أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 2nd June,2001 العدد:10474الطبعةالاولـي السبت 10 ,ربيع الاول 1422

العالم اليوم

وترجّل ابن القدس
عادل أبو هاشم
غيّب الموت فجر الخميس الماضي في مدينة الكويت القائد والمعلم والمناضل فيصل الحسيني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية.
وبوفاة «أبي عبد القادر» تفقد الحركة الوطنية الفلسطينية مناضلا صلبا أمام آلة القمع الصهيونية، ومجاهدا عنيدا في الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس أمام محاولات العدو الصهيوني لتهويدها، وكنزا ثمينا ونبراساًَ أصيلا ورائداً من رواد النضال الفلسطيني.
فقد برز اسم فيصل الحسيني في كل معارك الصمود التي خاضتها الجماهير الفلسطينية للدفاع عن الأقصى الشريف وخصوصا انه ابن المدينة المقدسة.
وبالرجوع الى ياريخ ونضال هذا المجاهد نجد المصاعب التي واجهته في مسيرة الدرب الطويل في الحفاظ على المقدسات.
توجد مدرستان في السياسة الفلسطينية، الأولى نشأت مع بداية انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة في الأول من يناير 1965م، وتعتمد الخطابية والتعبئة الشعبية كمنهاج عمل، والأخرى مع نهاية حرب الخليج الثانية، وبدايات جولات وزير الخارجية الأمريكية السابق جيمس بيكر، وهي تأخذ المنهج الواقعي والتي يعتبر فيصل الحسيني أحد روادها.
فيصل الحسيني لا ينكر ذلك، بل يؤكد أن المدرسة التي نشأت قديماً هي مدرسة عملية أيضا، فهي المدرسة التي اخترقت كل الحواجز وأطلقت الثورة الفلسطينية مؤكدة للعالم أن هناك شعباً فلسطينياَ يضحي بحياته من أجل وطنه وحقه في الحياة الكريمة على أرضه، وهي التي مهدت الطريق للتفكير العقلاني الحالي، وذلك عندما طرحت صيغة الدولة الفلسطينية العلمانية على أي شبر يحرر من الأرض الفلسطينية، وعندما طرحت فيما بعد مواقف عملية جديدة، مع التذكير أن هذه المدرسة لم تكن مدرسة خطابية فقط، فهي التي أطلقت شعلة الكفاح المسلح ضد العدو الإسرائيلي.ويؤكد الحسيني ان ما يحدث منذ مؤتمر مدريد أن الفلسطينين قد دخلوا مرحلة جديدة لها متطلبات جديدة، ولغة جديدة أيضا تواكب معطيات المرحلة، لهذا يتسم خطابه السياسي بالأسلوب العلمي الذي لا يثير الحماسة قدر ما يثير التفكير، وهو الأسلوب الذي يعتقد الحسيني عن قناعة بأنه الأسلوب الأمثل الذي يجب طرحه حالياً لتحقيق عمل قيادي سليم.
وينظر الفلسطينيون الى فيصل الحسيني باعتباره أحد العناصر التي واكبت عملية النضال الفلسطيني منذ البداية، وباعتباره جزءاً من الشعب الفلسطيني، وابن بيئة ناضلت وسط هذا الشعب، وقد يختلفون عليه فيوافقونه في نقاط معينة، ويرفضونه في نقاط أخرى، والأمر في النهاية يعتمد على ما إذا كان هذا الاجتهاد صحيحاً أم لا، وهو وضع معرض له أي سياسي في العالم، لكن يبقى للإنسان تاريخه ومواقفه التي تتجدد مصداقيتها كل يوم.حينما تحطمت الطائرة التي كانت تقل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالقرب من بلدة الكفرة في الصحراء الليبية في أبريل «نيسان 1992م، بدأ معظم العالم يكتب نعيه، وحينما مر ما يزيد على تسع ساعات على الحادث، ولم تسمع كلمة من الطائرة او من ركابها، فإن أولئك الناعين بدوا واجمين، غير أن فيصل الحسيني لم يصدق خبر الموت وقال ان عرفات قد نجا بأعجوبة، في اللحظة التي أعلنت فيها اسرائيل بأن القيادة الفلسطينية قد اختارت ثلاثة من أعضائها لخلافة عرفات وهم: فاروق القدومي «أبو اللطف» ومحمود عباس «أبو مازن» وفيصل الحسيني.!رغم ذلك فإن فيصل الحسيني الذي بدا مبتهجا لنجاة قائده قال للفلسطينيين المبتهجين المحتشدين في بيته «إن شعبنا شعب عظيم قادر على التغلب على مشكلاته كلها، إن الشعب القادر على إنجاب أبي عمار يمكن أن ينجب واحداً آخر ومع ذلك نشكر الله أنه وفر علينا ذلك الامتحان».بالنسبة للعديد من الفلسطينيين الذين ترعرعوا تحت الاحتلال، فإن فيصل الحسيني يمثل ألم ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، فهو من عائلة الحسيني التي كانت محور النضال المعاصر من أجل الهوية الفلسطينية، وهو ابن أكبر بطل عربي في حرب عام 1948م وهو الشهيد عبد القادر الحسيني الذي ترأس القيادة المركزية والتي اتخذت مقرها في مدينة بيرزيت شمالي القدس، والذي استطاع الحفاظ على مدينة القدس من السقوط بيد الاسرائيليين في حرب 1948م.
لقد خُلد عبد القادر الحسيني في كتب التراث الفلسطيني لوقفته الشجاعة ضد المحتلين اليهود، ومُنح لقب «شهيد فلسطين الأول» بعد استشهاده في القسطل القريبة من القدس في 8 أبريل 1948م ويذكر فيصل حينما أدرك للمرة الأولى معنى موت والده فيقول «كنت في البيت عندما أتى أخي الأكبر موسى ومعه الجريدة المصرية» وطلب اليه أخوه أن يقرأ العنوان، وحينما فعل فيصل ما طلب أخوه منه سأله موسى «هل تدرك ماذا يقول العنوان؟ فأجابه فيصل نعم أفهم ذلك إنه عن معركة القسطل، فقال موسى إذن اذهب وأخبر أخاك الأصغر، فذهب فيصل البالغ من العمر ثماني سنوات لإخبار شقيقه الأصغر غازي بأن والدهم مات.
ويتذكر فيصل أن والدتهم «وجيهة» لم تنتحب «على الأقل ليس أمامنا ولذلك فإننا لم ننتحب» ولكن بعد مرور ثلاثة أيام حينما عرض أحد الأشخاص على فيصل خبراَ في صحيفة يقول إن الحكومة المصرية قررت رعاية عائلته وتدريسهم مجاناً بدأ فيصل بالبكاء «في تلك اللحظة أحسست بأول شيء واقعي، بأني فقدت شيئا، ليس لأن والدي قتل في الحرب فهو شخص وطني، ولكن لأنني فقدت أبي».
انتقلت عائلة الحسيني للعيش في القاهرة، وواصل فيصل التردد على القدس إذ كان يقضي أوقات الصيف فيها «في بعض الأحيان برفقة أمي وأحيانا وحيداً» وكان يتلهف للعودة ليتمكن من إدارة أملاك العائلة في القدس.أنهى فيصل المدرسة العليا عام 1958م وهي السنة التي قامت فيها الوحدة بين مصر وسوريا، وكذلك السنة نفسها التي بدأت تتشكل خلالها منظمة جديدة هي حركة التحرير الفلسطينية «فتح».
ويتذكر فيصل «ذهبت الى العراق الى جامعة بغداد لدراسة الجيولوجيا» ومع هذا فإن نيته الفعلية كانت الانخراط في الأكاديمية العسكرية العراقية وهي الكلية التي تخرج والده منها، ولكن بعد مرور تسعة أشهر وحينما اندلعت الثورة هناك للإطاحة بالنظام الملكي في العراق، اضطر فيصل للعودة الى القاهرة لاستئناف محاولاته لإثارة الوعي بين الطلبة الفلسطينيين «فيما يتعلق بوطننا وبآمالنا، وبتاريخنا، وبطموحاتنا».
توجه فيصل بعد ذلك الى سوريا حيث التحق بكلية الضباط العسكرية وسرعان ما أصبح قائد فصيلة مؤلفة من ثلاثين جنديا.
وحينما اندلعت حرب حزيران يونيو 1967م أرسل السوريون فيصلا الى لبنان من أجل تجنيد جنود لجيش التحرير الفلسطيني، وكان للانتصار الذي حققته اسرائيل في هذه الحرب أن يفرض مساراً جديداً في حياة فيصل الحسيني الذي فضّل العودة الى القدس في شهر يوليو تموز 1967م.
في تلك الفترة تمكن ياسر عرفات من التسلل الى الضفة الغربية، وعلى امتداد بضعة شهور طاف عرفات خلسة أنحاء الضفة الغربية متنكرا بزي راعٍ، وأحيانا أخرى بهيئة طبيب، مستخدما أسماء مستعارة مثل «أبو محمود»، والدكتور فوزي عرفات، وكان عمل أبي عمار يتمثل في إقامة وتنظيم البنية التحتية لمنظمة فتح وتنظيم المهمات العسكرية.
وفي إحدى تلك المهمات في شهر أغسطس 1967م التقى ياسر عرفات بفيصل الحسيني، واقترح ياسر عرفات على فيصل أن يقوم بتنفيذ مهمة يكلفه بها، فقد طلب عرفات من فيصل أن يخبئ بعض الأسلحة في بيته في وادي الجوز بالقرب من محطة إذاعة القدس،
ووافق فيصل على ذلك ويقول: «أعطاني ياسر عرفات رشاشين الأول روسي الصنع من طراز كلاشينكوف والثاني تشيكي من طراز ساموسار، وقد أحضرت الرشاشين الى المنزل وببطء وحذر قمت بتفكيكهما وخبأتهما في مكان أعتقد أنه لن يعثر أحد عليهما فيه آملاً ألا أضطر الى استخدامهما أبداً».
وفي منتصف أكتوبر عام 1967م ذهب فيصل لمقابلة عرفات في مدينة رام الله، فاكتشف ان الجيش الاسرائيلي يحاصر المنزل وأن عرفات غادر المدينة الى الأردن.
بعد يومين ألقت الشرطة الاسرائيلية القبض على فيصل، وبتفتيش منزله عثروا على الرشاشين المفككين، وقد تم احتجاز فيصل في سجن المسكوبية، وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر في 17/3/1968م، وفيما بعد الى سنة سجن ووضع مدة سنتين تحت المراقبة بسبب «حيازة أسلحة وذخائر بصورة غير مشروعة». وقد استغل محاميه شموئيل تامير الذي أصبح فيما بعد وزيرا للعدل الاسرائيلي عناوين الصحف الإسرائيلية التي ظهرت تقول «السجن لابن عبد القادر الحسيني» استغل ذلك من أجل إقناع المحكمة الاسرائيلية أن فيصلا اعتقل ليس من أجل ما قام به، وإنما كانتقام من والده، وأدلى فيصل ببيان قال فيه إن السبيل الوحيدة لتحقيق السلام هي اللاعنف، وقال المدعي العام الإسرائيلي انه على ضوء نسب فيصل «عائلته» والتزامه الظاهري بالمساعي السياسية ذات الطابع السلمي فإنه يسقط التهمة الأخرى المتعلقة «بالعضوية في منظمة غير مشروعة» وأشار الى أن مثل ذلك البيان الذي «يأتي من عضو عائلة عربية محترمة يجب أن يُنظر اليه بعين الاعتبار ويجب أن يتم تشجيعه».
وما كاد يمر أسبوع على بدء تنفيذه للمدة المحكوم بها، حتى قال فيصل الحسيني لمراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن نيته ورغبته في الاعتراف بوجود حق للشعب اليهودي في إقامة وطنه في فلسطين، شريطة اعتراف اليهود بوجود حق مماثل للفسطينيين.
وقد أطلق سراح فيصل الحسيني بعد مرور سنة على اعتقاله في 24/10/1968م، وعلى امتداد السنوات الثماني التالية ابتكر الاسرائيليون طريقة أخرى للإبقاء على فيصل الحسيني تحت المراقبة، فقد رفضوا إصدار بطاقة هوية له، بالرغم من أنه مسجل في إحصاءات سكان القدس، وبموجب القانون الاسرائيلي الذي يطبق على القدس، فإنه بإمكانه التصويت في الانتخابات البلدية والحصول على الضمان الاجتماعي وتنظيم المؤتمرات والقيام بالنشاطات السياسية دون الحصول على تصريح من الحكم العسكري، ولا يمكن إبعاده ولا هدم منزله، وبدون بطاقة هوية فإنه لا يمكن أن يغادر البلاد ولا حتى السير بحرية في الشوارع، وقد اعتقل فيصل الحسيني في هذه السنوات ست مرات على الأقل.
كانت سنوات السبعينات سنوات قاسية بالنسبة لفيصل، فهو لم يكمل دراسته الجامعية ولا يحمل بطاقة هوية، وبالتالي كان من المستحيل أن يجد عملا، وقد عمل في البداية في تجارة بيع المربيات المصنوعة في البيت، ثم حاول فتح وكالة لبيع الجرارات للمزارعين الفلسطينيين في غزة، ومع حلول عم 1973م، عمل بوظيفة فني أشعة في عيادة بالقدس يمتلكها أحد أقاربه.
في عام 1976م ولد أول ابن له أسماه عبد القادر وبعد مرور سنة أي في العام 1977م، حصل على بطاقة الهوية مع الموافقة الرسمية من السلطات الاسرائيلية. ورغم أنه أصبح «مواطنا» مقدسيا بشكل كامل، فإن ذلك لم يخفف من ألم الاحتلال، فحينما توفيت والدته عام 1984م طلب فيصل من حاكم منطقة القدس الاسرائيلي منحه تصريحاً لإحضار جثمان والدته من لندن من أجل دفنها، فرفض الحاكم الاسرائيلي ذلك وقال «إن والدتك كانت زوجة عبد القادر الحسيني وإن أمن الدولة يمنع دفنها هنا» فقال فيصل «إذا كان جثمان امرأة ميتة يهدد أمن اسرائيل فأخبرني ما الذي يتطلبه أمنكم من العالم العربي؟».
في عام 1984م شكلت حكومة إئتلاف وطنية جديدة في اسرائيل حيث نصبت شمعون بيرز كرئيس للوزراء للسنتين الأوليين، ومنافسه في حزب الليكود إسحاق شامير للأربعة والعشرين شهرا الأخيرة من عمر هذه الحكومة، وقد اشترك فيصل مع سري نسيبه الاستاذ في جامعة بير زيت في محادثات تمهيدية مع موشي عميراف عضو اللجنة المركزية لليكود في محادثات سلام في تموز يوليو 1987م حيث قدم لهم عميراف نسخة من وثيقة مقترحة حول توسيع الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت الخطة تتضمن فترة ثلاث سنوات من الحكم الذاتي أهمها «إقامة «وجود» فلسطيني مجرد من الصفة العسكرية تكون له عاصمة «إدارية» في القدس الشرقية، والعديد من الزخارف مثل العلم والنشيد والعملة الخاصة ومحطة إذاعة وبطاقة هوية خاصة، وفي نهاية المدة المؤقتة تبدأ محادثات اسرائيلية فلسطينية حول «الوضع النهائي» للمناطق كما ورد في اتفاقيات كامب ديفيد.
وأوضح عميراف ان محادثاتهم تهدف الى خلق أساس لاجتماع نهائي بين شامير وعرفات.
لم يتخيل فيصل الحسيني قيام عميراف بإجراء هذا الاتصال دون علم إسحاق شامير، فقد كان فيصل يعتقد بأن شامير يريد إنهاء حياته السياسية بشيء درامي يقوم به مثلما صنع مناحيم بيغن للسلام مع مصر.
واستمرت المحادثات ببطء في الشهر الثاني، وفي 24/8/1987م اقترب الجانبان من استكمال خطة السلام السرية، واقترح فيصل إطلاع عرفات على القضايا المتبقية غير المتفق عليها والذي كان سيصل الى جنيف في مطلع شهر أيلول لحضور مؤتمر الأمم المتحدة.
وفي 26/8/1987م اعتقل فيصل الحسيني بأوامر من شامير، الذي طلب احتجاز الحسيني لمدة عشرة أيام، وهي مدة تكفي لتفويت فرصة لقاء جنيف المخطط له.
ويعتقد فيصل الحسيني أنه حتى وإن كان شامير على غير علم بالتفاصيل كلها، إلا أنه كان يعرف بالمبادرة، واستغلها بشكل ساخر، بحيث يتمكن من اتقاء خطر ضغوطات حزب العمل الداخلية من أجل مؤتمر دولي، والضغوطات الخارجية للتحاور مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
وكان شامير قد أنكر أن تكون له أي مشاركة او معرفة بالقضية كلها، وقد تم طرد عميراف من حزب حيروت ومن الليكود الذي يقود الائتلاف، وحكم على فيصل الحسيني بفترتي اعتقال إداري متعاقبتين أي لمدة عام، وحينما اطلق سراحه في شهر حزيران يونيو 1988م بعد أن قضى مدة عشرة شهور في السجن، استعاد حريته بعد مرور سبعة أشهر على بدء الانتفاضة.
بعد إطلاق سراحه بدأ فيصل على الفور العمل على وثيقة جديدة من شأنها أن تعمل على تحقيق وتعزيز القوة السياسية الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، وكانت النتيجة خطة لإعلان استقلال فلسطين بحكومة مؤقتة تكون برئاسة ياسر عرفات تستمد معظم سلطتها من هيئة تشريعية تتكون من الفلسطينيين الموجودين تحت الاحتلال وينتخبها فلسطينيو الأراضي المحتلة فقط.
وفي 31/7/1988م وبعد مرور أقل من شهرين على إطلاق سراحه من السجن، وبعد مرور ساعة على إعلان الملك حسين عن تخلي الأردن عن السيادة على الضفة الغربية، تم اعتقال فيصل الحسيني، وتمت مصادرة «وثيقة الحسيني» من مكاتب مؤسسة الدراسات العربية والحكم عليه بستة شهور أخرى.بعد أسابيع قليلة من انتهاء حرب الخليج الثانية، التقى وفد فلسطيني برئاسة فيصل الحسيني مع وزير الخارجية الامريكي آنذاك جيمس بيكر في القدس الشرقية، وقبل ساعات من سفر الوفد الفلسطيني الى مدريد قال الحسيني: «من المؤكد أنها حقبة جديدة .. سنتحدث مع الإسرائيليين لخلق علاقة تبادلية، سيجلس الفلسطينيون والإسرائيليون كطرفين متساويين للبحث في القضايا».إن موقف اسرائيل تجاه فيصل الحسيني يؤكد رغبتها العميقة في إضعاف عرفات، وبدأ المسؤولون الإسرائيليون يمتدحون حقيقة أن فيصل يمكن أن يكون شريكاً في السلام.
وباعتراف الصحف الإسرائيلية فإن أعضاء في مؤسسة الدفاع ينظرون الى فيصل الحسيني على أنه معتدل حقيقة، انهم ينظرون اليه كقائد له تأثير كبير.
ويعتقد فيصل الحسيني أن والده عبد القادر الحسيني بطل حرب فلسطين، الذي قاتل للحيلولة دون ميلاد دولة يهودية، سيكون فخورا بابنه بسبب تفاوضه على السلام مع اسرائيل، ويقول «أعتقد أنه لو كان اليوم حيا لفعل الشيء نفسه، وليس في ذلك خروج على مسار الوالد إطلاقاً بل استكمال له، فما من شعب في هذا العالم إلا وحسم نضالاته في غرفة المفاوضات».
ويؤكد فيصل على أن «الفلسطينيين يمرون بمرحلة مختلفة عن تلك التي عاشها عبد القادر الحسيني، فهم بدأوا هذه العملية بالقتال المسلح ومروا خلالها بمراحل صعود وهبوط، لكنهم استمروا، وحتى يحسم هذا النضال الميداني وتكون له نتائجه السياسية كان لا بد من المفاوضات، فمن يحرث يبذر، ومن يبذر يزرع، ومن يزرع يحصد، ومن يزرع ولا يحصد يكون قد أضاع جهده،
وأيضا من أراد أن يحصد من دون أن يزرع لن يجني شيئا والحمد لله نحن نحصد ما زرعه آباؤنا والأجيال السابقة، وهو نبات حقيقي وثمرات وليس أشواكا».
فيصل الحسيني .. لقد أحبه من اختلف معه، وأحبه من شاركه فكره.أبا عبد القادر .. يتهادى الى سمعك صيحات الحق تدوي في كل فلسطين.. من الصامدين الثائرين أطفالاً وأشبالاً .. فتيانا وفتيات .. نساء وشيوخا.. تعلن من جديد عهد الجهاد والنضال الذي غرسته في أعماقهم وأشربته أبناؤهم فروته دماؤهم .. إنه عهد انتفاضة الأقصى المباركة.
أحزاننا عليك كبيرة .. ومآقينا عليك مفتوحة .. وقلوبنا عليك منفطرة .. وعزاؤنا في أبنائك أن يواصلوا مسيرة النضال التي أفنيت فيها عمرك، وسنظل نذكرك ونحن نذكر البطولات والتضحيات التي يجسدها شعبنا الصامد في فلسطين كل يوم.
وسنظل نذكرك علما من أعلام الحرية والنضال والثورة.
و«إنا لله وإنا اليه راجعون».
*كاتب وصحفي فلسطيني الرياض

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved