أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 17th June,2001 العدد:10489الطبعةالاولـي الأحد 25 ,ربيع الاول 1422

محليــات

لما هو آت
العصا لمن لا عصا له
د. خيرية إبراهيم السقاف
)2(
استكمالاً لما جاء في مقال الأمس...
فالضرب في المدارس هو نوع من العقوبة، تكون أسبابها «تقصيراً» ما من الدارس في أمر ما يعطِّل تنفيذ الأهداف التي من أجلها انضم إلى جماعة المدرسة، والأهداف تشمل المجالات الخاصة بمهمات المدرسة: التعليم، التعلُّم، التنمية.
فالدارس يتلقى الخبرات المعرفية في المدرسة، ويتدرب على التعلُّم لاكتساب المهارات وصقل القدرات تلقِّياً، وتفاعلاً، فالعملية بين ما يأخذ ويعطي هي تنمية لكلِّ مايؤهله لأن يصبح عنصراً قادراً على مواجهة مواقف الحياة والتعامل معها...
وداخل هذه العمليات تفاعل جريء يفنِّد الأدوار، ويسندها إلى مَنْ هي منوطة بهم بدءاً بمَنْ يُدير، ويُشرف، ويُدرِّس، ويوجِّه، ويُعدُّ، ويُهيئ... وانتهاءً بمَنْ تقعُ عليه وتقومُ من أجله...
فالدارس إن قصَّر فيما هو عنه تعرَّض لإجراء العقوبة..
وإن هو أدَّى في همَّة ونشاط وتميُّز أو إجادة، أو حتى إتقان.. استحق المثوبة بقدر أدائه...
والمعلِّم المثل، وهناك علاقة تبادلية فيما بينهما لها حدودها، وأطرها، وضوابطها، لا إفراط فيها ولا تفريط..
وكلُّ شيء كما يقولون إن تخطَّى حدوده جار... «إن تعدَّى حدَّه انقلب إلى ضدِّه» وفي الجور على الحدود، انقلاب المحبة أي ظهور الوجه الآخر للأمر..
فاللِّين الزائد، كالقسوة المفرطة كلاهما يؤدِّيان إلى نتيجتين متشابهتين... وهما غالباً سالبتان...
فَمَنْ الذي يُقنِّن الحدود، ويُبرمج الضوابط؟!
وتطبيقاً على الواقع: مَنْ الذي يحدِّد متى يعاقب المعلِّم تلميذه؟ وما هي نوعية العقوبة؟ وأي «الأسباب» في سلوك التلميذ تستدعي العقوبة؟...، وعلى المثل ذاته المثوبة.
في البدء إن أُحسن اختيار المعلِّم ذي الصفات والمزايا التي تجعله في موضع الأداء وفق «ذاتيةٍ ساميةٍ» مجردةٍ، واعيةٍ، شفيفةٍ، حكيمةٍ، متَّزنةٍ، مقدِّرة، لها منطق حق، وعنها سلوك واضح، لها مبادرات في مواقف تؤكِّد قدرتها على احتواء الموقف وتقدير ما له وما عليه، فإنَّ أمر تحديد نوع العقوبة، ووضع ضوابطها له بمثل ما يمكن أن تؤديه في موقف يستدعي المثوبة...
غير أنَّ هذا الاختيار غالباً «مشكوك» فيه.. والشَّواهد على ذلك تترى...
لذلك...
فإنَّ إدارة التعليم تحتاج إلى إدارة حكمة لوضع خطة مبرمجة ذات أطر، وضوابط، وحدود، وأشكال، بل أجزاء لنوعية ونمطية العقوبات والمثوبات. لاتُترك للهوى، ولا تُلقى بين الأيدي للخاطر...!
وكما تجري على الدارسين العقوبة وتحقّق لهم المثوبة، كذلك الأمر على المدرسين والإداريين، ولهم.
ولعلَّ أول ضوابط معايير العقوبات العناية باختيار مَنْ الذي يجريها، وكيف، ومتى... في بالغ تقدير لمرحلة العمر التي فيها قد يتحقَّق للتوجيه ومنح المثل وطرح النماذج مع التحفيز أبلغ الآثار الإيجابية عن الضرب الذي يؤذي الجسم ولا يفعل مع النفس شيئاً...
إنَّ مبدأ المثوبة لا بد أن يقترن بهدف التنمية للأخلاق، وللسلوك، وللنفس، وللإحساس، ولكل ما في داخل عقل وقلب ونفس الإنسان في مراحل عمره الأولى، حيث التكوين على بصيرة.
وإنَّ مبدأ العقوبة في هذا الهدف لا تمثل «الانتقام»، بل التعليم، ولم يكن التعليم ذات يوم بالقسوة والإيلام والجرح لمن لا حيلة له...
فالعصا لا تُوضع في يد من يملك سلطة التنفيذ وهو غير مؤهل لهذه السلطة نفسياً ولا سلوكياً ولا وعياً ولا خُلقاً.
وهي عندما تُوضع في هذه اليد، فإنَّ الحدَّ الذي سينقلبُ، والإطار الذي سينفرطُ أنها ستنقل بالتأكيد إلى يد من لا عصا له فتتحوَّل ساحة العلم والتعلُّم إلى عراك غير مجدٍ، ولا تربوي بين الرُّعاة والرَّاعين في مواقفَ لا كفاءة فيها وليست عادلة ولا حكيمة .
لذلك فإنَّ أمر تقنين العقوبة والمثوبة لا بد أن تتحقَّق له ضوابطُ ومعاييرُ في شكلٍ يتحقَّق عنه إيجابية التنمية البشرية وفق ما يُوضع للمؤسسات التربوية من أهداف.


أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved