أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st June,2001 العدد:10473الطبعةالاولـي الجمعة 9 ,ربيع الاول 1422

الاخيــرة

دوافع النوازع
الذهب الإبريز
د. محمد بن عبدالرحمن البشر
ذهبٌ يحمله البعض في سويداء قلبه حيثما حلّ أو رحل، ذهبٌ لا يحمله سوى ذوي الألباب، ولا يستغني به إلا ذوو العقول والنهى ما خاب من اقتناه، وما ضل من اهتدى به، من منا يحمل هذا المعدن النفيس؟ لست أدري !!! هذا الذهب الإبريزي الفريد يكمن في الجملة التالية «التوكل على الباري عز وجل».
إن من التوفيق أن يؤمن المرء بها حق الإيمان، وأن يعمل بها في مناحي حياته، ولعل من المناسب في هذه العجالة التطرق إلى منجمين من مناجم هذا الذهب الثمين.
المنجم الأول «ربِ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» والمنجم الثاني «ربِ لا تكلني إلى أحد من خلقك».
ومعين المنجم الأول يكمن في إيمان المرء المطلق، أن قدرته العقلية والفكرية والبدنية مهما علا شأنها قاصرة عن أن تجلب له ذرة من نفع، أو أن تدفع عنه مثقال ذرة من سوء، وأن الباري بمنِّه وكرمه هو الذي يدبر الأمور بحكمته ورحمته بخلقه. وليس على المرء سوى فعل الأسباب من جد واجتهاد وعمل دؤوب أما نتائج ذلك العمل فلا بد على المؤمن الحق أن يرضى بها رضاء الموقن المؤمن، ويسعد بها سعادة القانع المطمئن. كثير منا قد رأى بأم عينه البعض وهو يلهث وراء مبتغاه بأساليب شتى - سوى العمل المخلص الدؤوب - يعتقد أن بدهائه وقدراته التكتيكية أو البلاغية دون عمله المثمر قادر على بلوغ مرامه، بل قد يكون في مسعاه هذا قد تجاوز صاحب حق، أو قد أضر بمطالب به، وقد ينال بغيته فيزهو بنفسه ويوكل ذلك إلى قدراته الذاتية، أو قد يخيب في مسعاه إيماناً منه بهذا المسلك فيعاود الكرَّة تلو الكرَّة، إن هذه النماذج البشرية قد أوكلت أمرها إلى نفسها فسيوكلها الله إليها، أما من علّق أمره بيد باريه وجد واجتهد وأخلص، وأعطى كل ذي حق حقه فسيوكله الله إليه، وشتان بين متوكل على بارئه وزاه بنفسه.
من الإيمان أن تستخير في كل أمر هام تقدم عليه وعندما توثق تلك العلاقة وتربطها بالحكيم الخبير، فلا شك أن ما ستؤول إليه نتائج قرارك ستكون أفضل ما يمكن أن تكون لجلب نفع أو رد ضرر، وبهذا ستكون في سعادة دائمة، واطمئنان تام، وفرح بنيل أفضل ما يمكن نيله.
ومعين المنجم الثاني يكمن في إيمان المرء المطلق أن الخلق لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء فلن ينفعوه إلا بمشيئة الله، ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء فلن يضروه إلا بإرادة الله تعالى.
نماذج من الناس تعتقد أن بلوغ شأوها بيد تلك الشبكة المخملية من المعارف، وأن هذه المعرفة دون سواها قادرة على تحقيق المأرب، ونسي ذلك الأنموذج البشري أن التوكل على الله أولاً، ثم العمل الصادق الدؤوب ثانياً هما سلّم النجاح المطلق، وليستا إحدى درجاته ناهيك عن أن يسعى المرء إلى أن يوغر صدر الغير ظناً منه أن هذا سيجعله يحظى هو بذاته ولذاته بتلك الشبكة المخملية، ونسي أو تناسى أن في هذه الدنيا متسع كبير لأكثر من ناجح وأكثر من بارز، لقد حملت الأرض وما زالت تحمل عددا قليلا، بل نادراً من هذه النماذج، أما الأغلب فهم من تلك النماذج الرائعة التي تحمل بين جنباتها حب الخير للذات وللغير، بل تسعى في سبل الخير للغير طلباً لرضاء الله، وجبلَّة قد جُبِلتْ عليها منذ أن رأت نور الحياة.
إن هذه النماذج الرائعة، قد أوكلت أمرها إلى بارئها دون سواه واستفادت من شبكتها المعرفية والتعارفية لفعل الخير والسعي فيه، وظلت تعطي من هذا المعين وستظل لإيمانها المطلق أن الله هو الذي يوزع الأرزاق، ويجلب المنافع ويرد المضار، وهي تعيش في طمأنينة وراحة بال جاعلة نصب عينها أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فهي قد شربت من معين التوكل على الواحد الأحد فعاشت في نعيم هذا الإيمان.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved