أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 22nd May,2001 العدد:10463الطبعةالاولـي الثلاثاء 28 ,صفر 1422

عزيزتـي الجزيرة

من أوراق معلمة:
رسالة إكبار إلى «أستاذتي» الطالبة!!
عزيزتي الجزيرة:
قال سندير: «هل أنت غير سعيد ولا مرتاح في حياتك؟! إن الحياة يا صديقي كالفراش، إذا أحسست أنه غير مريح فخير ما تفعله هو أن تنهض وتعيد ترتيبه من جديد»..
عزيزتي الجزيرة:
شاء الله ان أقرأ هذه العبارة واتأمل معانيها في اليوم الذي وصلتني فيه رسالة من طالبة نجيبة ذكية ولماحة من طالباتي..
انتقلت هذه الطالبة الى مدرسة اخرى وانقطعت بيني وبينها الوشائج، الا ان قلبها ما زال يحمل العرفان بالجميل لمعلمتها فابى عليها الا التواصل والتذكير لمَّا رأت الفتور يدب إلى روح معلمتها!!
لعلكم أيها القراء الكرام تتعجبون مما أقول، إذ من الشائع والمعروف ما تقوم به المعلمة من جهود للنهوض بمستوى تفكير طالباتها وتعديل لمنحنيات سلوكياتهن، الا ان الامر المستغرب حقا ان تمارس الطالبة مع استاذتها هذا الدور نفسه!!
وهو ما حصل معي حقيقة على ارض الواقع، اذ تعرضت لضغوط نفسية كثيرة من قبل بعض المشرفات التربويات اثناء ادائي لرسالتي التعليمية والتربوية، فانطفأ على اثرها بريق عطائي وامتلأت بمشاعر الاحباط.. وانعكست تلك الضغوط عليًّ فتوراً وضعفاً في الهمة عما كنت عليه سابقاً، فضقت ذرعاً بواقع حياتي العملية، فما كان مني الا ان ترجمت حزني والمي الى مقالة نشرت في حينها في هذه الصفحة تحت عنوان «من أوراق معلمة: هكذا يقتلون الإبداع في نفوسنا»!!
وبمجرد نشر تلك المقالة وصلتني رسالة من طالبتي القديمة وقفت امام معانيها الراقية قصيرة قامة يملؤني الخجل ويعلوني الاستحياء، اذ قالت لي ما مؤداه: معلمتي وغاليتي.. لقد شدَّ انتباهي ما نشر لك في صحيفة الجزيرة تحت عنوان «هكذا يقتلون الإبداع في نفوسنا» وحينها امسكت رفيق عمري وكتبت لك هذه الكلمات.. ووالله اني لست ادري بماذا ابدأ رسالتي هذه.. أأتحدث عن الشظايا التي تطايرت من صفحة عزيزتي الجزيرة وكادت أن تحدث في داخلي انفجاراً؟! أم أتحدث وأصف حالي وأنا أقرأ تلك الكلمات؟!
معلمتي الفاضلة.. إن القلم ليعجز أن يظهر ما يكنه الفؤاد من الحزن والألم.. إن القلم يقف حائراً امام تلك المواقف والازمات التي تمرين بها.. فماذا اصنع وماذا يملك قلمي غير محاولة امدادك بالصبر والثبات لانه لك الفضل الاول والاخير بعد الله برفع معنوياته ومساعدته على تخطي كل ما يواجهه حتى جعلته بتوجيهاتك فتياً سوياً.
انتشلته من الحياء الذي كان يراوده عند الكتابة وجعلته يسير في ركب الحياة ويعايشها قويا صريحا لا تشوبه شوائب الكذب والمبالغة او المجاراة والمداهنة..
معلمتي: لقد تعودت منك الجرأة في الحق وان لا اخاف في الله لومة لائم.. وقد أغلظ عليك يا غاليتي في الخطاب.. ولكن لعل منطلق الحق الذي ربيتني على الانطلاق منه دائماً يشفع لي فيما اقول، ولذلك صرت انسج لك الكلمات بأناملي والمعاني بوجداني لأقول لك: كان عهدي بك شعلة متقدة تطرد بنورها فلول الظلام.. وتحرق بلهيبها كل الصعوبات والمعوقات.. وعهدي بك يا غاليتي شجرة مثمرة حظيت بجزء من ثمارها اليانعة وتركت مضطرة الجزء الباقي لاخواتي الطالبات.. لذلك ارجوك ان لا تحرميهن من ثمارك الطيبة وجهودك المباركة..
عهدي بك زهرة متفتحة تنشر عبق عبيرها في اجواء المدرسة، فأمنيتي الا تذبل تلك الزهرة الفواحة العطرة..
غاليتي .. بالرغم مما تحدثت عنه من مواقف المشرفات التربويات منك ومعارضتهن لجهودك البناءة وكذلك نقدهن لك، بالرغم من ذلك تظلين المعلمة المثالية التي يجب ان يقتدى بك ويحذا حذوك.. وإن اردت الدليل على ذلك فانظري الى اثارك في المدرسة، تأملي حال طالباتك وكيف تغيرن الى الافضل بفضل توجيهاتك السديدة.. كيف انتبهت الغافلة، وكيف اعتدلت المائلة، وكيف ابدعت المبدعة، وجاءت اليك الحيرى مسرعة..
معلمتي: لقد كاد ان يجن جنوني حينما قلت ان الابداع قد قتل في داخلك فلم تطبعي مطبوعة او تنشري منشورة.. وكيف لا اجن وأنا أرى جهدك وإبداعك يفتك به وأنت مستسلمة لذلك.. كيف لا أجن وأنا اسمع زفرات التوجع والحسرة تنبعث من وجدانك وانت التي كنت صابرة مثابرة محتسبة.
معلمتي.. يا من علمتني الاحتساب وفضله.. انت يا استاذتي تعلمين لله لا لمكتب الاشراف ومشرفاته، نجاحك الحقيقي متمثل في صحوة تعيشها طالبة من طالباتك بعد غفلة، في فائدة نلتقطها منك وتثمر واقعاً في سلوكنا وحياتنا نحن تلميذاتك..
معلمتي.. نحن الذين نقدِّر عطاءك وابداعك ونحن الذين ندرك نجاحك واخفاق غيرك.. فهلاَّ عدت إلينا كما كنت؟!!
تلميذتك/ صدى الأشجان
الثانوية العشرون
عزيزتي الجزيرة هذا ما قالته طالبتي .. فلله درها ما أبلغ كلامها وما أرع حديثها وما أقوى حجتها..
فيا «استاذتي» الطالبة:
أتعلمين اني بكلماتك المضيئة وبموعظتك الرائعة عدت شعلة متقدة كما خبرتني.. عدت بروح ثانية يحدوها الامل ويدفعها الاخلاص لله وحده لجني الثمار الحلوة من نفوس طالباتي.. فلك مني كل الشكر والعرفان والتقدير على فضلك علي وتداركك لي قبل ان يستفحل دائي.. فلك انت الفضل بعد الله عز وجل في مراجعتي لنفسي وتغيير مسار تفكيري واعادة ترتيب اولوياتي..
وها انا انعم بالرضا والسعادة وحلاوة العمل الممزوج بالاخلاص لله وحده..
فيا طالباتي العزيزات:
سأسقيكن رحيقاً عذباً خالصاً بمشيئة الله، ولن ألتفت بعد اليوم إلى من يحاول تحجيم قدراتي أو الحد من عطائي.. لن أعبأ بمن يفت في عضدي ويعزف على وتر «الاداء الوظيفي».. لن أعطي اهتمامي بعد اليوم لرأي مخذل او مجبل!! بل سأسير وفق قناعاتي التي أراها أزهرت وأثمرت في فكركن وسلوككن.. فلا تبخلن علي بنصيحة او توجيه ان حدت عن الصواب..
ليلى بنت محمد المقبل - بريدة

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved