أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 17th April,2001 العدد:10428الطبعةالاولـي الثلاثاء 23 ,محرم 1422

مقـالات

التنمية والسلوك القيادي للسيارات
د. عبدالله بن سالم الزهراني *
قيادة السيارة فن وذوق. ولكل مهنة أخلاقيات تستوجب الالتزام بها.. إن قيادة السيارة ليست مهنة الأغلبية ممن يقودون السيارات في أي بلد في العالم حيث انها وسيلة نفع وربط الإنسان بمواقع يقتضي الأمر في كثير من الأحيان التواجد بها لقضاء مصالح مختلفة تتعلق بالعمل أو الخدمات النفعية المتنوعة. إن كونها ليست مهنة لاينفي التمسك باخلاقياتها والمتمثلة في السلوك القيادي لهذه الوسيلة المهمة في حياتنا.. من المفترض ان تكون قيادة السيارة متعة وفنا في مظهرها وذوقا ينم عن تحضر.. من المفترض ان كل من يقود سيارة حاصل على رخصة بهذا الخصوص ولكن السؤال هل كل من يحصل على رخصة يتمتع بصفات الذوق الرفيع في القيادة ويعرف أخلاقيات هذه القيادة؟.
وإذا كان ذلك متوفراً فهل تطبق هذه الأخلاقيات أثناء القيادة أم أن هناك فصلا بين المعرفة والتطبيق؟. وإذا كان هناك فصل بين المعرفة والتطبيق فلماذا؟ هل نحمل إدارة المرور مسؤولية انحراف سلوكنا لقيادة السيارات؟ ماهي مسؤولية المرور بشكل عام؟ ماهو السر في زيادة الحوادث المرورية وزيادة ضحاياها؟ لماذا لا نستلهم العبر مما نشاهد ومما نسمع ومما نقرأ عن الحوادث المرورية ونتائجها؟ أسئلة كثيرة وعديدة.
نحن نؤمن بالقضاء والقدر ولكن نؤمن أيضا بوجود الأسباب، ومن المفترض بحث الأسباب ومحاولة تجنب هذه الأسباب لأنها في كثير منها يمكن التغلب عليها وتجنبها. الحصول على رخصة قيادة لايعني شهادة بحسن السلوك القيادي وإنما شهادة بان من يحصل عليها يعرف كيف يقود السيارة عبر الطرق والشوارع مع معرفة لارشادات معينة يقتضي منح الرخصة الإلمام بها كإشارات أماكن التجاوز وعدمه في الطرق الطويلة وإشارات ممنوع الوقوف في الأماكن الممنوع الوقوف فيها وإشارات تخفيف السرعة عند مدارس ومستشفيات وغيرها.
قيادة السيارة تتطلب كيفية التعامل مع المركبة من خلال مقدار السرعة من خلال حزام الأمان من خلال ما تتطلبه السيارة من صيانة وتفقد دوري، من خلال التعامل مع الآخرين في الطريق مشاة أم أصحاب سيارات. الابن يتعلم من أبيه وأخيه. سيتعلم السباب والشتم وارتكاب الحماقات والمخالفات المرورية إذا كان ذلك سلوك والده أو أخيه أو قرينه أثناء القيادة وقد يتعلم عكس ذلك تماماً حيث حسن التعامل مع الآخرين في الطريق من كل الجوانب. المرور ليس لديه عصى سحرية ولكن لديه اللوائح والأنظمة التي يحتاج إلى تطبيقها باقتدار وخاصة إذا كانت واقعية.
المرور لم يصل إلى ما نتمناه ولذا فهو يحتاج إلى بذل المزيد والمزيد في الجوانب التنظيمية والتقنية والكوادر البشرية. جهود المرور بدأنا نلمسها بشكل واضح مؤخرا وحزام الأمان دليل على واحد من النجاحات التي حققها المرور واعتقد أنه قادر على تحقيق كثير من النجاحات مع توفر الإرادة والتصميم.
لقد استغرق تطبيق استخدام حزام الأمان وقتا طويلا ولكن حملة التوعية آتت أكلها. لقد لمس المواطن وبشكل واضح تواجد رجال المرور بشكل مكثف عند الإشارات ولمس أن لدى الكثيرين منهم القدرة على التعامل وبأسلوب جيد وفاعل مع قائدي المركبات على اختلاف أعمارهم. أسابيع المرور وبالأسلوب الذي كانت عليه ليست فاعلة في نظري، نحن نحتاج إلى سنوات مرور لترسيخ مفهوم الأمن والسلامة في قيادة السيارات. قد يقول قائل ان ذلك مكلف وأنا أتفق أنه مكلف ولكن ذلك ليس أغلى على الاطلاق من أرواح البشر.
إن وفاة وجرح وإعاقة الآلاف سنويا يكلف أكثر من تكاليف عدة سنوات مرور متواصلة ويؤثر على مسيرة التنمية لأن في ذلك خسارة اقتصادية كبيرة للوطن. ولكن يجب أن لا يفهم ان من يتحمل ذلك في سنوات المرور هو إدارة الأمن العام والمرور.
الأمن والسلامة المروري هو نظام متكامل يشمل المدرسة والجامعة والمجتمع والإعلام والبيت والطريق والمركبة. وما الأمن العام بإدارته المرورية إلا رابط لذلك النظام من خلال القوانين والأنظمة وتنفيذها من خلال كوادره المختلفة الذي تسهم كل جزئيات النظام السابقة في تطبيقها وترسيخها والوصول إلى مجتمع تنخفض فيه نسبة الحوادث إلى حدها الأدنى لنحافظ على أغلى ثروة في الوجود ألا وهو الإنسان الذي استخلفه الله في هذه الأرض.
إن الإحصائيات الرسمية لحوادث المرور وما ينتج عنها من وفيات وإعاقات مرعبة وتحتاج إلى وقفة جادة وإلى دراسة شاملة. صحيح إن رجال المرور لابد أن يكون تواجدهم ملحوظاً في الميدان وصحيح أيضاً أنهم لابد أن يكونوا مدربين تدريبا جيدا للتعامل مع الحوادث والمخالفات وفي سرعة الوصول لمواقع الحوادث ولكن الصحيح أيضا ان كل مواطن مسؤول عن التعاون التام مع رجال المرور بالتبليغ عن الحوادث وعن المخالفات وكذلك التقيد بآداب القيادة.
المركبة مسؤولة عن نسبة من الحوادث ولكن بسبب إهمال صاحبها وقد وجد الفحص الدوري لمحاولة التخفيف من الإشكالات المتعلقة بالعربات.
الطرق إذا لم تصن باستمرار مسؤولة عن نسبة من الحوادث. الحيوانات السائبة وعدم وجود الحواجز عند الطرق مسؤولة أيضا عن نسبة من الحوادث.
البيئة والعالمية والعولمة
أصبحت البيئة حديث الساعة وحديث الصحافة وعناوين المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية. ولم تعد البيئة بذلك المفهوم الضيق الذي يعني مايحيط بالمجتمع الصغير من ماء وهواء وكائنات متنوعة بل أصبحت البيئة عالمية المفهوم. وبشكل مختصر أصبحت تعني كوكب الأرض بكل مايشتمله من ظاهرات طبيعية متنوعة أوجدها الله دون أن يكون للإنسان دخل في هذه المظاهر من ماء وهواء ونبات وحياة حيوانية والتضاريس بمختلف أنواعها ويضم هذا المفهوم الإنسان الذي هو جزء أساسي وفاعل من خلال تفاعله مع البيئة الطبيعية وإيجاده لمظاهر مختلفة من صنعه كالمدن والقرى والطرق والسدود والزراعة والمنشآت الصناعية وغيرها.
وعلى هذا الأساس فالبيئة نظام متكامل يشمل العنصر الطبيعي والعنصر البشري بكل مظاهرهما.
البيئة هرم تشكل العناصر الطبيعية قاعدته بينما نشاطات الإنسان تشكل جسد الهرم ويتربع الإنسان علي قمة هذا الهرم. هذا الهرم يتعرض للعبث ممن يتربع على قمته. فالإنسان هو الأساس في المحافظة على استمرارية شموخ هذا الهرم. والإنسان كذلك هو معول الهدم الذي يمكن ان يقوض بنيان هذا الهرم. الإنسان يمكن ان يسهم في المحافظة على ما هو موجود من الغابات وأن يسهم في استنبات غابات عندما تتهيأ الظروف الطبيعية الملائمة ولكنه في الوقت ذاته يمكن له أن ينهي وجود مساحات هائلة من الغابات بين عشية وضحاها.
الشعوب تختلف في ثقافاتها ومتطلباتها حسب مستوى الوعي والتقدم. شعوب أدركت أهمية الحفاظ على البيئة ووجد فيها من يطالب بالحفاظ عليها وهؤلاء المطالبون يجدون آذاناً صاغية وتفهم لتلك المطالبات وشعوب نامية وأفواه تتزايد وتبحث عن لقمة العيش وليس أمامها إلا الزحف على الغابات. الشعوب المتقدمة تدرك خطر الزحف على الغابات ولكنها لم تتفهم حتى الآن حاجيات الدول النامية التي تتركز بها تلك الغابات وبالذات الغابات المطيرة. الشعوب المتقدمة تقدم حلولا نظرية ولكن ليس هناك حلول فعلية. إن ما يحدث للغابات ينسحب على التربة والصيد الجائر والرعي الجائر والاستنزاف الجائر للموارد المعدنية والموارد المائية وكذلك تلوث الهواء ورمي النفايات السامة في الأنهار والبحيرات والبحار والمحيطات. ان الجور على الغابات ماهو إلا جانب من جوانب الخلل البيئي ولكنه يبين عالمية البيئة وان ما يحدث من خلل بيئي في مكان ما من العالم يمكن ان تمتد آثاره إلى أنحاء متفرقة من العالم. إن كارثة طبيعية أو بشرية تحصل في براري الولايات المتحدة أو سهول استراليا أو سهول الأرجنتين لن يقتصر تأثيرها على محيطها بل سيكون تأثيرها عالميا، هذه المناطق التي أوردتها هي مناطق مشهورة بانتاج القمح وحصول كوارث بها يعني التأثير على السوق العالمي في كل الدول المستوردة للقمح كالصين وروسيا وغيرها ولنا في حادثة انفجار مفاعل التشرنوبل في أوكرانيا مثال واضح على عدم اقتصار الكارثة على النطاق المحلي لقد طالت آثاره كل غرب أوروبا علاوة على مايجاوره وربما وصلت آثاره غير المباشرة إلى بلدان بعيدة من خلال الأغذية المستوردة من الدول المجاورة.
الجفاف عندما يحل ببلد مثل أثيوبيا لم يقتصر تأثيره على أثيوبيا وإنما امتد إلى الدول المجاورة اثر على مستوى المعيشة والخدمات وجعل العالم يهب للنجدة من خلال الأمم المتحدة ويعني هذا مشاركة كل دول العالم من خلال هذه المنظمة.ألم أقل لكم إن البيئة عالمية وهي أوضح مثال طبيعي على العولمة فهل نلتفت لبيئتنا ونقلل من الاحتطاب الجائر واليد الجائرة والاستنزاف الجائر لمائنا حتى نقلل من اعتمادنا البيئي على غيرنا؟
* كلية الآداب - جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved