أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 8th April,2001 العدد:10419الطبعةالاولـي الأحد 14 ,محرم 1422

الاخيــرة

وتاليتها
أ.د. هند ماجد الخثيلة
قد لا نكون في حاجة إلى إحصاءات دقيقة وسجلات توثيقية، وعينات واقعية للحكم على المستوى في العلم والتفاني لأي مجتمع، ولكن قد نحتاج لذلك ان كنا في سبيل تقديم دراسة مفصلة، ومعلومات حصرية الدلالة، اما في غير ذلك فيكفينا احياناً موقف واحد مشترك، أو لفظة جارية على الألسن لنعرف منها مدى صدق المجتمع في التعبير عن حضارته وإمكاناته العلمية.
لن تجد في دول العالم المتقدم مثلاً التعميمات المباشرة، والألفاظ الكلية التي تطلق جزافاً في أي موقف تقديري.
استمع في دول العالم الثالث إلى أي ممن تشاء حين تسأله عن أمر ما فيقول: «كل الناس كذا»، «كل الناس أخذت منه»، حتى عند تبرير موقف فاشل تسمع الطفل الصغير يقول: «كل الفصول أخذوا علامة واطية».. وقس على ذلك آلاف المواقف التي لا نملك فيها إلا التعميم.
الذي لا شك فيه ان هذا التعميم لا يتعدى كونه قصورا معرفياً، وهروباً من المقدرة على التحديد والاجابة الشافية.
في الدول المتقدمة إذا ما أراد أحد ان يجيبك على استفسار ما، فإنه يحتاج إلى زمن أطول مما نحتاجه نحن في الاجابة على ذلك الاستفسار، ليس لأننا أذكى وبذلك نكون أسرع، ولكن لأنه يأخذ الوقت اللازم لاستدرار ذاكرته كي يعطيك اجابة صادقة او قريبة من الصحة.
الذي حدا بي إلى هذه المقدمة المطولة، هو ذلك الموقف الطويل في تأثيره على النفس، عندما كنت استمع إلى محدثتي التي «فرت الرياض على قدميها ، وبقية مدن المملكة الكبرى من جوالها » ليس حباً في التجوال، ولكن بحثاً عن «الثايروكسين من عيار «125»!!.
لقد وجدت صاحبتنا كل العبارات التي تقبل القسمة على خمسة ابتداء من «50» وانتهاء ب«200»، ما عدا هذه ال«125»!!.
جاءت مستنجدة بي، ولأننا نحن العرب المسلمين معروفون بإغاثة الملهوف، أسرعت إلى الاتصال بكل معارفي الطبية والصيدلية، ولكنني عدت كما عادت.. بلا هذا ال«125»!!. فاستنجدت بطبيب مختص، الذي افاد انه لا يوجد مثل هذا العيار في عالم الثايروكسين محلياً، وتعجب قائلاً: «ورا ها العذاب؟ إما ان تأخذ ال«150» أو تكسر ال«50» نصين».
دفعني الفضول إلى معرفة عمل هذا الثايروكسين، فأخذت من رف مكتبتي كتاباً طبياً، وصعقت عندما عرفت ان هذا الدواء يتعلق بتنظيم أداء الغدة الدرقية الدقيق، تلك الغدة المسؤولة عن تنظيم عمل الجهاز العصبي إلى القلب والأوعية الدموية والميتابلوزم جهاز الاحراق ويلزم وجوده في الجسم بنسبة دقيقة تحددها طبيعة الجسم نفسه، وأي زيادة أو نقصان فيه تؤدي إلى اختلال في وظائف المخ والأعضاء الأخرى، بل قد تؤدي إلى الجنون أو فقدان الوزن أو السمنة غير الصحية.. وكثيراً إلى الوفاة!.
عدت إلى الاتصال بالطبيب مستهجنة مقولته «تكسر الخمسين نصين» فقال «كل الناس يأخذون كذا» بينما يتوفر هذا الثايروكسين اللعين من عيار «ميه وخمسه وعشرين» في أية صيدلية مهما صغرت أو نأت جغرافياً في عالم لا يؤمن «بكسر الخمسين نصين».. وتاليتها!!!.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved