أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th April,2001 العدد:10430الطبعةالاولـي الخميس 25 ,محرم 1422

مقـالات

نوافذ
الصدمة
أميمة الخميس
في المقابلة التي أجراها تلفزيون المستقبل مع الشاعر )أدونيس(، كان ذلك الشاعر ينثر محتويات حقيبته ببساطة وعفوية، ودون أي تحفظ، وكأنه على أحد مقاهي بيروت قبل ثلاثين عاما..!! وسواء اتفقنا مع )أدونيس( كشاعر ومفكر أم اختلفنا، فإنه يبقى أحد الأسماء المهمة التي وضعت نكهتها على المشهد الشعري العربي لاسيما الحديث منه سواء على مستوى التنظير أو الدواوين الشعرية.
ولكن في مقابلته تلك والتي كان يعلن فيها أبياته الشعرية الواحد تلو الآخر بشكل صادم للوجدان العام، وبشكل لم يع الفك المظلم للفضائيات، لأنها بالقدر الذي تروج فيه وتنشر وتصنع النجومية لكنها في نفس الوقت تدخل كل بيت.. كل هجرة نائية.. وكل قرية قصية تحت كتف جبل، وتمر بين يدي الكثير من البسطاء والعامة وبالتأكيد هناك يختفي التحليل العقلاني الموضوعي وتخضع الأمور برمتها الى تفسيرات انفعالية عاطفية وذات ردود فعل قطعية ومطلقة، وبالتأكيد هذا هو المناخ الملائم لردود فعل عنيفة فتخرج الأمور من سياقها ومن ثم تتحول الى وثيقة ادانة أوضد.. من الممكن أن تتطور الأمور من خلالها وتنفرط كالكرة الثلجية المتضخمة لتتحول في النهاية الى فتوى.. تنادي بهدر الدم والتصفية الجسدية.
والفرق بين الفكر الليبرالي )الثوري( في مرحلة الستينات والسبعينات انه كان قبل الفضائيات، هو فكر النخبة أو ما يسمون )بالأنتلجنسيا( يتداولونه فيما بينهم أو في أروقة الندوات والمقاهي والمحاضرات قبل ان يختفي بين دفتي كتاب عند شعوب.. لا تقرأ!!
وكانت تيارات الرفض التقليدي والمحافظة تمارس رفضها عبر قنواته الطبيعية التي تعلي من شأن القيمة الفكرية للحوار.. ولا تصل بحال من الأحوال الى مناطق القتل والتصفية الجسدية.
ولكن يبدو ان زمن الفضائيات يحمل حساباته الخاصة وقوانينه التي تتزامن وزمن الهزائم وأبواب الأحلام الموصدة عندها ليس من سبيل الى اشراعها سوى القوة الاقتحامية العنيفة.
وبالتأكيد هو شيء طارىء ومستحدث على نسيج الثقافة العربي ذلك الكم الوافر من العنف تجاه المثقف أو المبدع ولو أحصينا عدد الاغتيالات أو محاولات الاغتيال التي حدثت في العشرة أعوام الماضية فقط )وهو زمن ازدهار الفضائيات( لوجدناه رقما يثير الرعب.
وقد ظل القطاع الأعظم في السابق يتعامل مع المنتج الجديد والغربي بشكل انتقائي وحذر، ففتح الباب للمنتج )التقني( والاستهلاكي ومن ناحية أخرى فرض رقابة صارمة على المنتج الفكري وبقية الأيدلوجيات المهددة للأسس والثوابت، ولكن الفضائيات باتت تنشر هذا المنتج الفكري وتوزعه بالمجان بحيث يأتي مندسا في جميع الأشكال والتجليات وبالتالي يتحول الى كرة ملتهبة قابلة للانفجار في أي لحظة.
في الوقت الذي لم تعد فيه العولمة قرارا خاصا وشخصيا بل حتمية يجب أن نعالج نتائجها وأعراضها ولن نوقفها.. في عالم يصغر ويضيق بسرعة كبيرة، وفي النهاية قد يكون الشاعر )أدونيس( تلك الليلة قد قذف بقنبلة أو لربما أشعل قنديلا ولكنه كان بالتأكيد يخاتل.. النار.
أميمة الخميس
E-mail:omaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved