط الواقع البشري؟
وإذا كان الأمر بانتعاشها فما هو حجم الرِّبح الذي يصل إلى مخابىء هؤلاء البشر في منظومة واقع حياة البشر؟!... كناتج لاختلاف آرائهم؟! وهل أسهم اختلاف آرائهم في تكوين سوق عربية اقتصادية مشتركة على غرار السوق الأوروبية المشتركة على حدِّ التمثيل؟! وهل اختلاف الآراء كسبٌ هنا أم خسارةٌ؟ فقرٌ أم ثراءٌ؟
وإلاَّ لماذا نجح الأوروبيون ورسب العرب؟!!.. ولأنَّ النتيجة هي الرسوب في «أجندة» الوقت فهل السبب يكمن في أنَّ ثمَّة فروقات جوهرية تقبع في «تلافيف» آرائهم المختلفة في نوعية وكمية آراء هؤلاء عن أولئك؟!
وبصرف النظر عما إذا كانت آراء العرب صائبة أم خائبة في المجال الاقتصادي «محور التمثيل» فإنَّ مثلهم «المذكور آنفا» سوف يذهب أدراج رياح العولمة الصارخة بملء فيها ومخابئها، قادمة قائلة: «لولا ذكاء الشعوب لبارت السلع»، ولسوف يروي تاريخ البشر ضمن أسفار ما يروي أنَّ قوماً اختلفت بهم الآراء قد وقعوا ضحيةً لاحتكاك الزمان بالمكان فاختلفت آراؤهم، وتكسَّرت رماحهم، وذهبت بهم ريحهم، فأخذتهم معاول العولمة على حين غرة فأصبحوا على جانب من النقيضين ضمن معطيات واقع الحياة التي مارسوها فكانوا إلى السالب من جانبي النغم، فذهبوا مع الريح يولولون والحياة لهم دار خسارة...
فكيف سوف تكون عباراتهم في سجل التدوين عن الحياة؟!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved