أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 2nd June,2001 العدد:10474الطبعةالاولـي السبت 10 ,ربيع الاول 1422

المجتمـع

رغبة في الانتقام وحب للتسلية شقاوة الطلاب تنتقل للطالبات
السخرية والاستهزاء تصرفان سلبيان من الطالبات ضد معلماتهن
* الطائف لمياء الزيادي:
من المعروف دائما أن المشاكسة والشغب في المدارس سلوك محصور بالطلاب الذكور فقط دون الإناث والمعروفات برقتهن ونعومتهن بحيث يكون من الصعب تخيل اقتران هذه الصفة بهن ولذلك يندر ما نسمع أن يقال عن طالبة ما إنها مشاكسة أو مشاغبة في الفصل الدراسي.
إلا أن الحقيقة قد تكون عكس ذلك تماما فلو أجرينا مقارنة بين سلوك الطلاب وسلوك الطالبات في الفصول الدراسية لوجدنا ان الطالبات أكثر شغبا من الطلاب في الفصل الدراسي إلى درجة ان أي مدرسة للبنات قد لا تخلو من الطالبات المشاكسات المتخصصات في عمل المقالب لمعلماتهن في الصف.
ولكن ما طبيعة ونوعية هذه المقالب؟ وما هي الأسباب التي تدفع بالطالبة الى استساغة مثل هذه الأفعال السيئة وإلى أي مدى قد يصل تمادي الطالبة في انتهاج مثل هذا السلوك؟ وما هي عواقبها وما ردة الفعل الصادرة عن المعلمة التي تكون ضحية هذا المقلب؟
للاجابة على ذلك التقينا بعدد من الطالبات المشاكسات واللاتي قمن بدورهن بسرد المواقف أو المقالب التي كن يعملنها لمعلماتهن في المدرسة:
وقد كانت البداية مع الطالبة فاطمة التي تروي لنا أحداث مقلب عملته مع معلمة علم النفس فتقول: أحضرت ذات يوم معي إلى الصف حشرة )جرادة( كنت قد وضعتها في علبة صغيرة وأثناء انشغال المعلمة بشرح الدرس قمت بوضع الحشرة على دفتر التحضير الخاص بها وما أن رأتها حتى صرخت وخرجت هاربة إلى خارج الصف إلا أني لم أتعرض للعقاب حيث اعتبرت الأمر صدفة.
وقد عللت فعلتها هذه بقولها إن الدرس في الحصة الماضية كان يتعلق بالخوف وقد ضايقها ازدراء المعلمة من الطالبات اللواتي يصرخن عند رؤيتهن لأي حشرة لذلك فقد قررت هي وزميلاتها أن يعملن هذا المقلب للمعلمة.
أما الطالبة سميرة: فقد كان لها موقف مشابه مع معلمة اللغة العربية فعند علمها بأن المعلمة لديها حساسية من رائحة الليمون قامت برش عطر الليمون في الصف وبالقرب من السبورة مما دفع المعلمة عند استنشاقها لرائحة الليمون إلى الانسحاب والاعتذار عن مواصلة الدرس ولكنها سرعان ما اكتشفت أن الأمر مدبر لذلك فقد تعرضت الطالبة وصديقاتها للعقاب بسبب عدم اعترافهن بمن فعلت ذلك وقد بررت موقفها هذا بأنها لم تكن مستعدة للاختبار الذي كان مقررا اجراؤه في ذلك اليوم وقد نجحت فعلا في تأجيل موعد الاختبار بتلك الطريقة ومما يدعو إلى الاستغراب أنها أبدت استعدادها في الاستمرار بعمل مثل تلك المقالب رغم تعرضهن للعقاب القاسي.
الألعاب النارية
أما الطالبة )ريم( فقد كان لها موقف أكثر غرابة من زميلاتها فتقول: أثناء اختبارات نهاية العام الدراسي ألصقت الادارة على لوحة الاعلانات إعلانا تحذر فيه الطالبات من جلب الألعاب النارية الى المدرسة مما أثار استغرابي وخصوصا انه لم يحدث شيء من ذلك من قبل. ولذلك قررت أن أعمل ذلك المقلب للادارة نفسها وفي يوم تسليم النتائج أحضرت معي واحدة من تلك الألعاب النارية وعند انشغالي باطلاقها نحو باب الادارة لمحتني احدى المعلمات وكانت نتيجة فعلتي أني حرمت من استلام نتيجتي النهائية للاختبارات بالاضافة الى كتابتي تعهداً بعدم تكرار هذا العمل ولولا أن العام في نهايته لكان العقاب شديداً ومضاعفاً.
أما الأخت م.ع. فتقول إنها لا تفكر بعمل تلك المقالب إلا من باب التسلية والترفيه لها ولزميلاتها.
أما أمل فتقول: أنا لا أفكر بعمل أي عمل انتقامي ضد المعلمة إلا إذا اضطرتني لذلك، وذلك بجرح مشاعري أمام زميلاتي، وعن عمل انتقامي قامت بعمله لمعلماتها قالت: أذكر في أحد الأيام قمت بسكب علبة العصير من فوق على الفناء أثناء وجود احدى معلماتي التي جرحت مشاعري أمام زميلاتي. وعن اكتشاف أمرها قالت: عند قيامي بتلك الفعلة أثار غضب المعلمة فاتجهت فوراً إلى الإدارة وبعد التحقيق مع الطالبات اتضح أمري وتلقيت العقوبة من الادارة.
شخصية المعلمة
وكما كان لنا لقاء مع الطالبات كان لنا لقاء أيضا مع المعلمات اللواتي كن ضحية لمثل تلك المقالب وردة فعلهن الصادرة من ذلك.
وقد كانت البداية مع المعلمة خديجة القرشي التي أوضحت لنا مدى تضجرها من الطالبات اللواتي يقمن بهذا التصرف الذي يمس شخصية المعلمة ومكانتها وإضافت: لقد مررت بمواقف عديدة أذكر منها على سبيل المثال موقفا حدث لي من إحدى الطالبات فلقد أحضرت قلم ليزر وأثناء انشغالي بشرح الدرس كانت توجهه باتجاهي مما أثار ضحك الطالبات واستغرابي من ذلك وما هي لحظات واكتشفت الأمر فلم احتمل ما حدث فوبخت جميع الطالبات بأسلوب يحفظ لي كرامتي. وعن سبب قيام الطالبة بذلك العمل قالت: أظن أنه لتساهلي معها في المرة الأولى.
أما المعلمة أمل الطويرقي فترى انه مجرد تفكير الشخص بعمل مقلب لشخص ما أمر ممتع جداً ولكن في حدود لا تضر الطرف الآخر، وعن فكرة عمل الطالبة لمعلمتها مقلبا قالت: انها لا ترحب بتلك الفكرة فعندما تقوم الطالبة بمثل ذلك قد يلغي شخصية المعلمة امام الطالبات ولا بأس إذا قامت بعمل ذلك المقلب في إحدى زميلاتها فالمعلمة لها احترامها.
أين الحزم
أما المعلمة الهام الحربي فتقول: بالنسبة للمقالب أو السخافات بمعنى أوضح من قبل الطالبات فلم أتعرض الى عمل مباشر من قبل الطالبات لأني حازمة معهن الى حد ما ولكن تعرضت زميلة من زميلاتي الى موقف مع إحدى الطالبات فقامت الطالبة بوضع مادة الصمغ اللاصق القوي جدا على مقعد المعلمة فتقبلت المعلمة الوضع بتهاون وعدم مبالاة فقمت أنا بتحقيق في الموضوع وكشف هذه الطالبة الهمجية وكان عقابها الخصم من درجاتها والفصل لمدة ثلاثة أيام من المدرسة وفي رأيي الشخصي يجب على كل معلمة أن تكون حازمة مع الطالبات وعدم اعطاء الطالبة الفرصة لمثل هذا المزاح الشخصي.
انفعالات نفسية
أما أساتذة علم النفس والاجتماع فلهن رأيهن في الموضوع حيث تقول الأخصائية النفسية مها العتيبي: إن ما تقوم به الطالبات من عمل مقالب على المعلمات سلوك سيئ نتيجة انفعالات نفسية او تفريغ شحنات نفسية كامنة في نفوسهن فبعض الطالبات تريد أن تدخل البهجة على نفوس زميلاتها وبالتالي تقوم بعمل تلك المقالب للمعلمات دون علمهن كي تثير الضحك.
وأخرى تقوم بفعل ذلك نتيجة حالة نفسية أو بمعنى آخر صدمة نفسية سببتها احدى المعلمات كأن تكون المعلمة سيئة السلوك أو تصرفاتها غير تربوية، وأخرى تقوم بفعل ذلك نتيجة رد فعل للمعلمة فمثلا عندما تقوم إحدى المعلمات بتوبيخ إحدى الطالبات بضربها أو السخرية منها بأسلوب غير أخلاقي فإن ذلك الفعل يكوّن لدى الطالبة عقدة نفسية من هذه المعلمة خصوصا إذا كان أمام زميلاتها وبالتالي تحاول هذه الطالبة ان ترد على المعلمة بنفس الأسلوب أو الطريقة لكي تخرج من حالتها النفسية كردة فعل. لذلك يجب على المعلمات ان يراعين شعور الطالبات وأن يتعاملن معهن بالطرق التربوية الحديثة التي من شأنها تهيئة الجو المناسب للطالبات لكي ينلن على أكبر نسبة من التحصيل الدراسي الى جانب تفتيح عقولهن وتوجيههن نحو السلوك الصحيح ومساعدتهن في التغلب على ما قد يعيق دراستهن والرفع من قدرتهن العقلية التي من شأنها ان تحفظ للمعلمة والطالبة حقها وهذا الأمر لا يتحقق إلا بأن يصل الإنسان الى قلب الآخر كي يصل إلى عقله وبالتالي يعرف ما يدور بداخله.
خلل في التربية
أما المشرفة الاجتماعية ريم الزيادي فترى أن السبب المباشر هو خلل في تربية هذه الطالبة فتقول: الرفاهية المبالغ فيها وضياع الرقابة الأبوية سبب رئيسي ومباشر لقيام الطالبة بعمل تلك التصرف غير اللائق ضد معلمتها.
وهناك أسباب أخرى تدفع الطالبة للقيام بعمل ذلك كانبهار وانسجام المعلمة مع طالباتها إلى حد غير معقول لدرجة إلغاء حاجز الاحترام أو بمعنى أصح غياب الشخصية القيادية للمعلمة.
وكذلك من الأسباب أسلوب التفضيل بين الطالبات مما يدفع الطالبة المهضومة الى القيام بعمل انتقامي ضد المعلمة.
تغير المجتمع
أما الدكتور علاء محمد فيبدأ رأيه قائلا:


قم للمعلم وفّه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا

هذا بيت من الشعر تعلمناه في الصغر يحثنا على تبجيل المعلم ولكن هيهات هيهات ما نراه الآن في العلم من سخرية واستهزاء من الطالب ضد معلمه.
وأسباب ذلك تعود إلى تغير في المجتمع ونظرته الى العلم بوجه عام فلقد تضاءلت نظرة المجتمع إلى العلم ورجاله نتيجة طغيان النظرة المادية على سلوكيات الأفراد وأيضا نتيجة غياب القدوة من المعلمين أنفسهم فنجد بعضهم يحابون بعض الطلاب فتجد ردود الأفعال لدى الآخرين بها بعض الاستهزاء والسخرية كرد فعل لتصرفات المعلم ذاته فيجب علينا تنشئة المعلم أولا حتى يكون قدوة حسنة للطلبة وبوجه عام يجب علينا الارتفاع بشأن التعليم ورجاله وجعلهم صورة براقة للمجتمع كي ينشئ التنشئة على احترام العلم ورجالاته.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved