أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 19th April,2001 العدد:10430الطبعةالاولـي الخميس 25 ,محرم 1422

الثقافية

نهار جديد
رجل يشبهني
عبدالله سعد اللحيدان
يحدث - أحياناً - أن أتجاوز..
العتبة
فيما قدماي تتعثران..
بكيس يحوى:
.. رغبات نزقة
.. كلمات تركتها امرأة تحترق
قرب الموقد
.. ذاكرة تسقط سهواً من جيب صديق
.. حكايات وقصصاً لم تكن تدرك
جدتي
حين خبأتها في خزانة ملابسي
أنها ستهرم كأنفاس تصدأ في رئتين
وجوهاً مكتنزة تعض بحنق
على كوابيس مهدورة دمها
كنت وإخوتي نردم بها
ثلمة في الجدار
فقط.
كانت عيناي عالقتين
في الأفق كأنني أراوغ الباب
وأتقي شره
عندها تذكرت
أنني البارحة نسيت
أن أحزم هذا الكيس
وأدفعه إلى رجل
من المارة..
يشبهني في آخر الليل(
هذه قصيدة «رجل يشبهني» من الديوان الذي يحمل الاسم نفسه لمحمد الحرز، وهي نموذج جيد لقصيدتنا النثرية الجديدة، على الرغم من ان هذه القصيدة تتلفت إلى الماضي قليلاً، وفي بعض ملامحها، إلا ان قوة انطلاقها إلى الإمام تطغى على هذه الالتفاتات.
الذاكرة التي تسقط سهواً من جيب صديق والحكايات والقصص والجدة وأفعال الماضي و «كنت» و «كانت» و «تذكرت» و «نسيت»، هي الالتفاتات إلى الماضي التي بدأت القصيدة النثرية الجديدة تتجاوزها وهي تنطلق من «الآن» وتعلق أبداً بالمستقبل وتتعاشق معه.
ولكن، ربما، تكتسب هذه الالتفاتات، وفي هذه القصيدة قوة معاكسة، أي صفة تقديمة تنطلق بقوة إلى أعلى وإلى الأمام، وتحيل ماتم استعادته من الماضي إلى قوة تكمن أو قد تكمن في المستقبل وقد تعوقه أو تشكل عثرة من عثراته، بفعل هذا، وبفعل قوة الاستهلال التي تعلن الرغبة في التجاوز وبفعل العينين العالقتين في الأفق وبفعل الاصرار على حزم كيس الماضي ودفعه إلى الآخر الذي يشبهه وبفعل روح التطهير والتنقية التي تشيع في القصيدة بإخلاص ودقة لاتعنى بنقل الواقع كما هو أو سرد الأحداث كما هي بعد أن مر الشاعر «قبل كتابة هذه القصيدة» بثلاث مراحل: عاش التجربة ثم استعادها وتأملها ثم أبدعها وجسدها من جديد وبعد أن ترك للقارئ مساحة واسعة للتخيل واشباع حاجاته من التذوق والاستمتاع وتمثل هذا العمل الإبداعي الجميل.
)المبدع هو من يشارك في الإضافة إلى عالم الفن والجمال الساحر ويعمل علي استمراره واستمرار تأثيره في الحياة الإنسانية وعبر تطوراتها وتحولاتها المستمرة، والقارئ والناقد هما من يملك المفاتيح السحرية البسيطة للولوج إلى هذا العالم واكتشاف أسراره، وهؤلاء الثلاثة يجتمعون ليحفظوا لهذا العالم الإنساني مكانته وكيانه الخاص وبهاءه وقوته الروحية والتأثيرية في مسيرة التطور الإنساني( .
ومحمد الحرز مبدع وقارئ وناقد في الآن نفسه، ليثبت ان الموهبة يمكن ان تكون متعددة الوجوه ودون أن يطغى جانب على آخر.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved