أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 13th April,2001 العدد:10424الطبعةالاولـي الجمعة 19 ,محرم 1422

تحقيقات

الرحلة إلى )ديار النفعة( في كلاخ..
ماذا تعرف عن كُنداث والجمجمة والشجرة العجيبة..؟!
هذه هي قصة القلعة الحربية والمياه المالحة والمعمرين من الرجال..
رسائل موجهة من أعيان كلاخ لكل من: )الصحة والمواصلات والبلدية والزراعة(
* تحقيق صحافي كتبه وصوره حمّاد بن حامد السالمي
في أحيان كثيرة؛ أشعر بحاجة ماسة تدفعني نحو الخروج من ربق المدينة وحياتها الرتيبة.
رغبة تلح للبعد عن المساكن المصطفة، وجلبة السيارات والآلات وكثرة الناس؛ من أجل التنقل بحرية في فضاءات مفتوحة، وسط طبيعة هادئة ساكنة حالمة: أتواصل مع جبالها ووديانها وسهولها بلغة الكاميرا والكلمة.
في رحلة من رحلات الهروب الجميل هذه؛ توجهت إلى ديار النفعة.بلاد واسعة تتوسد السهوب والأودية شرقي الطائف. يوماً كاملاً قضيته على ضفتي وادي)كلاخ( الشهير، بدأمع إشراقة صباح يوم الخميس الموافق للسابع والعشرين من شهر ذي الحجة الماضي.
السير جنوباً
كنا في سيارة واحدة، زبن بن حزام النفيعي؛ وجابر الجعيد؛ وأنا، اتجهنا نحو الجنوب سالكين طريق الطائف الجنوب؛ الذي يبدأ في ازدواج واتساع وتشجير وتنسيق غاية في الجمال. ولكن ما إن نقطع عشرة كيلات ونصل مفرق ثمالة وبني سالم؛ حتى ندخل في عنق زجاجة حقيقي..! ابتداء من هنا تنتهي أعمال التوسعة؛ لتبدأ معاناة الناس التي لا يخفف منها إلا تندرهم بقصة سير السلحفاة في توسعة هذه المسافة القصيرة؛ توسعة عشرة كيلات في عشر سنين..!
طريق الموت
نحن نسير إذن على الطريق الذي يسمونه طريق الموت، إن مئات القرى تصب في هذا الطريق من جنوبي الطائف حتى الباحة، والحوادث اليومية عليه حصدت وتحصد الأرواح لضيقه وسوئه وما يشهده من ازدحام، فقد شاهدت كل ذلك، وقد تبرع أكثر من واحد لتحذيري وتخويفي، والحق مع هؤلاء. وقد أكثر الناس الذين التقيتهم هنا من الشكوى، وطلبوا نقل شكواهم إلى وزارة المواصلات، وإلى وزيرها الدكتور ناصر السلوم.. لعلها ولعله يسمع فيجيب.. وها أنذا أفعل.
نحو سديرة
بعد حوالي ثلاثين كيلاً من الطائف؛ انحرفنا مشرقين مع مفرق سديرة، وشاهدت على يسار المفرق؛ محطة لتعبئة مياه الشرب، تابعة لوزارة الزارعة والمياه، حيث تجلب لها المياه من وادي تربه، وتتحلق حولها عشرات الوايتات للتعبئة والتوزيع على القرى والبوادي حول الطائف بالمجان، أو بأسعار رمزية. وهذه حسنة اختطتها الحكومة لتقديم المساعدة والعون لسكان الأودية الزراعية، أولئك الناس؛ الذين تحول الماء في آبارهم من عذب فرات؛ إلى ملح أجاج، بفعل سوء استخدام الأسمدة الصناعية، التي كانت تسقي الزرع والضرع والناس، وتبعث الحياة في الأرض والنفوس، وأصبح الناس يشربون من مياه مجلوبة، وحتى مزارعهم تلفت وماتت أشجار الفاكهة واقفة، ولم أجد من ينتبه منهم إلى خطر الأسمدة هذه؛ وما سببته من فساد بالمياه. ويتطوع كثير من الناس، فينسب هذا الوضع الذي ظهر منذ سنوات خلت؛ إلى تغير الزمان..! وفساد النوايا.. واختلاف القلوب..!
المحمية
بعد ثلاثة كيلات من المفرق؛ شاهدنا عن أيماننا؛ محمية الحياة الفطرية، التي تمتد على مساحة واسعة حتى تخوم سديرة. وفيها من طيور الحباري والنعام والغزلان والظباء؛ أعداد كبيرة. والجهود التي تبذل من هيئة حماية الحياة الفطرية هنا، أو في غيرها من المحميات الأخرى، محط احترام وتقدير عند كافة الناس.
إلى كلاخ
عندما أشرفنا على سديرة. وهي حاضرة لهذه النواحي، وبها مركز إداري ومرافق خدمية أخرى، انحرفنا يميناً لندخل مباشرة في وادي كلاخ، ونشاهد إلى اليمين؛ بقايا قرية كانت على طرف الوادي من غربيه. وتحيط بها أشجار النخيل التي بدا بعضها يابساً. وبدا البعض الآخر؛ غير معتنى به.
ثم عبرنا الوادي إلى قرية)أم السباع(، التي بدت في شكل حديث، فهناك دور كثيرة متقاربة مبنية بالطوب، وكثير منها مسلح وارتفع منها مآذن لثلاثة مساجد أحدها جامع.
في أم السباع
بعد أن توفقنا قليلاً تناولنا فطورنا؛ خرجنا لتفقد القرية، والبحث في أصل اسم القرية لا يتطلب جهداً كبيراً، فهذه القرية على طرف وادي كلاخ من شرقيه؛ كانت ذات يوم معروفة بالسباع والذئاب التي تتربص بالماشية.
وطبيعة المنطقة التي لا تخلو من أشجار برية؛ ومراع خصبة للماشية والإبل؛ هي بيئة صالحة للسباع، التي أعطت اسمها للقرية فيما بعد. وهنا مدرسة ابتدائية للبنين، ومجمع للبنات به ابتدائية ومتوسطة وثانوية. وفي طرف أم السباع من الغرب؛ ينتصب خزان علوي أقامته وزارة الزراعة من قبل، وحفرت بئراً لسقيا القرية، ولكن البئر املحت، فلم يعد ماؤها صالحاً للشرب، وهي مثل غيرها من الآبار في كافة الجهات. فلجأت الوزارة مضطرة؛ إلى السقيا بالوايتات. ولو تم تحلية مياه البئر آلياً؛ لوفرنا كثيراً من الجهد والمال، ولاستفدنا من ماء البئر ومن الخزان، ولعل وزارة الزراعة، تدرس هذه الفكرة.
وفي أم السباع هذه؛ ثلاثة مساجد، منها مسجد حديث معتنى بإنشائه، أقامته جمعية آل البراهيم الخيرية، بجهود حثيثة من معالي محافظ الطائف، فهد بن عبدالعزيز بن معمر. إضافة إلى حلقتين لتحفيظ القرآن بنين وبنات.
إلا أن اللافت وهذه حسنة يشيد بها السكان وصول الكهرباءوعمومها في كلاخ. والاستغناء عن أزيز مواتير الوقود. وكذلك؛ شبكة السقي التي مدتها وزارة الزراعة للدور.
سد وادي كلاخ
ثم اتجهنا بعد ذلك بانحراف نحو الجنوب الغربي، غير بعيد من القرية التي كنا فيها، لنقف على سد وادي كلاخ، الذي هو ضمن منظومة سدود أقامتها وزارة الزراعة على أودية الطائف بلغت عشرين سداً. ويعد من أكبرها وأحدثها، فهو خرساني، مقام عند مخنق جبلي على وادي كلاخ، بطول 164 متراً، وارتفاع خمسة أمتار، وسعة تخزينية تصل إلى 000،300،2 متر مكعب.)1( وقد أقيم السد عام 1404ه ، وشاهدت خلفه غابة كثيفة من أشجار خضراء، تدخلها الإبل وترعاها، وهي تعطي منظراً جميلاً، وتلطف الأجواء الصحراوية هنا. وأرى أن تبقي عليها وزارة الزراعة فلا تجرفها أو تنهيها، كما يطالب البعض بذلك.
كلاخ
بوقوفنا على السد؛ تفتح الرؤية أمامنا؛ إمكانية مشاهدة هذا الوادي الكبير من أعلاه ومن أسفله، حيث تتناثر القرى على جانبيه، تميزها أشجار النخيل التي تكاد تكون وحدها هنا. وكذلك دور متناثرة، وطرق برية معبدة إلى مزرعة هنا أو دار هناك.
أماأصل التسميةفي كلاخ؛ فقد بحثت فلم أصل إلى نتيجة، سوى أن الهادي إلى لغة العرب)2(؛ أورد لفظ )كلخ( وقال: الكلخ هو لزاق الذهب.
ولعل أديم الأرض حول هذاالوادي؛ هو الأصل في التسمية، فالعرصات هنا يغلب عليها اللون الذهبي. والله أعلم.
على أن هذا الوادي، له ذكر في كتب الرحلات والتاريخ والشعر، وإن ليس بكثير. فقد ذكره الشاعر أحمد بن عيسى الرداعي في أرجوزته المشهورة؛ أرجوزة الحج. حيث قال وهو يخاطب راحلته:)3(


قلت لها في مطلخم كاخ
لدى مناخ أي مناخ

إلى أن يقول:


كالجذع جذع النخلة الشمراخ
كأم أفراخ إلى أفراخ
عن ذي طوى ذي الحض والسباخ
قاربة للورد من )كلاخ(

قال الجاسر رحمه الله شارحا: وكلاخ؛ وادٍ ماؤه ثقيل ملح.
وذكره ابن خميس في معجمه)4( نقلاً عن البلادي )5( قال: هو أسفل وادي بسل . جنوب الطائف، وفي أسفله جبل كنداث. وكلاخ؛ قرية في منتصف الوادي، سمي باسمها. وهو وادٍ كثير القرى والنخيل والفواكه، وفيه قلعة.
وحب المكان؛ يفرض نفسه على أصحابه. فهذا شاعر من كلاخ هو صاطي بن صنهات يقول:


يا كلاخ يا وادي أهل الجود والطيب
اللي لهم في الطيب حاضر وماضي
واليوم أمان وفيه كل المطاليب
ولافيه من عنده عليه اعتراضي
والفضل لله ثم لجهود المعازيب
بجهودهم فيها مدارس وقاضي

ولا شك أن رعاية الدولة واهتمامها بمواطنيها؛ تبعث على مثل هذا المديح عند الشعراء كما سبق ورأينا.
وأبناء كلاخ؛ مازالوا يستذكرون بالفخر والتقدير؛ زيارات قام بها إلى ديارهم؛ رجال لهم قدرهم ومكانتهم. منهم: الأمير فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله إبان امارته على الحجاز. والأميران؛ محمد الفيصل وخالد الفيصل. والأميرعبدالعزيز بن معمر رحمه الله. ومعالي محافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر. وغيرهم.
قرى كلاخ
بعد الوقوف على السد؛ تجولنا في نواحي القري؛ والتي بدت تتناثر على ضفتي الوادي، وعددها 17 قرية. وهي؛ مثل ما سماها لي الأعيان هنا؛ )أم السباع الشراعين البرقة الهوينة البستان البدائع المربعات الكلاخية مخرمة مقبولة كلاخ القديم الشقير الظليف أم الجلة الجروية مرشدة الطرف(. على أن أكبرها وأشهرها هي أم السباع الموالية لبداية الطريق الداخل إليها جميعاً.
في الجمجمة
كانت وجهتنا بعد ذلك إلى وادي الجمجمة، وهو إلى الشرق من كلاخ، ويأخذ مسايله من أسفل وادي شقصان. ويعزى اسمه؛ إلى أنه مجمع لعدد من الأشعب التي تصب فيه، فهو يشبه الجمجمة من هذه الناحية، كون الجمجمة هي أغلى ما في جسم الإنسان، ويصب ومجمع كافة الأعضاء، ووادي الجمجمة مشهور بمياهه وآباره ومزارعه ونخيله الوفير. وقد شاهدت مزارع نخيل كثيرة، وقيل لي؛ بأن ثمر الشجرة الواحدة منها؛ لايوازيه ثمر في غيرها، لجودته وكثرته.
وفي أعلى الوادي؛ وقفنا على بئر قيل بأن عمره ينوف على مئة سنة، وفيه ماء عذب لسقيا البادية، وقريب من هذا الوادي؛ هضاب محيطة بالجمجمة، تكتظ بالأشجار البرية الخضراء، وتشكل مع التشكيل الصخري والسهلي الممتد؛ لوحة جمالية شائقة. وقال الشاعر صاطي به صنهات ممتدحاً الجمجمة هذه؛ ووادي النير خلفها:


عسى السحاب اللي ترفرف بروقه
يسقي روابي الجمجمة شرق والنير
ياالله على ذيك الروابي تسوقه
من زارها يلقى بها الأنس والخير

ومن أشهر قرى الجمجمة: الجمجمة والغريب. وقرى أخرى ناشئة في شارعان بينها وبين كلاخ.
الشجرة العجيبة
وكنا قبيل الوصول إلى الجمجمة؛ وفي وادي شراعيان بالتحديد؛ وقفنا على شجرة ضخمة عجيبة، لا مثيل لها فقط في هذه الجهات. ترتفع كثيراً، وتغطي مساحة شاسعة من الأرض. وبقربها بئر. وهي غريبة عن هذه البيئة، ولم ير مثيل لها في غيرها من ضواحي الطائف، وقيل لنا؛ بأن عمرها يبلغ مئات السنين. وهي كما أفاد بعض العارفين بعد ذلك؛ تشبه شجرة البنسيانة، وربما تكون هي هي. وإذا أردنا ذكر المعالم البارزة في كلاخ؛ فإن هذه الشجرة في المقدمة بدون أدنى شك.
قصة كُنْداث
إلى الشرق من وادي كلاخ؛ وقفنا على جبل مرتفع، يطل على الوادي من كافة الجهات، فتمتد الرؤية من أعلاه؛ إلى أبعد مدى ممكن، إنه جبل كندات المشهور. فعلى قمته هذه؛ أقام العثمانيون قبل عشرات السنين؛ قلعة حربية بنوها من الحجارة الخالصة المأخوذة من الجبل نفسه، وهي تتألف من أبراج مراقبة، وتحصينات ومرامي مدفعية، ومخازن أرزاق، ومهاجع للجند، وإصطبلات للخيول وغيرها، إضافة إلى بركة ماءفي نهاية قمة الجبل، لخزن مياه الشرب التي تجلبها الخيول،وتوفير الحاجة من الشرب لكافة القلعة. هذا الجبل وهذه القلعة؛ ذكر هما البلادي فقال: )جبل أسود بين كلاخ والسديرة لذوي زياد من النفعة. عليه قلعة حربية، بدا عليها الخراب، وكانت لحماية الطريق، لأن طريق الجنوب وبيشة كان يمر من هذه الأرض. وذكرها ابن بشر باسم قلعة بسل. كان لها دور في مقاومة جيوش آل سعود عند غزواتهم المتكررة للطائف( )6(
ولأهمية هذه البقايا الأثرية لهذه القلعة في جبل كنداث هذا؛ فإن الناس هنا؛ يجعلون منه ومنها مادة للتناول في أدبياتهم الشعبية. فيقول عايد بن فهيد:
ياجبل كنداث ما عاد لك عندي خبر
راح رايك بين راسك ورشاشة سعيد
وسعيد هو؛ مدفعي كردي كان يرمي من القلعة إبان عزها.
ثم يرد الجبل على لسان الشاعر مدافعاً عن نفسه:
أحمد الله كل يوم في راسي غفر
يوم خليتني يا علي مثل المسيد
والغفر الحراس.
ثم قال الشاعر صنهات في ذات الموضوع:


يا ضلع يا اللي كل يوم أنا أبديك
ماني محصل منك غير العذابي
ياضلع وين اللي منول نزل فيك
أهل الوفا والدلال العذابي

ثم يرد الجبل الذي يستنطقه الشعراء هنا بكثرة لأهميته في حياتهم العامة:


يا مسايل اسألني وأعلم بطاريك
بعد السؤال أعطيك رد الجوابي
راحوا وجا صفة ماتدانيك
أهل المعاش محلقين العلابي

وجبل كنداث كما نرى؛ ينتقد جيل اليوم، أولئك الذين اختاروا الوظائف والمعاشات الشهرية؛ على التمترس في قلعته المهيبة، التي لن تذكرهم بطبيعة الحال؛ بأكثر من الخوف والحروب والقتال..!
الفقرة والتوايمة
على أن جبل كنداث؛ ليس هو وحده ما يذكر من جبال في هذه النواحي، فجبل الفقرة الذي يقع في أعلى وادي الشراعين؛ له ذكر وشهرة، وهو يمتد على شكل سلسلة فقرية من الشمال للجنوب شرق كلاخ، ويمدحه الشاعر صاطي بن صنهات بقوله:


يقول النفيعي هيضه مرقب عداه
مويقن على الفقرة ومن دون شقصان

ثم يذكر جبلين هما التوايمة، أحمران متقاربان بجوار الفقرة:


وذكرني المرقاب حي بغيت أنساه
إلى جابه الطاري بكت منه الأعيان

مع الأعيان
بعد جولة طويلة ماتعة؛ ختمناها في جبل كنداث؛ كان لي لقاء مع أعيان كلاخ في منزل زبن بن خزام النفيعي، حيث تناولنا طعام الغداء، ثم جرى حديث طويل، تناولنا فيه؛ جوانب تاريخية وجغرافية واجتماعية وثقافية، وكان في مقدمة المتحدثين؛ التي أفادتني معلوماتهم وآراؤهم في كتابة هذا التحقيق؛ زبن بن خزام النفيعي، الذي عمل رئيساً لمركز عشيرة بالوكالة، ثم رئيساً لمركز قيا والسيل، واليوم هو رئيس الشؤون الأمنية والحراسات بمنتزه الطائف الوطني في سيسد. وكذلك الأستاذ حضيض بن عتيق النفيعي، الذي كان مديراً لمدرسة كلاخ قبل أن يتقاعد ويتولى إمامة المسجد الجامع بها.وهو أول متخرج في مدرسة كلاخ الابتدائية التي تأسست سنة 1380ه.
ثم انضم إلى الحديث والحوار؛ الشيخ المعمر،عتيق بن خزام النفيعي، ابن المئةعام. وعويض بن معتق النفيعي، وطعيمس بن خزام النفعي، وعاتق بن عتيق النفيعي، وهدي بن هميل النفيعي، وهو الآخر من المعمرين فله من العمر101 عام. وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم.
مطالب ورسائل إلى من يهمه الأمر مما دار في هذا النقاش؛ نستطيع الوصول إلى ملخص عام يتمثل في الآتي:
1 النظافة عموماً في المجمعات السكنية غير جيدة، والأمر يتطلب وعياً من السكان أولاً، ثم دعم البلدية بكل الوسائل الممكنة.
2 الشوارع والطرق غير معبدة ولا مزفتة، وغير مضاءة. مع وجود الكهرباء.
وهذا وضع صحي مغلق للغاية، ويقضي بتدخل عاجل من البلدية.
3 هناك شكوى عامة من نقص مياه الشرب، فيقال بأن وزارة الزراعة؛ خصصت 120 وايتاً في الشهر، لكن هذه الكمية؛ قلصت إلى 56 وايتاً.
ويطالبون برفع العدد لمقابلة الزيادة في الحاجة.
4 يوجد مركز صحي، لكنه يعاني من النقص في كل شئ، فهو محسوب على الفئة)أ(، لكنه مهمل ولا يؤدي الغرض المطلوب منه مثلما ينبغي.
5 يرى الأهالي؛ أنهم في حاجة إلى وحدة دفاع مدني، وفرع زراعة لرعاية مزارع النخيل ورعاية المواشي.
أما الجمجمة..؟
أما الجمجمة.. فإنها تخلو من أي خدمة تساعد على التنمية الزراعية والرعوية فيها، وحتى السكانية. وقد ذهبنا لزيارة الشيخ محيل بن عايش النفيعي الذي ناهز المئة عام، فلم نجده في داره، لأنه ذهب وراء غنمه التي ترعى بعيداً عن القرية..! وهو يمثل حالة جديدة لظاهرة المعمرين في كلاخ هي لافتة للنظر.
وبعد التجول هنا؛ بدالي ؛ أن هذا الوادي الجميل والغني بمزارع النخيل على وجه الخصوص؛ في حاجة إلى:
1 إيصال الكهرباء.
2 تعبيد الطريق الموصل إليه من قرية أم السباع عبر الشراعين، وتزفيته، وطوله لا يتجاوز عشرة كيلات. وقيل لي؛ بأن وزارة المواصلات؛ اعتمدت هذاالطريق منذ العام 1400ه..! لكن لا طريق ولا ما يحزنون..؟ اثنان وعشرون عاماً انتظار.. لا بأس؛ فطريق الجنوب هو الاخر في قائمة الانتظار منذ سنين طويلة.
3 ربما احتاج الأمر،التفكير في مدارس ومركزصحي ونظافة وغير ذلك.
في وداع كلاخ ..
عند قفولي في المساء؛ راجعاً من ديار النفعة؛ عرجت على منزل الشيخ ماطر بن بريك الزيادي، وهو معمر آخر يؤكد الظاهرة إياها، فوجدته يعيش في دار هادئة متواضعة على طرف وادي كلاخ، وباب الدار يفتح على لوحة جميلة خضراءمن أشجار النخيل، وقطيع من أغنام يحوم حول الدار هذه. وبدا ابن العشرين عاماً بعد المئة؛ في حالة صحية وذهنية جيدة، وقد تحدثت معه؛ فكشف لي عن حنين دفين للماضي الجميل الذي عاشه، أيام الشباب التي يفضلها على هذا الزمان..! أيام الصبا التي يحبها الكل.
فمن منا لايحن إلى أيام شبابه وصباه يا عم ماطر..؟! بهذه العبارة؛ ودعت الشيخ المعمر الذي يعتصره الحنين إلى الماضي.
إني استذكر هنا وأنا في الطريق إلى الطائف؛ مشاهد أشجار النخيل والسدر والطلح والسلم والسمر والضهيا، وشجيرات الرمان التي تقاوم ملوحة المياه وصبخة التربة. أودية وأشعب كثيرة حول كلاخ والجمجمة وشراعين وشراعان والنير والعولة؛ تنتشر على سفوحها قطعان الإبل والماشية، ويدوي في أجوائها الصافية؛ طنين النحل الذي يعمل في نشاط ؛ لجمع الرحيق العذب من زهور برية فواحة.
إحالات وهوامش
)1( الأرقام مأخوذة من كتاب؛ أصدرته وزارة الزراعة عنوانه: )السدود في المملكة(
)2( حسن سعيد الكرمي. دارلبنان. بيروت
)3( صفة جزيرة العرب للهمداني. تحقيق حمد الجاسرص 436
)4( عبدالله بن محمد بن خميس. معجم أودية الجزيرة
)5( عاتق بن غيث البلادي. معجم معالم الحجاز.
)6( المصدر السابق

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved