أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 24th April,2001 العدد:10435الطبعةالاولـي الثلاثاء 30 ,محرم 1422

القوى العاملة

تلون سلوك المدير ....
ان من أبرز مقومات نجاح المدير في تسيير دفة ادارته ليس عائدا لما يظهره من أساليب الحزم والشدة ولا حتى ما يتمتع به من درجة علمية وخبرات عملية كما قد يتصور الكثيرون بل تكمن في مدى قدرته على «التلون» ... وأعني تلون الشخصية والسلوك وبالمناسبة ليس كل فرد يملك هذه المقدرة او المزية ان صح القول وأحسب انها تحتاج لاستعداد ومهارة من نوع خاص...
أدري ان البعض سوف يستغربون هذا المعطى ولا ألومهم فقد جرت العادة ان المدير من هذا النوع يوصف بضعف الشخصية او متقلب المزاج وربما بالمتملق وان شئنا العامية «بو وجهين» الى غير ذلك من النعوت والمسميات ولا أملك الا ان أشاطرهم في ذلك فهذا النوع من المديرين موجود بالفعل وما أكثرهم .. «سوف نتحدث عنه في ثنايا المقال» ألا أن ما أقصده يختلف كلية بل على النقيض منه تماما وللإيضاح وحتى لا نقع في شراك الخلط وسوء الفهم تعالوا نستعرض ثلاثة نماذج من المديرين...
أولا: المدير الذي ينقاد لمزاجه ومشاعره بمعنى ان انفعالاته تطغى على شخصيته وتقود سلوكه ولنضرب مثلا على ذلك .. إذا غضب هذا المدير من موظف ما أو حتى مراجع .. الخ، يبقى ذلك الشعور يرافقه طوال يوم عمله ونلاحظ ذلك جليا حين يتردد على أسماعنا ان بعض الموظفين «يتناقلون فيما بينهم» بأن مديرهم اليوم غاضب وبتعبير عامي «مغلدم» فتجدهم يؤجلون طلباتهم ليوم آخر عدا انهم يلزمون مكاتبهم توجسا بأن يصب المدير جام غضبه على أحدهم .. كما ينسحب ذلك على مشاعر الفرح ايضا فتجد الموظفين ما يصدقون ان يروا مديرهم وقد ارتسمت على محياه أسارير الفرح والسعادة الا وتجدهم «طوابير» قاصدين موافقته على طلباتهم فهذا يريد اجازة «سبق وان رفضها المدير» وآخر يتوسل الموافقة على نقله .. وثالث يطلب ترقية وعلى الضفة الأخرى هناك من «يفركون» من الادارة قصر الكلام ذلك اليوم كلٌّ يغني على ليلاه! وأراكم تتفقون معي ان هذا النوع من المديرين سلبي الانفعال كون انفعالاته تصبح الموجه الرئيسي لتصرفاته والطبيعي والمعتاد انها تنعكس سلبياً على الادارة برمتها ويبرز ذلك اكثر ما يبرز في تداعيات ذلك السلوك بما ينطوي عليه من متناقضات غريبة ومفارقات فجة فواقع الحال ان هذا المدير لا يعود يفرق بين المجد من الموظفين والمتسيب ..
فيضحك في وجه المتسيب ويمازحه متى كان «مسفهل» وفي المقابل يعبس في وجه المتفاني في عمله وربما يوبخه لأتفه الأسباب فقط لأن مزاجه غير رايق.
ثانيا: هناك من المديرين من لديه القدرة على التلون ويتحكم في مشاعره وانفعالاته لكن متى ما أراد هو لا كما تقتضيه مصلحة العمل ولا حتى ما يتوافق مع الموقف ذاته .. وفي سياق اوضح بل وأكثر صراحة فهو يسخر انفعالاته ويوظفها فيما يخدم مصالحه فتأتي تصرفاته مجانبة للواقع بل ومبالغا بها في كثير من الأحيان فتراه يبتسم لمديره الأعلى بمناسبة وبدون مناسبة طمعا في خطب وده وعلى صعيد آخر وفي غضون لحظات يستأسد على أحد موظفيه ويصرخ فيه لا لأنه تغيب او قصر في عمله بل لأنه اي الموظف خذل المدير في قضاء مصلحة خاصة.
ثالثا: نصل في هذا المقال لصفوة القياديين فهذا الأنموذج من المديرين لديه مهارة عالية على إسباغ سلوكه والتلون حسب ما تقتضيه المواقف وسلوكيات الآخرين وبعبارة اوضح تأتي انفعالاته متجانسة ومتماهية مع مجريات العمل ان سلبا او ايجابا ولمزيد من التوضيح فهذا المدير في حال لو قصده احد موظفيه المجدين لا يستنكف من إظهار البشاشة والرضا وبعد لحظات من خروج ذلك الموظف او حتى أثناء وجوده يدخل موظف آخر على النقيض منه «متسيب» فتجد المدير وبمهارة فائقة يعمد لتغيير سلوكه فتتحول تلك الابتسامة لاستياء وسخط ولا غرابة في ذلك اذ ليس من استقامة التفكير ولا من الانصاف ان يُعامل اثنان من الموظفين على طرفي نقيض بنفس الدرجة من السلوك والاستجابة.
وعودا على بدء يتضح لنا وبشكل لا يقبل الجدل ان هذه النوعية من المديرين مطلب ملح ومن أهم ركائز نجاح الإدارة ودفع عجلة انتاجها ليس بوصفه قادرا على السيطرة على انفعالاته وحسب بل «وهو الأهم» مهارته في قولبة سلوكه وتوجيهه بشكل ينسجم مع معطيات منظومة العمل في إطار يعج بالمتغيرات والمفارقات ناهيك عن الفروق الفردية ويبقى الرهان الحقيقي والناجز في نهاية المطاف هو تحقيق المصلحة العامة.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved