أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 18th June,2001 العدد:10490الطبعةالاولـي الأثنين 26 ,ربيع الاول 1422

الاخيــرة

الرئة الثالثة
وكانتْ ليلة قاهرية .. لا تُنسى !
عبدالرحمن السدحان
شرفني بالدعوة العام الماضي معالي الصديق ابراهيم السعد البراهيم، سفير المملكة في القاهرة، للحديث عن موضوع ما أمام جمع كريم من أهل العلم والثقافة والقلم في مصر العزيزة، منتهزاً بذلك فرصة زيارتي القصيرة لقاهرة المعزّ خلال اجازة عيد الأضحى المبارك عام 1421ه ولم يكن لي من خيار سوى الترحيب بالدعوة امتثالاً لنُبل ودبلوماسية السفير السعد، ثم الرغبة في لقاء تلك الصفوة المثقفة التي استقطبها اللقاء.
* * *
* منحني معالي السفير حرية اختيار موضوع اللقاء، وقبلت دعوته وأنا لا أكاد أجزمُ عمَّ سأتحدث أمام الجمع القاهري، وتنازعتني الأفكار ذات اليمين.. وذات الشمال!
* فكّرت في موضوع سياسي، فتراءت لي السياسة غَوْراً لا قرار له!
* أشفقت على نفسي من هرولة بائسة عبر دهاليز السياسة ومفازاتها.
* وأشفقت على فهمي المتواضع من مواجهة يائسة مع معلوم السياسة ومجهولها، وصحيحها ومتشابهها، وظاهرها ومستترها!
* * *
* تتابعت في ذهني بعض وقائع الحدث السياسي وغير السياسي الراهن في عصرنا الرمادي، فإذا هي تقطر دمعاً ودماً .. وعاراً !
* قلت لنفسي مواسياً :
هل أتحدث عن أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها الذين يجندلهم رصاص الغدر الصهيوني آناء الليل وأطراف النهار بعد أن أحالوا حجارة الأقصى المبارك الى دُررٍ من نور؟!
* * *
أم أتحدث عن أطفال العراق الذين يفترسهم الجوع والخوف والمرض أمام حماقة نظامهم وعناد الأمم!
* * *
أم أتحدث عن اسرائيل التي تمارس القمعَ الحسيَّ والمعنويَّ السافرَ.. داخل الأراضي المحتلة وخارجها، بمباركة غربية، ولا مبالاة شرقية؟!
* * *
أم أتحدث عن رياح العولمة السياسية والفكرية والعسكرية والاقتصادية التي تهبُّ علينا من كل صوب من حيث نعلم ولا نعلم، ونمضي نحن العرب نسهرُ جرّاها ونختصم، بين رافضٍ لها ومستسلم، وجاهل بها أو متجاهل؟!
* * *
أم هل أتحدث عن أوتاد التخلف الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في أكثر من موقع من وطننا العربي ما برحتْ تخذل قوى إنساننا العربي والمسلم وتعوقُه عن الانعتاق من أغلال الثالوث البشع: الفقر والجهل والمرض؟!
* * *
وأخيرا وليس آخراً، هل أتحدث عنا معشر المسلمين المنتشرين بكثافة في أكثر من مكان من هذا الكوكب الذين يكابدون محنة )التخلف( في عقر ديارهم، وفتنة )الخُلف( فيما بينهم.. وامتحان الصمود القاسي أمام )الآخر( البعيد منهم والقريب حفاظاً على ما يصونهم، ديناً ودنيا؟!.
* * *
* وعدت أُسائل نفسي من جديد:
اذا كانت المحاور السابقة تُؤرقني وتقلقني، ويطفئ صقيعها أوارَ الكلمة في عروقي، فعمّ إذن أتحدث الى تلك النخبة الجليلة في ذلك المساء القاهري الجميل؟!
* وجاء الردّ يسعى من أقصى الفؤاد قائلا:
لِمَ لا تتحدث عن مشوارك أنت مع الكتابة الصحفية عبر ما يقرب من الأربعين عاما؟! فهذا أمر لا شكّ فيه ولا شتات ولا غموض!
لِمَ لا تتحدث عن ربيع وخريف قلمك، فقد يكون في بعض سيرته ما يمتع الاحساس ، ويشبع الفضول!
دعِ السياسة لأهلها يلهون بها ويلعبون ويفرحون ويترحون ويفتن بعضهم بعضا!
* * *
* قلت لنفسي مباركا: ولِمَ لا ! سأفرّ مختاراً من سعير الموضوعات السابقة وصقيعها الى واحة الحديث عن )الأنا(.. رغم تسليمي أن مثل هذا الحديث مفازةٌ محفوفةٌ بالمثالب والمتاعب! سأتحدث عن مشواري مع الحرف الجميل عبر فترة تبلغ نحو أربعين عاماً!
* وقد كان لي ما اخترتُ.. وكانت ليلة قاهرية لا تُنسى!!

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved