أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 1st June,2001 العدد:10473الطبعةالاولـي الجمعة 9 ,ربيع الاول 1422

شرفات

الأديب محمد جبريل:
أرفض الحياد في الفن ولا أعتمد أسلوب التشخيص التاريخي
** يمتلك الأديب الكبير محمد جبريل تجربة متميزة في مسيرة الأدب المصري والعربي وذلك باعتماده على التراث ومحاولة توظيفه بما يتلاءم مع العصر وأيضا من خلال معالجته للعديد من القضايا والاشكاليات التي تثير جدلا كبيرا على الساحة الثقافية، ويتجلى ذلك في أعماله التي تقارب العشرين إصداراً ما بين إبداع روائي وقصص ودراسات نقدية منها:
الملاك وبوح الاسرار، من أوراق أبي الطيب، قلعة الجبل، النظر الى أسفل، زهرة الصباح، رباعية بحري، الأسوار، مصر المكان، انفراجة الباب، والأخيرتان دراسات نقدية.
العودة للريف
* بعد تصويرك للمدينة والاستغراق فيها في رباعية بحري نلمس عودة للريف في أقاصيصك الأخيرة بعد أن قدمته في أعمالك الأولى كيف ترى هذه المفارقة؟
- لا يوجد في الأمر أي مفارقة فأنا لم أصور الريف كما في أعمالي الأولى ولكن أردت تصويرها هاجس ملح على أن المدينة لم تعد بالمعنى الموجود وأن المدينة برغم ضعف هياكلها إلا أنها تظل تسحق الروح بالنسبة للريفي البسيط فالمدينة أصبحت لكثير من البشر مركز معيشة وفي الواقع لم يكن في ذهني تصوير ملامح الريف ولكن كانت القضية في أولئك الذين يرفضون أو لا يقبلون الريف ولا يقبلون المدينة ويقعون في الوسط ومن ثم تكون هناك حالة من الاغتراب، وأردت في كتاباتي الأخيرة التي لم تنشر بعد في كتاب محاولة التمسك بهويتنا وسط حالة الاغتراب هذه.
* وهل التمسك بالهوية يستدعي العودة الى الريف أو محاولة تلمسه؟
- ليس بهذا المعنى وإنما العودة للجذور فالتمسك بالهوية أو حتى الأخذ من التراث غير مرتبط بتناول الريف أو المدينة في الأعمال الأدبية، وأنا من جهة ثانية أحاول توظيف التراث في أعمالي وفي بدايتي كتبت رواية «بوح الاسرار» وهي عن الريف وفي حينها أثير مثل هذه التساؤلات على غرار هل الأخذ من التراث يستدعي الذهاب للريف، وحينها رفضت أيضا ارتباط الأخذ من التراث بتناول الريف أو المدينة.
التراث
* إذن ماذا يمثل لك التراث وما مدى الاستفادة منه في أدبك ... ؟
- التراث يمثل لي قيمة كبرى وقد حاولت توظيف التراث في رواية الأسرار وكذلك في روايتي المتنبي وقلعة الجبل وزهرة الصباح، والفنان حين يتمثل التراث يحاول أن يصنع منه شيئا جديدا وهناك فارق كبير بين توظيف التراث والتقليد، فنحن نحاول توظيف التراث لكننا لا نحاكيه إطلاقا ولا نقلده وعلى حد تعبير )جوته( فإن ما ورثناه عن أبائنا وأجدادنا لابد له أن يعود فنكسبه بذواتنا من جديد حتى يصبح ملكا خاصا لنا بل ان الفنان عندما يأخذ عن القدامى صورة العمل الفني فإن الشخصية الفنية تظل هي المسيطرة ولا تصبح ظلا لشخصيات القدامى فأنا لا أوظف التاريخ أو السير أو القص الشعبي بصورة مباشرة بل أستفيد من أسلوب التشخيص التاريخي أو الأسطوري ولا ألجأ الى صيغ ثابتة أو مكررة مما ورد في أعمال سابقة لكنني أستخدم التراث بما يتواءم مع طبيعة العصر الذي نحيا فيه وفي تقديري أن الأعمال التي توظف التراث إنما تحاول على نحو ما تحقيق التواصل بين التراث والمعاصرة ورؤية الواقع من خلال أحداث التاريخ.
* وفي رؤيتك ما مدى انطباق ذلك على رباعية بحري ... ؟
- في رباعية بحري حاولت الربط ما بين الاصالة والمعاصرة وذلك من خلال تناول أحداث معاصرة في الحي الذي نشأت فيه وهو حي بحري بالاسكندرية مع تقديم تاريخ هذا الحي والأحداث التي شهدها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، وقد استفدت في هذا العمل الذي يتكون من أربعة أجزاء من أسلوب التشخيص التاريخي واستخدام التراث بشكل يتلاءم ويتواءم مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه.
فكرة الكتابة
* وكيف تواتيك فكرة الكتابة، هل هناك أفكار عامة مسبقة تسيطر عليك ... ؟
- توجد لدي دائما أفكار عامة مسبقة ولكنها لا تسيطر علي أثناء الكتابة فأنا الذي أتحكم فيها وأضيفها حسب ما أكتبه من إبداع، وهذه الأفكار تكون بمثابة قضايا عامة ينشغل بها الكاتب ومنذ محاولتي الأولى «الملاك» كانت هناك قضايا الدين والحرية والحب، وقد تمكنت من خلال توالي القراءة والممارسة وخوض التجارب والتعرف على خبرات الآخرين أن أشكل ما أسميه الحلم وهو يضم العديد من القضايا التي أتناولها في أعمالي مثل صلة المثقف بمجتمعه كما حدث في روايتي النظر الى أسفل وأيضا قضية البطل المطارد كما في قاضي البهار والصهبة والكثير من القصص القصيرة ثم قضية التحدي الحضاري وتحديد هويتنا.
* ولكن رغم هذه القضايا هناك من يقول ان الكتابة اليوم أصبحت ذات موقف محايد وقل حجم دورها في بناء وعي المتلقين؟
- أنا أرفض الحياد في الفن والفنان يجب ان يكون منحازا لجماعة ما أو لقضية في نفس الوقت يجب أن يكون للفنان نظرة شمولية أو ما أسميه بفلسفة الحياة وأعمال أي كاتب يجب أن تشكل وحدة متكاملة وهذا ما أنشده في جميع أعمالي ومجموع أعمال الآخرين أيضا يجب أن تنطوي على فلسفة الحياة بشمولها وأن تكون وحدة متكاملة ولا أقصد هنا أن يكون الأديب فيلسوفا ولا أدعو الفيلسوف بالمقابل أن يكون أديبا ولكن ما يشغلني في مجموع أعمال فنان صورة العالم لديه وموقفه تجاه هذا العالم.
جوانب أخرى
* إلى جانب إبداعك القصص والروائي لك أيضا دراسات نقدية فأين تقف في هذا المجال حاليا وكيف تجمع مابين الابداع والنقد ... ؟
- صدرت مؤخرا دراسة بعنوان مصر المكان وهي دراسة في القصة والرواية تتناول ملامح المكان وأهميته في عدد من القصص والروايات .
وقد أصدرت طوال الفترة الماضية عددا من الدراسات النقدية الجادة تناولت العديد من القضايا ولكن للأسف كان حظها قليلا من الناحية الإعلامية على عكس ما تمتلئ به الساحة النقدية من ضجيج إعلامي وإعلاني لكتابات مسطحة وهذا يمثل جزءاً كبيراً من الأزمة النقدية التي نعيشها حيث يسيطر على الساحة كتابات نقدية قليلة القيمة تتناول كتابات من قبيل المجاملة فقط، وهذا لا ينفي وجود قلة من النقاد الجادين والدراسات الجادة.
أما عن الجمع بين الابداع والنقد فلا أستشعر أزمة في ذلك فكل ما أحس به وجود طاقة بداخلي أريد إفراغها في شكل دراسات نقدية.
*بعد مشوارك الطويل هذا كيف ترى موقعك في الكتابة؟
- تجربتي لم تكتمل بعد وما زلت أواصل الكتابة ولا أستطيع تقييم نفسي وأنا أكتب ومستمر في الابداع.
* وأخيرا ما هو جديدك الآن؟
- أستعد لإصدار مجموعة قصصية جديدة بعنوان «إنفراجه» الباب.
عثمان أنور

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved