أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 17th May,2001 العدد:10458الطبعةالاولـي الخميس 23 ,صفر 1422

الثقافية

على ضفاف الواقع
عندما نعود )1(
غادة عبدالله الخضير
)1(
كلمة أولى:
«ليست خسارة أن نخسر أولئك الذين لايفهموننا.. أولئك الذين على أقل تقدير لايبذلون جهداً كي يفهمونا. ربما تكون خساراتهم في حد ذاتها مكسباً هائلاً.. للبعد عن تفاهات الأمور..»
)2(
ü تعلمين ياسيدتي الغائبة الحاضرة معنى ان نعود.. بعد ان نكون قد قطعنا أشواطاً عدة في الحياة.. وتعاملنا مع وجوه عدة.. ان المعنى الأكبر لهذه العودة أننا نبحث عن أصالة الفهم لدى أولئك الذين تشكلنا قلباً وقالباً ونحن معهم.. ونحن نشق سوياً ظلام اللحظة بسراج بسيط. متواضع قد تهز الريح شعلته. أو تباغت تلك الشعلة أصابع عابثة، كنا سوياً نمتلك مهارة ذكية في تلمس خطوط الكون فنعرف في أي اتجاه تكمن تعابير الحياة الحقة..
تعلمين ياسيدتي الغائبة الحاضرة.. ما معنى المعنى لكل هذا. ان هؤلاء الذين يمنحوننا مكافأة.. الفهم أقله انهم هناك بعيداً حيث الوصول إليهم كالوصول إلى كلمة سر مغارة علي بابا.. أي كنز ياسيدتي نحصل عليه منهم وأي فهم هذا الذي نعاودهم مراراً لأجله؟
ها أنذا مريم.. أعود إليك مجدداً. مثلما يعود الطير المهاجر إلى وطنه.. إلى تضاريس أرضه.. مثلما يعود إلى الحنين!! أعود إليك فكافئيني بأن تفهميني.. امنحيني ذلك النفوذ الذي من السهولة ان تلتقي سماؤه بأرضه.. في نقطة واحدة.. في حين انه من المستحيلات ان تصبح أرضه هي سماؤه.. أوسماؤه هي أرضه.
أي إبداع.. هذا في خلق الكون.. وأي قدرة يستشف منها الإنسان منا ان الطبيعة .. ماهي إلا ترجمة واضحة لدواخلنا.
اني اعود إليك.. أمد يدي تماماً كما يمد يده الغريق.. الذي فقدت ذاكرته مهارات السباحة كلها بعد جوائز عدة عانق لأجلها أمواجاً عاتية لاترحم.. إني أعود إليك.. اركض نحوك بوحا أحاول ان أفهم من خلاله تضاريس تلك الخريطة التي بدأت مرتسمة بوضوح في مخيلتي!!
تتصاعد الأسئلة في رأسي كأبخرة ساحرة..
لماذا.. هكذا بدأت تتساقط كثيراً من الوجوه.. من ذاكرتي؟
لماذا.. بت أريدها ذاكرة خالية.. أعود لرصف الأشياء فيها من جديد بشكل أكثر ترتيباً وأكثر أهمية؟!
بل انني أتساءل بحيرة كيف وصلت إلى هذه المرحلة في ظل انني حريصة على تلك الوجوه التي احببتها.. عايشتها.. وكان بيننا موائد عامرة من الملح والخبز.
تغيرت!!
قيل لي ذلك كثيراً. ملامحي أصبحت ملامح لأخرى ليست أنا.. قيل أيضاً لي ذلك..
تغيرت!!
كان هذا التغيير ياسيدتي الحاضرة الغائبة - حاصلاً - اعترف بذلك - إلا أنني اكتشفت مثلما اكتشفت ذات سابقة ان آخر ما يسمح لك به الناس الذين حولك.. هو أن تتغيري.. هذه الأخيرة ياغالية كانت كارثة الكوارث، خاتمة لهذا الزمن الذي لم نعد نضمن به أي شخص.. نتيجة نحن قاعدتها عندما تسمعين رنين العبارات.. «حتى أنتِ تغيرت.. أنت آخر من توقعته يفعل كذا.. فنسجن في ركن قصي نتعلم فيه.. كوني فقط كما يرغب من حولك!!
تذكري مساحة النفوذ التي حدثتك عنها قبل أسطر.. ان نقط الالتقاء ياسيدتي هي هذا الفكر الذي نسبح في جنباته راغبين في التميز.. وتلك الاستحالة في أن تصبح الأرض هي ذاتها السماء وأن تصبح السماء هي ذاتها الأرض تلك الاستحالة في الطبيعة هي ذاتها الاستحالة في ان يطغى فكر على فكر عندما نفهم بعضنا جيداً.. من الاستحالة ان نتعامل على أننا شخص واحد يجب ان يرتكب جميع الأمور التي يفعلها الشخص الآخر!!
ان نفهم بعضاً ياسيدتي معناه ان الآخر الذي أمامي ليس أنا.. أن امنحه مساحة حرية.. مساحة للحرية في أن يكون هو.. فهل هذا أمر بالغ الصعوبة..
لقد مللت حد التعب.. وتعبت حد الملل من أولئك الذين يتعاملون معنا على اننا يجب ان نشبههم ... يجب ان نمارس تفاصيلهم في الحياة.. وإلا سنعود يا غالية لكارثة الكوارث تلك.. نعود لنسمع.. لقد تغيرت..
لماذا تغيرت؟
لماذا انحرفت عن اتساع الظل الذي منحناه لك؟
اعترف لك.. ياغالية - صعبة جداً - تلك الحالة التي أعيشها عندما أجد حولي أو اكتشف ان حولي أناساً من هذه النوعية.. بل انني أصبح أحياناً اكثر عدوانية عندما يقولون لي.. لكنك كنت.. عندما كنا.. أصبح ثائرة الاعصاب عندما اشعر أنهم )قد( يقيدون حريتي في أن أعيش ظرفي أو أزمتي.. أو تغيري مثلما أشاء.. وإلى أن أشاء!!
أصبح أكثر أسفا.. عندما أجدهم يرفضون «حقيقتي» ويتمسكون باقلامهم. وأوراقهم.. التي رسموا لي فيها وعليها ملامح ثابتة أعود وأقول لك.. كارثة الكوارث ان تتغير تلك الملامح!!
ما أرغبه الآن.. ملامح تفهم نواقصي.. تدع عنها جانباً تلك الفكرة المثالية.. إننا يجب ان نبقى كما نحن في جميع الأحوال.. ما أرغبه الآن وأنا مسيجة عن كل من حولي.. ما أرغبه عودة للوراء قليلاً عند تلك اللحظة التي.....

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved