أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 24th April,2001 العدد:10435الطبعةالاولـي الثلاثاء 30 ,محرم 1422

مقـالات

مركاز
تجربة المجاري!
حسين علي حسين
منذ سنوات أقوم بتدريب رياضي شخصي في الجزء الذي أسكن فيه، وكنت أثناء مروري بجانب عمائر صغيرة وحديثة البناء، ألاحظ خروج جداول من مياه الصرف الصحي، من العمائر إلى الشارع الرئيسي، وطوال رحلتي التي تمتد عادة وبشكل شبه دائري إلى مساحة تتراوح بين الثلاثة والأربعة كيلو مترات، في كامل هذه المساحة كنت ألاحظ هذه الجداول الصغيرة التي تضفي جواً من العفونة في محيطها، ثم لا يلبث هذا العفن أن ينزل من الهواء إلى الأرض، مكوناً بقعاً خضراء أو زرقاء، الله وحده يعلم مدى الأضرار التي قد تخلفها للبيئة وللناس، فالضرر في جميع الأحوال حاصل!
وبعد ذلك بعام أو عامين لاحظت أن هذه الجداول التي تشبه فيضان برك السباحة، قد أخذت طريقها إلى النطاق العمراني الذي أسكن فيه، وعندما زاد تسرّب المياه، بدأ بعض السكان في شفط جزء من بياراتهم، ولذلك فقد دخلت إلى هذا النطاق النظيف والخالي من المحلات العامة والضوضاء، دخلت سيارات الشفط ومعها مواطيرها المزعجة ورائحتها النتنة، لكننا بعد خروج سيارة الشفط بيوم واحد، كنا ننعم بأرض ناشفة، وبانعدام الرائحة النتنة التي تتسرب من المنازل إلى الشارع، لكن ذلك لم يستمر أو لا يستمر يوما واحدا أو يومين، ثم تبدأ المعاناة نفسها، والرائحة نفسها، لكنها هذه المرة أشد شراسة، فقد جلبت معها الحشرات الطائرة والزاحفة!
وعندما لاحظت ما حصل للجيران بدأت في وضع بعض الخطوط الدفاعية، عندما لاحظت نداوة أمام الباب، أحضرت عاملاً، ومجموعة من أكياس الأسمنت والرمل، وبدأنا في وضع طبقة أسمنتية، تجعل فيضان المجاري يتوغل في باطن الأرض، لكن هذا الفيضان بدأ لقوته وشراسته يخترق باقة السدود، فقد بدأت بشائره تبزغ من باطن الأرض، وبدأنا زيارات متوالية لأصحاب وايتات الشفط، وكالعادة نشفط البيارة اليوم، ليعود الفيضان بعد يومين أو ثلاثة أشد قوة وشراسة.
ومع الوقت بدأ عندنا ما يشبه الإدمان على رائحة الصرف، أصبحنا نفتقد الفيضان النتن عندما يغيب، ونشعر بزهق عارم عندما يزيد عن حده، وحتى اللحظة، وعلى مدى سنوات حصلت تطورات جيدة، وإن كانت بطيئة، فقد بدأت شركات متعاملة مع مصلحة المياه والصرف الصحي في العمل على أجزاء من النطاق المربع الذي أمارس فيه رياضة المشي، لكن هذا العمل ترتفع وتيرته في أيام ثم تجف، وعندما يزداد قلقنا يعود وهكذا.. وحتى الآن انتهت أجزاء وبقيت أجزاء، وكأن هذه الأجزاء الباقية التأمت وتكتلت ضمن النطاق الضيق الذي أسكن فيه.. رائحة شرسة وشفط متوال لخزانات الصرف الصحي، وأمل متزايد بأن تزورنا هذه الشركات!! ولن أقول لكم مقر سكني، فهو للحقيقة في مناطق كثيرة، تتشابه للحد الذي أعتبر مقر سكني أو حارتي الحقيقية نموذجاً لها، وفي كل هذه النماذج بقعة تشملها المجاري، وبقعة بجانبها وفي نفس نطاقها تعاني أشد المعاناة، وما حارتي المربعة التي تشرف على أربع طرق رئيسية في شمال الرياض إلا مثال، ما هو الحل؟ هل تنتظر المصلحة الوقت الذي تصبح مناطق مثل البندقية، مساكن على الماء، وكل مسكن أمامه قارب، مع فارق واحد، هو أن منازل البندقية تقع على ماء ليس له طعم ولا لون ولا رائحة، ونحن ننعم بفضل مصلحة المياه والصرف الصحي بكافة الخصائص السابقة محذوفة منها كلمة )لا!(،
وكان الله في العون على هكذا معضلة!!

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved