أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th April,2001 العدد:10430الطبعةالاولـي الخميس 25 ,محرم 1422

مقـالات

بوح
الفساد
إبراهيم الناصر الحميدان
هذه المفردة البغيضة الى الاسماع التي يتجنب الحديث عنها من يتصفون بالنظافة والبراءة هل تراها بعيدة عن تخوم كافة المجتمعات البشرية؟ في اعتقادي بأن الفساد لا ينفصل عن النقاء مثل ارتباط الخير بالشر وان اختلفت الابعاد حيث ان فضيلة الخير لا يمكن ان تبرز وتطهر النفوس ما لم تنزعها من براثن الشر. والمجتمع.. أي مجتمع يستحيل ان يملك صكا بالتخلص من الفساد طالما ان الاتجاه العام هو التسابق الفردي للخروج من أي معترك بمكسب من نوع ما وهي صفة يستحيل ان تتخلص منها البشرية طالما اعترف بها معظم الرسل ورفعوا أكف الضراعة الى الله سبحانه وتعالى بأن يخفف عنهم عقاب ما يرتكبون من هنات ومعاصٍ وتطهير ذواتهم من الوقوع فيها وهذا يعني بأن الخطأ وهو من انواع الفساد في الرأي أو التصرف يحدث او التفكير على الاقل يحدث بالرغم منا اذ ان المخلوق جبل عليه.
فالانسان السوي يتطلع الى امور ليست في حوزته غالبا مثل الفقير الذي يبحث عن الغنى والثري الذي يتطلع الى الترف والمنسي الذي يجاهد نحو الشهرة والمرأة التي تتمنى لو حظيت بمواصفات الجمال المتميزة وحتى يصل الفرد الى ذلك المبتغى سوف يرتكب الكثير من السيئات من أنواع الفساد في الرأي أو التصرف حتى ينال مبتغاه ويثبت أحقيته في كسب ذلك التطلع بل انه حتى العدل يحتاج الى كثير من العقاب ليتحقق، فالتسمية قد نختلف حولها انما هي في جوهرها تفضي الى ذلك المصب فالمجرم في أي مجتمع ليست له صفات تختلف عن سواه لا مظهرا ولا واقعا انما الذي شكله ودفعه نحو الخطأ أو الفساد هي عوامل خارجة عن ارادته بما فيها البيئة المحيطة به وذلك المرتشي الذي خضع لبريق الاغراء مع انه في داخله لا يجهل مواصفات الزلل.. تضافرت عليه بعض العوامل ليدنس يديه.
وليست هذه المبررات نقصد بها تمرير أي فعل يرفضه المجتمع انما هي ملامح للدوافع التي ساهمت في حدوث الخطأ باعتبار ان الطهارة هي في الاصل صفة الانسان السوي منذ مولده وليس.. الفساد في الرأي أو التصرف لأنه لولا ذلك لما احتاج المجتمع.. منذ الخليقة.. الى ايجاد القوى التي تكافح تلك المفاسد بصرف النظر عن نوعيتها وحجمها ابتداء من الشرطي وانتهاء بالمحاكم ثم السجون والنقيض لكل تلك الاجهزة هو تحقق العدل والمساواة بين الناس وهو ما يختلف الغالبية لتحديد مواصفاته وهذا يعني ان خيوط الخلل المتشابكة موجودة في تركيبة الانسان كما هي في أعمدة المجتمع والفوارق الصارخة بين الأفراد مثل الغنى الفاحش والفقر المدقع.
اذ ليس من كامل سوى وجه الله أما المخلوق فالعوامل التي تشكله منذ مولده الى حين شيخوخته تساهم في تحديد أفعاله وعطائه ولهذا قال المسيح.. وهو من الأنبياء.. حين رأى قومه يتسابقون الى معاقبة ساقطة.. من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر.
فالعدالة في الوجود تحققها صعب وان تطلع الفلاسفة الى المثالية أو الفردوس المفقود؟
ولهذا السبب نستغرب بأي مسؤول يغضب أو يثور عندما يواجه أو يكتشف خللا أو فسادا في ادارته بل انه سوف يدعي العكس ثم يبرر ما حدث بأنه سوء فهم لا سوء تصرف وفساد رأي وهكذا فاننا جميعا نبرر أخطاءنا ونتجاوز عنها بمثل ذلك التفسير البيروقراطي.
للمراسلة ص ب 6324 الرياض 11442

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved