أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 24th April,2001 العدد:10435الطبعةالاولـي الثلاثاء 30 ,محرم 1422

الفنيــة

القحطاني يحمّل «التفكير» مسؤولية غياب المسرح
المسرح موجود.. إذاً نحن نفكر
في ذهن «العربي» خلط بين المسرح والملهى الليلي
الإخراج .. أفسد المسرح بجامعة الملك سعود
* لقاء - أثير السادة :
الدكتور سلطان القحطاني أستاذ الأدب بجامعة الملك سعود يحمل هم المسرح بوصفه معطى أدبياً وفكرياً يسير في ذات الخط الروائي والحكائي الذي كتب حوله الكثير.
الدكتور القحطاني كتب في مجال الرواية كتابات متعددة اتسمت بالثراء والعمق. وها هو الآن يتحدث عن المسرح من خلال اللقاء الذي جمعنا به مؤخراً بنفس العمق الذي يكتب به عن الرواية يقول: «المسرح لا يمكن أن يسنفد أغراضه طالما ان الانسان يفكر».. «الى اللقاء»:
* ما هي الأمور التي تلفتنا أكثر في المشهد المسرحي المحلي؟
- قبل أن نتكلم في الأمور التي تلفت انتباهنا أكثر من غيرها، يجب علينا أن نتذكر المسرح السعودي في بداياته التي توقف عندها قبل أن يبدأ. فالمسرح لم يقدم شيئاً يلفت الانتباه، لأن المسرح ما زال اجتهادياً، يتوقف على جهود بعض الهواة من المسرحيين، فلو أن هناك معهداً للمسرح والفنون الحديثة لاستطعنا الحكم على المشهد المسرحي مثلما نحكم على المشاهد الثقافية الأخرى. وليست المشكلة في الطاقة المسرحية، بجميع ما يتعلق بشؤون المسرح، ابتداء بالطاقة البشرية وانتهاء بجمهور المشاهدين. وقد شاهدت في هذا العام النشاطات التي قدمت في «الجنادرية»، ووجدت فيها منتهى الاتقان للفن المسرحي، نصاً وتمثيلاً واخراجاً. اذاً نحن بحاجة الى المسرح ما دامت الطاقات موجودة بهذه النوعية من الجودة.
* هل يجدي المسرح في زمن الفرجة السلبية والخداع البصري؟ ألم يستنفد أغراضه كاملة .. ؟
- المسرح الحقيقي، وليس مسرح التهريج الرخيص، لا يمكن أن يستنفد أغراضه ما دام الانسان يفكر، فالمسرح مدرسة تعالج من خلالها مشكلات المجتمع، فهو باق ما دامت البشرية باقية. وزمن الخداع البصري له من اسمه نصيب، فهو خداع، والخداع لا يدوم، وقد بدأت بوادر زواله تلوح في الافق، فالمسرح صاحب رسالة، وصاحب الرسالة مسؤول عنها بدوام الانسان واحتياجاته.
* ما طبيعة الفرجة التلفزيونية وتلك المسرحية؟
- الفرجة التلفزيونية، عامة لكل الناس، حتى الذين لا يرغبون فيها، أما المسرحية ففن له رواده ومحبوه. فالمسافة بينهما لا تقاس بهذه المقاييس، وقد تكون المسرحية فرجة تلفزيونية، لكنها تبقى مسرحية لها أصولها وقوانينها، اذا كانت مسرحية وليست ملهاة سخيفة المعنى والمبنى. وتدهور المسرح بسبب النص الرديء والمشاهد الجاهل بأصول العرض المسرحي والمنتج المرتزق على حساب الفن.
* ماذا نريد من المسرح ... ؟.. ممارسة تطهيرية تتماهى، تنفعل بالواقع أم ممارسة تحريضية تصطدم بالواقع وتجادله فنياً .. ؟
- إذا لم يكن المسرح صاحب رسالة، فإنه مسرح بلا مسرح ، واعني بذلك العملية الدائرة هذه الأيام في المسرح العربي المتدهور، فالمسرح الجاد، ذلك المسرح الجدلي ليس للجدل فحسب، بل للجدل في سبيل الحل الجدلي، وليس بذلك المسرح المدرسي الموجه تعليمياً، والا خرج من الفن المسرحي الي الدائرة الارشادية الضيقة، فنحن ننشد مسرحاً يشخص الداء ولا يصف الدواء.
* متى يمكن أن يتحول المسرح من ثقافة شفاهية الى ثقافة بصرية .. ؟
- المسرح ذلك الفن الذي باستطاعته الجمع بين الفنين في سهولة ويسر، فالمسرح الصامت يعتبر من الفنون البصرية، لكنه يبقى مسرحاً شفهيا، والشفهية هنا لا تعني الشفهية التي تعني الجهل، والاعتماد على الرواية الشفهية والايقاع الصوتي الشعري، لكنها الشفهية الموحية بالفن والحركة الزمانية المكانية المعبرة عن واقع بصري متفاعل بالواقع الحسي، يثير في المتلقي كامن التفكير من خلال الأثر المسرحي، بكل أبعاده ومراميه.
* هل تعتقدون بوجود عوائق معرفية وأخرى أيدولوجية تحول دون قيام مسرح عربي؟
- ليس هناك من العوائق التي تحول دون قيام مسرح عربي، ما عدا عائق واحد، وهو قصور التفكير في اسم المسرح نفسه، فمتى عرف الانسان العربي ماذا يعني المسرح، انعدمت كل العوائق، فالذي صنع العوائق هو الانسان العربي الذي يخلط بين المسرح والملهى الليلي، حتى استجاب بعض مرتزقة المسرح في بعض البلاد العربية لطلب هؤلاء وقام بملهى ليلي سماه «المسرح» وهذه الطامة العظمى التي وقعت على المسرح من هؤلاء. وقد قابلت أحدهم ولم أتردد في لومه على ذلك، فما كان منه إلا أن قال لي: مشكلتك انك تقول كل ما عندك. والجمهور عايز كده. فبدل ان يرقى بذوق الجمهور الجاهل بأمر المسرح نزل عند رغبته الفاسدة. هذا هو العائق، اذا قضي على مثل هذا التفكير، نستطيع القول أن هناك مسرحاً عربياً، أما اذا بقى الحال كذلك فلن تقوم للمسرح قائمة.
* الحكواتي.. مسرح خيال الظل.. بذرات الفرجة المسرحية، أو أشكال أولية لفعاليات شبه مسرحية كانت متوفرة في التربة العربية غير انه لم يكتب لها التحول الى شكل مسرحي متكامل.. فما تفسيركم لذلك .. ؟
- هذه كانت بدايات المسرح العربي القادمة من التراث الاغريقي القديم، وكانت صالحة في وقتها، أما اليوم فهناك مدارس مسرحية حديثه، وما نحتاجه منها هو ما نحتاجه من الاسطورة والحكاية في الرواة، الاستفادة منها في بناء النص المسرحي، أما ما عدا ذلك فلا يلزم المسرح الحديث.
* التجريب تجاوزات متمردة على المألوف، ترى هل نملك الحق في التجريب؟ وما الذي نريد تجاوزه ونحن لا نملك إرثاً مسرحياً؟
- التجريب حق مشروع في الابداع أياً كان نوعه، والتجريب في المسرح العربي أقل حظاً من التجريب في الفنون الابداعية الأخرى، كالرواية والشعر والقصة القصيرة، وقد يأخذ التجريب عدة وجوه منها التجريب بالخروج على المألوف المسرحي العام، كتجريب القصة القصيرة الممسرحة، أو الاخراج من النهاية. واذا عدنا الى ما لم نكن نملكه في التراث العربي، سنضطر الى العودة عن الكثير من الفنون الحديثة، وأولها، الرواية الحديثة التي لم تكن في تراثنا العربي والقصة القصيرة وقصيدة التفعيلة. نحن نريد أن نعمل كما يعمل الآخرون ولا زيادة على ذلك، ومن حقنا أن نكيف ما نشاء حسب معطيات الحياة العربية والقيم والأخلاق العامة والخاصة.
* على مستوى الوعي بالمسرح كنسق تعبيري، ما هو الحاضز في هذا الوعي، وما هو الغائب عنه محلياً؟
- سنضطر الى العودة إلى ما كنا قلناه في بداية الحديث، الوعي لا يمكن أن يتم الا بوجود مسرح متكامل، فإذا وجد المسرح استطعنا معرفة الحاضر والغائب معا. فالوعي الاحترافي للمسرح موجود، لكن يلزمه التطبيق العملي للمسرح، حتى مسرح الجامعة الأكاديمي ينقصه الوعي الفني، وقد شاهدت بعض الأعمال المسرحية هذا العام في المسرح الجامعي فوجدتها أعمالاً جيدة ينقصها الاخراج الفني، وبهذه الطريقة لا يمكن تسميتها مسرحيات، وقد كان المسرح الجامعي في بداياته من أرقى المسارح العربية، أما اليوم فيعتبر من أسوأ الفنون المشخصة، والسبب ان القائم على اخراج العمل لا يفقه في الذوق الفني أقل ما يمكن ان يعبر به عن الفكرة العامة، بصرف النظر عن الفكرة الخاصة. وأود في نهاية هذا اللقاء أن أشير الى جزئية هامة في هذا الصدد، وهي مخاطبة العقلية العربية بمعطيات الحاضر، وليس بمعطيات الماضي،

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved