أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 17th June,2001 العدد:10489الطبعةالاولـي الأحد 25 ,ربيع الاول 1422

وَرّاق الجزيرة

أكثر من مليون صفحة من كتب التراث على الإنترنت
إن المهتم بالتراث وكتبه ومصادره يعلم علم اليقين ضخامة هذا التراث والحاجة الماسة لان يُخدم هذا التراث. ولقد حظي ولا يزال يحظى هذا التراث بالعناية من قبل المهتمين به سواء أكانوا باحثين افرادا او مؤسسات علمية عربية واجنبية. وكان نصيب كتب التراث في اوائل عهدالطباعة العربية نصيبا وافرا، حيث حققت ونشرت كثير من كتب التراث، وفي شتى المجالات. وفي وقتنا الراهن، يدخل نشر كتب التراث منعطفا جديدا في عالم النشر، ألا وهو نشر هذه المصادر والكتب بشكل الكتروني. ومع دخول النشر الالكتروني لعالم اللغة العربية، هبت كثير من شركات الحاسب الآلي، والمؤسسات العلمية والثقافية في وطننا العربي ولوج عصر النشر الالكتروني العربي. ومرة أخرى تحظى مصادر وكتب التراث بالنصيب الأكبر في صناعة نشر الكتب العربية الكترونيا. ان المتابع لما يطرح في سوق البرامج العربية يلحظ تنافسا كبيرا بين هذه الشركات في نشر كتب التراث بشكل آلي، ولا تزال هذه العملية في طورها الأول، وهناك الكثير من الثغرات الموجودة في مصادر التراث الرقمية «الالكترونية» . ولعل هذا يرجع الى عوامل عدة، من أهمها: حداثة التجربة العربية في هذا المضمار، علاوة على التنافس التجاري بين الشركات المنتجة والتي عادة ما تغلب جانب الكم «اغراق السوق» على جانب الكيف، وهذا لا يعني بحال ان ليس ثمة اعمال رائدة في هذا المجال. يضاف الى ذلك ان بعضا من مصادر التراث ذات خصوصية وتحتاج لنوعية من المعالجة قد لا تتناسب مع كثير من البرامج المطروحة. وتختلف نوعية وجودة هذه المصادر الالكترونية بين شركة وأخرى، وتتنوع اشكال النشر الالكتروني لمصادر وكتب التراث ما بين اقراص ليزرية أو اتاحة لكثير من هذه المصادر على شبكة الإنترنت.
وفي هذا المقال سنناقش احد المواقع العربية على الإنترنت والمهتمة بكتب التراث. هذا الموقع اسمه «الوّراق» وعنوانه: www.alwarag.co وهو اشمل وأكبر المواقع العربية الخاصة بكتب التراث حيث يحوي هذا الموقع أكثر من مليون صفحة من كتب التراث، وهو لا شك عدد ضخم، ولأول مرة يتاح للقارئ العربي مثل هذا العدد من كتب التراث في موقع واحد، وبدون مقابل. حيث يعد هذا الموقع من المواقع المجانية، التي تتيح للزائر الولوج والتصفح بدون رسوم مالية. ان القائم على هذا الموقع هو المركز الثقافي في «ابوظبي» وفي واقع الأمر فإن هذا المركز جدير بالشكر والتقدير على انجازه لمثل هذا العمل الجليل الذي يخدم تراثنا، وإتاحته على شبكة الإنترنت ليخدم القارئ والباحث العربي بدون مقابل.
يشتمل هذا الموقع على عدد كبير من كتب التراث الشهيرة، وفي شتى المجالات سواء في اللغة والأدب او الشريعة او التاريخ والتراجم والجغرافيا. ولقد قسمت الكتب التراثية في هذا الموقع الى ستة عشر قسما، كل قسم يندرج تحته عدد من الكتب الخاصة بهذا القسم. فعلى سبيل المثال: القسم الخاص بكتب التاريخ، ادرج تحته عدد من كتب التراث التاريخية الضخمة، مثل الكامل في التاريخ لابن الأثير، وتاريخ الإسلام للذهبي وغيرها من كتب التاريخ المشهورة. وتحت قسم كتب التراجم هناك الكثير من كتب التراجم سواء التراجم العامة او الخاصة او تراجم القرون والطبقات. وفي واقع الأمر فالمجال المتاح لهذا المقال لا يتسع لمزيد من التفصيل «وهناك دراسة شاملة ومفصلة عن هذا الموقع سيتم نشرها لاحقا ان شاء الله». على أية حال يمكن للباحث في هذا الموقع ان يتصفح كل كتاب على حدة كما هو الحال بالنسبة لتصفح الكتاب العادي، وباستطاعته ايضا ان يبحث عن أي كلمة او جملة متاحة في أي كتاب من هذه الكتب التي يحويها هذا الموقع. علاوة على ان كل كتاب يمكن ان يبحث فيه من خلال الفصول والأبواب والعناوين الفرعية.
وكما هو معلوم لدى جميع مستخدمي كتب التراث ان هناك صعوبات تواجه الباحث عندما يريد استخراج بعض المعلومات من هذه الكتب. وها هو الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه تاريخ بغداد يصور لنا بصعوبة البحث في بعض كتب التراث، وذلك نظرا لضخامة هذه الكتب، وتنوع المعلومات الموجودة فيها، وطريقة الترتيب المتبعة في هذه الكتب، يقول الخطيب البغدادي: فإني رأيت الكتاب الكثير الإفادة المحكم الاجادة، ربما اريد منه الشيء فيعمد من يريده الى اخراجه فيغمض عنه موضعه، ويذهب بطلبه زمانه، فيتركه وبه حاجة اليه، وافتقار الى وجوده، «تاريخ بغداد 1:213»، هذا فيما يتعلق بالكتاب المطبوع، اما الكتاب الالكتروني او الرقمي فإن الأمر اسهل بكثير حيث باستطاعة الباحث ان يدخل أي جملة يريدها في أي كتاب من هذه الكتب ليجد بغيته بيسر وسهولة. ولا شك ان اتاحة كتب التراث بشكل مقروء آليا «رقمي» سيحل كثيرا من الاشكالات التي عانى ويعاني منها الباحثون في كتب التراث. ويمكن ايجاز فوائد تحويل كتب التراث المطبوعة الى شكل الكتروني «رقمي» بما يلي:
1 تعدد نقاط الوصول بالنسبة للمصدر الرقمي «الالكتروني» اذا ما قورن بالمطبوع.
2 مرونة البحث في المصدر الرقمي عن أي كلمة ترد في نص الكتاب.
3 استخدام تقنيات بحث متقدمة «روابط منطقية، تحليل صرفي، بتر كلمات» لا يمكن بحال ان تتوافر في المصادر المطبوعة.
4 الربط بين مصطلحين او اكثر، وتحديد ما نريده بشكل دقيق.
5 السرعة والدقة في عملية البحث واسترجاع النصوص.
6 يتيح المصدر الرقمي مقارنة النصوص، سواء على مستوى المصدر الواحد او عدة مصادر.
7 البحث العشوائي داخل نصوص المصدر الرقمي، بعكس المطبوع الذي يتطلب قراءة مستمرة من أجل الحصول على المعلومة المطلوبة.
وتزداد أهمية المصدر الرقمي كلما كان المصدر ضخماً ويحوي معارف كثيرة، وكون طريقة الترتيب صعبة، كما هو حال كثير من كتب التراث، مثل مسند الإمام احمد ونهاية الارب في فنون الأدب للنويري. ولعل أهم فوائد استخدام مصادر التراث الرقمية «الالكترونية» علاوة على ما سبق ذكره ما يلي:
1 الاشتراك في مصادر المعلومات بين الافراد والمؤسسات.
2 التوفير المادي، لان الموقع الواحد «مثل موقع الوراق» يستفيد منه عدد من الباحثين لا حصر لهم.
3 توفير الحيز المكاني، فعلى سبيل المثال: محتويات موقع الوراق قد تصل الى ثلاثة آلاف مجلد مطبوع، وهذا العدد يحتاج لحيز مكاني كبير، بينما في حالة المصدر الرقمي فلا نحتاج لذلك.
4 سهولة تداول ونقل المعلومات، حيث بإمكان الباحث ان يقتبس من هذه المصادر ما يريد، وينقل هذه الاقتباسات الى ملفاته الخاصة.
5 التواصل بين أبناء الأمة في هذا العالم عبر المصادر الرقمية المتاحة على شبكة الإنترنت، وهذا بدوره يوسع دائرة نطاق الإفادة من هذه المصادر لأكبر عدد من أبناء الأمة «تقريب التراث للأجيال».
6 المساهمة الفاعلة في تحقيق المخطوطات، والرفع من الأداء في هذا الشأن.
7 تسهيل عمليات الدراسات المقارنة سواء الشرعية او الادبية او التاريخية.
8 تساهم المصادر الرقمية في خدمة التراث وتقريب كثير من مسائله لعامة الناس.
9 فائدة مهمة ومفيدة، ألا وهي ان مستخدم مصادر التراث بشكلها الالكتروني «الرقمي» يسهل عليه تخريج نصوص الأحاديث والأبيات الشعرية وأقوال الأدباء والعلماء وغير ذلك باسرع الطرق وبجهد قليل. وكما سبق فقد عانى كثير من المتعاملين مع كتب التراث من صعوبة تخريج النصوص، خصوصا طلاب الدراسات العليا، حيث نجد كثيرا من مثل العبارات التالية: لم أعرف قائله، لم أجد مصدره، تعبت ولم أجد ذكرا لهذا في أي من المصادر التي بحثتها.ويرى الدكتور نبيل علي في كتابه الثقافة العربية وعصر المعلومات «2001، ص 79» ان تحويل كتب التراث بشكل آلي هو «أحد المطالب الفنية الأساسية للمحافظة على تراثنا، الثابت والمنقول، المكتوب والشفاهي. وستزداد أساليب الرقمنة «تحويل المطبوع الى شكل الكتروني» تعقيدا وكلفة، وربما نضطر، بسبب ذلك الى مقايضة بعض كنوز تراثنا مقابل حصولنا على خدمات الرقمنة تلك، وعلينا ان ندرك ان كل تراث لم تتم رقمنته، سيظل بمنأى عن المعالجة المعلوماتية الآلية، ليفقد بالتالي قيمته تدريجيا الى ان يندثر تماماً. ومن هذا المنبر اوجه نداءين اثنين: النداء الأول موجه للمؤسسات والهيئات الحكومية والخيرية المهتمة بالتراث ان يتبنوا مثل هذه المشاريع، واقصد بذلك استخدام التقنية في خدمة التراث، وان يدعموا مثل هذه المشاريع التي يعود نفعها على أبناء الأمة العربية والإسلامية. النداء الثاني موجه للباحثين ومحبي التراث، فأقول لكم دونكم كتب التراث، قد قُربت لكم بشكل لم يحدث له مثيل في السابق. فادعو المهتمين بالتراث وقضاياه ان يولوا هذه المصادر الالكترونية اهمية، وان يستخدموها في تعزيز بحوثهم لانها ستحل كثيرا من الصعوبات التي يواجهونها في تخريج النصوص سواء كانت احاديث نبوية، او أبيات شعرية، او اقوال علماء وأدباء نرددها، ولكن لا نعرف قائلها او مصدرها. وهذه المصادر كفيلة بتحقيق ذلك لنا. والله الموفق.
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
musaidtayyar.hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved