أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 24th April,2001 العدد:10435الطبعةالاولـي الثلاثاء 30 ,محرم 1422

تحقيقات

بعد نجاح تجربة أسواق الخضار:
قرار سعودة محاسبي الأسواق والمحال التجارية بين رغبات الشباب وتعطيلات القطاع الخاص
الشباب يؤكدون رغبتهم في العمل والإنتاج وأصحاب العمل متخوفون من التسيب واللامبالاة
تحقيق: ظافر الدوسري
عدم استمرار الشاب السعودي في عمله يحرجنا ويلخبط حساباتنا رغم أن أعمالنا لا تحتاج إلى دورات ولا شهادات
يعد ايجاد فرص العمل للكوادر الوطنية المؤهلة والمدربة إحدى القضايا الهامة التي ظلت وما زالت تشغل بال وتفكير المسؤولين في الدولة وحرصا على ذلك توجهت وزارة الشؤون البلدية والقروية بتطبيق قرار سعودة المحاسبة وأمناء الصندوق بالمحلات التجارية المتعددة الذي أصدرته مؤخراً
فكان من المهم التعرف على انطباعات الشباب السعودي الذي التحق مؤخراً وبدأ يمارس مهنة المحاسبة في مواجهة الجمهور حيث عبروا عن سعادتهم وسرورهم بفتح هذا المجال لسعودته وشاهدنا الحماس والجدية في الرغبة بالعمل إلا أن أصحاب القطاع الخاص تذمروا من وضع الشباب السعودي في هذا المجال لعدم رغبته في الاستمرار بالعمل ووضعه الحساس في إدخال معظم مبالغ المؤسسة وطالبوا بإعداد الشباب تدريبيا وسلوكياً وإبراز أهمية مواصلة الوظيفة بالنسبة لهم مع عدم الانقطاع.
وسنحاول من خلال هذا التحقيق الوقوف على آراء الجانبين حول هذا الموضوع ومعرفة العوائق في سعودة هذا المجال واستقراء الحلول المطروحة لجعل السعودة أكثر إيجابية.
بداية التقت الجزيرة بالشاب/ مختار عيسى الفرحان، حاصل على ثانوية علمي، عمل في سوق القيصرية بالاحساء ثم في محل خضار وفواكه بعد ذلك دخل كمحاسب في أكبر متاجر المواد الغذائية بالمنطقة الشرقية واستمر بها اكثر من ستة اشهر حيث يقول: لقد خضت منذ الوهلة الأولى لدخولي السوبر ماركت تعليمات وتدريبات مكثفة من قبل الإدارة لمدة يومين كدقة الحسابات والانضباط في العمل كذلك الحلم والصبر والرزانة تحمل أذى الزبائن. كل تلك التعليمات جعلتني انطلق في هذه المهنة ولم أخجل بالرغم من ضعف المرتب في البداية حولي 2000 ريال سعودي التي لا تصل للطموح لكنني استطعت وبمكافحة مني والتضحية في العمل بأداء اغلب المهام بالمتجر من رجل أمن وعامل ومحاسب وغيرها ايضاً حتى وصلت الى ثقة المسؤولين بالمؤسسة ونلت فترة باستلام وظيفة ملاحظ المتجر لمدة شهر ووفقت ولله الحمد ووجدت التقدير والاعجاب من المؤسسة فتضاعفت المكافأة حتى استطعت ولله الحمد ان اوفق في زواج قريب ان شاء الله.
وأردف قائلاً: لم ارضخ لتلك النظرة الدونية حالياً من بعض فئات المجتمع التي بدأت تتلاشى والحمد لله، وأجد كل التقدير والاعجاب من جميع الزبائن الذين يدخلون المحل.
واضاف يجب أن يعلم كل شاب ان التطور يفرض شروطه وان المحاسب البارع اصبح ضرورة من ضرورات انتقال المجتمع الى مرحلة الاعتماد على سواعد ابناؤه في عصر زاهر مبني على العلم والتقنية.
السعودة عملاً لا قولاً
أما الشاب محمد عبدالله المحاسب فقال: العمل له أهمية كبيرة في حياتنا.. وفي ظل السعودة التي يجب ان نطبقها عملا لا قولا لا بد ان يشعر الشاب بأن الخطوة الأولى تبدأ منه ولذا عليه ان يبادر باقتحام اعمال المحاسبة ليحل محل الوافد، ويدرك ان البلد بحاجة اليه وأضاف اني خريج علوم إدارية وأعمل محاسباً في سوبر ماركت في الجبيل منذ شهرين براتب 1700 ريال. حيث يقول: بدأت حياتي العملية بعد ان حصلت على دورة في الكمبيوتر في عدة شركات خاصة مختلفة غير ان الراتب لم يكن يكفي اعباء الحياة كشاب طموح لذا توجهت لمهنة المحاسبة بعد أن سمعت بتوجيهات سمو وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبدالعزيز في السعودة في القطاع الخاص، حيث لقيت القبول والترحيب والتشجيع من ادارة المحل بل واعدتني بتوفير سكن قريب من المحل كي يحل عنا ازمة السكن وايجارته. ويضيف قائلاً: اعتقد ان معظم الشباب الآن بدأ يتفهم هذا الوضع ولم يعد يخجل من العمل في هذه الأماكن التي تواجه الجمهور حتى الآباء بدأوا يغيرون نظرتهم تجاه عمل المحاسبة، وبعد ان كان كل أب يرفض رفضا قاطعاً ان يرى ابنه في مواجهة الجمهور خاصة بعد ان بدأ القطاع الخاص يتجه الى شباب الوطن. وأردف يقول: ان شهادتي لم تؤهلني لوظيفة مرموقة ولهذا لم أحزن على الوظيفة، كما ان عملي الحالي عوضني عن الكثير وجعلني اشعر بأنني افضل ممن يحملون شهادات عليا ويجلسون في البيت. وخلال عملي سعيت بكل جهد لاكتساب حب الناس وتوسيع دائرة العلاقة فهم مصدر رزقي ونبع احساسي الاجتماعي مع كسبهم في المواصلة للمحل.، وهذا شيء مهم في العمل ولهذا فإن فقدت حب الناس ستفقد الكثير ويخسر مالك المحل.
توفير مصروفي الخاص
ويبدي الشاب سعيد حبيب ابو سرير خريج ثانوية وحاصل على دورة في الكمبيوتر سعادته بعمله في أحد المحلات الكبيرة بالجبيل قائلاً: العمل في أي مجال شريف شيء جيد وأهم شيء كسب لقمة العيش بالحلال، وأنا اشجع الشباب السعودي على الانخراط في هذا المجال ويكفي للشخص ان يوفر مصروفه اليومي وتغطي احتياجاتنا اليومية اسلم عائلتي منها ايضاً بالرغم من ثبات الراتب. ويقول ايضاً: ما يدفعني إلى ذلك هو ما وجدته من تشجيع من زبائن كثير منهم لا اعرفهم فيقولون نحمد الله اننا وجدنا شبابا سعوديا لديه الامانة والاخلاص بالرغم من انني كنت متردداً للدخول في العمل في القطاع الخاص الا انني وجدت المعاملة الاخوية ليست الرسمية من إدارة المؤسسة بعكس السمعة التي كنت أسمعها عن القطاع الخاص وهذا ما شجعني حقيقة للمواصلة معهم.
وعن اقبال الزبائن على المحل التي يعمل بها شباب سعوديون يقول: الحمد لله انهم يثقون بنا ويشجعوننا على مواصلة العمل، ويقولون نحن نضع ايدينا على ايديكم لدخولكم هذا المجال وسوف نواصل التسوق من عندكم.
ميدان ناجح ومربح
من واقع تجربتي اؤكد لزملائي ولكل راغب اقتحام هذا الميدان أنه ناجح ومربح لكسب علاقات الناس الشخصية والتجارية هذا ما أكده الشاب/ علي حسن آل درويش حاصل على ثانوية تجارية ودورة في شهادة الكمبيوتر، وبالرغم من انه حاول القبول في الكليات لكن لم يسعفه الحظ ففضل العمل مع زملائه في نفس المحل وسلك الطريق الجيد والسريع ليكسب بها قوت يومه.
عن نظرة المجتمع يقول آل درويش: ان نظرة المجتمع لشباب المحاسبة وأمناء الصندوق قد تغيرت عما كانت هي في السابق كانت عابرة وغير واقعية. اما اليوم فأصبحت نظرة اعجاب وتقدير عرفان. فالمحاسب السعودي ومع احترامي لأي محاسب آخر وافد سيكون أكثر حفاظاً على مال الوطن وعلى معاملة ابن البلد بطريقة بعيدة عن النظر فالمادية أو أي عامل من عوامل الاستغلال الذي نجده من بعض الوافدين.. فلما قام ابناء المجتمع بالدور الذي قام به الوافدون شعر الناس بأهمية احلال تلك الوظائف للشباب السعودي.
الشباب السعودي قادم
أما المواطن/ المهندس / فهاد عبدالله الدوسري فقد شاركنا برأيه قائلاً:
حينما أرى اقبالا متزايدا من الشباب على اعمال المحاسبة تغمرني سعادة كبيرة لأننا بالفعل بحاجة الى سواعد شبابنا وايضا يفيض بي السرور حين أرى عددا كبيرا منهم يستعد للقيام بدوره الطبيعي في نهضة الوطن. واعتقد ان السنوات القليلة القادمة سوف تبرهن ان الشباب السعودي قادم لا محالة بارع وماهر وشاغل مكانه الطبيعي في الحياة عاملا بروح المسؤولية والوطنية الا اننا نأمل ان يشمل القرار بشكل اكبر المحلات والمتاجر الكبيرة التي تستطيع دفع مرتب مناسب للشاب اما المؤسسات الصغيرة فلا اعتقد انها تستطيع دفع مثل تلك المؤسسات الكبيرة .
ويشير الى ان مهنة المحاسبة وامين صندوق لا تقتصر على المحلات والمتاجر الغذائية بل توجد في كثير من المحلات الأخرى كسوق الذهب والأثاث والاسواق العادية. فأرى ان هذا القرار صائب لكنه يحتاج الى بذل جهود كبيرة لأن الموضوع كبير جداً. اعني انه سوف يفتح مجالا ليس بالسهل وليس بالبساطة تعميمه لكن بتكثيف الرقابة وصدق تعاون القطاع الخاص في دعم هذه السعودة نستطيع تحقيق كل ما تصبو اليه حكومتنا الرشيدة حفظها الله ورعاها.
الرقابة الشديدة مطلوبة
المواطن/ سعد حسين القحطاني الذي اشاد بقرار هذه السعودة وقال: ان هذه الخطوة بلا شك تصب في صالح الوطن والمواطن خاصة الشباب السعودي الذي يبحث عن فرص عمل الى جانب أن هذا القرار سيقضي على ظاهرة التستر التي كانت موجودة في المحلات والمتاجر كما اثبتته سعودة سوق الخضار والفواكه التي قضت بشكل كبير على الايدي الاجنبية الا اننا نطالب البلدية بالرقابة الشديدة واقامة الجولات مع الجهات الامنية للتأكد من وضع السعودة.وبالرغم من اقتحام عدد لا بأس به من الشباب في هذا المجال الا ان العمالة الاجنبية للأسف ما زالت تشكل نسبة كبيرة في هذه الاعمال.ويضيف قائلاً: ان الواقع الحالي للأسواق والمحلات التجارية الكبيرة والمؤسسات يؤكد انه ما زال هناك العديد من الفرص امام الشباب السعودي وما عليه الا ان يبادر ويقدم حتى يحل محل الاجنبي.
أعباء المؤسسة لا تسمح برفع الراتب
ويقول رجل أعمال وصاحب مؤسسة الأستاذ/ ابو بكربازعزوع: لقد خضت عدداً من التجارب في هذا المضمار، فأنا صاحب مؤسسة صغيرة عمالها محدودون، ولهذا فنحن نحاول اعطاء الفرصة للشباب السعودي على ان هناك ملاحظات أود الاشارة اليها في هذا الجانب ذلك انه بلا شك يجب علينا كرجال اعمال ايجاد فرص للعمل لشغلها من قبل المواطنين لكن لا يعني ذلك زيادة اعباء المؤسسة ولاسيما أن اكثر من فرصة منحتها مؤسستنا لشباب سعودي الا انها لم تستثمر بالشكل المطلوب بل ان بعضهم لم يتجاوز مدة التجربة غادر المؤسسة في الشهور الأولى، وعن السبب قال: اعتقد ان المرتب الذي يتقاضاه لم يكن بمقدار طموحه لكن يبقى ان نعرف مدى ما تستفيد منه المؤسسة وعلى اساس ذلك يكون المرتب لذا فإن الراتب يعتمد على موقع عمله وتحقيق متطلبات المؤسسة كما قال: هنا لابد من تأهيل الواقع بمعنى السعي الى ايجاد مناخ مناسب يمكن للطرفين التكيف معها، فالمؤسسات الخاصة تسعى لتحقيق الأرباح المعقولة وراغب العمل يسعى للحصول على مرتب يستطيع من خلاله تحقيق متطلبات الحياة وتحمل اعبائها. واقصد هنا اليد العاملة السعودية فلو امكننا عن طريق التسديد والمقاربة جعل هذين الطلبين يقتربان اكثر من بعضهما لكنا حققنا خطوة اخرى نحو السعودة.
المحاسبة لا تحتاج الى شهادة
فيما يقول مدير ادارة احدى المؤسسات التجارية في المواد الغذائية السيد/ مصطفى محمد: الشاب السعودي محل ثقة عموما وهو قادر على هذا العمل سواء ميكانيكي او محاسب او غيره خاصة ان عملية المحاسبة بالمحلات التجارية في المواد الغذائية لا تحتاج الى شهادات عليا او دورات تدريبية خاصة فيكفي بالشهادة الثانوية مع قليل من التدريب قرابة يوم أو يومين على كيفية استخدام الآلة لإدخال المبلغ، كذلك كيفية التعامل مع الزبائن الذين ربما يقع معهم بعض الخطأ وبذلك يستطيع الشاب السعودي كما ذكرت اتقان هذه المهنة.
نفتقد للنوعية المدربة
ويقول رجل الأعمال الأستاذ/ خاطر عيد الخاطر في هذا الصدد: لا أعتقد أن هناك فجوة بين المؤسسات في القطاع الخاص وبين الأيدي السعودية بمقدار ما هناك افتقاد للنوعية الجيدة المدربة والمهيأة التي يمكن أن تسهم في نجاح العمل والثقة للشباب الذي يعمل في موقع إدخال ربح ومعاملات المؤسسة بين أيديه وتأتي تلك النوعية الجيدة كما ذكرت من خلال الإعداد العملي والنفسي ومن خلال الدراسة والخبرة كذلك. ويضيف قائلاً: من حيث الواقع يرسل إلينا مكتب العمل شباباً الغالبية منهم لا يرى في ممارسة العمل واجباً ولا ترى التفاني والرغبة الأكيدة في العمل. لذا يراه يأتي بنفس غير راضية)مسدودة( ولا يحاول الابتكار.
ويقترح الأستاذ/ خاطر فكرة يمكن عبرها إعداد الشباب لمثل هذه الوظائف الحساسة وهي أن يساهم القطاع الخاص بمبلغ معين في تدريب الشباب السعودي على خطط سليمة لمدة قرابة سنة بمكافأة سارية طوال هذه الفترة ثم يعوضون بوظيفة مناسبة وأن العزيمة والقدرة للمساهمة في إيجاد فرص للعمل لشغلها من قبل المواطنين حتى نكون شباباً أساسه قوي وواثق من أداء عمله.
وتحدث رجل أعمال آخر غاضباً بالقول: لقد خضت عدداً من التجارب في سعودة كثير من الوظائف ومنها أخيراً سعودة وظائف المحاسبة فأنا صاحب مؤسسة عمالها محدودون ومع ذلك نحن مطالبون بسعودة الوظائف إلا أن الواقع المأمول للشباب وطموحاتهم لايمكن أن تتحقق هنا براتب لا يتعدى ثلاثة آلاف ريال. لذا خضت تجربة مع عدد من السعوديين لا يمكن أن يستمر معك في العمل طويلا إذ انه حالما يجد وظيفة افضل فسوف يتركني بمعنى انه عندي كوظيفة توقيتية مما يضعني في موقف حرج في مؤسستي ويلخبط كثيراً من أعمالي. ويضيف قائلاً: هؤلاء الشباب يضغطوني في مواقف حرجة أثناء العمل واضرب لك مثال توظيف عندي أحد الشباب ويجب لعب الكرة فتعرض لإصابة منعته من العمل لمدة شهرين. في هذه الأثناء ماذا افعل في ظل غياب ذلك الشاب من يتحمل علاجه؟ لذا طالبت عموم الشباب السعودي من يرغب العمل عندي أن يمارس الرياضة أو أي هواية يمكن أن تؤدي إلى إصابته وتعيقه عن العمل.
سألته ماذا لو كانت الإصابة وقعت بالعمل؟ أجاب سوف أعالجه على حسابي وامنحه الإجازة المطلوبة لكن يأتيني الشاب وهو مازال معلقاً بهواياته فصعب أن تواصل معه باطمئنان في العمل. قاطعته الحديث فقلت: الشباب السعودي الذين يعملون لديك أجريت معهم مقابلة عبروا عن سرورهم وفرحهم بالعمل لديك؟ فقال إن هذه فرحة توقيتية مثل الشخص وتسقيه جرعة ماء كيف تكون سعادته بلا شك كبيرة فهؤلاء الشباب كذلك، فحينما يتقاضون الراتب سرعان ما يغيبون في إشباع حاجاتهم وهواياتهم ثم يعودون بعد حل من الزمن ليقدم لك بعض الأعذار الباهتة.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved