أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 21st May,2001 العدد:10462الطبعةالاولـي الأثنين 27 ,صفر 1422

متابعة

الصمت السعودي... أبلغ من شعارات الكثيرين
شحاده ابو بقر
الذين بدوا مبهورين باعتذار الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي ، عن قبول الدعوة لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس بوش، والذين ركزوا اعلامهم على هذا الخبر، بأسلوب يقصدون منه احداث أزمة في العلاقات التقليدية السعودية الأمريكية، كل هؤلاء هم من صنف عربي واحد هو اما يجهل مبادئ السياسة الخارجية السعودية، او هو يعيها جيداً ، لكنه يجد في هذا الحدث فرصة للمدح والثناء ليس خالصاً لوجه الله، وانما أملاً في الايقاع بين السعودية وأمريكا، كما يعتقد هذا الصنف!
هذه الحالة، تقودنا الى تأكيد حقيقة ان المنهجية السياسية للمملكة العربية السعودية بالذات، ومعها انظمة سياسية ملكية اخرى، وبنسب متفاوتة ، ليست، ولم تكن في يوم من الايام منهجية موسمية تحكمها العواطف والاهواء، على النحو الذي ما زالت تكرسه أنظمة سياسية اخرى، ،تجعل من أهوائها ومصالحها، سبيلاً لتوجيه الامة العربية الوجهة التي تريد هي، بغض النظر عن مدى جدوى هذه السياسة، او مدى درجة القبول بها وقدرتها على التأثير في الاحداث، فالمهم هو فقط، تحريك مشاعر العامة، وإلهاب عواطفهم، بالجمل الثورية وعبارات الشتم والذم، على طريقة «اشبعتهم شتماً .. وأودوا بالابل»، ومن المؤكد ان حال الامة اليوم، هو نتاج طبيعي لهذه السياسات، صنعها هؤلاء وروجوها في كل الاتجاهات، فأساءوا للشرفاء، ومجدوا النكرات، واستقطبوا السذج من العامة، وقلبوا الموازين، فجاءت النتائج وبالا على الأمة كلها، وبلا استثناء!
لم يكن الخطاب السياسي السعودي مستنداً الى الشعارات في يوم من الأيام، وانما الى المبادئ العربية الاسلامية القائمة على منهجية العقل والحكمة والوسطية والتجريب ومحاكاة الممكن، ومن هنا، فقط كان النصر الذي تغنى به العرب في حرب عام 1973، صنعة سعودية، وصنيعاً سعودياً، فالملك فيصل رحمه الله، انتصر لكرامة الامة بعد ان جرب كل الوسائل وبعد ان تيقن بنفسه، من لا مناص من استخدام القوة انتصاراً لكرامة الامة وحقوقها، فكان قراره التاريخي بان «حاربوا ونحن بعون الله نكفل النصر»، وهذا ما كان!
ولقد اثبت التاريخ العربي الحديث، ان الصمت السياسي السعودي، ابلغ واعظم أثرا، من كل البيانات والخطب والاعلام الهادر، والمهرجانات والمظاهرات المسيرات، وكل المواقف التي لا تحمل صفة مواقف، فعندما تفجرت «الانتفاضة» مثلاً ، كان السعوديون ومازالوا، هم المبادرون للفعل الصحيح الناتج عن العقول، لا عن العواطف التي لو فحصناها في مختبرات كشف الكذب، لوجدنا معظمها كاذباً او مزيفاً، فقرروا أن الاسلوب الصحيح لدعم الانتفاضة، هو بالتبرع بالمال للثورة وللثوار، ويذكر كل الصادقين، كيف تفجرت عواطف الصدق السعودي في كل انحاء المملكة العربية السعودية، رجالا ونساء ، شيباً وشبانا، أغنياء وفقراء، للجود بالموجود واكثر من اجل الانتفاضة، في حين اكتفى اصحاب الحناجر في كثير من العواصم والبلاد العربية، بترديد الهتافات والشعارات التي لم تتورع حتى عن ظلم أولئك الذين يمارسون الفعل لا الشعارات، اليوم ، يتخذ الصمت السعودي ذاته، موقفاً عربياً قومياً اسلامياً صادقاً يجد صداه المؤثر عند كل الدوائر المؤثرة في هذا العالم، وبالذات في واشنطن، التي لم «يشتمها» الاعلام السعودي على نحو ما يفعل اعلام العرب منذ عقود، دون ان يغير او حتى يحرك ساكناً في سياسات واشنطن الداعمة لإسرائيل، وانما جاء الموقف الكبير مهذبا جداً، لكنه مؤثر جدا ، حيث اعتذر الامير العربي الكبير، عبدالله بن عبدالعزيز ، عن قبول دعوة واشنطن، للقاء بوش!
هذا الاعتذار المهذب، قادر على ان يفعل فعله في واشنطن، وضد مصالح اسرائيل التي ما انفكت تسوم الفلسطينيين سوء العذاب، على مرأى من كل العرب، دون العالم اجمع.
ليست المملكة العربية السعودية ، باحثة عن نجومية رخيصة على حساب الامة ومصالحها، بل هي صوت العقل والمنطق والحق، ومتى غضبت، يتحسس الكبار في هذا العالم غضبها حتى دون ان تعلنه، ويحسبون لها ألف حساب، حتى دون ان تهدد او تتوعد، كما يفعل الآخرون.
والمملكة العربية السعودية الموجودة بصماتها على كل فعل عربي اسلامي انساني ايجابي طيب ، ليست معنية «بشتم» واشنطن، ولا بحرق العلم الامريكي او الاسرائيلي في ساحة عامة، ولا باقامة مهرجان حاشد تلقي فيه الخطب الرنانة حتى الصباح، لكنها معنية بنصرة المظلومين من هذه الامة، وبالانتصار للقدس، ولمسرى ومعراج «محمد صلوات الله وسلامه عليه»، وهي ان صمتت فعلت، وان قالت فعلت، وهي لعمري، كالحليم الحيران لهول ما يرى من حال الامة وهوانها على يد بعض ابنائها ممن وصفوا شرفاء الامة والخيرين فيها باوصاف ظالمة، ومادروا او دروا، بانهم هم انفسهم العناصر الظالمة.
أعرف ، أن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين ، الملك فهد بن عبدالعزيز ، عافاه الله ، وبمهمة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد، والأمير سلطان بن عبدالعزيز، وأصحاب السمو كافة، وشعبها العربي الاصيل، قادرة على مواصلة سياساتها الواعية والحكيمة، شرط ان يهدأ الصغار ليعطوا للكبار فرصة ، لنرى من هو الاقدر على الانتصار لكرامة الامة، ومن هو الاقدر متطوعا على تدمير الامة ومقدراتها لعقود طويلة.والله من وراء القصد

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved