أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 22nd June,2001 العدد:10494الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,ربيع الثاني 1422

مقـالات

الفلسفة الإعلانية في القنوات التلفزيونية
مندل بن عبدالله القباع
من المعلوم أن المؤسسات الاقتصادية خاصة التجارية تعتمد على سياسة غزو الأسواق بالاعتماد على فلسفة الإعلان عن منتجها والبحث عن صيغة إعلانية مناسبة تحقق هدفها، وتثير توقعات الجمهور وعواطفهم النهمة وحاجاتهم الملحة. ومحاولة السيطرة على قطاعات معينة عن الجمهور.
والواقع أن الاهتمام بالإعلان لم يكن ناتجا عن قوة دفع من داخل المؤسسة بل قد يكون صادراً عن موقف تأثيري حيث التوقع الجماهيري بأن المنتج سيفيد تطلعات البيئة نظراً لعوائده النفعية. وكم حقا ستكون الإفادة.
وفوق ذلك كله أن نجاح الإعلان يكمن في قوته التأثيرية بما يضمن تدفق الإنتاج ليتوازن مع مطالب الاستهلاك في تفاقمه مع أسباب ودوافع ذلك.
ودخل إلى حلبة السبق والجدوى من الإعلان تلك التقنيات الحديثة التي ترتكز على قاعدة معلوماتية مناسبة تستقبل مدخلات البيانات عن حجم الإنتاج وكفايته، وحجم المنتفعين وتوعياتهم، بل واتجاهاتهم الاستهلاكية ومشاربهم وثقافتهم وأعمارهم، ثم القيام بتحليل وتفسير هذه البيانات ووضعها أمام متخذ القرار لاستصدار القرار المناسب فيما يتعلق بزمن الانتاج المناسب، ومساحة الانتاج المناسبة.
ويطلق على هذه العملية «الذكاء التنظيمي» هذا وتخصص المؤسسات الاقتصادية الكبرى ما يعادل نسبة 2% من إجمالي ميزانيتها سنوياً لغرض الإعلان.
وأصبح نجاح فلسفة الإعلان نجاحا لإدارة المؤسسة في بلوغ أهدافها الأمر الذي حدا بهذه المؤسسات للجوء إلى خبراء في فن الإعلان وإلى مؤسسات استشارية تضطلع بهذا الخصوص. مع الوضع في الاعتبار أن فلسفة الإعلان باتت تخصصاً دراسياً مهما في أروقة التعليم التجاري والاجتماعي والنفسي والفني يختص بدراسة فنون الإعلان والترويج ضمن مناهج العلاقات العامة. في نفس الوقت برز قطاع وظيفي جديد في مجال الاختصاص النفسي هي وظيفة محلل الإعلان حيث تتلخص مهمته في القيام بتحليل ما يعرف بالمزاج العام للجمهور حتى يتمكن في ضوء هذا التحليل أن يحدد المنتج المطلوب، والذي يمكن تسويقه في سهولة ويسر لتوافقه مع المزاج العام. ومن المهام الموكلة أيضا لهذا الأخصائي النفسي الخبير في الإعلان هو وضع خطط إقناع الجمهور عن طريق مخاطبة الوجدان والمشاعر والغرائز، وتلبية حاجاته فيما يتوقع من المؤسسة الاقتصادية تحقيقه.
ويعلن هؤلاء الخبراء أن السلعة التي تقوم المؤسسة الاقتصادية بترويجها والعرض عنها لا تباع لماهيتها المادية وحدها، ولا لجودتها فقط، ولا لحجم المنتج منها، ولا لسعرها، بل هي تباع لما تضفيه من معنى خاص يرتبط بشيء ما لدى المشتري. وتعلم المؤسسة أن النجاح في إرضاء المشترى يقابله نجاح مماثل في زيادة حجم مبيعات الموسسة.
غير أن التلفزيون في مختلف دول العالم وفي برامجه الإعلانية ـ وعن طريق خبرائه المعنيين ـ يستخدم وسائل كالضغط على الغرائز وحدها والتهويل من طرق اشباعها وذلك على حساب ترويج سلعة ما. فبعض من الجمهور يحاول أن تكون ردود أفعاله إزاء ذلك سكونية. ولكن هؤلاء الخبراء المحليين لا يرضون بذلك فيزودون الاعلان بإشارة تستثير ديناميكية الغريزة وعمق تحولها حتى يلهث تبعا لها الجمهور، إنهم يخاطبون فيه العقل الباطن لاجتذابه ثم السيطرة عليه بما يجعله لا يستطيع مقاومة الاغراء. ومثال ذلك ما نلحظه في بعض الإعلانات، ففي إعلان لشركة ما عن بيع سيارة جديدة يمثلون انسيابيتها بتموجات قوام المرأة الجميلة، أو ذلك الإعلان عن عطر جديد فيصورونه على انه يسحر النساء ويحيلهن إلى معبودات لذلك الرجل الذي تطيّب بهذا العطر ويذكرون أنه ينساب في كيان المرأة فيصيبها بالهيام أو العكس وكأنها تؤثر به الرجل.
حقيقة أن الفرد العادي البسيط لا يستطيع أن يقف جامدا أمام قوة الإعلان الجبارة وفلسفته العميقة.
وهكذا الحال في ترويج بعض الأدوية فيعلن عن دواء يحيل الرجل لفحل نشط وكأنه آلة تدور ولا تتوقف. ويوعز إليه الإعلان بأنه مهدد بالضعف والإفلاس إذ لم يستخدم هذا الدواء وكأنه أحد تطبيقات ثورة الجينوم، فيتسابق عليه الرجال ويتعاطونه دون وصفة طبية.
حتى الأطفال لم يستثنوا من ذلك فيعرض عليهم الإعلان التلفزيوني بعض الألعاب التي تسحر ألبابهم وتؤثر في رغباتهم ويجدون فيها جديداً يشعرهم بالنقمة على ما لديهم من الألعاب فينقطع عن اللعب بها أو استخدامها بل وتحطيمها أحيانا، ويظل يطالب بالجديد المعروض لدرجة يخجل معها والداه فيستسلمان أمام إلحاحه ويحاولان إرضاءه بشرائها.
ويعرف هؤلاء الخبراء النفسيون في فن الإعلان أن ظاهرة سطوة الأب تخفي وراءها سيطرة الأم فيحاول الإعلان مخاطبتها بكيفية الزهو بنفسها والإعلان عن جمالها وفتنتها في الاعلان عن بعض الملابس النسائية ولا حرج في أن يعلن عن الداخلية والخارجية من الملابس المبتكرة والحديثة ويخاطب الإعلان مكمن قوة التأثير في المرأة ويستجيب الرجل خشية المشكلات ووقوع الأزمات المنزلية إذا لم يوافق.
يقينا الإعلان أكثر الكيانات الاجتماعية ضرورة لكل من الاقتصاد المؤسسي، والاستهلاك الجماهيري، ولكن هل هذا مبرر للتخفي وراء فلسفات متدنية للإعلان؟ هل من فلسفة الإعلان التركيز على المرأة والإلحاح عليها في طلب شراء بعض الحاجيات المعلن عنها؟ هل من فلسفة الإعلان أن نستغل غرائز الرجل ونستثير فيه شهوته ونركز على ضعفه من أجل الإقبال على تناول عقار يقضي به على ما يستشعره من وهم، وتخوف مشاعر النقص في نفسه؟
وأخيراً هل سيكتفي خبراء الإعلان بالمجال الاقتصادي أم سينقلون إلى مجالات أخرى كالثقافة والسياسة ليخضعوها لحالة من المزايدة والتنافسية؟
فإذا كان الإعلان يمثل الآن قوة من أجل التميز واختراق الأسواق فيجب أن يكون الدعم الإعلاني الموجه للجمهور من أجل تطوير فعلي في المنتجات، ويتطلب هذا أن تتوافق فلسفة الإعلان مع الاستراتيجية الاقتصادية للمنظمة، ومواجهة التقلبات الاجتماعية والاقتصادية ذات الأثر البالغ والرئيس في تقلبات السوق.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved