أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 12th April,2001 العدد:10423الطبعةالاولـي الخميس 18 ,محرم 1422

الثقافية

قراءة في تاريخ المسرح السعودي
ورقة عمل في ندوة المسرح السعودي المقامة ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية السادس عشر
(الجزء الثاني )
محمد العثيم
استكمالا للحديث التحليلي الماضي القي بعض الضوء على تاريخ المسرح السعودي اشير في ورقة اليوم الى بعض الامور التي تقرأ بين سطور تاريخ المسرح السعودي في سياق التسلسل لفهوم حالة خاصة من تأطير الثقافة من الواقع في الاطر الشكلية المستوردة.
التفاهم الخامس:
ان مجرد الحديث عن مسرح سعودي والقول بوجوده هو كلام لا يسنده واقع اليوم لأنه ليس موجوداً بواقع مادي يعكس كيان مؤسساتي وحتى تلك المؤسسات التي تحتضنه لتعطي وجوده مشروعية هي اكثر المهمشين له في ادارات النشاط ولو ان بعض الاجراءات الرسمية بدأت تعطي مؤشرا نحو الافضل إلا ان مسرحنا بصفته استثماراً ثقافياً او ترفيهياً غير موجود وغير فاعل في بنية الثقافة وينظر له على انه تحت الثقافة النخبوية المتمثلة في الشعر والقصة.
وفي هذا السياق تمنيت ان اجد القصة او الشعر وقد اخذت مكانا في خريطة الثقافة العربية او العالمية ليكون تهميش الابداعات الجماعية مثل المسرح والموسيقى والتشكل مقبولا لكن سطوة الثقافة التقليدية هي التي خلقت هذا التميز للشعر بالذات لتعطيه صولجان الفن الاول.
من هذا التفاهم نأخذ النتيجة (1) ان المسرح الآن بصفته جهوداً تعليمية وتثقيفية لا يعطي تصورا مستمرا ولا تراكميا في معطياته ونتائجه المنظورة وحتى في استثمار المسرح التعليمي التربوي، النتيجة (2) اننا في فهمنا للمسرح خارج التصورات العالمية المعروفة بوجود مسرح اجتهادي يقوم به الافراد أويموله التجار وهو بحاله الراهن وتاريخه المقروء لن يكون بديلا للمسرح الحقيقي الذي يقوم على دعامتين اولاهما: مسرح شعبي يحوي من المسرح التجاري الى الملهى الليلي ليكون هناك تفعيل للمفهوم المسرحي، النتيجة (3) ان المساحة العريضة التي تمتد بين المسرح النخبوي بعروضه الادبية والفلسفية والتجريبية وعروض القيم والمسرح التهريجي في ملهاه الليلي.. هذه المساحة المتسعة يحتلها في الغالب تنوع غير محدود من المسرحيات التي ترضي وترفه وتوجه وتقدم المفاهيم وتحرك القيم لعدد هائل من الناس، النتيجة (4) اننا لا نملك تراكما مسرحيا يعول عليه في سبيل التأسيس ولو تحدث المؤرخون عن البدايات والنهايات لأن التراكم يستلزم جهدا لجماعات لا افراد.
التفاهم السادس:
ان الهيئات الاجتماعية التي لا ترى اهمية لوجود مسرح من اي شكل وجنس هي في الغالب تجهل ماهية المسرح او تسمع عنه سماعا فتنسب له مساوىء العروض المتهتكة والرديئة مع التسليم بأن المسرح في الاصل يصدم الكثير من القيم التقليدية لجعلها في محك التفكير اما ان تبقى او تزول.
بعض الفئات الاجتماعية لا ترى مبرراً للنقاش في مسألة مماحكة التقاليد القبلية والاخلاقية واسعة التصور والبعض الآخر يفكر بإمكان وجود مسرح يناسب الحال المقبول ويتصالح مع الواقع وفي المقابل يتمسك كثيرون بعدم وجود مهادنة في مسألة الطرح الثقافي مع ان الثقافة ومنها المسرح مشروعة بوجودها لا بنظمها فأي انسان لا يستطيع تقديم دليل على مشروعية الشعر او القصة واهمية وجودها في الحياة الثقافية لأن ضخها يصب في النهاية في خزان القيم الكبير الذي يذهب زبده ويبقى صالحه.. والعرض المسرحي هو الآخر مشروع بوجوده ونفعه وضرره وهو يسيل باتجاه بناء القيم الجمالية وهو تصرف فطري لسنا نحن من يوجهه لأن الناس يعرضون بكل اتجاه وبكل مناسبة اما ان ينظم العرض بممثلين وجمهور وادوات فنية فالمسألة ليست المسرح بل تقنيات المسرح والأطر المستوردة التي يجب ان لا تثيرنا باعتقاد ان المسرح ليس بيننا في الساحة وشعر الرد وكل الاحتفالات التي تقام ويدعى لها الناس.
والنتائج من هذا التفاهم كثيرة النتيجة (1) ان الناس اعداء ما جهلوا ولو علموا الماهية المسرحية لوجدوها ماثلة بينهم في الماجريات اليومية للحياة ووجدوا العارض بينهم وفي انفسهم منذ الاستعداد الصباحي للخروج واستعدادات اللبس الى العودة الى المنزل التي تعني الدخول في الكالوس لتمثيل دور آخر ربما اقل توترا من سابقه، النتيجة (2) تنبثق مما اشرنا اليه من ان الفن مشروع بالحاجة اليه بصفته في اصل الميل الجمعي وليس خارج الحياة الاجتماعية الفطرية، النتيجة (3) ان التوتر ضد الاجراء الثقافي غالبا ما يكون توتراً ايدولوجياً وهو يأتي في الغالب في المراحل التأسيسية للحياة المدنية لكن الاستقرار سرعان ما يستدعي الفن والثقافة لملء فراغ الحياة وتأسيس القيم بطريقة التشارك وليس الوعظ الذي تتسم به مراحل التأسيس، النتيجة (4) ان المجتمع يتخذ قراره في مسألة محددة في وقت محدد لا يؤثر فيه شيء ومن ذلك قرار حقوق النساء او قرار الثقافة المطلوبة او قرار مع او ضد مسألة مقبولة او مرفوضة بحسب المتغير الزماني لها وما يحدث، والنتيجة (5) ان الايدولوجي السياسي او الديني الذي لا يحتوي الثقافة بصفتها مولد القيم العليا يجد نفسه ازاء قيم غير متغيرة مما يجعل القيم المبتغاة للمجتمع تنبثق تحت الارض خارج سيطرة التخطيط.
التفاهم السابع:
ان ما يمكن عرضه مما يبغيه المجتمع لا يصطدم في الواقع مع اي قيم راهنة في مسرحنا السعودي ولذلك فإن العروض الحالية وادعاء انها ليست رسمية وغير شرعية ورديئة وغير موصلة ولا تستطيع النهوض بنفسها كل هذا لا يؤثر في وجودها وفاعليتها وهي وان كانت ضعيفة ومحدودة وقليلة الحضور إلا ان لها اندياحا كبيرا يخلق عدة حلقات في التأثير الذي قد لا يكون مباشرا بل عبر تسلسل تحويلي.
والنتيجة (1) ان التلفزيون يتلقف قيما قد تكون في العرض اصلا وكذلك الصحف عن طريق الرسوم ولكنها في روح العرض الاجتماعي (التمسرح) والنتيجة (2) انك لا يمكن ان تلغي العرض واثره بالمنع بل تلغيه بالانفتاح لانه يحقق غرضاً مباشرا في الوصول يسمح للقيم بالتقابل. وبعد كل هذه التفاهمات ما زال هناك امل في تأسيس رسمي للثقافة المسرحية يحقق لها الانتشار بدلا عن الجدل حول كنه وجودها ومشروعيته خصوصا ان نصف قرن من المحاولات في مجال الثقافة المسرحية تاريخ ليس بالقصير ويحسن ان ينظر اليه.
Othaimm@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved