أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 12th April,2001 العدد:10423الطبعةالاولـي الخميس 18 ,محرم 1422

عزيزتـي الجزيرة

لا للغفلة والإهمال
عندما رأيته متجهاً إلى براد الماء أمام المسجد يمسك بتمرة في يده، بينما كان أذان المغرب يرفع، عرفت أنه صائم في يوم عاشوراء وقادم إلى الماء ليفطر، ومع أنني كنت أمامه، إلا أنني قدرت صيامه وعطشه، فقدمته عليّ. وماكاد يلمس براد الماء حتى سقط مرتعشاً وأنا أنظر إليه.. حاولت إسعافه، ولكن الأعمار بيد الله.
كانت هذه رواية شاهد عيان للحادث المأسوي الذي وقع أمام مسجد العزيزية بالطائف ونشرته "الجزيرة" الغراء في عددها "10417"
ويستطرد الخبر فيلقى بالمسؤولية كنتيجة على الوزارة المعنية التي انهت عقود الصيانة مع الشركات المعنية، ولم تجدد عقوداً أخرى مع جهات أخرى، يعنى "مادبرت الوزارة عمرها" قد يكون للوزارة أعذارها في ذلك وقد تكون هذه الأعذار مقبولة أو منطقية، لكن تبقى الوزارة "مادبرت عمرها" والنتيجة أنها السبب في قصف عمر ذلك المغترب الصائم.. لحظة إفطاره الذي لم يتم. بقي ماء وزارة الحج والاوقاف في برادها المكهرب، وبقيت التمرة في يد الإرتيري المسلم.. أما روحه فصعدت إلى باريها عزوجل . عليه الرحمة الواسعة.. والمسلمين أجمعين.
يمكن أن نتفاخر بأننا من أوائل دول العالم في تحديث وسائل حياتنا، ومن أوائل مستوردي التكنولوجيا والتقنية الحديثة، ومن أكثر الذين يحرصون على استيعاب التفجر المعرفي وأكثر المهتمين بتوفير الخدمات العامة التي تدل على فهم حضاري ومفهوم اجتماعي قيمي يؤمن بالتكافل والعمل على راحة واسعاد الآخرين، ولو من خلال براد ماء سبيل يأوي إليه الظمأى- وما أكثرهم من كل حدب وصوب.
يمكن أن نكون كذلك، بل إننا كائنون، ولكن مالذي نعده دائما ونخطط له أو ننتقده لنحافظ على اطلالة هذا الوجه الحضاري الانساني في أماكننا وزوايا الخير لدينا؟؟
ألا يرى المسؤولون في الوزارةكم براد ماء كذلك الذي أودى بحياة الإرتيري - رحمه الله- يتدلى منه حبل فارغ إناؤه، أو إناء بلاستيكي أو معدني سجل رقماً قياسياً في امتداد الأفواه الظمأى اليه دون أن تمتد إليه يد التنظيف؟
وحتى برادات الماء ذاتها تبدأ لامعة نظيفة تفتح النفس والشهية للماء عند تركيبها، ثم تبدأ بفقد لونها وطعم الماء فيها ورائحته بعد فترة قصيرة لأن يد الصيانة الواعية لم تمتد إليها طالبة الأجر من الله سبحانه وتعالى على الأقل!
الذي أخشاه أن تمتد يد المسؤول غدا في وزارتنا وتمنع هذه المكرمة الإنسانية كحل يرى البتر قبل العلاج والكي في أول الدواء.
لا يعفى من المسؤولية القائمون على صيانة هذا المسجد أو ذلك السبيل، كما لا يعفى الناس من المحافظة على هذه الخدمات لأنها لهم. ووجدت لخدمتهم.
نعم.. نحن نملك القدرة على تقديم الخدمات التي لا نهاية لها يرتجى فيها رضى الله سبحانه وتعالى ولكننا في الوقت نفسة نملك قدرة أكبر على الاستسلام للغفلة والإهمال..
هنيدي العتيبي

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved