أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 18th June,2001 العدد:10490الطبعةالاولـي الأثنين 26 ,ربيع الاول 1422

العالم اليوم

وزير الخارجية السوداني في ندوة بالقاهرة:
الحكومة السودانية حريصة على التوصل إلى حل سلمي لتحقيق الوفاق والسلام
نوافق على لقاء جامع مع قوى المعارضة لمناقشة جميع القضايا الداخلية
* الجزيرة مكتب القاهرة علي البلهاسي
أكد الدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية السوداني أن الحكومة السودانية حريصة على التوصل إلى حل سلمي سياسي لتحقيق الوفاق والسلام في السودان وقال إن الحكومة مستعدة لعقد لقاء جامع مع كافة التيارات والقوى والأحزاب السياسية داخل السودان لمناقشة عملية الحكم والديموقراطية والسلام والوحدة وأن الحكومة سوف تلتزم بما سيتم الاتفاق عليه خلال هذا اللقاء.
وأشار إلى أن حركة التمرد لا توجد لديها رغبة حقيقية في التوصل إلى حل سلمي بدليل رفضها لجميع الحلول التي طرحت في هذا المجال.
وقال في الندوة التي عقدها معهد الأهرام الاقليمي للصحافة لا بد من تطبيق سياسة جديدة تعمل على تحقيق الوفاق والاستقرار داخل الوطن وتحسين العلاقات مع دول الجوار والمجتمع الدولي، وأضاف أن السودان يرفض الدور الأمريكي المنحاز الى حركة التمرد وقوات المعارضة وأنه لن يقبل هذا الدور إلا إذا كان يقوم على رؤية واضحة لحل المشكلة السودانية التي مازالت تحتاج إلى المزيد من الدعم العربي لحلها.
سياسة النظام
وأكد الدكتور مصطفى عثمان أن السودان الآن أصبح أمام قضية واقعية وهي أن الحكومات العسكرية إذا لم تتحول الى نظام ديمقراطي لديه شرعية من الشعب فسينتهي الأمر بثورات تطيح بها وتعيد الحكومة الديمقراطية مرة أخرى.
وقال: نحن الآن في السودان أمام نظام أتى به انقلاب عسكري وليس أمامه خيار سوى ان يتحول من حكم شمولي الى حكم ديموقراطي تعددي ومن حكم عسكري الى حكم مدني يطور مؤسسات المجتمع المدني ويهتم بها وإلا ستنقلب عليه. وقد درس النظام السوداني الحاكم هذا الواقع جيدا وبدأ بالفعل في التحول من الحكم الشمولي الى الحكم الديمقراطي ويعيد ترتيب اوراقه وينهض بالمجتمع السوداني في مجالات عديدة.
ففي المجال الاقتصادي عمل على تحويل الاقتصاد السوداني من اقتصاد مغلق الى اقتصاد حر وكان النظام قد ورث اقتصادا شموليا وجامداً في كل توجهاته وكان لا بد من تحريك جموده والحاقه بالاقتصاد العالمي وبشهادة مؤسسات اقليمية وعالمية نجح النظام في اخراج الاقتصاد السوداني من عنق الزجاجة الى بر الأمان، فمنذ 3 سنوات لم يتغير سعر الجنيه السوداني وأصبح هناك استقرار في العملة كما أن نسبة التضخم أصبحت أقل من 10% بعد أن كان قبل 3 سنوات 166% وقد كان النظام الاقتصادي في السودان محاصراً بالعديد من المنظمات الدولية وقد نجح النظام في معالجة علاقاته مع هذه المنظمات الأمر الذي وفر مناخا يساعد على زيادة الاستثمارات الاجنبية في السودان.
وفي مجال السياسة الخارجية تخلى النظام عن سياسة التكتل مع دولة ما ضد دولة أخرى والذي كان شائعا أيام الحرب الباردة ولم تعد سياسته ذات اتجاه واحد وإنما أصبح منفتحا على الجميع ويرغب في اقامة علاقات صحيحة مع دول الجوار وأصبحت سياسته الخارجية تقوم على ثوابت تستطيع التعامل مع اليمين واليسار في آن واحد وثوابت هذه السياسة واضحة وفيها شفافية في التعامل بهدف تحقيق الاستقرار والوفاق والسلام داخل الوطن فالسودان محاط بعدة دول ولا بد من اقامة علاقات طيبة معها جميعا وانهاء حالة المخاصمة التي كانت موجودة مع بعضها وقد تطورت هذه العلاقات بشكل جيد فأصبح السودان ولأول مرة يرأس منظمتين وهما منظمة )الايجاد( التي يتولى رئاستها التنفيذية ومنظمة تجمع دول الساحل والصحراء الذي يضم 16 دولة وتهدف سياستنا الخارجية الى تكوين صورة رائدة للسودان عن طريق المشاركة في القضايا الاقليمية وتوطين العلاقات مع الدول الأخرى.
مشكلة الجنوب
وأشار الدكتور عثمان إلى ان تحقيق الوفاق والسلام داخل السودان مرتبط بمتغير الديمقراطية والمشاركة السياسية ولذلك فقد بادر النظام في عام 1998م بالتحول الى النظام الدستوري وصياغة دستور جديد واقرار التعددية السياسية والاتجاه الى تشكيل الاحزاب وتشكيل البرلمان المنتخب وأصبح لدينا حوالي 17 حزبا و22 صحيفة يومية والديمقراطية عملية مستمرة وتحتاج الى رعاية ونمو وتطوير حتى تصل الى الصورة التي يريدها الشعب السوداني.
وقال إن أحد سلبيات أو معوقات الوصول الى هذه الصورة هي الحرب التي تدور في جنوب السودان والتي تقودها حركة التمرد وعمرها قرابة 19 عاما والتي يبدو أن زعيمها جون جارانج ليست لديه رغبة حقيقية في السلام فقد بدأ حركته على مذهب شيوعي لينيني ويتبع ثقافة عسكرية ويرفض كل الحلول التي تطرح لحل الأزمة في جنوب السودان.
وأضاف: نحن ندرك ان المشكلة في جنوب السودان ليست مشكلة دينية أو ديمقراطية ولكن السبب الرئيسي فيها قد يرجع الى عدم التوزيع العادل في الثروة والسلطة ولذلك فنحن نريد نظرة جديدة للعلاقة بين الشمال والجنوب تقوم على اساس المساواة بالكامل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية فالسودان دولة متنوعة ومتعددة الثقافات والأعراق والديانات ونحن لا نريد لعرق أو دين ان يسيطر على الآخر أو ثقافة ان تمحو ثقافة اخرى وعندما نصل الى موقف وسط لهذه الجماعات المختلفة نكون قد وصلنا إلى حل لمشكلة جنوب السودان.
مواقف متعارضة
وأكد عثمان ان موقف الحكومة من مشكلة الجنوب كان واضحا جداً خلال قمة الايجاد التي عقدت مؤخراً في نيروبي وقد ركزت القمة على ثلاث قضايا رئيسية وهي: )وقف اطلاق النار والبترول وعلاقة الدين بالدولة( وقد كان موقفنا من وقف اطلاق النار واضحا وقلنا إننا نقبل به مهما كان مسماه وضمانات ذلك ألا نطلب من الحركة تسليم أسلحتها أو المناطق التي احتلتها ووافقنا بمراقبة لوقف اطلاق النار من دول الايجاد أو دول الجوار بشرط ألا تخرج من نطاق الدول الافريقية ولكن حركة التمرد هي التي لم توافق على ذلك وبدأت في تصعيد العمليات العسكرية مستفيدة من وقف الحكومة للعمليات الجوية.
وبالنسبة للبترول أوضح وزير الخارجية السوداني انه أدخل الى قضية الحرب في جنوب السودان إدخالا ولم يكن سببا من اسباب النزاع فعمر البترول في السودان عامان فقط بينما عمر الحرب تجاوز 18 عاما وهو لا يشكل نسبة عالية من مصادر الدخل السوداني ومع ذلك قلنا اننا نوافق على تقسيم ثروات البترول وكل الثروات تقسيما عادلا بين الجنوب والشمال.
وفيما يتعلق بقضية الدين والدولة في السودان قلنا اننا نوافق على وضع دستور يقوم على المساواة الكاملة بين السودانيين في جميع الحقوق دون تفضيل لأي عرق أو دين واتاحة الحرية الكاملة للشعائر المختلفة اعتقاداً وممارسة وتبشيرا وتقوم الحقوق والواجبات فيه على المواطنة والكفاءة ولا مانع في تشكيل لجنة لمراجعة الدستور وان وجدت فيه مخالفات تزيلها او تضيف ما تجده في صالح المصلحة العامة للدولة ورغم كل هذه الايجابيات من جانب الحكومة إلا ان حركة التمرد هي التي ما زالت ترفض الوصول الى حل سلمي وتقف عقبة امام تنفيد المبادرة المصرية الليبية لحل المشكلة والتي كانت قد وافقت عليها من قبل وعندما سئل جارانج عن اسباب موافقته على المبادرة قبل ذلك قال انه كان يريد بذلك كسب تأييد كل من مصر وليبيا وايقاف أي تقدم للحكومة في علاقتها بهما وبالدول الأخرى وللحفاظ أيضا على حلفائه في المعارضة بشمال السودان.
الموقف الأمريكي
وحول الموقف الأمريكي من الحرب في جنوب السودان قال الدكتور مصطفى عثمان: ان الإدارة الأمريكية تؤيد حركة التمرد ودعمتها بثلاثة ملايين دولار ثم قدمت بعد ذلك عشرة ملايين دولار اخرى للمعارضة وحركة التمرد الأمر الذي يساعدها في الاستمرار في العمليات العسكرية.
وأضاف: عندما اجتمعنا مع مندوبين من الادارة الامريكية السابقة في شهر يوليو الماضي اقترحوا علينا نقل المباحثات إلى واشنطن فسألت عن مدى ضمان نجاح المباحثات هناك والادارة الأمريكية على وشك الانتهاء فردوا بأننا لم نصل الى حل طوال هذه الفترة لأن الامريكيين لم يكونوا يريدون ذلك وكانت سياستهم آنذاك هي محاصرة النظام السوداني وزعزعة استقراره وقد تغيرت هذه السياسة الآن على حد قول المندوب الأمريكي وأصبح من الممكن الوصول الى حل إذا ما وافقت الحكومة على نقل المباحثات الى واشنطن.
وأدركنا ان كل هذه الجولات من المباحثات )30 جولة( ما كان لها ان تنجح لأن الراعي الأمريكي لم يكن يريد ذلك وفي عام 1998م كانت أولبرايت قد التقت بزعماء المعارضة من الشمال والجنوب وأعلنت صراحة أن أمريكا لا تمانع في اسقاط النظام. ورغم ذلك فالحكومة السودانية لديها قناعة بأن أمريكا هي القوة العظمى سواء شئنا أم أبينا وتؤثر على مجريات الأمور في العالم ويمكن ان يكون لها أثر ايجابي في قضايا السودان ولكننا لن نقبل الدور الأمريكي إلا إذا كان يقوم على رؤية واضحة لحل المشكلة وان يكون هذا الدور حياديا وموضوعيا ولا ينحاز إلى حركة التمرد وقوى المعارضة كما حدث في الماضي.
لول داخلية
وأكد الدكتور عثمان أن السودان يحتاج إلى حل من الداخل عن طريق المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية وفتح الباب أمام الجميع من التيارات والأحزاب والقوى السياسية المختلفة لتشارك في طرح برنامج داخلي حول السلام والوحدة والقضايا الداخلية ويتم تكوين مجلس قومي يضم الشمال والجنوب والحكومة والمعارضة ويتم تشكيل حكومة مشتركة من كل القوى وهذا سيجنبنا الخلافات القائمة حاليا.
وأشار عثمان إلى ان الحكومة السودانية حريصة على التوصل إلى حل سلمي سياسي لتحقيق الوفاق والسلام في السودان وقال ان الحكومة مستعدة لعقد اللقاء الجامع خلال الايام القادمة لكي تناقش عملية الحكم والديمقراطية والسلام والوحدة.
وسوف تلتزم الحكومة بما يتم الاتفاق عليه خلال هذا اللقاء ونحن نتوقع لاجتماعات التجمع التي ستعقد في نهاية الشهر الجاري ان تخرج بمواقف واضحة لتنشيط المبادرة المصرية الليبية وليس لدينا اعتراض ضد مطالب المعارضة لتنفيذ القرارات والتوصيات.
وأكد أن السودان مازال في حاجة إلى دعم الدول العربية في مجالات كثيرة أولها الدعم الإعلامي والذي كاد ان يتناسى القضية السودانية في ظل الاهتمام الكبير الذي تحظى به القضية الفلسطينية ولا نريد سوى توازن اعلامي يطرح خطورة الأوضاع في السودان وغيره على المجتمع الدولي حتى يشارك في حلها.
وعاب على بعض الصحف العربية التي أصبحت منبراً إعلاميا لحركة التمرد وقال ان الدعم السياسي لا يمكن أن يظل محصوراً على مصر وليبيا فقط وأن السودان في حاجة إلى دعم العالم العربي كله.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved