أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th June,2001 العدد:10478الطبعةالاولـي الثلاثاء 13 ,ربيع الاول 1422

مقـالات

نوافذ
بيت الأرواح
أميمة الخميس
قبع كتاب الروائية )إيزابيل الليندي( فوق رف في مكتبتي لفترة طويلة لم يقرأ، وعلى الرغم من شغفي العارم بأدب أمريكا اللاتينية وروايات ماركيز، وجورجي آمادو، واشعار بابلو نيرودا، الى ان جميع هذا لم يدفعني الى رواية )بيت الأرواح( لربما كنت أنتظر ان اقرأها بجو طقوسي مبجل تقل فيه الارتباطات )التي لا تقل عادة( ولربما كانت طبعة الكتاب الذي عندي، لم يهتم الناشر باخراجها فجاءت احرفها مكومة مكدسة لا تتواءم، مع ما تحويه من فتنة وجمال،ولربما ازدحام صفحاتها الأولى بأسماء الأمكنة والأشخاص والأحداث بشكل يشوش ولا يجذب الى أجواء الرواية..!!
جميع هذا جعلني أمر دوما أمام تلك الرواية في مكتبتي وأعدها بموعد مقبل وعارم في وقت مستقبلي مجهول، ولا سيما عندما يذكرني عنوانها ببيت ميسون بنت بحدل الكلبية عندما انتقلت من البادية الى الحاضرة وأنشدت شجوا تقول:


لبيت تخفق الأرواح فيه
أحب إلي من قصر منيف

ولم أكن أعرف ان مدخلي الى تلك الرواية كان ينتظر مشاهدتي لفيلم )The house af spiriet( والمأخوذ عن قصة الرواية نفسها، والذي قامت ببطولته الممثلة الشهيرة )ميريل ستريب( والفيلم كصناعة سينمائية أخاذ وجميل، وحاول ان يبقى قابضا على روح النص الأصلي الذي تزدوج فيه الأساطير مع الحكايات، مع المصير القدري المحتوم الذي يسير باتجاهه أبطال الرواية، ولكن على حين ان الرواية عادة هي التي تأخذنا باتجاه الفيلم، فان الفيلم هنا كان اضاءات سريعة وعجلة أخذتنا باتجاه المنجم المسمى رواية )بيت الأرواح(.
وكأن الفيلم وضع الخارطة الرئيسية لمئات من الخطوط الملتفة والمتشابكة الغامضة والمتقاطعة التي تكون أجواء الروائية التشيلية )الليندي(.
حيث في مقدمة الرواية تهدي الروائية هذه الرواية الى أمها وجدتها وتجعلها أحد تجلياتهما وامتدادتهما، وأذكر بأنني قد سبق وان قرأت مقابلة مع الروائية بعد وفاة ابنتها في باريس تقول فيها: )بعد وفاة ابنتي كنت أمام خيارين إما ان اتبعها حيث ذهبت أو أكتب رواية، ويبدو كما ترون أني اخترت الخيار الثاني(.
لذا فالليندي هنا تعبر عن عوالم شديدة الالتصاق بحياتها وبماضيها وتعكس طبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية في دول أمريكا اللاتينية في بدايات القرن الماضي مع خصوصية واضحة )لتشيلي( عندما كان الصراع على أشده بين طبقة المحافظين )ملاك الأرض( والطبقة الشعبية الصاعدة تحمل كل آمالها وهمومها وقهرها الطويل، وفي قمة هذا الصراع يصل الى الحكم الجنرالات )العسكر( حيث ينتفي العقل والحوار والانتخابات الرسمية ويحل بدلا منه لغة القوة وبطش السلاح.
وتدور أحداث الرواية حول عائلة من طبقة )ملاك الأرض( وصراعها للحفاظ على سطوتها وقوتها، وتورط ابنة هذه العائلة مع طبقة العمال والمناضلين التي تنهي بحبسها، ومن ثم خروجها من السجن في تفاصيل اسطورية يختلط فيها الواقع مع الخيال في رواية جميلة ومذهلة وعجيبة تزدان بأولئك الشخوص الذين يتفاوتون بين حوريات البحر، والمجنحات الطائرة، والزمن الطويل الممتد دون حدود أو فواصل.
إنه بالضبط خصوصية الرواية في أمريكا اللاتينية، ونفس أجواء )ماركيز( في روايته مائة عام من العزلة أو الحب في زمن الكوليرا.
بيت الأرواح رواية لا تسمح لك ان تظل واقفا محايدا ببابها بل هي تأخذك بقوة الى الداخل باتجاه تلك المغارة العجائبية، التي ستخرج منها وقد اختبأ شخوصها في تلافيف دماغك فتعلم بأنهم سيظلون هناك الى فترات طويلة.
e-mail:omaimakhamis@yaho.com

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved