أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 11th April,2001 العدد:10422الطبعةالاولـي الاربعاء 17 ,محرم 1422

مقـالات

مداد العقل
عقدة الخواجة أو إنكار الذات
أ.د. سليمان الرحيلي
يبدو ان طرفي عنوان المقالة بمعنى واحد فمن ينبهر بالآخرين ويتأثر بهم الى درجة كبيرة هو منكر لذاته وامكاناته واستقلاليتها وما تملكه من قدرات، وقد تبادل الشرق الاسلامي والغرب المسيحي حضارياً التأثر والانبهار بالآخر حتى انعكس ذلك على مجتمعاتهما وسلوك افرادهما مهنياً وادارياً. فمنذ وقت مبكر حذر الرسول عليه السلام من اتباع طرق معايش القوم وعاداتهم والانبهار الى درجة حذو القذة بالقذة ولكننا لم نفقه وظللنا مفتونين، فهذا يتزيا بزيهم وآخر يأخذ بعاداتهم وثالث يمطر محدثيه بمئات المفردات العامة من لغتهم حتى لو كان متلقيه او مرضاه من العامة، ويبقى هذا الانبهار عيبا يتعلق بالفرد نفسه وعدم ثقته بنفسه حتى يطعم او يدعم موقفه بهذا المظهر والمسلك المشين. لكن الادهى من ذلك كله ان يكمن هذا الانبهار والشعور بفقر الذات في الوعي الداخلي والعقل الباطني للفرد فيعكسه مهنياً وادارياً في وظيفته وحياته اليومية، ومنه ينطلق في تقدير وتقرير الاعمال والافراد فتراه يقرب ويرفع ويمكن ويكافئ بحسب القرب والبعد من مظاهر ذلك الانبهار وكل من يمت له بصلة سواء كانت ثقافة او جهة او بلداً او حتى لوناً، والظاهرة قديمة وان كانت محدودة لحسن الحظ.. يقول الجاحظ: كانت شهرة الاطباء النصارى وقتذاك كبيرة حتى ان اسد بن جاني وهو طبيب عربي كسدت مهنته وقل مراجعوه في احدى سنوات الوباء، فسأله احدهم لماذا وضعك هكذا وانت عالم في ميدانك معرفة وخدمة طويلة فيه؟ فأجابه الطبيب المجرب: اما السبب الاول فإنني عند الناس في زماننا مسلم وقد اعتقدوا قبل ان اتطبب لا بل قبل ان أُخلق ان المسلمين لايفلحون في الطب. اما الامر الثاني فان اسمي اسد وكان ينبغي ان يكون اسمي صليباً او مارسيل او حنا او جورج..
واخيراً فإن لفظي عربي وكان ينبغي ان تكون لغتي اليونانية او السريانية وقس على هذا الإنجليزية او الفرنسية، فما اشبه الليلة بالبارحة وليت شعري ماذا يقول طبيبنا القديم اسد لو ادرك زماننا وحال الطب والفرق بين حال العرب والعجم وضعف تعريبه وشاهد غربته وغربيته وكيف نهوضنا وتعاملنا وحتى رواتبنا، الاطباء في نفس التخصص ولكن احدهم من الشرق والآخر من الغرب بل ان الامر يصل الى التفريق بين وضع طبيب من بلاد العرب اوطاني بين حالته بهويته العربية وحالته عندما يحمل هوية من هناك وقس على هذا الممرضين و الممرضات والفنيين في هذا المجال فأين مفاهيم الترشيد والتوفير بل وتوطين الطب حديثاً.
وأخيراً قاتل الله الاكاديمية وتوازناتها فقد تذكرت الآن كيف ان الاوروبيين كانوا في عصورهم الوسطى مبهورين بحضاراتنا الزاهرة وقتذاك ومفتونين بمظاهرها وعلومها ولغتها وفنونها، فهذا البابا سلفستر الثاني بابا روما كان يجيد العربية وهذا الملك روجر الثاني كان يقرب الشعراء العرب في بلاطه ويزين ثوبه الملكي بحروف ونقوش عربية واكثر من ذلك كله هذا القس الفارو له رسالة مشهورة في نعيه على ابناء جيله وملته شدة تعلقهم بالآداب العربية واجادتهم لغتها في الوقت الذي جهلوا فيه لغتهم اللاتينية ونسوا آدابها، انه عين الانبهار بنا عندما كنا وعين الانبهار بهم عندما كانوا، فليت شعري اين يكمن جين الانبهار، في حياة الامم حتى يمكن ايقافه، أو ترى هي ضريبة القوة والضعف الحضاري يتبدل وفقها الانبهار والتبعية بين الأمم والمجتمعات؟

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved