أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 17th April,2001 العدد:10428الطبعةالاولـي الثلاثاء 23 ,محرم 1422

مقـالات

نوافذ
السهل.. القريب
أميمة الخميس
يذكر عالم النفس الشهير اريك فروم في كتابه )فن التواجد( The Art of Being، ان طبيعة العصر الاستهلاكي الجامحة أصبحت تميل الى تقديم الأبسط والأسهل والأكثر قدرة على الامتاع.
وعلى حين كانت جميع القفزات والانجازات الحضارية عبر التاريخ تتم عبر قانون التحدي والاستجابة ذلك القانون الذي يأخذ الانسان الى حدوده القصوى ليجعله يخلع ثوبه الرث القديم ويخلق من إبداعه وابتكاره ثوبا جديداً مختلفا يتواءم مع متطلبات عصر جديد.
بل ان رحلة الانسان الكونية لابد أن تمر بدرب صعب ومرهق وطويل قبل الوصول الى ضوء الحياة.
ويذكر أن أحد المعوقات والحواجز التي تمنع إنسان العصر الحديث من الوصول الى تمام نضجه واكتمال شخصيته هو قانون Woeffort Nopain الذي يجسد خوفه العارم من الألم وتتحول حياته الى هاجس متصل للوصول الى أقرب الطرق وأسهلها وتلك التي تسبب الألم!!ويرجع )فروم( هذا الى ان التقدم التقني في الغرب الذي احل الانسان بدلا من )الآلة( صنع بالتالي انسانا ليس له القدرة على الصبر والتحمل في وقت تقوم عنه )الآلة( بجميع المشكلات الصعبة.ولو حاولنا من خلال المنظار السابق ان نطل على المشهد المحلي لوجدنا الكثير من الملامح المشابهة، والتي تظهر انطفاء جذوة الحلم والشعلة التي تمد الوقود الداخلي واستبدالها بالاحلام المنخفضة القريبة وسهلة المتناول والتي لا تبعث على الألم.وأبسط مثال واضح ومباشر يترجم لنا هذه الصورة هو المئات من الأعمال التجارية الصغيرة والمتناثرة في كل مكان ابتداء من محلات العقار الى )كل شيء بعشرة( والتي يبدأها مواطن متحمس أدوخته أحلام الثروة التي ستنبع فجأة وعلى الغالب كيفما اتفق.. !! لتنتهي تلك الأحلام سريعا كفقاعات )مشروب الصودا( بعد ان يغادرها الى أقرب استراحة تبعث على البهجة ويؤول مالها بين يدي آسيوي متثائب ينفض عن وجهه الذباب والملل!!
وبالطبع تلك المغامرات التجارية الفاشلة والتي تبنى على الغالب على أسس من ضباب الأحلام الذي يفتته ضوء النهار.. من شأنها أن تنهك الاقتصاد المحلي وتستنزف الكثير من مقدراته اللاهثة وراء أحلام الثروة التي ستنبع من الأرض فجأة كنبات )الفقع(!!
إنها شروط )الآلة( فبقدر ما أعطت البشر أوقاتاً من الراحة والبعد عن المجهود العضلي والذهني، لكنها في الوقت نفسه أقصتهم عن الكون من حولهم، وأخذتهم في رحلة اغتراب طويلة يتحول فيها الكون من حولهم بجميع موجوداته الى موضوع استهلاكي قابل فقط للاقتناء والاستحواذ!!
وينهي )فروم( كتابه بقوله في ظل ثقافة الاستحواذ والإفتاء، يجب على الانسان للوصول الى دروب إنسانية أن يتعلم فن الحياة، وفن الحياة لدى )فروم( يتلخص في الانتقال من مرحلة To Have To Be، أي الانتقال من مرحلة الامتلاك الى مرحلة التواجد والحياة والعيش الكامل المنغمر باللحظة، والاشتباك مع الكون في علاقة تكاملية ودية وليست علاقة اقتناص وتملك .. اي ببساطة ليست علاقة استهلاكية شرهة.
دود:
بعث لي مشكوراً الشاعر )علي الحازمي( بديوانه )خسران( والذي يمتلك نكهة جديدة ومفردة متمردة على التنميط ورؤية تحمل خصوصيتها من حيث العناية بالتفاصيل الصغيرة وتحويلها الى حدث شعري، من اجواء الديوان: من زجاج سميك بواجهة لمحل الزهور القريب،، يطيل البنفسج تحديقة..
البنفسج لولا الزجاج.. لمد لكفيهما غصنه.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved