أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 2nd June,2001 العدد:10474الطبعةالاولـي السبت 10 ,ربيع الاول 1422

الثقافية

اختتام الفترة الثانية لأنشطة ندوة الوفاء الخميسية في الرياض
* الرياض شمس الدين درمش:
اختتمت الفترة الثانية لانشطة ندوة الوفاء للشيخ أحمد محمد باجنيد في الرياض وذلك مساء الخميس 23/2/1422ه.
وكان ضيف الندوة الاستاذ الدكتور عبدالرحمن الطيب الانصاري استاذ التاريخ وعلم الآثار في جامعة الملك سعود. وقد تحدث حديثا ممتعا عن الآثار والتنقيب عنها في المملكة العربية السعودية، فأفاد مستمعيه وأثارهم ايضا!!. ومع انه مهد لحديثه بما وقع له من ردود فعل سلبية وغاضبة من قبل الآخرين، وانه يحاول عرض الحقائق التي توصل اليها من خلال المكتشفات التاريخية، وقراءة اللوحات اللحيانية التي وجدت في قرية الفاو، وفي غيرها فقد انبرى عدد من الاساتذة في الندوة بمداخلات حملت سمة الرفض لأفكار المتحدث كما توقع سلفا!!
الدكتور الانصاري عزا هذا الرفض الى كوننا نعد ما لدينا من معلومات تاريخية مسلمات وحقائق لا تقبل الجدل، لا لكونها ثابتة بالادلة الشرعية التي لا ينبغي تجاوزها، ولا بالبحوث العلمية التجريبية والاستقرائية التي تصل الى درجة اليقين، بل لأننا نشأنا على هذه الافكار، ويتم تكرارها علينا في شتى مراحل التلقي الثقافي والمعرفي الرسمي وغير الرسمي، حتى باتت تشكل جزءاً من العقل الجمعي لا يمكن المساومة عليها. طرح د. عبدالرحمن الانصاري جملة من الافكار والمعلومات السريعة والمدهشة اذكر منها: عدم صحة تقسيم العرب الى عدنانية وقحطانية بالمفهوم السائد، حيث إن العدنانية مستعربة، والقحطانية عاربة وهم أصل العرب! وقال د. الانصاري: ان العرب جميعا عدنانيين وقحطانيين ينتمون الى ابراهيم عليه السلام. واستدل لذلك بأن عدنان هو الجد العشرون في سلسلة نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وبحساب ثلاثين سنة بين كل اسم وآخر على اساس ان القرن الواحد يلتقي فيه الجد والأب والحفيد فإن ذلك يساوي 600 سنة، فأين بقية الاجداد من عدنان الى اسماعيل وابراهيم عليهما الصلاة والسلام؟! وذكر بأن الابحاث التاريخية والمكتشفات الاثرية لا تعطي أي اثباتات لمثل هذا التقسيم للعرب، وان لعدنان وقحطان دلالات اخرى فيما اكتشفت من الآثار غير هذا التقسيم، وقد استدل على وحدة هذا الاصل بالحديث المعروف فيما معناه ان الله اصطفى الرسول صلى الله عليه وسلم خيارا من خيار، فهو أعلى نسبا في العرب على الاطلاق، فكيف يكون مستعربا، وغيره عاربا؟! كما اورد الآية الكريمة ايضا )ملة أبيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل( فنسب العرب الى ابراهيم بلفظ )أبيكم( وبالتأكيد ليس المخاطبون هم العدنانيون وحدهم!! وفي حديث د. الانصاري عن آثار الحجر والاحقاف وإرم ذات العماد.. قال: ان تسمية مدائن صالح مستحدثة تعود الى اواخر الدولة العباسية عندما ولي المنطقة رجل اسمه صالح: وهذه التسمية ليست موجودة في مصادرنا التاريخية المعروفة قبل هذه الفترة وتسميتها في القرآن )الحجر( قال تعالى: )ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين(.
وفي حديثه عن قوم عاد وعبثهم بالآيات التي كانوا يبنونها بكل ريع اشار الى ما يسمى )الركاميات( التي تم اكتشافها، وانقسام الباحثين في الهدف منها بين ان تكون معابد، او علامات على الطرق التي تمتد من جنوب الجزيرة العربية الى شمالها مرورا بوسطها، بينما يميل هو الا أنها قد تكون هي الآيات ورد ذكرها في القرآن، )أتبنون بكل ريع آية تعبثون، وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون(. كما وجه د. الانصاري الانظار الى )إرم ذات العماد( من خلال اختلاف التعبير القرآني عنها وعن قوم ثمود، فقال عن قوم ثمود )وثمود الذين جابوا الصخر بالواد( فنسب الفعل إليهم. أما إرم فقال عنها )التي لم يخلق مثلها في البلاد( فلم ينسب الفعل إلى قوم معينين، وعبر عنها بلفظ الخلق الذي اختص به الخالق سبحانه، ولذلك يرجح ان تكون إرم ذات العماد منطقة جغرافية جيولوجية ذات خصائص متفردة لا توجد في غيرها مما خلق الله سبحانه ويرى انها قد تكون المنطقة الجيولوجية الممتدة من جنوب الأردن الى شمال الجزيرة وتشكل بما يشبه الخنجر المعقوف، حيث يرى الناظر من الطائرة منظرا عجباً حقاً!!
غير ان اهم نقطة في ذلك الحديث الممتع الثري بالفائدة هي: ما مدى ضرورة البحث والتنقيب في الآثار؟. ما فائدتها في حياة المسلمين المعاصرة؟ ما أهميتها للحاضر والمستقبل وقد بادت تلك الامم وذكر الله سبحانه معظمهم على سبيل الذم لأنهم أعرضوا عن الله فأهلكهم؟! فقد عبر عدد من المداخلين عن امتعاضهم بإعطاء هذه الآثار التي تعود لأمم بائدة بما يشبه القداسة وتصرف لها الاموال الضخمة!!
وجوابا على ذلك قال د. الانصاري: ان الاهتمام بالآثار لم يأخذ عندنا الى الآن بعده الاهتمام الكافي فما زالت من مسؤولية مديرية تابعة لوزارة المعارف، وقال ان اهمية ذلك لا تعود الى الانتماء لتلك الحضارات بهدف الافتخار بها، فلا فخر لنا بغير الاسلام، وإنما تكمن اهميتها في امتلاك سلاح علمي يسعى اعداء الامة الاسلامية إلى الاستحواذ عليه منذ زمن ليس بقصير فيظهرون كل ما ينفعهم، ويطمسون كل ما ينفع المسلمين.
وأشار في هذا الصدد الى عمله مدة في حفريات القدس قبل الاحتلال اليهودي لها عام 1967م. وكيف كان المنقبون الغربيون يتلفون كل أثر اسلامي، ويحاولون سرقة الآثار البيزنطية.
وتحاول بعض الجهات ولاشك أن وراءهم اليهود بتسويق فكرة جديدة هي ان ابراهيم عليه السلام كان في عسير بجنوب المملكة ومنها كان يتردد الى مكة، وذلك كتاب لمؤلف اسمه كمال صليبا وقد تأثر به عدد من الباحثين والطلبة فاتصلوا بالدكتور الانصاري يناقشونه في الفكرة. اذاً البحث في التراث ليس للافتخار به وإنما لتثبيت حقائق، وكشف اباطيل قد تكون سلاحا في يد العدو يحاربنا به!!
وختاما فقد حفلت ندوة الوفاء لفترتها الثانية بموضوعات قيمة تناولها اكاديميون وتربويون واعلاميون يأتي في مقدمتهم فضيلة الشيخ د. عبدالله المطلق في موضوع معاملات اسلامية معاصرة، ومعالي د. محمد عبده يماني في امسية مفتوحة تناولت الاعلام وواقعه، ومطمح الناس الى اعلام فضائي اسلامي متميز، كما تم تداول الحديث في عدد من الموضوعات الادبية منها: الرواية السعودية المعاصرة وآداب الشعوب الاسلامية وغيرها.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved