أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 22nd June,2001 العدد:10494الطبعةالاولـي الجمعة 1 ,ربيع الثاني 1422

أفاق اسلامية

رياض الفكر
)عز نفسك تجدها(
سلمان بن محمد العُمري
رحم الله والدتي التي كانت دائماً تقول: «عز نفسك تجدها»، وكنت أتذكر هذه العبارة الراسخة في ذهني في مواقف عديدة من حياتي اليومية، وكنت أحياناً أرددها بأعماقي، وأنا أرى بعض الناس، وهم يتذللون، وقد نسوا أنفسهم، وبالمقابل كنت أتذكرها حين أرى البعض الآخر يحاولون إهانة الناس، وتحطيمهم وإذلال نفوسهم، ولكن كرامة أولئك كانت تأبى عليهم قبول ذلك ويضحون من أجل هذا بمصالحهم والكثير من أعمالهم في سبيل وقفة عز كما يقال!
إن ما نتحدث عنه على صعيد النفس البشرية أو الإنسان الفرد ينطبق بالمثل على كل الهيئات والمنظمات والجمعيات وحتى الدول والتكتلات الدولية، فالمؤسسة أو الدولة التي تذل نفسها لن تجد من يرحمها أو يرفعها، والعكس فإن التي تكرم نفسها لابد أنها ستحفظ هيبتها، وتصون حقوقها، وتأخذ مطالبها، وتعيش رافعة الرأس بين المجتمعات.
إن الإنسان العزيز في مجتمعه وقومه لم تأت عزته من فراغ، بل هي نتيجة لجهد طويل وعمل دؤوب وتعب متواصل قام به أجداد وأهل الشخص، كما قام به هو، وقد يكون هو البادىء بهذا العمل الشاق، وعزة النفس لا تأتي بالمظاهر والشكليات، وإنما هي تعبير صادق عن مضمون عميق التأثير في الذات البشرية، وينطوي على مكارم أخلاق وصفات حميدة يصعب حصرها، ولكننا يمكن أن نجملها بالصدق والكرم والمروءة والشجاعة والعفو عند الغضب والرأي السديد والنخوة والعمل الدؤوب والإيثار، وكل هذا لا يحصل عليه الإنسان إلا عندما يطهر نفسه من الصفات الدنيئة من أمثال الشح والبخل والجبن والغضب السريع والانتهازية، وتتبع المصالح الشخصية بشكل أناني فظ، وكل هذه الصفات لا تدع لصاحبها أي فرصة لأن يمتلك عزة نفس وبالتالي سيكون بعيداً كل البعد عن الإباء والشموخ والسمو والرقي.
للقضية وجهان: الوجه الأول يتعلق بكل إنسان قلت مكانته أم علت، فلكل إنسان كرامة وعزة نفس فطرية، عليه أن يحافظ عليها، وينميها، وبهذا يكون نافعاً لنفسه وأمته ومجتمعه، والوجه الآخر يتعلق بكل إنسان له سلطة على الآخرين بحكم موقعه أو منصبه أو ثروته أو حسبه أو غير ذلك، وأن يحترم ذاتهم وخصوصيتهم، وأن يعلم أن الحياة يوم لك ويوم عليك، وأن المناصب لو دامت لغيره لما وصلته، وهو بهذا الفهم وهذه التقوى يحصل على محبة الآخرين التي لا تقدر بثمن، ويسمو، ويرتفع بنظرهم، وتبقى ذكراه في ذاكرتهم خالدة ومقترنة بالأمثال العالية الرفيعة، وهذا هو الكسب الحقيقي. والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved