أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th April,2001 العدد:10430الطبعةالاولـي الخميس 25 ,محرم 1422

مقـالات

ليتني ما عرفتك
د. فهد حمد المغلوث
قد يكون عنوان هذا الموضوع قاسيا نوعا ما وقد تكون العبارة نفسها مؤلمة على النفس، ولكن ألا تعتقدون أحيانا أننا نضطر لترديدها وبحرقة من حين لآخر بيننا وبين أنفسنا حينما نشعر ان معرفتنا بشخص ما قد جلبت لنا الكثير من المعاناة والشقاء؟
والمشكلة أحيانا أن هذه المعرفة بدأت حلوة وما زالت كما كنا نحلم ونتمناها منذ زمن، بعد طول انتظار وبعد بحث وتردد. ولكن الحقيقة التي ينبغي ألا ننكرها هي أننا نشقى بالفعل حينما نتعرّف على أشخاص معينين ويتمكنون منا ويشغلون حيزا كبيرا في عقولنا وقلوبنا، هذا ان لم يشغلوها بكاملها!.
نشقى معهم وبهم وبسببهم لأسباب عديدة خارجة عن ارادتنا وعن تحكمنا لأنها أشياء مرتبطة بالعواطف والأحاسيس والمشاعر، تلك الأشياء التي لا نملك حيالها سوى ان نكون ضعفاء قليلي الحيلة لا حول لنا ولا قوة! تلك الأشياء التي لا نملك حيالها سوى أن نرفع أكف الضراعة الى الله بأن يريح قلوبنا ويحقق لنا رغباتنا ويدخل السعادة الى قلوبنا لأنه وحده الذي يعرف عمق ما نشعر به من معاناة وصدق ما نُكِنُّه من مشاعر حب ومودة بداخلنا لمن نريد ونحلم به.
والشقاء هنا نوعان، وكل نوع أتعب من الآخر في حقيقته!
فأنت حينما تقول هذه العبارة )ليتني ما عرفتك( فإنك قد تقولها للأشخاص الذين تأسف لأنك صادقتهم أو حتى عرفتهم لأنهم ربما أوقعوك في مشاكل كثيرة أنت في غنى عنها كمن يورطك في فضيحة سلوكية أو أخلاقية أو أمنية وبالتالي يرتبط اسمك باسمه فقط لأنك تعرفه ومن ثم يشوه سمعتك ويسيء اليك والى كل من تعرف ويجعلك عُرضة للمساءلة والشك من قبل الآخرين في حين أنك عكس ذلك تماما! ولكن هذا بالطبع خارج عن ارادتك خاصة إذا لم تكن تعرف طبيعة هذا الانسان ونواياه وسلوكه منذ البداية. وللأسف فان هذه العبارة تقال أحيانا مع تغيير بسيط ولنفس المعنى حتى من الأم أو الأب للابن العاق الذي يوقع والديه في مشاكل كبيرة ومحرجة بشكل تفوق طاقتهما وتحملهما لدرجة قد تجعل أحدهما أو كليهما يقول «ليتني ما جبتك!» أو «ليتني ما خلّفتك!» أو «ليتك لم تكن ابني!» وهي كلمة قاسية على الأبوين وليست سهلة أبدا، ولكنهما لا يتلفظان بها إلا بعد أن يفيض بهما الكيل وتصل الأمور الى مرحلة لا يمكن تصورها بأي حال من الأحوال! وهذا هو النوع الأول من المعرفة غير المرغوبة يمكن أن يتضح أيضا مع نماذج بشرية أخرى من ثقلاء الظل كثيري المطالب المحرجة أو ما يمكن أن يطلق عليهم لحوح أو «لزقة» لا يمكن الفكاك منها!.
أما المعرفة الثانية التي تتمنى لو لم تُقِدم عليها، فهي تلك العلاقة العاطفية المبنية على الحب الصادق الذي لا تشعر إلا وهو يتنامى بداخلك وتزداد مساحته الخضراء لدرجة لم يعد هناك مجال للتراجع أو التخلي عنه، بل ان مجرد التفكير في التخلي عنه وعن صاحبه يُسبب لك أزمة حقيقية تبدأ بوادرها بالقلق والتوتر المستمرين والاحباط واليأس وينتهي الى الخوف من المستقبل ومن المجهول نتيجة احساسك المستمر بأنك سوف تفقد هذه العلاقة العاطفية المتأججة الصادقة وبالتالي سوف تخسر هذا الانسان للأبد.
ومثل هذا الشعور فقط يقتلك أكثر من مرة في اليوم الواحد لأنك لا يمكن ان تتخيل مغادرة هذا الانسان من حياتك للأبد كيف لا وأنت مجرد التفكير انه سوف يسافر ولو لفترة قصيرة ويغيب عن ناظريك وعن مسامعك يُوجد بداخلك نوعاً من التعب النفسي والتفكير في أمور لا وجود لها أصلا!! أو التفكير في احتمالات وافتراضات مزعجة ومخيفة لا قدر الله!
وهذا ما تجنيه من الحب! وهذا ما تجنيه من قلبك! لأنك تجد نفسك في دوامة من القلق والتوتر والتساؤلات الحائرة المتواصلة المخيفة والمتعبة وحينها لا تملك إلا أن تقول لنفسك «ليتني ما عرفتك يا..!» أليس هذا هو لسان حالك أحيانا؟
وربما، وهذا وارد أنك حينما تقول عبارة «ليتني ما عرفتك» ربما كنت تتمنى بداخل نفسك لو أن هذه المعرفة كانت منذ وقت طويل في ظروف أحسن مما هي عليه الآن لك وله، إذن لشعرت بحياة أخرى غير تلك التي تعيشها الآن، إذن لشعرت بسعادة حقيقية، إذن لأصبح لكل شيء طعم آخر غير الذي نستطعمه الآن، إذن لم تكن في حاجة لتلك التساؤلات المتعبة والحالة النفسية المؤلمة التي وصلت اليها، إذن لتحققت أحلامك منذ وقت مبكر، ولكن هل كل شيء بالتمني؟
ومع ذلك، تظل معرفتنا بنوعية معينة من الناس هي مكسب في حد ذاتها، لأننا معهم نجد أنفسنا، ولأننا بهم نكون أكثرقوة ولأننا من أجلهم نعمل المستحيل فقط لكي نثبت للآخرين أنه ليس هناك من مستحيل، ولِمَ يكون مستحيلا ونحن نريد ان نصل الى ما نريد لِمَ يكون مستحيلا وارادتنا قوية بالله قبل كل شيء؟ ولِمَ يكون مستحيلا ونحن نشعر ونلمس بأنفسنا ان هناك أيادي ممدودة لنا في كل وقت وقلوبا مفتوحة لنا في كل وقت وأرواحا جميلة هي توأمنا الذي لا نريد ان يفارقنا.
إذن فنحن حينما نقول عبارة «ليتني ما عرفتك» فلأن هذا الانسان نبش ما بداخلنا واثار شجوننا وفتح جراحا كادت تندمل بفعل الزمن.
وتظل هذه العبارة رغم قساوتها ومرارتها على النفس تظل جميلة وأكثر من رائعة في مضمونها لأنها لا تخرج إلا من انسان محب ويقدر معنى الحب أيا كان وضعه.
******
همسة
ألأنني أحبك بجنون..
وأبحث عنك باستمرار؟
ألأنني لا أرى حولي سواك؟
وأسأل عنك في كل وقت
ألأنني أشتاق إليك..
وأريدك معي دوماً
تقسو عليّ؟!
وكأنني أي انسان عادي؟!
*****
لا تسأل عني..
وكأنك مللتني؟
ومتى؟
في وقتٍ أنا أحوج فيه إليك!
في وقتٍ أصبحتُ أخاف فيه!
من المستقبل..!
من كلِّ ما هو آتٍ!
*****
من كان يصدّق..
أنه سيأتي يوم..
تعاملني فيه هكذا..
بكلِّ صدٍ وجفاء؟
بكل برود؟
وكأنني لا أعني لك شيئا؟!
من كان يتخيل..
أن يحدث هذا منك أنت!
*****
ولكنه أتى..
أتى اليوم الذي كنت أخشاه!
أتى اليوم الذي أراك فيه.
لا تُطيق الحديث معي..!
تتهرّب مني..!
تتحاشى وجودي!
ترفض حتى مجرد صداقتي..
وكأنني حمل ثقيل عليك!
تتمنى لو لم تعرفه!
*****
ولِمَ كل ذلك؟
من أجل من؟
فما كان بيننا شيء مختلف..
أكثر مما هو في الروايات!
كنت أنت مختلفاً..
برقة مشاعرك وطيبتك!
بخفة روحك وعذوبتك!
وكنت أنا مختلفاً
بما أحويه من مشاعر صادقة
حرصتُ على ألا تصل..
إلا لمن يستحقها..
لمن يعرف قيمتها ويصونها..
ووجدتك أمامي كل المشاعر..
فكانت مشاعري ومشاعرك..
مشاعر واحدة.!
شيئاً واحدا!
لا فرق بينها!
تسمو فوق كل شيء!
*****
أما الآن..
فانظر ماذا حدث لي بسببك..
لقد أصبحتُ شخصا آخر!
لستُ ) أنا (!
إنسان مختلف!
يستغرب نفسه!
يبحث عنها.. يريدها!
*****
صدقني..
كل يوم يمرّ عليّ..
أتعذَّب فيه..
دون أن يشعر بي أحد!
حتى أنت!
كل يوم ينزف قلبي..
براكين من الألم!
لا يعلمها سوى الله!
حينما أعلم.. مجرد علم
أنك تغيّرت عليّ!
ولم تعد كما كنت..
فكيف هو احساسي..
حينما أعلم أنك لست لي؟!
أو أنك ستتخلى عني؟!
في يوم ما!
*****
ماذا أشرح لأشرح!
وكيف أعبِّر لك عما أشعر به!
فكل شيء حولي أصبح قاسياً!
باهتاً لا معنى له!
حتى دمعتي الغالية..
مؤنستي في وحدتي..
رفيقتي في غربتي..
عزائي وسلوتي..
قسوت عليها هي الأخرى!
أجبرتها على السكوت!
طالبتها بالمداراة والتخفِّي!
وكأنها ارتكبت جرماً!
تخشى عقابه!
فأصبحت خرساء!
تنزل بصمت وعلى استحياء!
فليتني ماعرفتك!
ليتني ظللت كما أنا!
إذن لم يكن هذا هو حالي!
*****
ولكن..
ماذا أقول؟!
يبدو أن الدنيا هكذا..
كريمة مع من لا يستحقون..
تعطيهم أكثر مما يحلمون..
وهكذا ستظل..
غير عادلة!
غير مُنصفة!
أمّا من يستحقون..
فليس من حقهم..
سوى أن يعرفوا فقط..
أن هذا هو حظهم!
هو قدرهم!
وما عليهم سوى الرضا..
سوى التظاهر بالابتسامة!
وأي ابتسامة!
فيالها من حياة!
ويالك من إنسان

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved