أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th June,2001 العدد:10478الطبعةالاولـي الثلاثاء 13 ,ربيع الاول 1422

العالم اليوم

السياسة الاستراتيجية السعودية ومنطلقاتها
بسام العسلى
^^^^^^^^^^^
لم يكن أمراً غريباً ولا حدثاً مباغتاً أن يمتنع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد؛ ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني؛ عن القيام بزيارة واشنطن؛ وأن يربط هذه الزيارة بالدور الأمريكي تجاه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية؛ فيما يتسابق قادة الدول الكبرى والصغرى في العالم لمثل هذه الزيارة؛ لمناقشة وطرح قضايا بلادهم في عاصمة القرار العالمي ويعود سبب هذا الموقف السعودي المتفرد والمميز لالتزام المملكة - منذ انشائها وحتى اليوم - بأسس واضحة ومبادئ محددة في تنظيم علاقاتها العربية والإسلامية والعالمية. وعلى قاعدة أن المملكة العربية السعودية تحتل بحكم مكانتها الدينية وموقعها الجغرافي موقع القلب من تكوين الشعوب العربية والإسلامية؛ وهي التي تشكل المرجعية الوطنية والقومية والدينية.
^^^^^^^^^^^
1- الصمود في
مواجهة العواصف.
عندما أصدر )المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية - لندن( العدد 158 سنة 1979 والذي حمل عنوان )العربية السعودية تبحث عن الأمن( كان ذلك تأكيداً لتصميم المملكة العربية السعودية على مقاومة الضغوط الخارجية، والصمود في مواجهة العواصف العاتية؛ فقد كان العالم يعيش آنذاك ذروة عصر الحرب الباردة؛ وكانت الحروب المحدودة تتهدد كل أقطار العالم - والصغرى منها بصورة خاصة - في اطار ما عرف باسم )استراتيجية الاستقطاب(. وضمن هذا المناخ العالمي المضطرب؛ كان موقف المملكة ثابتاً وواضحاً ومحدداً؛ عبّر عنه سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بقوله )في النشرة التي سبقت الإشارة إليها - ص9( :«ترجع المملكة في تشريعها إلى نصوص القرآن الكريم؛ وهي النصوص التي أوحى بها الله - عز وجل - ولم يأت بها أحد من البشر. ولا أعتقد أن هناك انسان عربي بداخله شك بوجود ثغرة في القرآن تسمح بالظلم. فكل قوانينا وشرائعنا ومبادئنا مستوحاة مما ورد في القرآن. وتفخر المملكة العربية السعودية أن يكون لديها مثل هذا التشريع».
وقد يكون من المناسب وضع هذا الموقف في موضع المقارنة مع موقف سبقه بفترة زمنية زادت على ثلاثة عقود. وموقف مماثل جاء بعده بفترة عقدين من الزمن تقريباً. ففي يوم 12 شباط - فبراير 1945م التقى المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود الرئيس الأمريكي )فرانكلين روزفلت( ولم تكن المملكة على يد مؤسسها قد بلغت درجة المنعة والقوة والتطور التي بلغتها في مطلع القرن الميلادي الجديد )21(. ويومها وعلى متن المدمرة )ميرني( حمل الملك عبدالعزيز هموم المستقبل العربي والإسلامي؛ فتحدث بوضوح وصراحة عن قضية فلسطين ومستقبلها؛ واحتمالات تطور الصراع العربي - اليهودي وحفظ التاريخ مما حفظه التأكيد الثابت، والرسائل المتبادلة بين السعودية وأمريكا؛ لالزام أمريكا باتخاذ موقف عادل وحيادي وغير منحاز )لليهود(، وبعد ذلك وعندما عقدت )القمة العربية الطارئة( في القاهرة يوم 21/10/2000م لمعالجة تطورات )انتفاضة الأقصى( التي تفجرت بزيارة )اريئيل شارون( الاستفزازية لحرم المسجد الأقصى يوم 28 - ايلول - سبتمبر 2000 وما اقترن بها من قمع وحشي للشعب العربي الفلسطيني - المجاهد - مما استدعى اتخاذ موقف عربي واضح يشكل رسالة للعالم بأن الشعب الفلسطيني لن يُترك وحده في مواجهة جهاز البطش الصهيوني - .وشكلت كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني السعودي - أساس مقررات مؤتمر القمة. وجاء في كلمة سموه التاريخية «نجتمع اليوم ممثلين لآمال وآلام شعوبنا الأبية، ولا بد لمن يمثل أمة أن يرتفع بأمته شرفا وكبرياء؛ ويحقق طموحاتها الكبيرة والمتألقة في سماء العزة؛ والتاريخ الذي أشرق على العالم من أرضنا، أقول ذلك مذكراً بالأمانة الملقاة على عاتقنا جميعاً؛ فمن يكن الإسلام دينه؛ والعروبة وطنه؛ والتاريخ المضيء ملهمه، لا بد وأن يرفض كل طرح لا يشرف صاحبه، فالمروءة لا تتجزأ؛ والشرف لا يتلون؛ والمعتقد لا يساوم عليه؛ وأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. أيها الاخوة ! استنهض المروءة والقيم والأخلاق العربية لدى كل منكم. وقبل ذلك أسألكم بعزة الخالق جل جلاله أن تقفوا مع الحق ثم مع أمتكم وشعوبكم وقفة رجل واحد؛ ولا يضيع حق وراءه مطالب. وحقنا جلي لا يحتاج أبدا لإثبات. وإنني أعلن أمامكم وأمام العالم؛ بأننا في المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة وشعباً لا نرى الحلول في التهميش أو القفز على واقعنا الحاضر أو في محاولة تسكين الجراح وامتصاص الغضب العربي والإسلامي الذي نحن جزء منه. - ووصل سموه للقول -: أولاً يجب ألا تنحصر مناصرتنا للاخوة الفلسطينيين في اطار الدعم المعنوي والسياسي؛ بل يجب أن تكون مساندتنا لهم بكل الوسائل- وعليه فإننا نقترح انشاء صندوق يحمل اسم )صندوق انتفاضة القدس( برأسمال قدره مئتا مليون دولار ويخصص للإنفاق على عوائل الشهداء الفلسطينيين في الانتفاضة؛ وتهيئة السبل لرعاية وتعليم أبنائهم. كما أننا نقترح انشاء صندوق يحمل اسم )صندوق الأقصى( ويخصص له مبلغ 800 مليون دولار لتمويل مشاريع للمحافظة على الهوية العربية والإسلامية للقدس وللحيلولة دون تهويدها؛ وتمكين اخواننا الفلسطينيين من الانفكاك من التبعية الاقتصادية الإسرائيلية، وأعلن هنا باسم أخي خادم الحرمين الشريفين - وباسم الشعب السعودي بأن المملكة ستساهم بربع المبلغ المخصص لهذين الصندوقين». وليست هذه المقولة إلا البرهان الواضح والحاسم على ثبات السياسة الاستراتيجية في وجه عاديات الزمن وفي مواجهة التحديات الخارجية. وقد يكون من الصعب مقارنة هذه السياسة الاستراتيجية بأية سياسة استراتيجية عالمية أخرى. فقد عرف العالم عبر تطورات القرن العشرين بخاصة - تحولات مثيرة في السياسات الاستراتيجية العالمية - وأبرزها وربما أكثرها شهرة تحول السياسات الاستراتيجية السوفيتية؛ وتحولات السياسات الاستراتيجية اليابانية والصينية وسواها. وبديهي أن هذا الثبات في السياسة الاستراتيجية من المرونة الكبيرة؛ وكما هو معروف فإن اهتمام صانعي السياسات الاستراتيجية السعودية يتركز على الأهداف، مع التماس كل السبل والوسائل لبلوغ هذه الأهداف؛ ولكن في حدود الالتزام بالقيم السامية والفضائل النبيلة لتلك السبل والوسائل..
2- في الأفق العربي
لقد بات من المعترف به - عربياً ودولياً - أن القرار العربي يتشكل وينضج عبر التنسيق بين العواصم الثلاث: الرياض والقاهرة ودمشق. وفي الواقع؛ فالفضل الأول في ابراز هذه الحقيقة إنما يعود إلي السياسة الاستراتيجية السعودية التي انطلقت من واقع نكسة العدوان الإسرائيلي في حرب 5 حزيران - يونيو - 1967م لتعالج هذا الانهيار عبر قمة الخرطوم والتي رسمت الطريق لحرب 6 تشرين الأول - اكتوبر - 1973م .ثم تابعت السياسة الاستراتيجية السعودية دورها عبر مؤتمرات القمة العربية المتتالية التي استطاعت تحقيق انجازات رائعة طوال عقد السبعينات وفي كل المجالات: الاقتصادية والسياسية والعسكرية وسواها. وعلى الرغم من تعاظم أخطار استراتيجيات الاستقطاب في ذروة عصر الحرب الباردة؛ فقد صمدت السياسة الاستراتيجية السعودية في مواجهة التحديات التي تسببت في انهيارات عربية معروفة. وعندما تأزم الموقف على ساحة لبنان في سنوات الحرب الأهلية )1975 - 1985( كان للمملكة دورها في معالجة نزف الدم عبر )مؤتمر الطائف( الذي رسم للمنطقة طريق بناء المستقبل اللبناني. ولقد أبرز تحرك السياسة الاستراتيجية السعودية في الأفق العربي أن المملكة تعتمد في تحركها على ما يلي:
أولاً: تشكيل درع وقائي يحمي الدول العربي في شبه الجزيرة العربية من التيارات السياسية المنحرفة؛ ومن الأعمال العدوانية الخارجية - وكان تنظيم دول مجلس التعاون الخليجي هو هذا الدرع.
ثانياً: التنسيق مع القاهرة ودمشق فيما يتعلق بقضايا الصراع العربي الإسرائيلي وحتى الصراعات الأخرى - وتجلى ذلك في تنظيم القوات العربية في اطار قوات التحالف لتحرير الكويت )1991( ثم تطور ذلك عبر التشاور المستمر وتنسيق التعاون - وهوما ظهر عندما تعرض لبنان للعدوان الإسرائيلي )1996 مجزرة قانا( وفي العدوان الإسرائيلي لضرب لبنان )ضرب البنى التحتية في موجات متتالية 1999( وكذلك عندما صعدت إسرائيل عدوانها ضد سوريا ولبنان فتم عقد مؤتمر تدمر التاريخي )صيف 2000( بين وزراء خارجية الدول الثلاث )سمو الأمير سعود الفيصل وعمرو موسى وفاروق الشرع(. وكذلك عقد مؤتمرات الجامعة العربية ووزراء الخارجية في بيروت كلما هددت اسرائيل بتصعيد حربها ضد سوريا ولبنان.
ثالثاً: معالجة قضايا النزاع العربية بالتفاوض المباشرة وبالطرق السلمية - كمثل التوقيع على المعاهدة النهائية للحدود بين المملكة وبين اليمن في 12 حزيران - يونيو - 2000 في مدينة جدة - وتسوية النزاع الذي استمر بين البلدين الشقيقين مدة «66» عاماً. وكذلك الأمر بالنسبة للحدود السعودية القطرية - مما قدم للدول العربية نموذجاً رائعاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية - العربية؛ ولما يجب اللجوء إليه من الأساليب الودية والأخوية لحل المنازعات - دون تدخل خارجي - ودون وساطات أو تحكيم دولي أو غير ذلك. ولعل من أهم مميزات تحرك السياسة الاستراتيجية السعودية في الأفق العربي هي ميزة التوازن الدقيق والمحكم في تنظيم العلاقات العربية؛ إذ على الرغم من الحرص الشديد على تنظيم التعاون السعودي - المصري - السوري - بحكم ظروف الصراع العربي الإسرائيلي، فإن هذا التعاون السعودي يتميز بتوازنه مع كل الأطراف العربية؛ دونما تمييز - إلا من خلال ما تتعرض له هذه الأطراف العربية من الأزمات والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية حيث يتدخل الثقل السعودي لاستعادة التوازن المضطرب أو المفقود.
3- في المحيط الإسلامي
إذا كانت أقاليم شبة الجزيرة العربية )دول مجلس التعاون الخليجي( هي الدرع الأول لحماية الأمن العربي - وإذا كانت بقية الأقاليم العربية - في مشرق الوطن العربي ومغربه -تشكل الدرع الثاني لحماية الأمن العربي والإسلامي - فإن الدرع الثالث الذي تعتمده السياسة الاستراتيجية السعودية لحماية الأمن هو الدرع الإسلامي - وإذا ما أمكن تجاوز التجارب البعيدة والبراهين القديمة؛ فقد كان دور المملكة في الحرب الأفغانية )1981 - 1990( ثم في حرب البوسنة 1992 - 1994 ثم في دعم الشيشان 1994 - 1996 و1999 - 2000م - وكذلك في دعم مسلمي كوسوفو - هو الدور الذي كان له نتائجه البعيدة معنوياً ومادياً في محاربة الظلم والدفاع عن القيم العادلة والفضائل النبيلة من خلال دعم المسلمين ومساعدتهم. غير أن الدور الأكبر قد ظهر من خلال تحرك المملكة العربية السعودية ضد استراتيجية )الاحتواء المزدوج( الذي فرضتها الدول الغربية - أمريكا وبريطانيا بخاصة - على إيران والعراق في أعقاب حرب تحرير الكويت 1991. حيث وجدت المملكة أن هذه السياسة غير صالحة للتعامل لا مع العرب ولا مع المسلمين. فتم العمل لاحباطها من خلال دعم )القمة الثامنة لمنظمة المؤتمر الإسلامي - أو قمة طهران( والتي عقدت في الفترة 9 - 11 كانون الأول - ديسمبر - 1997 وحضرتها 55 دولة إسلامية، وتضمن جدول أعمالها كثيراً من البنود أهمها: أ- مجابهة العولمة . ب- تحقيق ودعم التقارب العربي - الإيراني. ج- احباط استراتيجية الاحتواء المزدوج. وقد ظهر واضحاً أهمية الدور السعودي سواء في حضور هذه القمة ودعمها، أو في تطوير نتائجها، حيث خرجت إيران من عزلتها، وكان من طبيعة الأمور أن تعمل ايران على تطوير علاقاتها مع السعودية وبخاصة في دعم القضايا العربية والإسلامية، سواء بصورة مباشرة أو من خلال تنسيق التعاون في المنظمات الإسلامية والدولية. ولعل مجرد استعراض سريع لمسيرة الأحداث الخطيرة التي اجتاحت كثيراً من الأقطار العربية والإسلامية خلال السنوات القليلة في نهاية القرن العشرين كافٍ لإبراز الحجم الكبير من الهموم التي هيمنت على صانعي القرارات في السياسة الاستراتيجية السعودية، إذ أصبحت المملكة - ملاذاً لكل الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية التي تتعرض للظلم والاضطهاد والعدوان، هذا علاوة على الحجم الكبير من المشكلات التي يعانيها المسلمون في الشتات )أوروبا وأمريكا وروسيا وآسيا الخ(. وظهر واضحاً لكل انسان في الدنيا أنه لا بد من مواكبة تحرك السياسة الاستراتيجية في كل المجالات - العربية والإسلامية والدولية - وتقديم الدعم لها بكل جهد مستطاع - حتى تتمكن من الاضطلاع بأعباء العالم الإسلامي - ومن خلال هذا الدعم المتبادل بدأت في التشكل علاقات عربية إسلامية جديدة سواء في محيط القارة الآسيوية )مع ايران وسواها( أو في محيط القارة الأفريقية أو على الصعيد العالمي. ونظراً لاقتران الدور السعودي بالعقيدة الإسلامية ومبادئها، فقد أخذ هذا الدور أبعاده الانسانية التي فرضت على العالم احترامها - ولاسيما أن كثيراً من دول هذا العالم والتي تنتحل الفضائل الانسانية؛ قد تجردت من فضائلها عبر ممارساتها اللانسانية واللاخلاقية.
4- ما هو متوقع:
وإذا كان من المتوقع أن تنال السياسة الاستراتيجية السعودية ما هي أهل له من التقدير ومن الاحترام - عربياً وإسلامياً ودوليا - فإنه من المتوقع أيضاً وبالمقابل أن تصطدم هذه السياسة الاستراتيجية بمقاومات كبيرة؛ وأن تتعرض لإحباطات قاسية ومريرة. فالظروف التي يعيشها الوطن العربي وتعيشها الشعوب الإسلامية ليست ظروفاً طارئة؛ ولا هي ناتجة عن احداث مصادفة أو عارضة؛ وإنما هي نتيجة جهود منظمة أقل ما يمكن قوله فيها هي :«إشغال العرب بأنفسهم» وصرف المسلمين إلى متاعبهم وهموهم ومشكلاتهم - بدلاً من دفعهم للتفكير وللعمل بما هم أهل للتفكير به ولعمله. وقد عرفت الشعوب الإسلامية والقيادات العربية - وفي طليعتها القيادة الفلسطينية هذه الحقيقة واستوعبتها؛ ولو ان الاستجابة كانت دون ما هو مطلوب. وهذا ما أظهر السؤال المتداول عربياً وإسلامياً: هل تستطيع المملكة العربية السعودية بكل ثقلها المعنوي - وبكل قدراتها المادية حمل أعباء هذه الحرب الشرسة وحدها؟ إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية - وهي بالتأكيد أقوى دولة في العالم؛ وأغنى دولة في العالم، قد فشلت في الاحتفاظ بمقعدها في )لجنة حقوق الانسان( وفي )هيئة مكافحة المخدرات( التابعتين لهيئة الأمم المتحدة ) في الأيام الأولى من شهر ايار - مايو - 2001( وذلك بسبب انحرافات السياسة الاستراتيجية الأمريكية؛ وهو ما أكد ضرورة تعاون دول العالم مع أمريكا - فهل يمكن للسياسة الاستراتيجية السعودية أن تحقق أهدافها؛ وأن تستجيب لتطلعات جماهير العرب والمسلمين؛ إذا لم تقدم القيادات العربية والإسلامية ما هو مطلوب منها من جهد لدعم السياسات العربية والإسلامية؟ وهل استمرار الاقتتال في الجزائر مثلاً - أو الاقتتال على الساحة الافغانية - هو مسؤولية سعودية؟ أم هي مسؤولية تضطلع بها الفئات الإسلامية المتناحرة والتي لا بد لها من اقتلاع أشواكها بأيديها حتى تتحول إلى قوة تعمل لصالح الشعوب الإسلامية كلها؟ هنا لا بد من الاعتراف أن القوى المعادية للأمة العربية والشعوب الإسلامية تمتلك في أكنتها سهاما سامة كثيرة ومتنوعة؛ فهل يجوز ترك هذه القوى لتعمل متعاونة ومتكاتفة ومتحالفة في جبهة واحدة، فيما تستمر الجبهة العربية والإسلامية في البحث عن نقاط الاختلاف والتنافر؟ ألم تظهر المناقشات على شاشات الفضائيات العربية خلافات مخجلة حتى أقدس قضايا العرب والمسلمين قضية انتفاضة الأقصى وقضية المسجد الأقصى؟ وهل يجوز استمرار اختلاف العرب والمسلمين وهم على حق، فيما يتفق أعداء العرب والمسلمين وهم على باطل؟. تلك هي قضية السياسة الاستراتيجية السعودية في واقعها الراهن وفي ظروفها الواقعية. وبقي السؤال المطروح: هل هذه هي سياسة استراتيجية سعودية أم هي سياسة استراتيجية عربية وإسلامية؟ وبعد: هل تبدو صورة المستقبل على ضوء هذا الواقع مظلمة أو قاتمة؟. ليس هناك مجال للتشاؤم في حياة دولة وفي حياة شعب اعتنق الإسلام شرعة ومنهاجاً - حتى لو تألبت ضده كل قوى الشر.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved