أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 17th May,2001 العدد:10458الطبعةالاولـي الخميس 23 ,صفر 1422

مقـالات

نوافذ
لعبة الكراسي
أميمة الخميس
قالت لي إحدى الزميلات: لا أدري لِمَ تقابل نسب الطلاق المرتفعة لدينا بهذه الموجة العارمة من الاستنكار..؟؟
وأجبتها مندهشة: هل تعنين لِمَ لا نستنكر هذا الانشطار المرعب الذي يهدد النواة الأولى في المجتمع..؟؟ وكنت أحاول ان أرمم دهشتي بابتسامة.. وأضفت: هل تعنين ان لا نكره الكذب او الفقر او الجهل او المرض، الطلاق بالتأكيد هو أحد الألوان الغامقة والمدمرة في المجتمع.
قالت وهي ترتدي مسوح الوعاظ والعالمين بالشيء: هو هذا تماماً ما أقصده، هو مرض «حمى» بالتحديد.. هو حمى حارة مرتفعة تخبر أنحاء المجتمع ان هناك خللا ما ولا بد من معالجته ومقاومته وتتبعه.
أجبتها: حسنا.. لكن إذا قرر هذا المجتمع ان يحرك «جهازه المناعي» ضد هذا المرض، والتغلب عليه، وإرسال الأجسام المضادة الملائمة لنوعية هذا المرض.
تنهدت بارتياح وانخفضت حدة صوتها وقالت: آه.. بالضبط هذا ما أعنيه الأجسام المضادة الملائمة، التي تعي «ميكانيكية» الفيروس فتقضي عليها..
توقعت أن يكون لديها إجابة أكيدة وثابتة حول هذا، وقت لها: إذاً ما هي هذه الأجسام؟؟
وغشى وجهها سحابة حيرة لا تتوافق مع الثبات والإصرار اللذين بدأت بهما حديثها: وقالت لا أدري بل ليتني أدري، ولكن جميع الذي أعلمه أن الحلول والإجابات التي تقدم في هذا السياق ليست بحال من الأحوال هي الحلول او الإجابات الصحيحة، بل هي من الإجابات الكاذبة والمضللة والتي تحاول ان تبتعد عن الحقيقة بل وتخاتلها.. فليس على حال من الأحوال غلاء المهور هو سبب للطلاق او تأخر الزواج عند الفتيات، كذلك ليس عمل المرأة او استقلالها الاقتصادي، وليس مشاهدة الرجال للفضائيات المغربة والمغوية في الوقت نفسه.
سألتها بحيرة: إذا ما هي ....؟؟؟؟
أجابت: لا بد أنها لعبة الكراسي ..!!! هي تماما لعبة الكراسي والمواقع، فعلى حين يدخل الرجل بيت الزوجية وقد تهيأ ان ينتظره موقعه المعتاد المتداول والمنحدر عبر مئات السنين فإنه يجد وبخيبة كبيرة أن ذلك المقعد قد تحرك غادر مكانه الذي يتصدر عرش الدار، وشاركه في تلك الغرفة مقاعد كثيرة، قد يكون منها مقعد الاستقلال الاقتصادي، أو لربما مقعد اتساع رقعة الوعي بحدود الحقوق والواجبات، أو مقعد الأولاد الذي يحاول كل العالم من حولهم ان يخبرهم بأنهم أفراد مستقلون ويحملون خصوصية ثمينة، ونسوة اتسعت أشداقهن بالشكوى والتساؤل حول كل عود كبريت يخرج او يدخل الى هذا البيت... ، وهلم جرا فعلى حين ينتظر ان يكون كرسيه المرتفع بانتظاره فيفاجأ بازدحام وفوضى وأصوات تتقاطع وتتعاكس وتفسد جلال حضوره ومهابته، وفي محاولة الرجل إعادة الانضباط «الأمين» الى الثكنة بكل الوسائل المتاحة ومن هنا تبدأ الشروخ تلك الشروخ التي قد تكون زلزالية مدمرة لا تحتمل سوى أشهر او أسابيع، وأخرى تنخر بهدوء وسرية الى ان يحدث الانهيار... إنها لعبة الكراسي والمواقع، وما لم يصمم جميع من في المكان معالجة الشروخ بصمغ الصبر والتفهم والوعي بأهمية الزمن والتغييرات التي يجلبه لنا وإن دوام الحال من المحال.. فإن المصير المتوقع هو الانهيار.
وسألتها بفجيعة: هل تعتقدين ذلك؟؟
أجابت: نعم .. تماما الزمن يتغير والحمى تعلن العطب بإلحاح وتصميم، لكننا نرفض بأن نبعث له المصل الملائم .. ونتوقف عن لعب «لعبة الكراسي»!!
EMAILomaimakhamis@yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved