أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 23rd April,2001 العدد:10434الطبعةالاولـي الأثنين 29 ,محرم 1422

مقـالات

اضاءة
معظم النار من مستصغر الشرر
شاكر سليمان شكوري
وبعد واقعة تعدي طالبي الجامعة على مدرس بثانوية الشاطىء في جدة، التي يطبقان فيها التدريب العملي في مهنة التدريس، تفجعنا واقعة أخرى مشابهة ولكن في مدرسة للبنات، فقد انتقمت احدى الطالبات من معلمتها بطريقة مبتكرة في السفالة، بأن كتبت اسم المعلمة ظاهرا على حذائها الأبيض ثم توجهت الى المعلمة لتريها فعلتها في تحد سافر، وتتبختر بحذائها بين الطالبات والمعلمات في خيلاء وقد ولى عنها الحياء.
ووسط هذه الحالة الضبابية التي تمر فيها القيم المثلى ببوادر أزمة حقيقية، تشاء الصدف العجيبة ان أشاهد الأستاذ الحبيب عبد الله مرزا متعه الله بالصحة وهو أستاذي في المرحلة الابتدائية قبل عقود عدة، وقد انقطعت بنا الأسباب من وقتها، ومضى كل الى حال سبيله حتى لقيته مؤخرا على حين فجأة.
للوهلة الأولى انتابني هاجس بأن أشرد الى طريق آخر كما كنت أفعل وأنا طفل صغير احتراما للأستاذ وتوقيرا لهيبته التي ترسخت في وجداني، لكني سرعان ما وجدت نفسي تلقائيا أتدارك الهاجس الصبياني بداخلي وأقمعه لأؤدي واجب الوفاء لأستاذي وأحيي ذكرى الأيام الخوالي.
هرعت اذن الى الأستاذ )أسلم( على يده ورأسه، وكم كانت دهشتي بالغة وهو يتعرف علي بعد هذي السنين الطوال، «آه».. أنت فلان ابن فلان.. كنت في فصل كذا بمدرسة الفيصلية في مكة.. أليس كذلك؟ قالها بعد ان نظر الي نظرة فاحصة بعين خبيرة، لم تخدعها السنون ولا تراكماتها على الطفل الذي كان، ثم أصبح شيئا آخر إلا في عين أستاذه.
لا أستطيع ان أصف مدى سعادتي البالغة بهذا اللقاء الحميم، فما أجمل ان تجد نفسك حاضرا في ذاكرة أستاذك بعد طول العهد، ولا أعتقد ان أستاذي العزيز كان أقل مني سعادة وهو يرى غرسا قد نما، كان له في رعايته وانمائه سهم مبكر مبارك.
ولقد أدركت مدى الخسارة التي يتكبدها حقل التعليم حين يتنازل طواعية عن خبرة هؤلاء الأساتذة المهرة ومحفظي القرآن الكريم ذوي الخبرة الطويلة الناجحة، لمجرد بلوغهم سن المعاش، رغم ان أغلبهم تظل قدرته على العطاء فائقة.
ويبقى السؤال: ما الذي قلب موازين المدرسة؟
وكيف تحول احترام الطالب لأستاذه الى تطاول وعدوان، من بعض الطلبة والطالبات على المعلمين والمعلمات؟!
وكيف لنا ان نفكر في اعادة بناء العقل ليواكب نهضة العصر، ونحن أمام بوادر أخلاقية وسلوكية تهدد بانفصام عرى التواصل بين رعاية المعلم لأبنائه الطلبة وأداء واجباته في تربيتهم وتعليمهم، وبين احترام الطالب لمعلمه على النحو الواجب، لتقوم العملية التعليمية على أساس سليم ومتين بين مدرس )معطاء( وطالب )وفي(؟!
أقول إن علينا ونحن نعيد النظر في مناهجنا ونعمل دائما على تطويرها على نحو )عصرنة( العلوم والرياضيات وإدخال علوم الحاسبات، من أجل تشكيل نمط عقلية جديدة لانسان يستطيع ملاحقة العصر ومعطياته المتسارعة على مدار الساعة.. علينا أيضا ان نتصدى وبشدة لما يواجه الخطة من معوقات لعل أهمها ظهور قلة قليلة من الطلبة والطالبات يحاولون الخروج بالمدرسة من دائرة الاحترام الواجب لدار العلم، الى دائرة السوقية والعدوانية، ولابد ان ننتبه الى مقولة «معظم النار من مستصغر الشرر».
وكيل إمارة منطقة عسير المساعد
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved